Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على ويليام وهاري استقاء درس جوهري من التاريخ والتقارب

صدرت سيرة ذاتية عن الملك جورج السادس وإليزابيث تسلط الضوء على أوجه تشابه متوقعة بين تأثير واليس سيمسون وتأثير ميغان ماركل على الملكية البريطانية. لكن آنا باسترناك تقول إن الماضي يخبرنا بأنه من الأجدر بنا أن نقلق على علاقة الملك المستقبلي بشقيقه

إن تحميل ميغان وواليس سيمسون مسؤولية الخلاف بين الشقيقين لوم في غير محله (غيتي)

ملخص

يبدو أن الضغينة بين الأميرين هاري وويليام أقرب إلى الحال بين إدوارد وجدهما الأكبر بيرتي. لكن ليس من الضروري أن يكون القدر محتوماً

فيما تستجمع البلاد نفسها بعد تلقيها النبأ الكارثي في شأن خضوع أميرة ويلز للعلاج الكيماوي الوقائي عقب تشخيص إصابتها بالسرطان، يشكل هذا الحدث فرصة مواتية ونادرة لحل الخلافات. لا مكان للامتيازات في حضرة الألم، فيما تمثل الأمراض الخطرة تنبيهاً قاسياً لأي عائلة بأن الحياة أثمن من التمسك بالضغائن.

  أفادت التقارير بأن هاري وميغان تلقيا الخبر المتعلق بنسيبتهما كما علمنا به نحن، إنما يشاع بأن الأمير هاري يراسل شقيقه منذ ذلك الحين. وقد يشكل ذلك إشارة إلى شيء من التقارب بين الأخوين بعد فترة الصمت الطويلة التي تبعت اتهامات هاري وما أحدثته من استياء عارم خلال السنتين الأخيرتين.

ربما لا يزال أمير ويلز يتوخى الحذر، ويشك في أن يكون شقيقه الصغير قد أدرك شدة الألم الذي تسببت به أفعاله، ووفقاً للكاتب توم كوين، المتخصص بتأليف كتب عن العائلة المالكة، فيما يرغب دوك ساسكس بالاجتماع بعائلته، هو يتوقع من ويليام وكيت أن 'يعتذرا' كجزء من عملية المصالحة. لكن سواء كانا مستعدين لذلك أم لا، ففرص مد الجسور تسنح أمامهم المرة تلو الأخرى.

صحيح أن المصالحة لم تحدث خلال جنازة جدتهما ولا أثناء تتويج أبيهما ولا حتى خلال حفل توزيع جوائز إرث ديانا حين جلس الشقيقان على بعد أميال من بعضهما البعض، سواء جسدياً أو عاطفياً، لكن ربما تختلف المسألة [تلقى مآلاً مختلفاً] عندما يصل دوق ساسكس إلى لندن في مايو (أيار) لحضور حفل لألعاب إنفكتوس؟  

للأسف، وصل انعدام ثقة ويليام بأخيه بعد المقابلة التي أجراها هاري مع أوبرا ونشره كتاب مذكراته، سبير (البديل)، إلى درجة أصبح من غير المحتمل معها أن يبادر هو إلى أي محاولة للتقارب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أفادت مصادر مقربة من أمير وأميرة ويلز أنه في خضم كل الأمور التي تتعامل معها العائلة، ليست "مسألة هاري في "جدول أعمالها". لكن المفارقة هي أن هذه اللحظة قد تكون الأمثل للتخلص من خلافات الماضي، والأمثل لوقف سيل السموم التي يمكن أن تولدها المرارة وتتغلغل في أطيب القلوب.

يعلمنا التاريخ دروساً قوية وإحدى تلك الدروس التي ربما يدركها الأخوان أكثر من معظم الأشخاص الآخرين هي الخلاف بين الملك الراحل إدوارد الثامن وأخيه بيرتي الذي كان أطول وأكثر إيلاماً من المفترض، فقد انقطعت العلاقة الوثيقة بين الاثنين بعدما تنازل إدوارد عن العرش فأرغم بيرتي، الذي حمل بعد تتويجه لقب جورج السادس، على اعتلائه. في ذلك الوقت، ألقي باللوم على واليس سيمسون، فيما اعتبرت زوجة بيرتي أو الملكة الأم، محصنة ضد أي هجمات.   

يصدر الأسبوع المقبل كتاب جديد لكاتبة السير الذاتية للعائلة الملكية، الأميركية سالي بيديل سميث، التي تزعم أنه "من بعض الجوانب، تتمتع ميغان ودوقة وندسور بصفات متشابهة: فالاثنتان نرجسيتان ومسيطرتان ومهيمنتان كثيراً". وتقول عن إدوارد "يمكن أن تروا كم كان ضعيفاً ولأي درجة احتاج إلى امرأة متسلطة، ويبدو أن هاري يشبهه بعض الشيء".  

لكن نظراً إلى أنني كتبت سيرة واليس سيمسون الذاتية، أجد هذا الرأي مختزلاً ومبسطاً. لا شك في أن جورج السادس والملكة الأم الراحلة وابنتيهما الأميرتين، ملكتنا الراحلة إليزابيث والأميرة مارغريت، دعموا الملكية فكانوا عائلة مستقرة وموحدة تقود الأمة. لكن شخصية واليس التي اكتشفتها عبر الأبحاث المتأنية في أرشيف الرسائل والمقابلات المعمقة، لم ترغب في أن تصبح ملكة ولا شك في أنها لم ترد أن تحتل الموقع الذي أسنده إليها التاريخ، وهو موقع المنبوذة المعزولة المنفية.

أخبرتني جوانا شوتز، السكرتيرة الخاصة للدوق والدوقة التي عاشت مع الزوجين وندسور في باريس طوال ثماني سنوات، أن الدوقة كما عرفتها كانت بعيدة كل البعد عن الشخصية المتسلطة التي رسمت عنها، بل كانت امرأة جليلة ترغب كثيراً في أن يتصالح زوجها مع عائلته.

ربما لو ركزنا أكثر على رجال العائلة المالكة وعلاقاتهم ببعضهم البعض، يمكننا أن نتصور بشكل أدق المسار المحتمل الذي يتجه نحوه ويليام وهاري. بدل البحث عن أوجه الشبه بين ميغان وواليس سيمسون، يمكن أن نستوعب الوضع أكثر بكثير لو فهمنا أصداء التاريخ التي تتردد في الشقاق بين الأميرين، كما كانت الحال بين أسلافهما. 

فالشقيقان اللذان كانا مقربين في الماضي بعيدان عن بعضهما اليوم كما كان حال عمهما الأكبر إدوارد وأخيه بيرتي. حين حمل الأمير إدوارد لقب أمير ويلز في عام 1911، تقرب كثيراً من أخيه بيرتي. وكتب في مفكرته في عام 1913 "إن بيرتي شخصية ممتعة جداً ولدينا كثير من الاهتمامات المشتركة". وبعد مرور أسبوعين، كتب أيضاً "أنا حزين جداً لأنها آخر ليلة لبيرتي هنا، قضينا كثيراً من الوقت معاً في الآونة الأخيرة وسوف أشتاق إليه بشدة".

في المقابل، وصف هاري في "سبير" شعوره لدى زواج ويليام وكيت في عام 2011 فقال إنه كما "وداع آخر".

كانت أكبر مخاوف ديانا هي أن يبتعد ابناها عن بعضهما البعض بسبب موقع ويليام كملك. في الوقت الحالي، يبدو أن الضغينة بينهما أقرب إلى الحال بين إدوارد وجدهما الأكبر.

وكتب هاري بالتفصيل أن أخاه "الحبيب" ذات مرة، الذي "رافقته إلى كنيسة وستمنستر ذلك الصباح قد رحل للأبد. من يمكنه أن ينكر ذلك؟ لن يعود أبداً ويلي فقط، في المقام الأول والأخير. ولن نعود مرة أخرى لركوب الخيل عبر ريف ليزوتو ورداءانا يطيران خلفنا. لن نتشارك بعد اليوم كوخاً يعبق برائحة الخيول أثناء تعلمنا على الطيران".  

تزعم بيديل سميث أنه بعد كل الأحداث التي وقعت منذ ذلك الوقت، لا بد أن أمير ويلز ينتابه اليوم إحساس بـ"الخيانة" تجاه أخيه الصغير هاري، مشابه لشعور جورج السادس تجاه "أخيه الأكبر المنافق". وتشير إلى أن "سيدة أميركية ظهرت في الصورة وغيرت العلاقات" في ذلك الوقت، والآن. يبدو أن مسار الأجداد يتكرر، لكن سبب اختلال العلاقة بين الأخوين له جذور أعمق من وصول ميغان على الساحة.

وفي المقابل، بذلت المؤسسة الحاكمة في عام 1936 كل ما بوسعها للتشكيك في الزوجين وندسور فجعلت واليس كبش الفداء لأن الثلاثي غير المقدس المتمثل بالقصر والبرلمان والكنيسة لم يرغب بتنصيب إدوارد على العرش. يرى البعض حافزاً مشابهاً يدفع إلى شيطنة هاري وميغان لأن ذلك يرفع ويليام وكيت إلى مرتبة سامية حرصاً على استقرار العرش.  

لكننا نرى الآن مدى سرعة تدهور الأمور عندما يغيب اللاعبون الأساسيون ولا يؤدون الأدوار المسندة إليهم. مع غياب كبار أفراد العائلة المالكة وأعضائها المحبوبين، أصبح متوسط عمر فرد العائلة المالكة الذي يمكنه تأدية المهام الملكية الآن 72 سنة، خفت بريق الملكية. وهذا هو الوقت المناسب تماماً لمد غصن زيتون للأمير هاري.  

يحمل التاريخ سوابق، مثلما بدا قرار مغادرة المملكة المتحدة ونشر كتاب "سبير" خيانة هائلة في نظر ويليام، لم يتعافَ بيرتي تماماً من صدمة اعتزال أخيه. أصبحت الهوة بين بيرتي وإدوارد سحيقة لدرجة أنه كما انقطع الاتصال بين ويليام وهاري، أمر بيرتي مقسم الاتصالات الهاتفية في قصر باكنغهام بعدم تحويل اتصالات أخيه الهاتفية بعد اعتزاله العرش، وهذا ما آلم إدوارد كثيراً.

لكن موقف بيرتي من إدوارد أخذ يلين في نهاية حياته. في أكتوبر (تشرين الأول) 1945، زار إدوارد والدته الملكة ماري في لندن. وفرحت الملكة عندما نزل بيرتي من بالمورال ليتعشى مع أخيه. عندها، كانت تسع سنوات قد مرت على "الحرب" بين الأخوين. بادر إدوارد في إذابة الجليد، فراسل أخاه ليعلن له عن زيارته، واستهل رسالته الأولى بعبارة "بيرتي العزيز" وأنهاها بـ"ودمت لي، إدوارد"، للمرة الأولى منذ 10 سنوات.   

أخبر الملك جورج مستشاره المالي إدوارد بيكوك بأنه "مصدر راحة كبير له أن الأمور عادت من ثم إلى مجاريها أكثر، وأنه ينظر بأمل كبير إلى استمرار هذا الوضع". خلال خريف عام 1951، زار الزوجان وندسور لندن مرة أخرى. لكن صحة بيرتي الذي لم يتجاوز عمره الـ56، كانت في تدهور شديد لكن قبل خضوعه لعملية من أجل استئصال رئته اليسرى تماماً، أصدر تعليمات بخط يده لتوصيل ثلاثة أزواج من طائر الطيهوج إلى مكان إقامة إدوارد في شقق مايفير هاوس.

وقال "علمت أنه يحب الطيهوج"، ثم توفي في فبراير (شباط) التالي من عام 1952. بالنسبة لإدوارد الذي لم يعلم عن وفاة أخيه سوى من خلال الصحف، كانت الصدمة قاسية.   

لذلك، في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها العائلة المالكة، ما تنبهم إليه قصة أسلافهم مفاده أنه من الأفضل أن تبرم المصالحة [تلتئم جراح الشفاء] عاجلاً وليس آجلاً. أرسل هاري إشارات واضحة إلى أنه منفتح على فكرة الصلح، وقد بعث رسالة نصية إلى ويليام بعد الإعلان عن إصابة الملك تشارلز بالسرطان كتب فيها "أحب عائلتي". لكن ويليام لا يزال يتعامل مع الموضوع بحذر، وربما هذا [حذره أو تأنيه] مفهوم.

إنما للمفارقة، فيما يبدو الأخوان بعيدين كلياً عن بعضهما البعض، هاري هو الشخص الوحيد، باعتباره "البديل"، الذي يفهم فعلاً الوزر الذي على أخيه ولي العهد أن يتحمله. كتبت زوجة بيرتي، إليزابيث، إلى إدوارد قبل فترة قصيرة من اعتزاله [التالي] "ديفيد العزيز، أرجو أن تكون لطيفاً مع بيرتي عندما تلتقي به لأنه يحبك ويهتم لأمرك كثيراً. أتمنى أن تدرك مدى وفائه وإخلاصه لك وأنت لا تعرف كم كانت الأمور صعبة بالنسبة إليه، أخيراً. أعلم أنه يحبك أكثر من أي كان".   

من يعلم إن كان المقربون من الأخوين وراء الكواليس يضغطون الآن لكي تتحقق المصالحة بينهما؟ وصفت أجواء المحاولات الأولية الأخيرة بأنها أقرب إلى أجواء "دبلوماسيين حذرين". أكثر ما خشيت منه ديانا هو أن يكون دور ويليام كملك سبب شقاق بين ولديها. في الوقت الحالي، يبدو أن الضغينة بينهما أقرب إلى الحال بين إدوارد وجدهما الأكبر بيرتي. لكن ليس من الضروري أن يكون القدر محتوماً وليس من الضروري أن تتكرر الأحداث ويمكن أن تأتي أحداث غير متوقعة لتلئم الجروح.   

يقتضي الاعتراف بالأخطاء والغفران قلباً كريماً. وفيما من الممكن كتابة نهاية جديدة للأخوين، حتى لو بدت الآن بعيدة المنال، ستشكل هذه النهاية تغييراً حقيقياً للأفضل، لهما وربما للملكية أيضاً. كانا يشكلان ثنائياً نشيطاً، فتخيلوا كم سيبدو الوضع مختلفاً اليوم لو كتبا نهاية موحدة لقصتهما. 

'الدوقة الأميركية: واليس سيمسون الحقيقية' لآنا باسترناك صادرة عن دار ويليام كولينز

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من كتب