Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفرص الممكنة في الطريق إلى سلام سوداني

يحاول المبعوث الأميركي الخاص إيجاد مخرج من خلال إحياء المحادثات بعد جولة شملت سبع دول

فشل رهان طرفي النزاع في الحسم العسكري وامتنعا من التفاوض (اندبندنت عربية- حسن حامد)

ملخص

 هل بالإمكان أن يتحقق السلام في السودان بعد عام من الحرب الدموية؟ وما هو المسار التفاوضي الذي بإمكانه فعلياً أن يصنع الاختراق في ظل تعقيدات المشهد وإصرار كل طرف من طرفي النزاع على أنه يكون هو الفائز، في وقت يخسر المواطن كل شيء تقريباً.

بعد مضي عام على حرب الخرطوم يضع السودانيون آمالهم على الجهود والمساعي الإقليمية والدولية إلى إنهاء الصراع المسلح عبر جلوس الطرفين المتقاتلين إلى طاولة التفاوض من أجل وقف إطلاق النار وإحلال السلام في البلاد.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع"  في أبريل (نيسان) 2023، فشل رهان طرفي النزاع في الحسم العسكري وامتنعا من التفاوض، على رغم الموت والتشريد ودمار البنية التحتية، في وقت لم تثمر جولات التفاوض المتقطعة عن أي حلول.

ويترقب السودانيون استئناف "مفاوضات جدة" بين وفدي القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع" في الـ 18 من أبريل (نيسان) الجاري، بحسب تصريحات مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى السودان توم بيرييلو الذي أعرب عن أمله في إيجاد مخرج ينقذ البلاد من هذا الانزلاق الخطر، في ضوء المحادثات التي أجراها بعد جولة شملت سبع دول.

خيار السودانيين

واعتبر عضو مجلس السيادة السابق والقيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) محمد الفكي سليمان في حديثه لـ "اندبندنت عربية" أن "تحقيق السلام ممكن حتى بعد إكمال الحرب عامها الأول، وهو الخيار الوحيد لأن استمرار الصراع المسلح سيؤدي إلى تفكيك السودان، وسنخسر جميعاً بما في ذلك الذين أشعلوا الحرب من أجل العودة للسلطة".

وأضاف أن "دعاة السلام والراغبين في حل الأزمة عبر التفاوض السلمي عددهم أكبر، وهم عموم السودانيين الذين يرغبون في العودة لمنازلهم، فضلاً عن القوى السياسية المدنية صاحبة المصلحة في استقرار البلاد واستعادة المسار المدني"، موضحاً أن "هناك اهتماماً دولياً ومخاوف إقليمية من خطر استمرار الصراع المسلح وتفكيك السودان وما يشكله ذلك من خطر على الإقليم".

ورأى عضو السيادة السوداني السابق أن "تكامل المبادرات في منبر جدة هو الحل الأقرب، ويحظى بدعم كبير ويجد إجماعاً منقطع النظير".

مبادرات ومساع

ومنذ الأسابيع الأولى لنشوب الحرب طرحت قوى دولية وإقليمية ومحلية مبادرات عدة لوقف القتال، من أبرزها المبادرة السعودية - الأميركية التي يطلق عليها "منبر جدة"، ومبادرة الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) و"وثيقة المنامة" و"مبادرة دول جوار السودان" في القاهرة، وكذلك جهود تنسيقية "تقدم" وصولاً إلى الوساطة الليبية - التركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأخفقت كل المساعي والوساطات الإقليمية والدولية المتعددة في وقف الصراع المسلح، وفي المقابل شكل "منبر جدة" المبادرة الأكثر فاعلية بجمع الطرفين المتقاتلين على مائدة المفاوضات والوصول إلى اتفاق مبدئي في شأن القضايا الإنسانية وتخفيف المظاهر العسكرية في الـ11 من مايو (أيار) 2023، لكنها علقت مرتين إثر انسحاب وفد الجيش احتجاجاً على عدم التزام "الدعم السريع" بالانسحاب من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين، ولا تزال معلقة حتى اليوم.

شروط تعجيزية 

من جهته قال المحلل السياسي يوسف سراج إن "الدعوات الإقليمية والدولية إلى طرفي الصراع في البلاد بالجلوس إلى طاولة المفاوضات لا تزال تتجدد، على رغم اكتمال عام من الاقتتال في جبهات عدة، وقد حملت تصريحات مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى السودان توم بيرييلو قدراً من التفاؤل الحذر بتوقعه استئناف المحادثات في شهر أبريل (نيسان) الجاري، لكن الوقائع على الأرض تذهب بعيداً من المساعي الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب والتوافق على اتفاق سياسي".

وأضاف أن "هناك شروطاً تبدو تعجيزية، ومنها تكرار الحديث عن خروج قوات الدعم السريع من الأعيان المدنية والعسكرية، وظلت تقف حجر عثرة في نجاح المبادرات المطروحة".

وأشار سراج إلى أنه "في تقاليد  فض النزاعات والصراع تبقى مسألة التموضع  على الأرض مكتسبات عسكرية يصعب التنازل المجاني عنها، وبالتالي فإن الوضع يحتاج إلى توازن كبير يفضي بداية للتهدئة بوقف إطلاق النار ومن ثم الانتقال إلى المحادثات السياسية والبحث في أصل الأزمة وصولاً إلى الحلول الممكنة".

 

 

ولفت المحلل السياسي إلى أن "الرهان على الحسم العسكري بتفوق طرف على آخر حلم بعيد المنال، وفي الأقل خلال المدى القريب، لذلك تتزايد فرص المفاوضات بمزيد من الضغط على الأطراف المتحاربة".

وواصل القول، "جميع المبادرات تنقصها الفاعلية لوقف الصراع المسلح بصورة فورية، بخاصة بعد أن ظلت دعوة مجلس الأمن إلى وقف العدائيات خلال شهر رمضان حبراً على ورق، ومع عدم اقتراب أية مفاوضات من تحقيق اختراق فعلي يسارع أصحاب الأجندة الحربية، ولا سيما أعضاء نظام الرئيس السابق عمر البشير، إلى خلط الأوراق وإعادة الأوضاع  إلى المربع الأول".

فرص السلام

وعلى الصعيد ذاته يعتقد الباحث السياسي ماهر أبو الجوخ أن "فرص السلام قائمة أكثر من أي وقت، لأن استمرار الحرب لعام كامل مخالف للتقديرات التي سبقت اندلاعها، باعتبار أن المجموعة التي أشعلت الصراع المسلح فعلياً، ممثلة في تنظيم إسلامي وهو حزب المؤتمر الوطني المحلول، كانت تتوقع أن تنتهي المسألة في غضون ساعات أو أيام معدودة، وأن تنحصر في مساحة محدودة، لكنها بعد عام تمددت حتى وصلت إلى 16 ولاية سودانية من أصل 18، وبالتالي فإن هذا التوسع والانتشار يظهر أن الخيار المتاح هو إنهاء الحرب بتحقيق السلام".

 

 

وأضاف، "في تقديري أن ما سيعزز فرص الوصول إلى سلام هو المؤشرات العامة التي ظهرت خلال الأسابيع الماضية، ومنها التصدعات العميقة والعنيفة وسط تيار مساندي الجيش، وانتقال هذا الخلاف لمستوى قادته الأساس ممثلين في القائد العام ونائبه ومساعديه، إذ تبارى الفريق أول شمس الدين كباشي والفريق أول ياسر العطا والفريق بحري إبراهيم جابر في تقديم الإفادات المتناقضة والمتباينة والتصورات حول المستقبل، إذ اتضح أن العطا وجابر يقدمان رؤية هي الأكثر تطابقاً مع خط إسلاميي الحزب المحلول، ولم يقتصر الأمر على القادة العسكريين بل انتقل إلى صفوف قيادات أعضاء نظام الرئيس السابق عمر البشير من خلال التصريحات التي أدلى بها القيادي في الحزب المحلول والنائب السابق إبراهيم غندور، بإقراره ضرورة إنهاء الحرب بالتفاوض".

ويرى أبو الجوخ أن "ربط هذه التناقاضات مع توقف موجة الاندفاع الهجومي للجيش بعد الاستيلاء على مبنى الإذاعة والتلفزيون، ونجاح الدعم السريع في توجيه ضربات موجعة للمتحركات العسكرية للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني في محاور عدة، يوضحان أن سيناريو تحقيق نصر قريب وفق هذه المعطيات يواجه مشكلات وتعقيدات واقعية ستفاقم منها ظروف الطبيعة ببداية فصل الخريف المقبل، والذي سيترتب عليه إحداث صعوبات كبيرة في حركة القوات والمعدات في مناطق المواجهات، ولا سيما وسط السودان وولاية الجزيرة، ولذلك فإذا لم يحقق الجيش أي تقدم قبل حلول موسم الأمطار فمن المؤكد أن الأوضاع داخله ستمضي صوب مزيد من الاحتقان وتقود إلى صراع داخل مكوناته، وفي حال حدوث هذا الأمر من ركام هذه المعادلة المعقدة فإن الرؤية المنادية بإنهاء الحرب ستمدد".

ويختم الباحث السياسي إفاداته بالقول إنه  "حتى بافتراض أن التيار المتشدد المصمم على استمرار الصراع المسلح تمكن من الانتصار في هذه المواجهة الداخلية وحسمها لمصلحته، فمن المؤكد أن تداعياتها ستكون نتيجتها إضعاف هذه المجموعة التي ستجد أن الخيار الأفضل لها هو الوصول إلى تسوية سلام لن تكون بشروطها أو وفقاً لتصوراتها، لكونها ستكون غير قادرة على حسم المعركة لمصلحتها بعد كل هذه التعقيدات والصراعات، وبناء على ذلك فإن فرضية السلام ستكون حاضرة ومن الأفضل تحقيقها في أقرب سانحة وبأقل الخسائر"، مشيراً إلى أن "الحرب في السودان ستنتهي بمفاوضات واتفاق سلام، لكن المؤسف أن يُتوصل إلى هذه النتيجة بعد خسائر باهظة وكبيرة وغير مسبوقة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير