Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حدود الضغط الأميركي على إسرائيل

بدأت فترة بايدن الرئاسية بتباعد مع التحالف العربي

تحت ضغط يساري في الداخل وآخر من اللوبي الإيراني باتت إدارة بايدن ملزمة أن تفرض على حكومة نتنياهو بأن تقبل بوقف النار (أ ب)

ملخص

توطدت العلاقة بين إدارة بوش وإسرائيل بعد ضربات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001 واستمرت بقوة حتى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، ولم تكن هناك فرصة لضغط أميركي على الإسرائيليين، ولا حتى مجال لتطوير آلية الحل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، لأن أميركا كانت تحارب في ساحتين، أفغانستان والعراق، وتخوض "الحرب على الإرهاب"

يتساءل كثر، ولا سيما في العالم العربي، عن قدرة الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل للحصول على تنازلات معينة، إما لجهة الخلاف على الأراضي مع الفلسطينيين، أم لجهة فك الاشتباك في غزة. ونسمع من كثر في المنطقة يقولون إن واشنطن لا تقوم بضغط أكبر على إسرائيل للقبول بوقف إطلاق النار مع "حماس" أو بقبول "حل الدولتين"، وأن الشخصيات السياسية الكبرى في أميركا لا تتجرأ على انتقاد الدولة العبرية. هل هذا صحيح؟ جزء منه دقيق، جزء آخر افتراضي، وجزء متغير. فلنحاول أن نفهم هذه المعادلات على ضوء التطورات المتسارعة في المنطقة.

جذور العلاقة الخاصة

كما كتبنا في الماضي أن العلاقة الخاصة بين البلدين تمر عبر جسور عدة، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو دفاعية أو اقتصادية أو جيوسياسية، ويشرح الطرفان نوعية هذه العلاقات بين الأمتين، وإذا لم تفهم هذه العلاقة سيصعب فهم تطورها وفهم ضوابطها الآن. فهذه العلاقة مبنية على نظرة تاريخية عميقة متداخلة مع مشاعر روحية دينية متجذرة. بتلخيص شديد، هناك شريحتان تؤيدان هذه العلاقة التحالفية الأميركية، الأولى تتمحور حول ليبراليين تقليديين معجبين بليبرالية إسرائيل عند تأسيسها، وفي داخل هذه الشريحة أكثرية من اليهود الأميركيين اليساريين من الطراز القديم الذين رأوا في الدولة اليهودية إنجازاً اشتراكياً، فاستمر هذا الدعم آتياً من قلب الحزب الديمقراطي "للعلاقة المميزة".

الدعم اليساري كان في قلب المعادلة، إلا أن دعماً آخر بات يبرز من المقلب الآخر، أي من داخل اليمين الإنجيلي - البروتستانتي - الكاريسماتيكي الذي يؤمن عقائدياً بدور ثيولوجي لقيام دولة إسرائيل. فدخلت الكتلة المؤيدة لإسرائيل إلى عمق الكتلة الإنجيلية المؤيدة لإسرائيل. وبفعل القوتين من اليسار واليمين أصبح مستحيلاً وضع ضغط عملي على الحكومات الإسرائيلية في ما يتعلق بمسائل الأمن والدفاع ومشاريع السلام. واختبرت الإدارات هذا التحدي لعقود، ولا سيما منذ انتهاء الحرب الباردة. وحاولت إدارة جورج بوش الأب أن تضغط على إسرائيل في ما يتعلق بمسيرة السلام، ولكن من دون جدوى. وكذلك، حاولت إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون أن تنهي حرب لبنان، فتعاونت مع اليسار الإسرائيلي، وتوصلت إلى أول تراجع إسرائيلي أمام "حزب الله" عبر تصفية "جيش لبنان الجنوبي" عام 2000 وتسليم الشريط الحدودي للحزب.

بعد 11 سبتمبر

توطدت العلاقة بين إدارة بوش وإسرائيل بعد ضربات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001، واستمرت بقوة حتى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، ولم تكن هناك فرصة لضغط أميركي على الإسرائيليين، ولا حتى مجال لتطوير آلية الحل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، لأن أميركا كانت تحارب في ساحتين، أفغانستان والعراق، وتخوض "الحرب على الإرهاب"، فدخلت الساحة الإسرائيلية - الفلسطينية في نفق ستاتيكو طويل. أما مع إدارة أوباما وتطورات الشرق الأوسط، من "ربيع عربي" تحول إلى "خريف إسلامي"، وثورات مختلفة وبزوغ برعم "تحالف عربي"، بدأت ملامح ضغط أميركي على حكومة بنيامين نتنياهو، يتصاعد من واشنطن على القيادة الإسرائيلية، وسببه الرئيس الخلاف على الاتفاق النووي.

ذهب أوباما بعيداً في تحدي إسرائيل، وذهب نتنياهو عميقاً في تحدي أوباما، ولا سيما على منابر الأمم المتحدة. وشكلت مرحلة رئاسة أوباما أول اختبار فعلي لقيادة أميركية تضع ثقلها على رأس حكومة إسرائيلية لتجبرها على تغيير المسار. ومع سيطرة الجمهوريين المحافظين على الكونغرس، انكسرت حدة الضغط الأميركي على نتنياهو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع قدوم الرئيس السابق دونالد ترمب، انقلب الوضع، وغير هذا الأخير الاتجاه، فباتت أميركا مؤيدة غير مشروطة لحكومة نتنياهو، حتى توصل الأمر إلى نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، ولكن توقيع "معاهدة أبراهام" وفرت حتى للرئيس ترمب مجالاً ليستفيد من "عرب السلام" ليضع بعض الضغط على صديقه "بيبي"، لا سيما عندما تحركت أبوظبي، وبدعم سعودي متستر لتعارض مشروع إسرائيلي للضم والتوطين في جنوب غزة، فأيدها ترمب، وقبل نتنياهو بصفقة جديدة لإنقاذ "اتفاق إبراهام"، وتبين أن الطريقة الوحيدة بيد واشنطن لتضغط على إسرائيل هي عبر سباق على السلام، وهو أمر يتشوق له الإسرائيليون أنفسهم. هذه الأمثولة تتلخص بأن واشنطن عندما تكون تحت إدارة محافظة وحازمة مع إيران، وقريبة من عرب الاعتدال الأقوياء ضد الانفلاش الإيراني والمتطرفين، تنجح في ضغوطها "الصديقة" على إسرائيل، ولكن العكس غير صحيح.

عهد بايدن

بدأت فترة الرئيس جو بايدن الرئاسية بتباعد مع التحالف العربي، لا سيما بسبب اليمن، وبدأت معها ضغوط على إسرائيل بسبب معارضتها عودة سياسة دعم الاتفاق النووي. وانفجرت حرب أوكرانيا واستأسدت إيران، فبدأت تتوسع في المنطقة وتسعى إلى تدمير "معاهدة أبراهام"، وذلك بهدف إسقاط التقارب السعودي - الإسرائيلي المحتمل، وقامت "حماس" بغزوتها للنقب، وتوسعت الحرب مع ميليشيات طهران في المنطقة، ودخلت إسرائيل غزة، وطالت الحرب أكثر من ستة أشهر.

إلا أن التوتر بالعلاقات بين أميركا وإسرائيل، صعب مطالبة الولايات المتحدة الحكومة الإسرائيلية بتقديم تنازلات، والأسباب وراء عدم قدرة واشنطن أن تجبر إسرائيل على الرضوخ هي كالتالي: أولاً أن إسرائيل لها عمق واسع من المؤيدين داخل أميركا، وثانياً نجحت إسرائيل في أن تثبت لشعبها وأكثرية في أميركا أنها هي التي تحارب الإرهاب وليست إدارة بايدن، فوقف الكونغرس معها وانتقد الإدارة، وربما الأهم هو دعم إدارة بايدن للاتفاق النووي وصفقة "طالبان". لذا فسر ضغط واشنطن على إسرائيل يتوقف على معادلة غريبة: كلما اقتربت الإدارة من طهران والإسلاميين، ساند الرأي العام الموقف الإسرائيلي، وفي كل مرة وقفت واشنطن مع المعتدلين العرب ضد إيران والمتطرفين قبلت إسرائيل بتنازلات مقابل سلام حقيقي.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء