Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مجمع الشفاء... قلب غزة الصحي يتوقف للأبد

 بات هيكلاً خرسانياً محترقاً بلا أساسات يمكن البناء عليها لإعادة إعماره ومحيطه تعرض لتجريف واسع

كان يخدم في كل عام نحو نصف مليون مريض في القطاع الفلسطيني المحاصر (أ ف ب)

ملخص

أحرق الجيش المبنى من الداخل والخارج ودمر أساساته حتى لا تكون صالحة لإعادة ترميمها بالمطلق، وباتت جميع الأجهزة والمعدات الطبية متفحمة، وأسرة المرضى عبارة عن رماد متناثر، مما يعني أنه لن تكون هناك أية جراحات بعد اليوم.

كان مجمع الشفاء الطبي قبل الحرب الإسرائيلية على غزة أكبر المستشفيات في الأراضي الفلسطينية، إذ كان يعالج وحده 450 مريضاً بصورة يومية، لكنه الآن تحول إلى هيكل خرساني محترق، ولا أمل لدى أطباء غزة ومهندسيها، ولا حتى منظمة الصحة العالمية، في إعادة تأهيل المجمع وإعماره مجدداً، فجميع هذه الفرق تؤكد أن قلب القطاع الصحي في غزة توقف للأبد.

حرق وتدمير

ما أصاب مجمع الشفاء كان نتيجة لعملية عسكرية إسرائيلية نفذها الجيش داخل المستشفى وحوله، ووصفها بأنها دقيقة للغاية للقضاء على عناصر مسلحين يتبعون للفصائل الفلسطينية، واستمرت تلك العملية نحو 14 يوماً تغيرت خلالها معالم المنطقة.

وأخطر ما نفذه الجيش الإسرائيلي في مجمع الشفاء الطبي أنه استخدم أسلوب الحرق وتكسير الأقدام، وتسبب ذلك في خروجه عن الخدمة إلى الأبد بعد 78 سنة من الخدمة الطبية، وكان يخدم في كل عام نحو نصف مليون مريض.

 

 

يطلق على المرفق الصحي لقب "مجمع طبي" لأنه أكبر المؤسسات الصحية في الأراضي الفلسطينية لا في قطاع غزة وحده، وذلك من حيث المساحة الجغرافية والخدمات، ولأن حرمه يضم ثلاثة مستشفيات طبية متخصصة هي الجراحات والباطنة والولادة.

مبنى الجراحات

يقول مدير الرعاية الأولية في مجمع الشفاء الطبي معتصم صلاح، إن الجيش الإسرائيلي أحرق كل مباني المجمع من دون استثناء، كما حطم أساسات جميع الهياكل الخراسانية، وبهذا فإن جميع مرافق مجمع الشفاء الطبي لم تعد صالحة للعمل بشكل نهائي.

عند بوابة المجمع يقع مبنى الجراحات التخصصي، الذي يعد الأول من نوعه في قطاع غزة، وفيه أجريت عمليات متخصصة، منها عمليات قلب وعظام معقدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في ذلك المبنى المكون من خمس طبقات وبدروم تحت الأرض، بمساحة تزيد على 2500 متر مربع، توجد أجهزة طبية لا مثيل لها في بقية مستشفيات القطاع، ونحو 450 سريراً، و260 غرفة عمليات مجهزة بأحدث الوسائل الطبية.

في بداية دخول الجيش الإسرائيلي إلى حرم المستشفى أطلق قذائف دباباته على المبنى حتى دمر جميع الحيطان الأساسية التي تحمل الهيكل الخرساني، ثم قصف أساسات المبنى من الأسفل، وبعدها دفع بآلياته العسكرية من نوع الجرافات وأزاح الحجارة الضخمة حتى انكشفت قضبان الحديد التي تحمل الهيكل.

يقول صلاح "أحرق الجيش المبنى من الداخل والخارج ودمر أساساته حتى لا تكون صالحة لإعادة ترميمها بالمطلق، جميع الأجهزة والمعدات الطبية باتت متفحمة، أسرة المرضى عبارة عن رماد متناثر، هذا يعني أننا لن نستطيع القيام بأية جراحة بعد اليوم".

ما حدث لـ"الطوارئ"

بجوار مبنى الجراحات يوجد مبنى الاستقبال والطوارئ، وهو مكون من خمس طبقات، ويضم 140 سريراً، ويتعامل يومياً مع 450 مريضاً في وقت السلم، أما في الحرب فإنه يستقبل آلاف الجرحى، وتعرض هذا المرفق لأضخم عملية تدمير وحرق بين مباني المؤسسة الطبية.

 

 

يوضح صلاح أن "مبنى الاستقبال والطوارئ جرى اقتحامه من الجنود على مدار أيام العملية العسكرية التي استمرت 14 يوماً، وتعرض لإطلاق نار عشوائي حتى في الممرات، ثم جرى حرق المبنى بأكمله إلى حد التفحم، لقد عاين المهندسون المرفق وتبين أن جدرانه تصدعت من شدة اللهب".

ويتابع "جرفت الآليات العسكرية الإسرائيلية أساسات المبنى بأكملها، والآن هو آيل للسقوط ولا يمكن استئناف العمل به، وإذا شن الجيش غارات عنفية في محيطه فإنه سيسقط بسرعة، لقد ظهرت قضبان الحديد التي تحمل الهيكل المعماري، هذا يعني أنه خرج من الخدمة ولن يعود".

حريق الأجهزة الطبية

بجانب قسم الاستقبال يقع مبنى الإدارة العامة، وهو مكون من طبقتين فقط، ويضم مكاتب إدارية ومكتبة وأرشيفاً كاملاً، وتعرض هذا المبنى للحرق فقط، لكن تقييمات الفريق الهندسي تؤكد أنه لا يمكن إصلاحه فجدرانه تصدعت وتآكلت.

خلف مبنى الجراحات يقع مبنى الأقسام التخصصي، الذي يضم قسم الباطني (نساء ورجال)، وقسم للجراحة العامة، وثالث للأمراض الصدرية والعظام وغيرها. يصف صلاح ما أصاب ذلك المرفق بأنه "دمار كبير لا يمكن معه العمل مجدداً في تلك الأقسام".

 

 

في ما يتعلق بأقسام الأطفال والحضانة ووحدة العناية المركزة والأشعة ومختبر وبنك الدم وقسم العلاج الطبيعي ووحدتي تخطيط السمع والعصب وفحوص الأنسجة والصيدلية المركزية وعيادات الأنف والأذن والحنجرة والعظام والكلى والمسالك البولية وأمراض الروماتيزم والسرطان، فقد أحرقت بمحتوياتها. يشير صلاح إلى أن هذه الأقسام كانت مغلقة وبداخلها أجهزة طبية حديثة، ولم يكن يوجد فيها أي من الطواقم الطبية أو النازحين، لكن الجيش كان يتعمد تدمير المجمع بطريقة لا يمكن معها تعويض مستشفى الشفاء الطبي.

كذلك جرف الجيش الإسرائيلي الساحة الرئيسة للمجمع الطبي، وحرق مركبات كانت تصطف فيها، كما جرف بركسات كانت عبارة عن مكاتب إدارية، إضافة إلى مقبرتين جماعيتين استحدثت أثناء الحرب داخل المجمع الطبي.

يضم مجمع الشفاء نقطة مركزية رئيسة لطواقم الدفاع المدني، وبحسب المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني محمود بصل، فإن الجيش دمر عدداً من آليات وأدوات الدفاع المدني لدى اقتحامه المجمع، وبذلك فقد فقدوا النقطة المركزية لعملهم.

رثاء وتبرير

يقول مدير مجمع الشفاء مروان أبو سعدة، "فقدت غزة معلماً طبياً تاريخياً ومجمعاً متخصصاً كانت تحول إليه جميع الحالات المرضية الصعبة، ومعظم الغزيين يملكون ذكريات معه". ويتساءل "أسهم العالم أجمع في بناء المجمع، فلماذا تحول إلى هدف أساس للقضاء عليه؟"، مجيباً "لأنه كان يدعم الرسالة الطبية الإنسانية".

كان مجمع الشفاء العاصمة الطبية لقطاع غزة، وبهذا يكون الجيش الإسرائيلي نزع قلب النظام الصحي للقطاع، وجعل منطقة شمال غزة بلا أية مرافق صحية. وشملت عملية التدمير محيط المجمع والشوارع المؤدية إليه في محاولة لتدمير معالم المكان بالكامل لتصبح إعادة إعماره مستحيلة، كما يقول طبيب المسالك البولية بالمجمع شوقي أبو رمضان، موضحاً أنه في حال كانت هناك نية لإعادة إعماره مجدداً، فإن الأمر سيحتاج إلى سنوات.

وفقاً للمتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أوفير غندلمان، فإن "ما نفذه الجيش الإسرائيلي في مجمع الشفاء الطبي كان بهدف القضاء على مسلحين يختبئون فيه، وعمليات الحفر جاءت لتحييد نفق كبير تحت المستشفى، وهذه العملية انتهت من دون إلحاق أضرار بالمدنيين والمرضى والفرق الطبية".

المزيد من متابعات