Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الانهيار الصحي" يخلف فصولا مأسوية في السودان

يقدر حجم الخسائر بـ11 مليار دولار بسبب الحرب التي اندلعت في أبريل  2023

مع خروج 90 في المئة من مستشفيات الخرطوم عن الخدمة بات إيجاد علاج أو طبيب حلماً بعيد المنال (أ ف ب)

ملخص

خرجت 70 في المئة من مستشفيات العاصمة الخرطوم عن الخدمة، فضلاً عن تأثر نحو 30 في المئة من المؤسسات الطبية بشكل كلي أو جزئي في الولايات التي شهدت نزاعاً مسلحاً.

على مدى 12 شهراً من الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، تلقى القطاع الصحي في البلاد ضربات موجعة، وخرجت على أثر ذلك 70 في المئة من مستشفيات العاصمة الخرطوم عن الخدمة، فضلاً عن تأثر نحو 30 في المئة من المؤسسات الطبية بشكل كلي أو جزئي في الولايات التي شهدت نزاعاً مسلحاً. 

كما تعرضت المعامل والأجهزة والمعدات للتخريب والتدمير والسلب والنهب، وإزاء هذا الوضع الكارثي اضطرت المنظمات الإنسانية الدولية والوطنية إلى تعليق أعمالها في السودان مما فاقم من الأزمات المتدهورة.

وأدى استمرار المعارك وعدم خفض التصعيد إلى توقف العمل في كثير من المشافي التي وصلت حد الانهيار، مما خلف فصولاً مأسوية أبرزها ما يعانيه المرضى والمصابون العاجزون عن الوصول إلى المراكز الصحية لتلقي العلاج وإجراء الفحوص الطبية، بسبب صعوبة التنقل والوضع الأمني، علاوة على ارتفاع أعداد الوفيات بين المدنيين ومعاناة آلاف يواجهون شبح الموت بسبب انقطاع علاج مرضى الفشل الكلوي والسرطان والسكري، بينما استهلك النزف أرواح آخرين في رحلة البحث عن مشفى.

خسائر وتخريب   

وفي هذا الصدد قال وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم إن "حجم الدمار والتخريب في القطاع الصحي داخل البلاد يقدر بـ11 مليار دولار بسبب الحرب التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023". 

وأشار إلى أن "75 في المئة من المستشفيات البالغة 702 مستشفى منها 540 تابعة للصحة تعمل جزئياً، إذ تعرضت للتخريب وسلب ونهب الأجهزة والمعدات الطبية والشبكات، كما أن هناك بعض المستشفيات في إقليم دارفور ومستشفى مدينة  الحصاحيصا بولاية الجزيرة تدمرت كلياً".

ووجه وزير الصحة السوداني نداء لتأهيل وإعمار 25 في المئة من مستشفيات البلاد، وتشمل المشافي المرجعية الأساس التي تضم تخصصات زرع الكلى والرنين المغناطيسي والأورام".

أزمات الولايات  

في المقابل توقفت كثير من برامج تطعيم الأطفال في الولايات التي امتدت إليها رقعة الحرب، علاوة على التأثير الكبير في جهود التقصي والمتابعة لمختلف الأمراض والأوبئة، وكذلك ارتفعت مستويات سوء التغذية بصورة هائلة خلال الآونة الأخيرة.

 

 

وأعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في تقرير عن الوضع الصحي بإقليم دارفور مطلع الشهر الجاري توقف كل المرافق الطبية التي تتبع التأمين الصحي، عدا مستشفى جبل مرة، فضلاً عن توقف مستشفى الفاشر التعليمي والمستشفى التخصصي للأطفال، وأشارت إلى تعرض مركز غسل الكلى للتخريب والنهب مما أدى إلى خروجه عن الخدمة، كما أن معظم المرافق الطبية تقدم خدمات صحية أولية نسبة لغياب الكوادر، ولا سيما المتخصصة منها، فضلاً عن شح الإمكانات والأدوية وتوقف المستشفيات الريفية عن العمل. 

أوضاع الأطباء

ويعمل الأطباء السودانيون في ظل أوضاع قاسية، حيث تحاصرهم نيران الحرب وتردي بيئة المشافي، فضلاً عن تعرض عدد منهم للقتل أثناء الاشتباكات المسلحة. وبحسب تقرير اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان خلال الفترة من الـ 15 من أبريل (نيسان) 2023 وحتى الـ 17 من مارس (آذار) 2024، فقد توفي 53 من الأطباء والمهن الصحية وطلاب الطب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول الطبيب بمستشفى نيالا التعليمي في ولاية جنوب دارفور معتز العبيد إن "الأطباء يعملون في ظروف غير إنسانية، فقد حرموا رواتبهم ويجابهون أخطاراً أمنية واسعة، وعلى رغم هذه الظروف يواصلون عملهم بتفان تقديراً لظروف المرضى". 

ولفت إلى أن "هناك ترد مريع في بيئة العمل، إذ تنعدم الاستراحات المهيئة والوجبات، فضلاً عن انقطاع الكهرباء والمياه وتوقف خدمة ترحيل الكوادر الطبية".

وأوضح العبيد أن "الأطباء في الولايات الآمنة التي لم تطلها الحرب أفضل حالاً من زملائهم الذين لا يزالون يعملون في خط النار داخل مناطق النزاع، وسط أخطار القصف وإطلاق الرصاص العشوائي ويواجهون شبح الموت".

معاناة المرضى  

ويعيش المرضى في السودان واقعاً مؤلماً مع استمرار المعارك التي تسببت في إخلاء مستشفى "الذرة" لعلاج الأورام من الكوادر الطبية، نظراً إلى وقوعه تحت مرمى نيران الطرفين المتقاتلين قرب القيادة العامة للجيش.

وفي سياق متصل يقول عبدالله صالح الذي يتلقى العلاج في مدينة بورتسودان شرق البلاد إن "الأدوية الكيماوية الضرورية لعلاج السرطان نفدت تماماً، وحتى المتوافرة في الصيدليات على قلتها ارتفعت أسعارها بصورة خيالية، والمواطن لا يستطيع تحمل كل هذه المصروفات"، مضيفاً أنه تلقى أربع جلسات علاج بالأشعة من أصل 15 جلسة كانت مقررة في أحد المراكز بولاية الجزيرة جنوب الخرطوم قبل أن يتوقف عن العمل بسبب اجتياح قوات "الدعم السريع" للإقليم.

 

 

من جهته أشار حمدان حسن إلى أنه "تنقل في ثلاث مدن حتى يحصل على خدمة صحية، وتمكن بعد جهود مضنية من بدء جلسات غسل الكلى في مدينة كسلا شرق السودان". 

وأوضح أن "عدم الانتظام في عمليات الغسل والعلاج المستمر سبب له مشكلات صحية، ومنها ضعف عضلة القلب وفقر الدم".

ونبه حسن إلى أن "مرضى الكلى يعيشون أوضاعاً صعبة ومأسوية، وفي حال لم يتمكنوا من تلقي العلاج اللازم على وجه السرعة فسيفقد كثر حياتهم نتيجة الظروف الحالية التي تعانيها البلاد".

مستشفيات الأمراض النفسية

مستشفيات الأمراض النفسية على قلتها أصيبت في مقتل، إذ تعرض أكثر من واحد للتخريب مثلما حدث لمستشفى التيجاني الماحي في مدينة أم درمان ومشفى طه بعشر بمدينة بحري. 

وخلال الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" أخلي مستشفى التيجاني الماحي المعروف شعبياً لدى السودانيين بمستشفى المجانين بالقوة من جميع المرضى الذين كانوا يباشرون علاجهم داخله، وتعرض للسلب والنهب والتخريب من المجموعات المسلحة.

وتقول المدير العامة للمستشفى مهجة محمد إبراهيم إن "دماراً كبيراً أصاب هذا الصرح العملاق الذي يقصده المرضى من جميع أنحاء السودان للعلاج، ويدرب الأطباء وطلاب الطب والتمريض وعلم النفس والاجتماع وغيرهم".

ندرة الدواء

ولم تسلم المعامل الطبية وبنوك الدم والصيدليات ومراكز الإمداد الدوائي من القصف العشوائي وعمليات السلب والنهب والتخريب، مما تسبب في ندرة وشح الأدوية، بما فيها المنقذة للحياة.

ويوضح عضو تجمع الصيادلة السابق بهاء الطاهر أن "الحرب تسببت في تفاقم الوضع الصحي بصورة عامة والدوائي بخاصة، ولا سيما بعد استهداف المؤسسات الصحية والصيدلانية من قوات ’الدعم السريع‘ في الخرطوم، المركز الرئيس للإمداد في البلاد، لوجود معظم الشركات والمصانع والمخازن التابعة للصندوق القومي للإمدادات الطبية في العاصمة".

وأضاف الطاهر، "تعرضت 41 شركة دوائية للنهب والإتلاف، وكذلك 12 مصنعاً تمثل قرابة 50 في المئة من المصانع الدوائية، فضلاً عن استحالة تواصل الإنتاج والعمل في البقية".

تجاوز التحديات 

من جهته اعتبر المدير العام للصندوق القومي للإمدادات الطبية بدرالدين الجزولي أن "الصندوق نجح في تجاوز كثير من التحديات خلال الفترة الماضية، ولكن لا  تزال هناك تحديات ماثلة تحتاج إلى مزيد من التعاون والتنسيق بين الشركاء".

وأعلن رصد وزارة المالية موازنات من أجل شراء الأدوية المنقذة للحياة ومستهلكات الغسل الدموي، علاوة على المنح من الدول الشقيقة والمنظمات، كما أكد الجزولي سعيهم إلى توفير أدوية ومستهلكات غسل الكلى والسرطان والعمل على توفير العلاج المجاني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير