Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سود بريطانيا ينتظرون ضعف وقت نظرائهم البيض لتشخيص إصابتهم بالسرطان

حصري: في حديث لـ"اندبندنت"، يحذر اثنان من المرضى من تراكم العوامل الخطرة التي تسهم في إحداث تفاوتات عرقية في علاج السرطان بالمملكة المتحدة، مثل الرعاية الطبية غير الفعالة ونقص الثقة في النظام الصحي وضعف المشاركة في التجارب السريرية

التشخيص والعلاج الفوري ينقذان الأرواح، ومع ذلك لم يفحص الأشخاص من الأقليات العرقية بالسرعة الكافية (رويترز)

ملخص

تعاني الأقليات العرقية في بريطانيا من تجارب سلبية لجهة رعاية مرضى السرطان، كما لجهة المعرفة المحدودة بالأمراض، ونقص الوعي بخدمات الدعم، وجميع هذه العوامل تتسبب في تأخير معدلات التشخيص اللاحقة

كشفت دراسة جديدة مثيرة للصدمة أجريت في المملكة المتحدة، أن الأفراد من الخلفيتين الأفريقية والآسيوية الذين يلاحظون وجود أعراض السرطان لديهم، يواجهون تأخيراً في التشخيص بالمرض يقدر بضعف الوقت اللازم، وذلك مقارنة مع نظرائهم البيض.

ويظهر بحث - أجرته مؤسسة "بريستول مايرز سكويب"  Bristol Myers Squibb (BMS) (وهي شركة صيدلانية متخصصة في تطوير الأدوية المرتبطة بالأمراض الخطرة) وجمعية "شاين لدعم مرضى السرطان"  Shine Cancer Support (منظمة خيرية تعنى بمساعدة نحو 370 ألف شاب مصاب بالسرطان) - أن الأفراد من خلفية الأقليات العرقية، يواجهون في العادة متوسط تأخير يمتد لنحو سنة، بين ملاحظة أول أعراض المرض وتلقيهم تشخيصاً بأنهم مصابون بالسرطان.

وتتحدث هذه المجموعات عن مواجهتها تجارب سلبية لجهة رعاية مرضى السرطان أكثر من الأشخاص البيض، كما لجهة المعرفة المحدودة بالأمراض، ونقص الوعي بخدمات الدعم، وجميع هذه العوامل تتسبب في تأخير معدلات التشخيص اللاحقة.

كينوين جايلز، الرئيس التنفيذي المشارك لمؤسسة "شاين لدعم مرضى السرطان"، قالت: إن "الكشف هذا العام عن انخفاض معدلات النجاة من السرطان في المملكة المتحدة مقارنة بالدول المماثلة يتركني حزينة، ولكن غير متفاجئة من العقبات الإضافية التي تؤخر تشخيص الأشخاص من مجموعات الأقليات العرقية".

وأضافت: "بينما ندرك أن الكشف المبكر عن السرطان من شأنه أن ينقذ أرواحاً، إلا أن الانتظار لمدة عام بالنسبة إلى بعض الأفراد يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى بذل جهود تعاون بين القيادات الصحية في المملكة المتحدة، ومجموعات الدفاع عن حقوق هؤلاء، وقطاع الأدوية".

ويؤكد تقرير داعم للحملة وهو بعنوان "ألف صوت، وليس صوتاً واحداً" 1,000 voices, not 1، على عدد من النتائج الصارخة التي توصلت إليها دراسة استقصائية أجريت على أكثر من ألف شخص مصاب بالسرطان في مختلف أنحاء المملكة المتحدة.

وتشير البيانات إلى أن الأفراد من المجموعات العرقية كانوا، إما أكثر ميلاً إلى أن يعزو الأعراض لديهم إلى حالات صحية أخرى (51 في المئة في مقابل 31 في المئة)، أو كانوا أقل احتمالاً لأخذ تلك الأعراض على محمل الجد (34 في المئة في مقابل 21 في المئة)، وذلك مقارنة مع الأشخاص البيض.

وتبين إضافة إلى ذلك، أنهم كانوا أكثر عرضة لمواجهة صعوبات في استشارة طبيب عام، مقارنة بنظرائهم البيض، سواء من حيث تأمين موعد (25 في المئة في مقابل 16 في المئة) - غالباً ما يرجع ذلك إلى أوقات انتظار طويلة، وإلى محدودية الفترات المتاحة - أو من حيث القدرة على تخصيص الوقت للحضور إلى الموعد بسبب موجبات العمل (18 في المئة في مقابل أربعة في المئة).

ووفقاً للدراسة، فإن نسبة أكبر من الأفراد من مجموعات الأقليات العرقية، يشعرون بقلق في ما يتعلق بإهدار وقت "الخدمات الصحية الوطنية" (أن إتش أس) NHS ومواردها (52 في المئة في مقابل 42 في المئة)، ولا يريدون أن ينظر إليهم على أنهم يتسببون في إضاعة وقت طبيبهم العام (32 في المئة في مقابل 18 في المئة) مقارنة بالأفراد البيض.

في المقابل، قد يؤدي التأخير بين تشخيص الإصابة بالسرطان وعلاجه، إلى زيادة خطر وفاة المرضى بنسبة 10 في المئة.

سيميون غرين البالغ من العمر الآن 60 سنة، كان جرى تشخيصه بسرطان البروستات في عام 2015، وذلك بعد مرور أكثر من سنة على ظهور الأعراض لديه في البداية.

وفي الوقت نفسه، كان غرين يخوض معركة قانونية ضد ترحيله، بعدما علق وسط فضيحة "ويندراش"  Windrush (أفراد كانوا ضمن مجموعات مهاجرين أتوا من دول أفريقية وكاريبية إلى بريطانيا على متن سفينة تحمل الاسم نفسه، تعرضوا للاحتجاز والحرمان من حقوق أساسية، وتم ترحيلهم على رغم امتلاكهم الحق في المكوث بصورة شرعية في المملكة المتحدة)، واتهم بعدم حيازته للوثائق المناسبة.

غياب الأهلية الكاملة لسيميون غرين - الذي يقيم في مدينة ولفرهامبتون في إنجلترا - للعيش والحصول على علاج مجاني في المملكة المتحدة، أدت إلى عدم تمكنه من المطالبة بمساعدات الدعم، واضطراره إلى إنفاق نحو 42 ألف جنيه استرليني (53 ألف دولار أميركي) على علاج نفسه من السرطان.

غرين كذلك كان يدعم شريكته التي شخصت إصابتها بسرطان الثدي قبل نحو ستة أشهر. اضطر الثنائي في نهاية الأمر إلى بيع ممتلكاتهما من أجل تأمين مسكن يؤويهما.

السيد غرين الذي لا يزال ينتظر التعويض عليه من وزارة الداخلية البريطاني رأى في حديث مع "اندبندنت"، أن "الرجال السود أكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان البروستاتا في سن أصغر، ومع ذلك يتم تجاهل هذه الأخطار في كثير من الأحيان من المتخصصين في الرعاية الصحية، مما يؤدي إلى مزيد من الوفيات".

وأردف قائلاً: "عندما تلقيت تشخيص إصابتي بالمرض، وجدت نفسي أخطط لجنازتي، لأنني كنت مقتنعاً بأنني لن أتمكن من البقاء على قيد الحياة. وإلى جانب هذا الصراع، كنت أعيش في خوف دائم في كل مرة كان يطرق فيها بابي - أصبح ذلك جزءاً من حياتي اليومية - كنت أشعر بقلق من أن تأتي وزارة الداخلية لتأخذني إلى مركز احتجاز بغية ترحيلي عن البلاد. واستمر هذا الكابوس لمدة 9 أعوام ويوم واحد. وذات مرة، جلست في غرفة معيشتي فيما كنت أحمل أدويتي، وكدت أن أضع حداً لحياتي".

ويضيف السيد غرين الذي يقود مجموعة دعم للرجال السود الآخرين المتأثرين بداء السرطان: "في وقت نرى فيه حملات تقوم بها مرافق ’الخدمات الصحية الوطنية‘ لعلاج سرطان البروستات وتأثيره في الرجال بشكل عام، فإن الخطر المتزايد الذي يواجهه الرجال السود، لا يتم تسليط الضوء عليه في كثير من الأحيان".

ومضى يقول: "هناك مشكلة أخرى تتمثل في انعدام الثقة في الأطباء داخل مجتمعاتنا، إلى جانب عدم دعوة الرجال السود إلى المشاركة في التجارب السريرية".

هذه الدراسة تتزامن مع إطلاق حملة جديدة بعنوان "السرطان يساوي بين الجميع"  Cancer Equals، تهدف إلى "فهم المشكلة، ومعالجة الأسباب المحتملة لعدم المساواة والتفاوتات في تجارب البريطانيين مع السرطان".

ويشير البحث إلى أن التأخير في التشخيص يمكن أن ينبع من عوامل مختلفة، بما في ذلك صعوبات الوصول إلى الخدمات، وتجاهل ممارسي الرعاية الصحية لأعراض المرضى، ومحدودية الوعي بأعراض السرطان.

بريشوس، امرأة بريطانية من أصول نيجيرية تبلغ من العمر 45 سنة وتقيم في شمال لندن، يمكنها أن تشهد شخصياً على قلة الوعي بأعراض السرطان، والحالات التي تجاهل فيها الأطباء علامات التحذير.

تم تشخيص حالة بريشوس في قسم "الحوادث والطوارئ" A&E  بعدما فقدت وعيها وسقطت في إحدى محطات القطارات، علماً أنها قامت بزيارات عدة للطبيبة العامة، وكانت أعراضها تعزى إلى الإجهاد.

 

وتقول: "لقد عانيت مختلف الأعراض لمدة أربعة أشهر، وتوجهت إلى طبيبتي العامة مراتٍ عدة، وكانت تنسب الأعراض إلى التوتر ووصفت لي أدوية. لذلك لم أتخيل أبداً سماع أن السرطان سيكون هو التشخيص".

قبل تشخيص إصابتها بـ"سرطان الدم النخاعي"  Myeloid Leukaemia المزمن في عمر 33 سنة، لم يكن لدى بريشوس سوى قليل من المعرفة عن هذا المرض وأعراضه. كان موضوعاً نادراً ما تتم مناقشته في عائلتها وكان ينظر إليه على أنه "مخز".

وتقول موضحة: "في ثقافتي، هناك اعتقاد بأن المرض هو نتيجة خطأ ارتكبه فرد، أو عقاب من الله لعدم عيش حياة صالحة. وصارحت "اندبندنت" بالقول: "حتى أن أحدهم ربط السبب بأنني لم أدفع العشر في الكنسية (ممارسة يقوم فيها المؤمنون بالتبرع بعشر دخلهم، لدعم الكنيسة).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 بعد فترة قصيرة من تشخيص إصابة بريشوس بالسرطان، فوجئت بقول إحدى مساعدات الرعاية لها إن المرض ربما يكون ناجماً عن شخص يمارس السحر الأسود عليها.

وأوضحت قائلة: "في إحدى المرات، عندما كنت في المستشفى أعاني آلاماً شديدة في البطن، أرسلوني لإجراء أشعة سينية".

وتابعت: "قامت بمرافقتي إلى غرفة الأشعة امرأة نيجيرية، وهي مساعدة رعاية كانت علمت بأنني عدت أخيراً من رحلة لنيجيريا. وقالت لي: في بعض الأحيان إذا سرقت أموال شخص ما أو أرضاً أو زوجاً، فيمكنهم أن يلقوا عليك بـ’أوبيه‘ Obeah (المصطلح في الطقوس الشعبية في غرب أفريقيا يرتبط بأشكال مختلفة من السحر الشعبي والشعوذة)، وبغض النظر عن أي جزء من العالم تكونين فيه، فسصيبك".

وأضافت بريشوس: "إذا كان لديك عدد من الأشخاص ومجموعة من الناس تفكر بهذه الطريقة (يعزون المرض إلى أسباب خارقة للطبيعة والشعوذة)، فلا توجد أية طريقة تجعلك ترغبين في إشراك أحد بموضوع السرطان الذي تعانينه".

يقوم كل من السيد غرين والسيدة بريشوس في الوقت الراهن بدعم أفراد شخصوا بإصابتهم بداء السرطان، ويعملان على رفع مستوى الوعي بانتشار المرض.

وتبدي بريشوس شغفاً بمشاركة قصتها لتمكين أفراد آخرين - ولا سيما منهم أولئك الذين ينتمون إلى ثقافات لا تتم فيها مناقشة مرض السرطان بشكل مباشر - وذلك ليشعروا بالدعم والتشجيع، ويبادروا إلى طلب المساعدة التي يحتاجون إليها.

وتختم بالقول: "إذا كان بإمكاني مساعدة شخص واحد في الأقل، فإن الأمر يستحق العناء".

© The Independent

المزيد من تقارير