Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تهدر الأسر المغربية أطنان الطعام؟

يطالب مراقبون بأن يسن المغرب قانوناً لمحاربة تلك الآفة

وفق إحصاءات سابقة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، حل المغرب في المرتبة الثانية في شمال أفريقيا من حيث كميات الطعام المهدور (أ ف ب)

ملخص

أفادت معطيات الأمم المتحدة بأن العائلات المغربية ألقت بأكثر من 4.2 مليون طن من المواد الغذائية في سلة النفايات خلال عام 2022. ووصلت الكمية المهدرة في عام 2021 إلى 3.3 مليون طن من الطعام.

أهدر الفرد المغربي في المتوسط 113 كيلوغراماً من الطعام في عام 2022، بزيادة 22 كيلوغراماً من المواد الغذائية المهدورة مقارنة مع عام 2021، كما أن الأسر المغربية أهدرت 4.2 مليون طن من الطعام في عام 2022، بارتفاع يصل إلى 0.9 طن مقارنة مع عام 2021.
هذه الأرقام التي وصفت بالـ"صادمة" وردت في تقرير حديث أعده برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ومنظمة "واراب" (WARAP) غير الحكومية، وهي إحصاءات دفعت جمعيات إلى دق ناقوس الخطر في شأن "الأمن الغذائي"، مطالبة بسن قانون خاص لمحاربة الإسراف الذي يستنزف الأسرة والمجتمع والدولة على السواء.

معطيات وأرقام

المعطيات الأممية المذكورة أفادت بأن العائلات المغربية ألقت بأكثر من 4.2 مليون طن من المواد الغذائية في سلة النفايات خلال عام 2022. ووصلت الكمية المهدرة في عام 2021 إلى ثلاثة ملايين و320 ألف طن من الطعام.
ووفق إحصاءات سابقة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، حل المغرب في المرتبة الثانية في شمال أفريقيا من حيث كميات الطعام المهدور، بينما تحتل الجزائر المرتبة الأولى، وتونس في المرتبة الثالثة، وبعدها ليبيا ثم موريتانيا.
في السياق، لفتت "الجامعة المغربية لحقوق المستهلك" (منظمة غير حكومية) إلى أن "هدر الطعام يبلغ ذروته في شهر رمضان، حيث يُرمى زهاء ثلث المواد الغذائية الصالحة للاستهلاك، التي تصل قيمتها المالية في المعدل إلى 500 درهم (50 دولاراً) كل شهر، لما يقارب 41 في المئة من الأسر المغربية.

وبخصوص هدر الطعام في العالم، أوردت المعطيات عينها أن الأسر أهدرت أكثر من مليار وجبة يومياً خلال عام 2022، مسجلة مفارقة صادمة متمثلة في أن الجوع يهدد 783 مليون نسمة في أرجاء العالم، والأمن الغذائي لثلث البشرية على الأرض يواجه تهديدات جمة.
ولا تقف عواقب هدر الطعام على المستوى العالمي عند هذا الحد، بل إنه يفضي بحسب ذات المصدر، إلى تقويض استدامة النظم الغذائية، باعتبار أن جميع الموارد من مياه وطاقة ويد عاملة وغيرها، التي تستخدم لإنتاج هذا الطعام، تذهب هدراً.
ويؤدي هدر الطعام العالمي أيضاً إلى توليد زهاء 10 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة عبر العالم، كما يفضي إلى المس بالتنوع البيولوجي، لتبلغ الخسائر الناتجة من هدر الطعام، بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، نحو تريليون دولار أميركي.

سلوكيات استهلاكية

ويعلق رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك بوعزة الخراطي، التي تهتم بحقوق وتوعية المستهلكين، على الموضوع بقوله "إن هدر المواد الغذائية تفشى عند المغاربة مع بداية القرن الـ21، ويعرف ذروته في شهر رمضان من كل سنة، مما جعل المغرب يحتل صدارة دول شمال أفريقيا في هدر الطعام".
وأكمل الخراطي أنه "رغم الجفاف الذي ضرب المغرب لمدة خمسة أعوام، فإن تموين السوق لم يعرف أي أزمة في جميع المواد الغذائية"، مردفاً أن "العادة السيئة لهدر الطعام ظلت قائمة رغم إشعار الأسر والمستهلكين بخطورة هدر الغذاء".
ونبه المتحدث ذاته إلى "استفحال ظاهرة التباهي الاجتماعي بين عديد من الأسر المغربية في شراء الأطعمة والمواد الغذائية، مما يجعل محاربة الإسراف الغذائي أمراً صعباً وطويل المدى".
وتابع الخراطي أن "المشكلة تبدأ عند عملية التبضع جراء تأثير الإشهارات وتقليد بعض الطبقات الاجتماعية الميسورة، كما أن الوفرة وأساليب البيع الجديدة توقع بالمستهلك غير الواعي في براثين الإفراط في اقتناء الطعام والمواد الغذائية".
وسجل رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك "وجود آليات الخزن والحفظ متوفرة في كل بيت، مما يجعل المستهلك يقتني بكثرة، وفي آخر المطاف يتم رمي أكثر من ربع الكميات المشتراة في سلة القمامة".
وخلص الخراطي إلى أن "هذه الآفة تهم جميع شرائح المجتمع المغربي ميسورين وفقراء أيضاً"، مشدداً على "ضرورة التعجيل في سن قانون خاص لمحاربة هذا الإسراف الذي يستنزف المجتمع والدولة على حد سواء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سن قانون

وعلق على ذات الموضوع، الباحث في الاقتصاد الاجتماعي عبدالرزاق بلملاح، الذي أكد أيضاً أهمية سن قانون يجرم هدر الطعام بشكل متعمد مثل ما هو معمول به في عدد من الدول الأوروبية.

وشرح بلملاح أنه "في إسبانيا على سبيل المثال توجد غرامات مالية تطبق على المحلات والمطاعم عند ضبطها ترمي المواد الغذائية المتبقية في النفايات، حيث يتعين بدل ذلك وضع الطعام الفائض في علب خاصة وحملها إلى المنازل. وأما في فرنسا فتوجد بنوك للطعام مهمتها توفير الطعام المتبقي والفائض عن الحاجة إلى المطاعم ومحلات الوجبات، كما توجد في دول أوروبية أخرى قوانين تغرم الذين يهدرون الطعام بإلقائه في القمامة والنفايات المنزلية".

وأما في المغرب، فيكمل الباحث ذاته، أن "مطلب سن هذا القانون رغم أنه بات مطلباً حقوقياً ترفعه عديد من الفعاليات والجمعيات التي تعنى بحقوق وتوعية المستهلكين، لكنه لا يزال بعيد المنال بسبب عدم اهتمام المشرع بهذا الموضوع رغم أهميته، وعلى رغم تأثير هدر الطعام على الأمن الغذائي للبلاد".
في المقابل، سبق أن أطلقت وزارة الفلاحة المغربية منذ سنوات خلت، بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، مشروع إعداد استراتيجية وطنية ومخطط عمل لتقليص فقد الأغذية وهدرها، تروم رصد الأسباب ووضع الحلول، في أفق تقليص هدر الطعام إلى النصف خلال عام 2024، غير أن المنتقدين يرون أن هذه الاستراتيجية لم تؤت أكلها بدليل ارتفاع نسبة هدر المغاربة للطعام.
وختم الباحث بلملاح كلامه بالقول إن "سن قانون لتجريم هدر الطعام، ولو بتطبيق غرامات مالية، ليس بالأمر العسير أو المتعذر، حيث يتعين فقط أن ينكب المشرعون في البرلمان على الإحاطة بجميع حيثيات وتفاصيل هذا الملف، خصوصاً هدر الغذاء الذي يصدر عن المطاعم والأسواق التجارية الكبرى".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات