Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من آسيا وأفريقيا... المتطرفون يصبون غضبهم على موسكو

دخلت روسيا في صراعات مع الجماعات المتشددة لكن يبدو أن التنظيمات قررت نقل عملياتها إلى الداخل

التنظيمات المتطرفة تسللت إلى داخل روسيا لتنفيذ هجمات هناك بشكل مباشر (أ ب)

ملخص

على رغم إصرار روسيا على أن الغرب ضالع في الهجوم على مجمع كركوس قبل أيام، إلا أن كثراً من المحللين يرون أن السلطات الروسية بدأت تدفع ثمن تاريخ طويل من العداء والخصومات مع الجماعات المتشددة.

في 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي أطل زعيم جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" في مالي المرتبطة بتنظيم "القاعدة" الإرهابي، إياد آغ غالي، برأسه منهياً سنوات من التخفي، لكن ظهوره هذه المرة كان مختلفاً عن سابقه حيث توعد روسيا التي انخرطت في الصراع داخل بلاده عبر مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية والتي تدعم الجيش المالي بشكل علني.

وقال غالي في مقطع فيديو جاء بعد أشهر من حزم الفرنسيين أمتعتهم ومغادرتهم مالي بشكل رسمي، إن "المواجهة مع روسيا والحكومات في منطقة الساحل الأفريقي دخلت مرحلة جديدة".

وبعد أشهر من هذه التهديدات، التي بدت لافتة في توقيتها ودلالاتها، تعرضت روسيا لهجوم دام تبناه تنظيم "داعش" ما يُسلط الضوء على علاقة مُعقدة وتطبعها التوترات تاريخياً بين موسكو والجماعات المتطرفة.

وأسفر الهجوم، الذي شنه "داعش" على مجمع "كركوس"، عن مقتل 144 روسياً في تطور يشكل مدعاة للتساؤل عن الدوافع التي جعلت التنظيم يضع موسكو ضمن أهدافه، وهو أمر يُرجعه محللون إلى انخراط روسيا في مواجهات مع عدة جماعات مُتشددة بدءاً من أفغانستان قبل عقود وصولاً إلى سوريا ودول أفريقية.

 

 

واستبدل الحكام الجدد في الساحل الأفريقي الذين وصلوا إلى دفة السلطة بعد انقلابات عسكرية التحالف مع فرنسا بتحالف مثير مع روسيا، وهو أمر جعل العديد من التنظيمات مثل جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بالقاعدة تحول عداءها من باريس إلى موسكو.

هيمنة وتحالفات

على رغم إصرار روسيا على أن الغرب ضالع في الهجوم على مجمع كركوس قبل أيام، إلا أن كثراً من المحللين يرون أن السلطات الروسية بدأت تدفع ثمن تاريخ طويل من العداء والخصومات مع الجماعات المتشددة.

وتدخل الاتحاد السوفياتي في أفغانستان عام 1979 إثر موجة من الانقلابات العسكرية، لكن هذا التدخل جوبه بمقاومة شديدة من الآلاف من المجاهدين الذين تحركوا رفضاً لـ "الاحتلال الروسي".

وبعد عقود، عادت روسيا إلى تدخلاتها العسكرية المثيرة للجدل، حيث انخرطت في 2015 في الحرب الأهلية السورية عندما دعمت حملة نظام الرئيس السوري بشار الأسد ضد المعارضة المسلحة والجماعات المُتشددة التي تنامى لديها شعور الغضب تجاه موسكو.

لم تكتف روسيا بهذه التدخلات حيث دفعت في السنوات الأخيرة بتحالفات مع كل من مالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى، وهي دول تُكافح الجماعات المتشددة التي تشن هجمات دامية على الجيوش النظامية في المنطقة.

 

 

وقال جيروم دريفون، المحلل المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة في مجموعة الأزمات الدولية، إن "تنظيم (داعش) يهاجم الدول التي يمكنه مهاجمتها، لكن عموماً يمكن القول إن هناك أسباباً عدة تجعل من روسيا هدفاً لهذه الهجمات أهمها دعم البلاد لنظام الأسد في مواجهته مع الفصائل المسلحة غير المرتبطة بالتنظيم أولاً، ثم مواجهته في شرق البلاد".

وتابع دريفون أن "من بين الأسباب الأخرى توسيع روسيا لتحالفاتها مع أنظمة دول غرب أفريقيا التي دخلت في مواجهة مع متمردين محليين وأيضاً مع فروع تنظيم (داعش) وجماعات أخرى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأفاد الخبير بأن "جزءاً كبيراً من مجندي التنظيم، وبخاصة الفرع المرتبط بأفغانستان، هم مواطنون من دول آسيا الوسطى التي لديها أيضاً انتقاداتها الخاصة لروسيا وهيمنتها على المنطقة، ويسمح هؤلاء المجندون للتنظيم بالتسلل إلى روسيا وتنظيم هجمات هناك بشكل مباشر، كما رأينا أخيراً".

واستنتج دريفون أنه "من المرتقب أن تسعى الجماعات المتشددة إلى نقل مواجهتها مع موسكو إلى الداخل الروسي نفسه في الأيام المقبلة في ظل المواجهات الكثيرة التي تخوضها روسيا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر مع فروع هذه الجماعات في دول عدة".

وأدت حربا الشيشان بين عامي 1994 و2000 وحملة روسيا العسكرية ضد تمرد إسلامي في داغستان في القوقاز الشمالي إلى توتر العلاقة بشكل كبير بين موسكو والمتشددين. وتضم روسيا نحو 10 ملايين مسلم بنسبة ستة في المئة من سكان البلاد.

عدم القدرة على الاستباق

مع تكرر الهجمات التي تستهدف المصالح الروسية سواء داخل البلاد أو خارجها فإن التساؤلات التي تُخامر جل المتابعين هي عدم قدرة السلطات في موسكو على استباق هذه الهجمات.

واعتبرت المحللة السياسية الروسية، فيرا غرانتسافا، أن "أحد أسباب عدم قدرة روسيا على الرد على هذه الهجمات وعدم قدرتها على منعها، هو حربها في أوكرانيا، لأن العديد من موظفي الخدمة السرية كانوا مشغولين لعدة أشهر في أوكرانيا، من قبل من يسمونهم بالإرهابيين الأوكرانيين".

وأوضحت غرانتسافا أن "هذا أمر خاطئ لأن أوكرانيا تُدافع عن بلدها وهو حقها الشرعي، لذلك، كانت هناك عيوب في النظام لعدة سنوات أدت إلى تمكن الإرهابيين من تنظيم هذه الهجمات التي لم يسبق لها مثيل".

وأكدت المتحدثة أن "هجوم كركوس كان ثاني أكثر الهجمات دموية في روسيا منذ 2004 الذي وقع أيضاً أثناء عرض حفل موسيقي في الشمال الغربي لموسكو وتحديداً في دوبروفكا".

وتوقعت غرانتسافا أن "يسعى المتطرفون إلى نقل معركتهم مع روسيا إلى داخلها"، قائلة إن "هذه كانت استراتيجيتهم منذ 2015 عندما نفذوا هجمات استهدفت مواطنين روساً سواء في الأراضي السورية أو في مصر أيضاً".

وأشارت إلى أن "الطاجيك أيضاً شاركوا في الهجمات، لأنهم قريبون جداً من الحدود مع أفغانستان، ويمكن تجنيدهم بسهولة، وتدريبهم أيضاً على يد الجماعات المتشددة في هذه المنطقة".

إضعاف الجبهة الروسية

ومع تبني تنظيم "داعش" بشكل رسمي لهجوم كركوس في موسكو إلا أن السلطات الروسية لا تزال تهاجم الغرب وتتهم الولايات المتحدة الأميركية وأوكرانيا بالوقوف خلفه من دون أن تُقدم دلائل على ذلك.

 

 

ومن شأن تركيز روسيا اهتمامها منذ أكثر من سنتين على الحرب في أوكرانيا أن يُضعف أجهزتها الأمنية والعسكرية بشكل كبير، على رغم عمل الرئيس فلاديمير بوتين، الذي فاز بولاية رئاسية جديدة للتو، على تجنيد المزيد من المهاجرين والفقراء في صفوف قوات الأمن والجيش لتعزيز الجبهة الداخلية.

وقال الخبير في الشؤون الدولية، نزار مقني، إن "من تبنى الهجمات هو تنظيم (داعش) بولاية خراسان أي الموجود في أفغانستان ما يعطي دلالة بأن التعاون الذي أصبح بين حركة (طالبان) وروسيا، وبين روسيا والصين يدفع التنظيم إلى الانحسار في أفغانستان وإلى تركيز أكبر على شن هجمات داخل روسيا".

وأردف مقني أن "حضور روسيا أيضاً في عديد الجبهات ضد التنظيمات المتطرفة سواء في الصحراء الكبرى لدعم جهود جيوش بوركينا فاسو والنيجر ومالي في مواجهة هذه التنظيمات وخصوصاً داعش يدفع إلى أن تصبح روسيا ضمن أهداف هذه التنظيمات، لكن ليس فقط ما يحدث في سوريا ودور روسيا في تدحرج تنظيم (داعش) يقف خلف تفاقم الهجمات".

وبين أنه "لو ذهبنا إلى المستفيد من الجريمة سنجد أن تنظيم (داعش) يخدم الآن أجندة غربية لإضعاف الجبهة الداخلية الروسية التي ظلت متماسكة على رغم العقوبات الغربية القاسية، فروسيا أكبر بلد تعرض لعقوبات منذ بدء الحرب على أوكرانيا، لذلك هو من سيسهم في إضعاف الجبهة الداخلية الروسية مثل هذه الهجمات".

وذكر مقني أن "هناك اعتقاداً بأن هذه الهجمات ستحدث ارتباكاً على نظام بوتين وهذا ليس ببعيد عن استراتيجية الغرب الذي استعان بهذا التوجه ضد الاتحاد السوفياتي عندما تدخل في أفغانستان، وروسيا وريثة الاتحاد، لذلك قد نرى استهدافها بهذا الشكل".

وبالفعل، اتهم بوتين خلال 2013 "خصوماً أجانب" باستغلال التشدد الإسلامي من أجل إضعاف بلاده وذلك على خلفية تفجير انتحاري شهدته البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير