Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جواز السفر الدبلوماسي "ملك الجوازات"... فهل تحول "إكرامية" في لبنان؟

على رغم أن القانون اللبناني حدد بوضوح الأشخاص الذين يحق لهم الحصول عليه، تكثر التجاوزات في إعطائه حتى بات في كثير من الأحيان وسيلة للرشوة

يحدد المرسوم رقم 4780 في لبنان من يحق له الحصول على جواز سفر دبلوماسي (ا ف ب)

ملخص

إذا كانت الشخصيات المخولة الحصول على جواز سفر دبلوماسي معروفة ومحددة في القانون في مختلف دول العالم، وذلك بهدف تسهيل مهامهم خارج البلاد، ماذا عن جوازات السفر التي قد تعطى لشخصيات أخرى عن غير حق؟

من الممكن أن تختلف الصلاحيات والميزات التي يتمتع بها حامل جواز السفر الدبلوماسي بين بلد وآخر إلى حد ما، لكن بشكل عام، منها ما هو مشترك لكافة حاملي جواز السفر هذا أياً كانت الدولة التي ينتمون إليها، بموجب الاتفاقيات الدولية التي تنص على ذلك. ففي كافة الدول، يسهم جواز السفر في تسهيل مهام حامله خارج البلاد بالاستناد إلى الأعراف والاتفاقيات الدولية والبروتوكولات التي يُعمل بها في العالم. جواز السفر هذا تطغى أهميته المعنوية على تلك المادية يُعطى حصراً للدبلوماسيين ولشخصيات تضطلع بمهمات تصب في مصلحة الدولة اللبنانية. لكن يُطرح السؤال حول ما إذا كان هذا النوع من الجوازات قد يُعطى أيضاً لأشخاص آخرين على أساس المحسوبيات وبطريقة عشوائية، كما درجت العادة في لبنان؟

في عهدة وزارة الخارجية اللبنانية

تتحدد الإجراءات والضوابط المرتبطة بالعمل الدبلوماسي بين الدول بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، كما تظهر الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثة الدبلوماسية والحصانة الدبلوماسية. ومن ضمنها تحديد الميزات الخاصة بالدبلوماسيين الحائزين على جواز سفر دبلوماسي، مع الميزات التي يتمتعون بها في سائر الدول التي يتواجدون فيها والحصانات التي لهم. في المقابل، لا تنص اتفاقية فيينا على جواز السفر الخاص، وإن كانت تنص على ذاك الدبلوماسي. أما في لبنان، ووفق القانون، فإن لوزير الخارجية اللبناني حصراً حق منح جوازات السفر الدبلوماسية، والخاصة، وتلك التي للخدمة، أو يمكن أن يفعل ذلك من يكلفه التوقيع بالنيابة عنه وهو غالباً مدير الشؤون السياسية والقنصلية. علماً أن المدير العام للأمن العام اللبناني يوقع بقية الجوازات.

ينص المرسوم رقم 4780 المتعلق بإعطاء وتجديد جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة في لبنان بوضوح على أن جواز السفر الدبلوماسي يعطى لرئيس الجمهورية، ورؤوساء الجمهورية السابقين، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة، والوزراء، وحاكم مصرف لبنان، والرئيس الديني الأعلى لكل طائفة معترف بها رسمياً، والرؤساء السابقين لمجلس النواب ومجلس الوزراء، ووزراء الخارجية السابقين، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، وأعضاء الهيئتين الدبلوماسية والقنصلية، وأعضاء الهيئة الدبلوماسية السابقين من الفئة الأولى، وقائد الجيش، والملحقين الفنيين بالبعثات الدبلوماسية في الخارج، وزوجات الأشخاص المذكورين وأولادهم وبناتهم العازبات، إضافة إلى مندوبي لبنان في المؤتمرات الدولية وزوجاتهم إذا كن مرافقات لهم، وممثلي رئيس الجمهورية، وموظفي الدولة من الفئة الأولى الموفدين بمهمة رسمية، والموظفين المولجين نقل الحقيبة الدبلوماسية، ومديري المكاتب السياحية في الخارج التابعين للمجلس الوطني لإنماء السياحة إذا كانوا يعملون بإشراف البعثات الدبلوماسية.

وفق ما يوضحه السفير السابق للبنان في واشنطن رياض طبارة فإن جواز السفر الدبلوماسي في لبنان يعطى للدبلوماسيين غير المحليين في السفارة وفق القانون، إضافة إلى السفراء المعينين من خارج الملاك الرسمي لوزارة الخارجية، فيحصلون عليه أثناء الخدمة وبعد التقاعد. لكن لا يحق للموظفين أو العاملين المحليين في الدولة الحصول على جواز السفر الدبلوماسي.

فالقانون واضح ولا مجال للمراوغة بهذا الشأن، مستبعداً أن يكون من الممكن أن يعطى جواز السفر الدبلوماسي على أساس محسوبيات لأن هذا يؤدي إلى انعدام الثقة من قبل الدول المضيفة، فيما ثمة مرونة أكبر في إعطاء جواز السفر الخاص لشخصيات أخرى. ويوضح أن الدبلوماسي لا يفقد جواز السفر هذا مع انتهاء مهامه، بل يحافظ عليه طوال حياته وهو الوحيد الذي لا تنتهي صلاحيته مع انتهاء مهام حامله لاعتباره "ملك الجوازات". وفي الوقت نفسه، يُمنع منحه بطريقة عشوائية نظراً للحصانات والامتيازات التي يحصل عليها حامله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ميزات في الدولة المضيفة

ما يميز جواز السفر الدبلوماسي أنه يسهل على حامله الحصول على تأشيرة دخول إلى الدول التي تتطلب ذلك، ويسهم في تسريع هذه العملية. فهو لا يعفي من تأشيرة الدخول بالكامل من كافة الدول كما يعتقد البعض، بل من دول محددة فقط. ويمكن بفضله أحياناً الحصول على تأشيرة الدخول من المطار بدلاً من التقدم بطلب للحصول عليها مسبقاً.  كما أن جواز السفر الدبلوماسي يسهل لحامله المعاملات في المطارات عند السفر لاعتبار أن هوية صاحبه معروفة وتحظى بالاحترام، فلا تُفتَش حقائبه مثلاً، ويفتح له صالون الشرف. "إلا أن هذه التسهيلات والميزات لا يلزم بها القانون، بل تتبناها الدول احتراماً لشخص الدبلوماسي وجواز السفر الذي يحمله. هي بمثابة توافق يمكن للدول التي يزورها الدبلوماسي أن تلتزم بها أو لا تفعل. في المقابل، من المفترض بالدولة المضيفة أن تعمل على تسهيل تنقلات وإقامة حامل جواز السفر الدبلوماسي، وإن كانت الدول كافة قد لا تحترم هذه الشروط. مع الإشارة إلى أن التخلّف عن احترام هذه الميزات ينطبق على الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأميركية التي يمكن ألا تلتزم بتطبيق كافة الشروط، وإن كانت هذه من حقوق حامل جواز السفر الدبلوماسي".

من الميزات الأساسية التي يحظى بها حامل جواز السفر الدبلوماسي، الحصانة الدبلوماسية بحيث لا يحق للدولة التي يزورها أن تعتقله بسبب جريمة، أو جنحة، أو مخالفة سير حين يقوم بها، أياً كان نوعها، إلا بإذن من دولته. لكن في كل الحالات، يشير طبارة إلى اتفاقية فيينا التي وقعت عليها كافة الدول، وهي تتضمن هذه الميزات والصلاحيات، ومن المفترض بها احترامها. حتى أن التعرض للبعثة الدبلوماسية بشكل عام مسألة تناولتها كل الاتفاقيات والقانون الدولي يصونها أيضاً.

معيار أساسي لقوة جواز السفر

من الطبيعي أن تكون هناك نقاط اختلاف بين جواز السفر الدبلوماسي اللبناني وأي جواز سفر دبلوماسي آخر، وإن كانت النقاط الأساسية مشتركة بينها. إلا أن هذا الاختلاف موجود كما يمكن أن يختلف جواز السفر العادي اللبناني عن جوازات السفر الباقية. على سبيل المثال، يعتبر جواز السفر الياباني الأقوى لاعتبار أن معيار قوة جواز السفر في عدد الدول التي يمكن أن يدخلها حامله من دون تأشيرة دخول. فيمكن لحامل جواز السفر اللبناني الدخول إلى نحو 38 دولة من دون فيزا، فيما يمكن لحامل جواز السفر الياباني الدخول إلى نحو 130 دولة وهذا هو المقياس الأساسي. أما عدد الدول التي يمكن الدخول إليها من دون فيزا مع جواز السفر الأوروبي فهي قرابة 100. أما جواز السفر الدبلوماسي، فلا يخول حامله دخول كافة الدول من دون تأشيرة دخول في ما عدا البلدان التي يرتبط بها لبنان باتفاقية إعفاء وعددها لا يتخطى 52 دولة.

بين جواز السفر الدبلوماسي وذاك الخاص

يحرص طبارة على التمييز بوضوح بين جواز السفر الدبلوماسي وجواز السفر الخاص الذي يمكن أن يعطى لشخصيات معينة بقرار من وزارة الخارجية. على سبيل المثال، أعطاه أخيراً وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال إلى ملكة جمال لبنان ياسمينا زيتون لاعتبارها سفيرة للبنان إلى العالم، وذلك في أول زيارة رسمية لها لدى عودتها إلى لبنان، وبعد تتويجها كملكة جمال آسيا وأوقيانا وحصولها على لقب وصيفة أولى لملكة جمال الكون. وقد منح ملكة جمال لبنان جواز السفر هذا صفة رسمية. وهو يخولها تسهيل معاملات التأشيرات عند السفر، ويمكنها الحصول عليها مجاناً. كما يسهل عليها المعاملات داخل المطار بتوصية من وزارة الخارجية، إضافة إلى أن صالون الشرف مفتوح لها في المطار. علماً أنها أول ملكة جمال لبنانية تحصل على جواز سفر خاص.

محسوبيات في جواز السفر

إذا كانت الشخصيات المخولة الحصول على جواز سفر دبلوماسي معروفة ومحددة في القانون في مختلف دول العالم، وذلك بهدف تسهيل مهامهم خارج البلاد، ماذا عن جوازات السفر التي قد تعطى لشخصيات أخرى عن غير حق؟

وخير مثال على أن جواز السفر الدبلوماسي قد يوزع أحياناً بطريقة عشوائية، لسبب أو لآخر، لأشخاص غير مخولين الحصول عليه، ما أكده لـ "اندبندنت عربية" مصدر في وزارة الخارجية اللبنانية بالقول إنه على رغم أن القانون قد حدد بوضوح الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على جواز السفر هذا، تكثر التجاوزات ويوزّع أحياناً على اعتبار أنه "إكرامية" للبعض، وإن لم يكن حقاً لهم.

ففي إحدى الحالات مثلاً، أعطي جواز السفر للخطيب، فيما ينص القانون على أن الزوج وحده يحصل على الجواز. كما أعطي في حالة أخرى إلى مدير عام سابق، وأيضاً أعطي لأحد مستشاري الوزير من جهة سياسية معينة، ما يقلل حكماً من شأن جواز السفر الدبلوماسي ومن احترام الدول المضيفة له وللبلاد. حتى أنه عندما تم تحريك الملف، كان الرد بأن المنح أتى تنفيذاً لأوامر سلطة أعلى في الوزارة. ويشير المصدر عينه إلى أن جواز السفر الدبلوماسي أعطي مراراً لأشخاص مخولين الحصول على جواز سفر خاص فقط، وذلك من دون حسيب أو رقيب. كما أعطي في حالات عديدة لأشخاص غير مستحقين أصلاً لجواز سفر خاص. إضافة إلى ذلك، حصلت تجاوزات مع بعض القناصل الفخريين والقضاة، حيث أعطي جواز السفر على سبيل الرشوة أو لتصريف نفوذ أو كهدية. علماً أن هذه التجاوزات زادت عن حدها بشكل خاص في عهد أحد وزارء الخارجية السابقين.   

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير