Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تتبنى "بوليوود" القومية الهندوسية للترويج لناريندرا مودي؟

تقوم السينما الهندية بإصدار مجموعة من الأفلام القائمة على قضايا مثيرة للاستقطاب تروج لرئيس الوزراء وأجندة حكومته.

من فيلم "المادة 370" إلى "سارفاركار": بوليوود تتبنى الأفلام الدعائية للترويج لناريندرا مودي (أ ب)

ملخص

يقول محللون إن استخدام السينما الشعبية كأداة في حملة تعزيز القومية الهندوسية يسهم في تعزيز سردية انقسامية تهدد بتفاقم الانقسامات السياسية والدينية المنتشرة على نطاق واسع في البلاد

يبدأ المقطع الترويجي للفيلم برسم خطوط توضح النظارة الشهيرة التي كان يرتديها مهاتما غاندي، الزعيم البارز الذي لعب دوراً محورياً في حصول الهند على استقلالها من الحكم الاستعماري البريطاني عام 1947. وعلى خلفية أنغام أغنية روحانية أحبها غاندي، تتحول الخطوط إلى ما يبدو وكأنه وجهه.

ينطلق بعدها إيقاع صاخب متبوعاً بأغنية راب. وأخيراً، يكشف عن وجه، لكنه ليس وجه غاندي، بل ممثل يلعب دور فيناياك دامودار سافاركار - الخصم الإيديولوجي لغاندي الذي ينظر إليه على أنه سلف القومية الهندوسية في الهند.

إنها الأيديولوجيا ذاتها التي استغلها رئيس الوزراء ناريندرا مودي لتعزيز سلطته، بينما يسعى حزبه الحاكم إلى تحويل البلاد العلمانية إلى دولة هندوسية.

فيلم السيرة الذاتية الممجد للمفكر القومي الهندوسي الذي كان فاعلاً في بدايات القرن الـ20 - ويحمل عنوان ’سواتانترا فير سافاركار’ ويعني ’سافاركار المحارب المستقل’ Independent Warrior Savarkar - وصل إلى دور العرض الهندية الشهر الماضي، وقبل أسابيع قليلة من الانتخابات الوطنية التي من المقرر أن تحدد الاتجاه السياسي للبلاد للسنوات الخمس المقبلة. يتزامن عرض الفيلم مع مجموعة من الأفلام الهندية المنتظرة المستندة إلى قضايا مثيرة للاستقطاب، التي إما تروج لمودي وأجندته السياسية، أو تنتقد خصومه.

يقول محللون إن استخدام السينما الشعبية كأداة في حملة تعزيز القومية الهندوسية يسهم في تعزيز سردية انقسامية تهدد بتفاقم الانقسامات السياسية والدينية المنتشرة على نطاق واسع في البلاد.

يقول الناقد السينمائي وكاتب السيناريو الهندي راجا سين إن الأفلام كانت تمثل مزيجاً من السينما التي تدعم الهوية الوطنية وتلك التي تروج للوحدة الوطنية.

يضيف سين: "يبدو أن هذا الوضع يتغير بسرعة. الجزء المخيف هو أنه هذه الأفلام تُتقبل حالياً. هذا أمر مخيف حقاً".

على مدى أكثر من قرن من الزمن، تمكنت "بوليوود" من جمع الهند، البلد الممزقة بالانقسامات الدينية والطبقية والسياسية. وكانت صناعة نادرة حيث لعب الدين دوراً ضئيلاً جداً في تحديد نجاح المخرجين والممثلين. كما كانت أفلام "بوليوود" تدعم التنوع السياسي والوئام الديني.

ومع ذلك، فإن هذا المشهد الثقافي يواجه الآن تحديات.

في ظل حكومة مودي القومية الهندوسية، صنع عديد من المخرجين أفلاماً عن ملوك هندوس تاريخيين، ممجدين شجاعتهم. كما أصبحت الأفلام الصاخبة والمليئة بالآكشن التي تمجد الجيش الهندي تحقق نجاحاً في شباك التذاكر. وصارت الدراما السياسية وأفلام السيرة الذاتية التي تعظم القوميين الهندوس أمراً شائعاً.

في معظم هذه الأفلام، من الطبيعي أن تصور الأشرار على أنهم حكام مسلمون من العصور الوسطى، أو قادة يساريون أو معارضون، أو أصحاب فكر تحرري أو نشطاء حقوقيون - إضافة إلى باكستان الجارة، الخصم الرئيس للهند.

فيلم السيرة الذاتية عن سافاركار، الذي دعا إلى مستقبل الهند كدولة هندوسية، هو مثال على هذا الاتجاه الآخذ بالانتشار.

هناك فلمان آخران مقبلان يدعيان الكشف عن مؤامرة حول حادثة حريق قطار في ولاية غوجارات الغربية وقعت عام 2002، التي أشعلت واحدة من أسوأ الاضطرابات المعادية للمسلمين في الهند. قتل في الاضطرابات أكثر من 1000 شخص، وكانت واقعة مثيرة للجدل بشكل كبير في مسيرة مودي السياسية، إذ كان يترأس ولاية غوجارات حينها.

هناك فيلم آخر يدعي الكشف عن "أجندة معادية للوطن" لجامعة في العاصمة نيودلهي. يتناول الفيلم بشكل غير دقيق جامعة جواهر لال نهرو، وهي واحدة من المؤسسات الليبرالية الرئيسة في البلاد التي أصبحت مستهدفة من القوميين الهندوس وزعماء حزب بهاراتيا جاناتا الذي يترأسه مودي.

حقق عديد من الأفلام السابقة التي تتناول مواضيع مماثلة نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر. وعادة ما يقوم حزب مودي بتأييد هذه الأفلام علناً على رغم الانتقادات التي توجه لحكومته بقمع الرأي المعارض.

في فبراير (شباط)، قام مودي بنفسه بالإشادة بفيلم "المادة 370" Article 370، وهو فيلم يحتفي بقرار حكومته المثير للجدل في العام 2019 بإلغاء الوضع الخاص والحكم الذاتي لكشمير التي تسيطر عليها الهند. لكن بعض مراجعي الأفلام وصفوا الفيلم بأنه "غير دقيق من ناحية الحقائق" و"يحتوي على شيء من الدعاية الخفية" التي تصب في صالح الحكومة.

فيلم "قصة كيرالا" The Kerala Story، الذي حل في المرتبة التاسعة ضمن قائمة الأفلام الهندية التي حققت أعلى إيرادات في عام 2023، تعرض لانتقادات واسعة النطاق لتصويره بشكل غير دقيق فتيات مسيحيات وهندوسيات من ولاية كيرالا بجنوب الهند يُزعم أن تنظيم داعش قام بتجنيدهن. حُظر الفيلم في ولايتين تحكمهما أحزاب معارضة، بسبب مخاوف من الإسلاموفوبيا والضرر المحتمل على الانسجام الديني.

لكن في الوقت نفسه، قامت ثلاث ولايات في الأقل يديرها حزب مودي بإلغاء الضرائب المفروضة على التذاكر ونظمت عروضاً جماهيرية للفيلم. وأيد مودي نفسه الفيلم من خلال مشاهدته أثناء تجمع انتخابي للحزب في الولاية.

قال مخرج الفيلم، سوديبتو سين، إن العمل كشف عن "الاتصال بين التطرف الديني والإرهاب" من خلال قصة إنسانية، ولم يتسبب في تشويه سمعة المسلمين.

وأضاف: "لا يمكن تجاهل الجاذبية العاطفية لهذه الأفلام. في الواقع، يجب على حكومة كل ولاية تأييد هذه الأفلام".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هناك فيلم آخر من إخراج سين، يستند إلى التمرد الماويستي في الغابات المركزية الهندية، تم إصداره في الـ15 من مارس (آذار). وكان الشرير الرئيس في العمل، إضافة إلى المتمردين، هم نشطاء حقوق الإنسان والمثقفون ذوو الميول اليسارية، ووصفه أحد النقاد بأنه "ساعتان من الهجوم على الشيوعية".

في حين يحظى مثل هذه الأفلام بإشادة الطيف السياسي اليميني في الهند، إلا أن أفلاماً بوليوودية أخرى وقعت ضحية انتقادات القوميين الهندوس.

هددت جماعات يمينية بشكل متكرر بمنع عرض الأفلام التي تعتبرها مسيئة للهندوسية. وغالباً ما يدعو النشطاء الهندوس على وسائل التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة مثل هذه الأفلام.

يقول بعض المخرجين الذين وجدوا أنفسهم في قلب بيئة سياسية مقيدة إنهم يلجؤون إلى الرقابة الذاتية.

يقول أونير، مخرج حاصل على جوائز على المستوى الوطني إن "الأشخاص مثلي يشعرون بفقدان القدرة على العمل".

أخرج أونير أفلاماً مشهوداً لها سلطت الضوء على حقوق مجتمع الميم. في عام 2022، أراد أونير صناعة فيلم مستوحى من قصة حقيقية عن ضابط سابق في الجيش الهندي يغرم برجل محلي في كشمير المتنازع عليها، إذ يقوم المتمردون المسلحون الساعون إلى الاستقلال أو الاندماج مع باكستان بمقاومة حكم الهند لعقود. رفضت وزارة الدفاع الهندية قصة الفيلم لأنها "تشوه صورة الجيش الهندي"، بحسب ما ذكر المخرج.

يضيف أونير: "انظر إلى الأفلام التي تصدر الآن. أي فيلم يختلف مع رؤية الحكومة يعتبر معادياً للوطن. لا توجد بيئة عادلة للتعبير الفني. في الواقع، يسود جو من الخوف".  

عادة ما تحقق الأفلام الجدلية أرباحاً كبيرة - وأشار أونير إلى أنها تشكل معظم الإصدارات الحديثة، بينما تواجه الأفلام التي تركز على التمييز ضد الأقليات عقبات، مما يشير إلى رغبة في هذا النوع من المحتوى.

يقول بعضهم إن ارتفاع عدد الأفلام المثيرة للانقسام يعكس الانتهازية بين صناع الأفلام.

يوضح الناقد السينمائي وكاتب السيناريو رجا سين: "فكرة أن هذه هي الطريق للنجاح تغلغلت في ’بوليوود‘". ويضف أن مثل هذه الأفلام منطقية من الناحية التجارية بسبب الضجيج الذي تثيره، على رغم أنها بمثابة المعادل السينمائي للرسائل المتداولة بكثرة على تطبيق ’واتساب‘ التي تروج لمعلومات مضللة والدعاية. يختم سين بالقول: "تحتاج السينما الهندية إلى تمرد فني. آمل أن نتمكن من البدء في رؤية ذلك".

© The Independent

المزيد من سينما