Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أمراض الرؤساء أسرار لا تغادر غرف العلاج

نقل بوش السلطة إلى نائبه ديك تشيني أثناء خضوعه لتنظير القولون الروتيني

الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش ونائبه ديك تشيني (أ ف ب)

ملخص

جنون العظمة الذي يصيب بعض الرؤساء يدفعهم إلى الاعتقاد أنهم لا يمكن أن يصابوا بالمرض ولا يحصلون على أفضل رعاية صحية لهذا السبب.

يجري التكتم الشديد على صحة الرئيس في الدولة التي تنتقل فيها السلطة بالوراثة، وغالباً ما يتكتم على صحة الملوك في حال لم تنتقل السلطة إلى وريث محدد بعد. في حالات أخرى تبقى صحة الحاكم طي الكتمان ريثما تنتهي الحرب لئلا تؤثر في نتائجها، أو بانتظار اتفاق الأحزاب السياسية على الخليفة في الدول ذات النظم الديمقراطية التوافقية، وقد تبقى صحة الزعيم سرية في الأنظمة الشمولية خوفاً من اهتزاز النظام.

وفي كثير من الحالات يخفي المرشحون إلى مراكز قيادية أو إلى الرئاسة حالهم الصحية الحقيقية، ويتبارون من أجل الظهور بلياقة تامة كما لو أنهم في سن الشباب، كما يفعل المرشحان إلى الرئاسة الأميركية الرئيسين الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترمب. فيتهم أحدهما الآخر بأنه رجل عجوز ومسن، ويحاول كل منهما جاهداً إثبات أن عمره المديد لا يخفي شبابه وقدرته على الحكم في فترة رئاسية ثانية لكليهما.

للرؤساء والملوك العرب أسرارهم الصحية

لم يعرف أحد بمرض الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر إلا بعد وفاته فجأة بأزمة قلبية، ويقول طبيبه الشخصي إن أولاده وعائلته لم يكن لديهم علم بهذه الأمراض، على رغم أنها بدأت منذ توليه الحكم واشتدت عليه طوال فترة حكمه. ويقال إن ناصر توفي بعد مفاوضات شاقة أجريت خلال قمة عربية لوقف القتال بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية. وكان عبدالناصر أصيب بمرض السكري في بداية توليه الحكم في مصر، وعانى مضاعفات السكري والتهاب الأعصاب وتصلب الشرايين، وأصيب بجلطة في الشريان التاجي عام 1969، وكانت وفاته نتيجة لجلطة ثانية في عام 1970.

وتوفي الرئيس السوري حافظ الأسد بعد أسابيع من إعلان مرضه، على رغم أنه ظل مواظباً على ظهور بين ضيوفه، إلا أنه عين ثلاثة نواب للرئيس في تلك الفترة قبل أن يختفي عن الأنظار لمدة وجيزة تلاها إعلان مرضه، ومن بعدها بأسابيع وفاته بعدما نقلت قيادات حزب البعث السوري الحاكم السلطة إلى ابنه بشار الأسد بشكل سلس.

ورحل الرئيس الفلسطيني رئيس حركة "فتح" ياسر عرفات في المستشفى الفرنسي بعد أسابيع من مرضه المباشر، وظهر في صوره الأخيرة متعباً ونحيفاً، نتيجة الحصار الذي فرضه عليه الجيش الإسرائيلي لأشهر في الضفة الغربية، وما زال يعتقد كثير من المقربين ومؤيدي الرئيس عرفات بأنه مات مسموماً.

 

 

وكان ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال أصيب بسرطان الجهاز البولي، الذي توفي بسببه على رغم استشفائه وحضوره أمام الكاميرات خلال فترة العلاج، إلا أن الملك كان أرجأ إعلان مرضه سنوات قليلة قبل أن يضطر إلى استخدام العلاج الكيماوي وتظهر آثار المرض عليه.

وبدأ مرض الملك حسين عام 1992 وقبيل وفاته عاد من مشفاه الأميركي إلى عمان عام 1999 ليصدر قراراً بعزل أخيه الأمير الحسن بن طلال ولي العهد منذ عام 1965 مورثاً الملكية إلى ابنه العاهل الأردني الحالي عبدالله بن حسين، وتوفي الملك حسين بن طلال في السابع من فبراير (شباط) 1999 عن عمر يناهز 64 سنة قضى منها 47 عاماً ملكاً للأردن.

وأثارت إشاعات مرض الرئيس المصري الراحل حسني مبارك عام 2007 غضباً رسمياً، وكذبت الرئاسة المصرية الخبر. وكرد على تلك الإشاعات ظهر مبارك على الهواء مباشرة في التلفزيون المصري لمدة أربع ساعات متفقداً مشاريع بمدينة برج العرب.

وفي الجزائر أثار كشفت مصادر طبية فرنسية في عام 2006 عن حقيقة مرض الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، وهو سرطان الكلى، لغطاً سياسياً وجماهيريا في البلاد، وظل الجزائريون منتظرين تأكيداً أو نفياً رسمياً لهذه الأخبار.

قبل ذلك في الولايات المتحدة أقعدت سكتة دماغية الرئيس وودرو ويلسون في عام 1919 لكن الأميركيون لم يعرفوا بالأمر إلا بعد أشهر عدة، وأجرى الرئيس جروفر كليفلاند جراحة سرية في عام 1893 لإزالة ورم سرطاني في فمه على متن يخت أحد أصدقائه.

الاتحاد السوفياتي والبريجينيفية

في الاتحاد السوفياتي السابق أخفي مرض ليونيد بريجنيف ومعظم الذين حكموا من بعدها من القيادات الشيوعية من كبار السن، وأطلقت ظاهرة "الدولة البريجينيفية" على الدول التي يحكمها سلسلة متتابعة من كبار السن المرضى، إلا أن أمراضهم تبقى من أسرار الدولة إلى أن يحين وقت إعلان وفاتهم فتقام لهم مراسم دفن بينما يشاع أن بعضهم يكون مات قبل تلك المراسم بمدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحين انهارت صحة بريجنيف راح الإعلام السوفياتي ينشر فعاليات مصورة سابقاً يشارك فيها لإخفاء حقيقة وضعه الصحي، واضطر بعض الرؤساء والملوك والمسؤولين إلى الظهور الإعلامي رداً على إشاعات مرضهم أو موتهم كما يحدث في عدد كبير من دول العالم.

وكان العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز اضطر إلى ترك واجباته ليدخل مستشفى الملك فيصل التخصصي في سن 80 سنة، وكانت حاله الصحية بدأت تسوء بعد تعرضه لجلطة قلبية في عام 1995. وأصدر في عام 1992 مرسوماً يقضي بانتقال الحكم إلى أكبر الأعضاء سناً بين أبناء الملك عبدالعزيز بن سعود.

وأصيب رئيس الوزراء التركي بولاند أجاويد بأمراض كثيرة قبل دخوله المستشفى ووفاته، ولم تكن أعلنت أمام الأتراك على رغم كثرة تردد الرئيس على المستشفى.

وأخفى الرئيس الكوبي وقائد ثورتها فيديل كاسترو إصابته بمرض الباركنسون لسنوات طويلة عن الكوبيين، ثم أخفى أمر الجراحات التي أجريت له قبيل أن يقعده المرض نهائياً ليتوفى عن عمر 81 سنة ليبقى في ذاكرة مؤيديه وكأنه رجل في كامل نشاطه.

وحين غيبت جلطة دماغية الزعيم الكوري الشمالي كيم ايل سونغ في عام 1994، أخفى أمر وفاته أسابيع عدة، ريثما يتم تحضير انتقال السلطة إلى ابنه كيم جونغ إيل، وهو والد الزعيم الكوري الشمالي الحالي كيم جونغ أون.

العائلة المالكة الإنجليزية

في الآونة الأخيرة انتشرت أخبار عن مرض ملك بريطانيا تشارلز الأول بمرض سرطان البروستات، إلا أن الأمر بقي مجرد إشاعات لأسابيع عدة، قبل أن يعلن القصر إصابة الملك واضطراره للاستشفاء بعيداً من متطلبات عمله، والأمر نفسه طاول زوجة ولي العهد البريطاني كيت ميدلتون إثر اختفائها عن أعين الكاميرات لفترة وجيزة فدارت الإشاعات حولها، إلى أن خرجت لتصدم الجميع بخبر إصابتها بالسرطان، وكان والد الملكة الراحلة إليزابيث الثانية جورج الرابع توفي بعد صراع طويل مع السرطان نتجت منه إزالة إحدى رئتيه.

الرؤساء الأميركيون وأسرارهم الصحية

ويظهر في الصراع الحالي على الرئاسة الأميركية بين مرشحين كبيرين في السن يحاولان إخفاء ما يصيبهما من أمراض بكل الطرق، على رغم أن كل منهما يستخدم الدعاية لزعزعة رأي الناخبين بالآخر بخصوص أمراضهما، وبحسب تحقيق لـ"نيويورك تايمز" فإن السياسة الانتخابية الرئاسية الأميركية الحالية تكشف عن أن العمر ليس كما كان عليه من قبل.

وبرأي كاتب التحقيق فإن الثقافة الأميركية أعطت تعريفاً مختلفاً للشيخوخة بعدما سمح الطب الحديث للناس بالعيش لفترة أطول مع نشاط مستمر، فهيلاري كلينتون ترشحت للرئاسة الأميركية بعمر 68 سنة، أما دونالد ترمب فكان يبلغ 70 من العمر حين ترشح إلى الرئاسة.

كتب المؤرخ ماثيو ألغيو في كتابه "الرئيس رجل مريض" أن جنون العظمة الذي يصيب الرؤساء يدفعهم إلى الاعتقاد أنهم لا يمكن أن يصابوا بالمرض، ولا يحصلون على أفضل رعاية صحية لهذا السبب.

وقال ألغيو إن الأميركيين كانوا يعرفون قليلاً عن الحالة البدنية للرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت عندما ترشح للرئاسة في عام 1932، وكان يستخدم كرسياً متحركاً، وبحلول الوقت لترشحه لولاية رابعة في عام 1944 كان يعاني مرضاً في القلب وكان متعباً باستمرار ويعاني صعوبة في التركيز.

 

 

وسارع جراح روزفلت حينها فرانك لاهي إلى كتابة مذكرة قال فيها إن روزفلت لن ينجو في فترة أربع سنوات أخرى، ولم يكشف عن هذه المذكرة الطبية إلا في عام 2011، لكن روزفلت توفي بعد أشهر في أبريل 1945 تاركاً ترومان لإنهاء الحرب العالمية الثانية.

وأخفيت مشكلات الرئيس أيزنهاور الصحية، وبعد تعرضه لأول نوبة قلبية قيل للصحافيين إنه عانى "اضطراباً في الجهاز الهضمي أثناء الليل". وكان على الرئيس جون كينيدي تناول المنشطات والأدوية لدرء أعراض مرض أديسون، لكنه فعل ذلك سراً، وأصدر أطباؤه بياناً بأنه لم يكن مصاباً بمرض أديسون الناجم عن مرض السل، وحجبت هذه الأخبار حول صحة الرئيس إلى ما بعد اغتياله على رغم انهيار كينيدي مرتين بسبب المرض، مرة في نهاية موكب خلال حملة انتخابية ومرة في زيارة إلى بريطانيا.

كان عمر ريغان 69 سنة مشكلة خلال محاولته الوصول إلى الرئاسة في عام 1980، وبدا شاباً ونشيطاً عندما تولى منصبه للمرة الأولى، وترشح لإعادة انتخابه في عام 1984، وقال في مناظرة مع منافسه حينها ممازحاً إنه لن يستغل لأغراض سياسية "شباب خصمه وقلة خبرته". وتم تشخيص ريغان بمرض ألزهايمر في عام 1994. ويؤكد بعض مقربيه ومنهم ابنه رونالد جونيور بأنه أظهر علامات المرض في فترة ولايته الثانية.

وينص التعديل 25 في دستور الولايات المتحدة على نقل السلطة إلى نائب الرئيس إذا كان الرئيس عاجزاً، وفي مرتين في عامي 2002 و2007 استخدم الرئيس جورج دبليو بوش التعديل 25 لنقل السلطة إلى نائب الرئيس ديك تشيني، بينما خضع بوش لتنظير القولون الروتيني، واستمر التخلي عن السلطة التنفيذية لبضع ساعات فقط في المرتين.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير