Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حملة عراقية لحصر السلاح بيد الدولة ومراقبون: شعارات مكررة

تخصيص 697 مركزاً و11 مليون دولار لشراء القطع من الأهالي ومخاوف من عدم امتثال العشائر والقوى السياسية

هناك من لا يزال يعارض أو يحاول التسويف والمماطلة في تسليم سلاحه إلى الدولة (أ ف ب)

ملخص

اليوم تنفذ السلطات الأمنية في العراق حملة لحصر السلاح بيد الدولة من أجل تعزيز السلم الأهلي والأمن المجتمعي، لكن متخصصين أكدوا لـ"اندبندنت عربية" أنه على رغم الشعارات المتكررة في برامج الحكومات المتتالية فإن الخطوات العملية شبه معدومة.

يشكل السلاح المنفلت أحد المظاهر الرائجة في عراق ما بعد 2003، وعلى رغم الجهود الحكومية للحد من انتشاره فإنه يبقى ظاهرة لافتة للنظر في مجتمع بلاد الرافدين، مما تسبب في تردي الأوضاع الأمنية وتزايد معدلات الجريمة.

كان مجلس الوزراء العراقي قرر في وقت سابق تخصيص 15 مليار دينار (ما يقارب 11 مليون دولار) للمباشرة بشراء الأسلحة من أبناء البلد، وتهدف الخطوة إلى تطبيق شعار "حصر السلاح بيد الدولة"، لكن متخصصين في الشأن العراقي أكدوا لـ"اندبندنت عربية" أنه على رغم الشعارات المتكررة في برامج الحكومات المتتالية حول هذا الشأن فإن الخطوات العملية شبه معدومة، إذ لا جدية كبيرة في قضية السلاح المنفلت.

 

 

اليوم تنفذ السلطات الأمنية حملة لحصر السلاح بيد الدولة من أجل تعزيز السلم الأهلي والأمن المجتمعي في بغداد، كما تهدف إلى التثقيف والتوعية بعدم إطلاق الأعيرة النارية، ونشر الوعي الأمني والضوابط القانونية في حق المخالفين، من خلال توزيع المنشورات والملصقات وإجراء عدد من اللقاءات مع المواطنين الذين أعربوا عن تضامنهم مع هذه الحملة.

697 مركزاً لشراء السلاح

أعلنت وزارة الداخلية تهيئة 697 مركزاً لشراء السلاح من المواطنين في 15 محافظة، وقال المتحدث باسم الوزارة العميد مقداد ميري في تصريح صحافي، إنه "تم تشكيل لجنة ثانوية لحصر وتنظيم السلاح بيد الدولة"، مبيناً أن "اللجنة وضعت ضوابط لعملية الشراء وحددت الأسعار، وجرى الشروع بعملية شراء السلاح المتوسط انطلاقاً من مطلع أبريل (نيسان) الجاري، أما السلاح الخفيف فسيتم تنظيمه في مرحلة لاحقة".

وأضاف أن" الوزارة أصدرت إجازات حيازة في محافظتي صلاح الدين والمثني، على أن تتلوهما بقية المحافظات تباعاً"، لافتاً إلى أن "حجم الأموال المرصودة من الحكومة تصل إلى مليار دينار عراقي (764 ألف دولار) لكل محافظة كدفعة أولى، أما العاصمة فخصص لها ملياران".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر أن "العملية جزء من البرنامج الحكومي لتنظيم السلاح بيد الدولة على مدى أربع سنوات، إذ كانت السنة الأولى مرحلة تنظيم تم فيها استحداث مراكز ووضع الاستعدادات، والثانية مرحلة المباشرة بتسجيل السلاح وتنظيمه والقيام بعمليات الشراء، وهناك مرحلتان أخريان"، لافتاً إلى أن "الوزارة ستتعامل مع الأسلحة التي لم تشتر حال الانتهاء من المدد المحددة على أنها حيازة خارج القانون، وستكون هناك إجراءات قانونية وعمليات تفتيش وأوامر قضائية لحصر هذا السلاح وتنظيمه والسيطرة عليه".

وتابع أن "عمليات التوعية التي انتهجتها الوزارة أسهمت في إقبال المواطنين على بيع الأسلحة للحكومة، وهناك إقبال كبير على موضوع التسجيل"، مؤكداً أن "السلاح سيكون خاضعاً لإرادة وسلطة الدولة"، موضحاً أن "الحكومة حريصة على إمداد وزارة الداخلية بكل ما تحتاج إليه في ملفات مكافحة المخدرات، وحصر السلاح وتأمين الحدود والجريمة المنظمة وغيرها".

ملفات شائكة

عن مساعي الدولة إلى حصر السلاح، يقول المتخصص الأمني والاستراتيجي عماد علو إنه "ملف شائك ومعقد يحتاج إلى توافق ووحدة في القرار السياسي بين القوى والكتل السياسية في إطار ائتلاف إدارة الدولة (المشكل للحكومة العراقية)، فمعظمها لديها أجنحة عسكرية مسلحة، كما أن هناك من لا يزال يعارض أو يحاول التسويف والمماطلة في حصر السلاح وتسليمه إلى الدولة".

وأكد لـ"اندبندنت عربية" أن هناك أيضاً أسباباً أخرى قد تكون اجتماعية، منها وجود سلاح بيد العشائر، وهو واحد من الملفات الصعبة التي تواجه أية حكومة عراقية منذ عام 2003 وحتى الآن، مما يحتاج إلى برامج وإجراءات تتعلق بقدرة الأجهزة الأمنية وإمكاناتها في السيطرة على الوضع بالعراق".

 

 

من جانبه قال الباحث في الشأن العراقي مجاشع التميمي إن "تعهد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 بإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت في برنامجه الحكومي، هو الشعار نفسه الذي رفعته كل الحكومات منذ عام 2005، من دون حدوث تقدم في هذا الملف، بل على العكس بات السلاح في المتناول، مسبباً كثرة في الجرائم والاعتداءات".

لكن التميمي نوه إلى أن خطة الحكومة لحصر السلاح ستعاني إشكالات منها شح الموارد، إذ خصص مليار دينار فقط لكل محافظة، وهو مبلغ قليل بخاصة مع توقعات ببروز شبهات فساد، معتبراً أن "هذه الخطوة مهمة إن استطاعت الحكومة تنفيذها، لكنها ستبقى معقدة بالنظر إلى وجود أكثر من 7 ملايين قطعة سلاح غالبيتها لدى العشائر".

شعارات متكررة

في السياق قال المحلل السياسي والاقتصادي نبيل جبار التميمي "على رغم الشعارات المتكررة حول حصر السلاح كواحد من برامج الحكومات المتتالية، فإن الخطوات على الأرض شبه معدومة، وها هي الحال تتكرر مجدداً مع حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إذ لا جدية كبيرة في قضية حصر السلاح، وأمسى السياسيون يضعون تفسيرات جديدة للملف، فمنهم من يركز على حصر السلاح الذي تمتلكه الأسر العراقية كوسيلة دفاع وحماية، ومنهم من ينظر إلى سلاح العشائر في محاولة للابتعاد عن سلاح الأحزاب أو المجاميع المسلحة، التي بات معظم أسلحتها مشرعنة عبر إجازات الحيازة والحمل".

وتابع أن تركيز حملات المجتمع والناشطين حول حصر السلاح ينصب على الفئة الأخيرة التي عادة ما تستخدمه كوسيلة ترهيب أو لتكميم الأفواه وتصفية الخصوم، فيما تعجز الحكومات عن التضييق على نشاطات تلك المجموعات لأسباب تعود لنفوذها السياسي الطاغي ونفاذها داخل الأجهزة الأمنية، مؤكداً أن "أية محاولة لحصر السلاح وفق الوضع الراهن لن تكون أبعد من شعارات ومشاريع على الورق من دون خطوات جادة وفاعلة".

المزيد من العالم العربي