Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زلة لسان المشاهير... هفوة بحجم فضيحة

بعضها كاد يتسبب في أزمات دبلوماسية وأخرى ورطت أصحابها وفضحت نياتهم ونجوم "الهفوات" المتعددة يخسرون مهنياً وجماهيرياً وعائلياً

ملخص

في عصر الإنترنت، بات من الصعب أن يغفر الجمهور للمشاهير هفواتهم وزلات لسانهم، لا سيما أولئك الذين يقعون في الخطأ مراراً، فمتى يتقبل الجمهور ارتباك المشاهير اللفظي؟

يتعامل كثر مع زلات اللسان على أنها حالة ينطبق عليها المعنى الشهير أن ما يعتمل في القلب يقوله اللسان، بالتالي فهي قد تمر ظاهرياً، لكن يبقى أثرها في النفوس، فالفكرة مستوحاة من المثل الشعبي الشائع "اللي في قلبه على لسانه"، والأمثال عادة هي بالنسبة إلى كثير من القطاعات ذات صدقية عالية.

لكن، ماذا إن كان الأمر في ظرف معين يتعلق بخيانة مفاجئة للغة فحسب، فلا تسعف الذاكرة شخصاً ما في موقف ما، ومن ثم تخرج الكلمات لتثير الاستياء والحيرة وربما البغض. من الظالم هنا: اللغة التي ترجمت الأفكار دون أن تمررها على مرشح الأعراف والتقاليد والقواعد، أم صاحبها الذي يدعي أنه غرر به، ولم يكن يقصد، وأنه مجرد ضحية لفلتة لسان وأنه حسن النية؟

تأثيرات زلات اللسان تتوسع، لا سيما في عصر منصات السوشيال ميديا، والخسائر تراوح ما بين السمعة، والمال، وعروض العمل، أو العلاقات الشخصية، أو حتى العلاقات على مستوى الدول والمؤسسات الكبرى، فأرشيف الزلات عبر الإنترنت محفوظ، ولا يمكن محوه.

غير أن البعض قد ينجح في تجاوزه، سواء بطريقة التعامل مع السقطة، أو بعدم تكرارها، أو بالنجاح في تجاوزها بالتجاهل، فيما آخرون يغرقون في بحر من الزلات، وكأنهم غير مؤهلين تماماً للحديث على الملأ أو الارتجال. من هنا باتت قائمة معروفة من المشاهير فريسة لهذا النوع من السقطات في مجالات عدة، فمتى يغفر الجمهور؟ ومتى تتحول الزلة إلى لعنة تطارد قائلها، وتسرق منه حياته، وتجعله أسيراً لها تطارده تداعياتها، بل وتضع بصماتها على كل خطواته المستقبلية، فلا يتمكن من الفكاك؟

مشاعر مكبوتة تخرج للعلن

من باب التسلية يتصيد الجمهور أخطاء المشاهير في مختلف المجالات، ويستدعونها من وقت إلى آخر وكأنها وشم علق بحياة قائلها مدى الحياة، وتصبح مصدراً للضحك والتندر في أوقات كثيرة، حتى لو كانت تلك الهفوة سبباً في الإحراج الشديد لمن جاءت على لسانه.

اللاعب الغاني محمد أنس لا يزال المتابعون يسترجعون زل لسانه الشهيرة على الهواء مباشرة قبل سبع سنوات، حينما اختير أفضل لاعب ضمن مباريات الدوري الجنوب أفريقي. في أثناء حديثه أمام الكاميرات، شكر أنس أفراد عائلته، ومن بينهم زوجته، وكذلك حبيبته وصديقته السرية على ما يبدو، إذ تفوه بالعبارة بصورة تلقائية ودون قصد، وهو نفسه صدم مما قاله، وحاول تدارك الموقف والاعتذار، لكن بعد فوات الأوان.

 

لا يزال فيديو اللاعب الغاني من الأكثر تداولاً عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ويعاد نشره من قبل الجمهور بين وقت وآخر، باعتبار أن اللاعب فضح نفسه، وكشف عن خيانته لزوجته بسبب عدم تركيزه وسط الأجواء الحماسية التي أعقبت المباراة.

ما يسمى "الزلة الفرودية" نسبة إلى مؤسس علم التحليل النفسي النمسوي سيغموند فرويد (6 مايو/ أيار 1856 – 3 سبتمبر/ أيلول 1939) يقصد بها أن العقل الباطن يترجم أفكاره على الفور في هيئة عبارات وألفاظ تفضح نيات الشخص السرية، وهو يسمى اختصاراً أيضاً "الاضطراب الكلامي".

هذا التفسير الشائع لزلات اللسان حينما يتعلق بالسياسة على سبيل المثال يبدو وكأن المسؤولين يكشفون عن أجنداتهم السرية، ومواقفهم الحقيقية من دون تجميل مهما حاولوا مداراتها، وما قاله رئيس الوزراء السويدي أولف كريستيرسون قبل أشهر حينما أكد أن بلاده مع دول الاتحاد الأوروبي يقفون بثبات مع إسرائيل في "الإبادة الجماعية"، التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني، وعلى رغم محاولاته إصلاح الموقف، ظلت العبارة ترن في الأجواء، فإسرائيل منذ شنها الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهي تحاول إقناع العالم بأنها لا ترتكب تطهيراً أو إبادة، بل على العكس تعد نفسها ضحية، بالتالي كان الأمر صادماً حينما لصق بها أحد حلفائها هذا الوصف حتى لو على سبيل الزلة.

 

الأمر ذاته تكرر مع سفير إسرائيل لدى أستراليا أمير ميمون، إذ قال إنه وشعبه "ليسوا ضحايا في هذه الحرب"، ثم حاول كذلك التراجع وتغيير كلامه، لكن دون جدوى، وفي سياق مشابه علق الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن على الحرب الروسية على أوكرانيا، واختلط عليه الكلام، فاستبدل بأوكرانيا العراق ليذكر الجمهور على غير رغبة منه بقرار غزو العراق عام 2003، وهي الحرب التي كثيراً ما انتقدت إدارته بسببها، وشكك المحللون في دوافعها، فظهر بوش وكأنه يشبه نفسه بفلاديمير بوتين بدلاً من أن ينتقد قراره بالحرب.

المؤكد أن خطايا السياسيين اللفظية هي الأكثر قسوة وإحراجاً وإثارة للأزمات، فهي تمثل ورطة للزعيم وللدولة نفسها، وبالطبع على المستوى الدبلوماسي، فإلى أي مدى يمكن أن تؤثر الزلات في العلاقات بين الدول؟ وهل يمكن اتخاذ قرارات مفصلية بناءً عليها؟

من يدفع ثمن زلات رجال السياسة؟

ترى المتخصصة في العلاقات الدولية إيمان زهران أن التأثيرات الأكبر لزلات اللسان في مجال السياسة "كانت على أشدها في فترات سابقة، مثل الحرب العالمية الثانية أو الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، لكن في الوقت الحالي باتت أقل تأثيراً".

وتشير زهران إلى أن "تبعاتها (الزلات) الآن قد تكون معدومة فقد ينتج منها مثلاً فتور جزئي في العلاقات بين دولتين"، مشددة على أن العلاقات بين الدول "لا تحددها الهفوات الكلامية، إنما الاتفاقات الاقتصادية والتوافق السياسي المشترك، كما أن عالم صناعة القرار ليس مرهوناً بمثل تلك المواقف"، مؤكدة أن غالب المسؤولين "لا يتوقفون عندها كثيراً، لا سيما في الظروف الطبيعية"، لافتة أيضاً إلى أن هذا النوع من الهفوات "قد يكون فرصة بالنسبة للدول لقياس موقف ما، أو إعادة تعبئة الرأي العام لتحقيق هدف معين، أي إنها تتحول إلى بالونة اختبار".

عديدة هي المواقف التي لم تسعف فيها اللغة ولا المفردات كبار السياسيين، بالتالي وجدوا أنفسهم في مواقف لا يحسدون عليها، فبدلاً من أن يظهر خطابهم منمقاً ودبلوماسياً ومحكماً، قفزت عبارة واحدة غير مخطط لها لتقلب الأمور، وتكون الخسائر في أقل تقدير هي الإحراج. وفقاً لتقرير أوردته صحيفة "تليغراف" فإن هناك أكثر من هفوة كلامية لزعماء السياسة جعلت مغزى كلامهم يفهم خطأ، ويأخذ منحى جنسياً لم يكن مرغوباً فيه بالمرة، بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

 

في مطلع مايو 2018، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية من الرئيس الفرنسي الذي دأب على استخدام مزيج من عبارات ما بين الإنجليزية والفرنسية في حديثه، إذ وصف زوجة رئيس الوزراء الأسترالي وقتها، مالكوم تيرنبول بأنها "لذيذة"، وذلك في نهاية زيارته التي أراد أن تكلل بشكر حار للمضيفين وعلى ما يبدو أنه كان يرغب في أن يقول إنها سيدة مبهجة، لكنه ارتبك، فبدا الوصف مستهجناً.

وقبلها بسنوات وجد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في موقف غريب حينما أراد أن يعبر عن إعجابه بشخصية رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان حينها، فخرجت العبارات ذات إيحاء بعيد تماماً، إذ قال إنه "يرغب فيه". والمعنى ذاته أيضاً نسب إلى الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر في زيارة قبل عقود قام بها لبولندا، إذ ورطته الترجمة اللحظية لكلماته، وبدا وكأنه يقول للشعب البولندي إنه "يرغب فيه".

أخطاء الترجمة أيضاً جعلت الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب يطمئن المستمعين إلى خطابه بصحبة الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباشتوف في نهاية ثمانينيات القرن الماضي بأن يهدأوا، متابعاً، "الأخبار الجيدة هي أنك لم تبدأ حرباً عالمية ثالثة"، وذلك على خلفية توتر المترجم الفوري الذي خلط بين الألفاظ خلال ترجمته لحديث حول مراقبة الأسلحة.

لكن على النقيض في بعض الأوقات قد ينقذ المترجمون المسؤولين من زلات لسانهم، إذ خفف مترجم رئيس الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر حدة كلماتها، حينما اجتمعت مع رئيس الكونغو السابق المعروف بميوله الشيوعية، فعلى رغم أن رئيسة الوزراء اندفعت في كلامها، وقالت له نصاً إنها "تكره الشيوعية"، فإن المترجم الذي كان ينقل عباراتها من الإنجليزية إلى الفرنسية اختار عبارة أقل وطأة، إذ استبدل بها أنها "غير معجبة بأفكار الزعيم الشيوعي كارل ماركس"، وذلك لتجنب وقوع أزمة دبلوماسية كانت ستغير مجرى الأحداث في ذلك العصر، وذلك وفقاً لما أوردته "بي بي سي".

 

قد تأخذ زلات اللسان أيضاً منحى كوميدياً إذا ما صدرت عن مشاهير عرفوا بهذا التوجه، بينهم رئيس الوزراء الإيطالي الراحل سلفيو بيرلسكوني، الذي استقبل قبل سنوات طويلة الرئيس الأميركي باراك أوباما، ووصفه حينها بأنه "صاحب البشرة السمراء"، مما اعتبر إهانة عنصرية، أما أوباما نفسه فقد وقع في زلات اللسان مرات عدة دون أن يدرك، منها أنه قال إن القوات الأميركية تدرب مقاتلي "داعش"، بدلاً من قوله "المقاتلين العراقيين"، لكن البيت الأبيض اعتذر فيما بعد عن الخطأ.

كذلك عرف عن دونالد ترمب ارتجاله المتواصل في خطاباته العلنية مما يوقعه في حرج كلامي يكون عادة مصدراً دسماً لبرامج السخرية في القنوات الأميركية، ففي خلال تعليقه على حوادث إطلاق النار التي خلفت ضحايا خلال صيف 2019 بمدن أميركية عدة بينها إل باسو ودايتون، قال ترمب إنه يوجه صلواته لمن سقطوا في مدينة "طليطلة الإسبانية"، وهو ما أثار الاستغراب، لا سيما أن الرئيس الأميركي السابق وقتها كان يقرأ خطابه من شاشة أمامه وفقاً لما أوردته الصحف حينها.

ووفقاً لعالم النفس سيغموند فرويد فإن هذا النوع من الزلات ناتج من "دوافع لا يدركها صاحبها بسهولة، ولا يعلم بوجودها، وهي تتنوع من مشاعر الإعجاب أو الكراهية المكبوتة".

ارتجال بايدن والتشكيك في قواه العقلية

لكن الأمر يأخذ أبعاداً أخرى مع خلفه الرئيس الحالي جو بايدن الذي بات بالنسبة إلى ترمب نفسه مصدراً للتندر، إذ يستغل الأخير كل فرصة للتشكيك في قوى بايدن العقلية، ويسخر من أخطائه اللفظية، فكأن الرئيس الأميركي الذي يستعد لخوض معركته الانتخابية للمنافسة على الولاية الثانية، تحول إلى ما يشبه ماكينة تعمل على مدار الساعة لإنتاج زلات اللسان.

في فبراير (شباط) الماضي، وبينما كان يتحدث الرئيس البالغ من العمر 81 سنة إلى الصحافيين عن حالته العقلية مدافعاً بشراسة عن تركيزه، وقائلاً بالنص "ذاكرتي بخير"، بعدها بدقائق وصف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأنه "الرئيس المكسيكي"، في فيديو جرى تداوله على نطاق واسع لما يتضمنه من مفارقات عدة أبرزها تأكيد بايدن على قوة ذاكرته، ثم على الفور تصرفاته تثبت العكس.

واعتاد بايدن الخلط بين أسماء زعماء العالم، مثلما حدث في مؤتمر حاشد، إذ خلط بين الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون والسابق فرنسوا ميتران، والأخير توفي قبل عقود، والشيء ذاته أيضاً حدث حينما قال إنه تحدث إلى المستشار الألماني الأسبق هلموت كول الذي فارق الحياة قبل سنوات، وسط دهشة الحضور، كما قال في وقت سابق إن بلاده تتشارك مع الأردن في عمليات إنزال جوي إلى أوكرانيا، وكان المقصود غزة.

 

فلتات لسان بايدن وصلت إلى حد غير مسبوق أيضاً قبل عامين، حينما كان يتحدث في مؤتمر بولاية كولورادو الأميركية، حول تضحيات الجنود الأميركيين في الحرب العالمية الثانية، مدللاً على شجاعة عائلته بأن ابنه بو ضحى بحياته في الحرب الأميركية على العراق، بينما نجله كان قد توفي متأثراً بمرضه عام 2015.

ونظراً إلى تكرار هذه النوعية من الشطحات الخيالية لم يعد تصرف بايدن على هذا النحو مفاجئاً، بل أصبح أمراً معتاداً، وتنحصر تأثيراته حتى الآن في تخوفات من إعادة انتخابه. وفقاً لاستطلاع للرأي أجرته شبكة "أن بي سي" فإن 75 في المئة ممن لهم حق التصويت في الانتخابات الأميركية لديهم مخاوف كبيرة في شأن صحة بايدن العقلية، فيما على المستوى الدبلوماسي يجري تجاوز هفواته.

ترى إيمان زهران، المتخصص في العلاقات الدولية، أنه كان من الممكن أن تثير مثل تلك الفلتات الامتعاض والضيق والأزمات، لكن هذا في الظروف الطبيعية، إنما في حالة جو بايدن فإن الموقف يمر بأمان، نظراً إلى ظروف عمره وصحته العقلية، فالرجل في العقد التاسع من عمره.

وتابعت زهران، "حالة بايدن يجري التعليق عليها كثيراً من قبل المتخصصين، إذ جرى تكرار زلات لسانه ومشكلات ذاكرته إلى كبر سنه، فسلوكه أشبه بالاضطراب النفسي فيبدو في بعض الأوقات كمن لا يدرك طبيعة العلاقات بين الدول، ولا التشابكات في تلك العلاقات"، واللافت أن الانتقادات أيضاً توجه إلى المجلس الاستشاري في الإدارة الديمقراطية، فـ"هناك خلل واضح في التحضيرات الاستباقية قبل أي حوار أو تصريح يدلي به".

خطايا اللسان تبحث عمن يغفرها

تعددت الأقوال المأثورة في فضيلة الصمت في حال لم يكن هنا ما يقال أو في الأقل التركيز الشديد قبل التفوه بأي جملة، لكن على ما يبدو فإن تلك الحكم بعيدة كل البعد من كثير من مشاهير الوسط الفني، ومن هنا تتحول زلاتهم إلى نوع من "المعايرة"، إذ إن هفوات مشاهير الفن تتداول على نطاق أوسع بكثير من نظيرتها التي تخرج على ألسنة رجال السياسة، نظراً إلى أن قاعدتهم الجماهيرية والشعبية أكبر، والمؤكد أن بعض النجوم يكون الأمر بالنسبة إليهم مجرد زلات عابرة وطارئة، فيما آخرون يبدو وكأنهم يحترفون التورط كلامياً، ثم يجاهدون للخروج من الورطة ولملمة خسائرهم.

والحقيقة أن قطاعاً منهم تهددت مسيرته وتأثر مشواره الفني سلباً بصورة لا لبس فيها، وقد يكون المثال الأكثر بروزاً هو المطربة المصرية شيرين عبدالوهاب، التي يرى البعض أنها استنزفت كثيراً من فرصها مع الجمهور، ولا تزال تواصل الظهور بالبرامج والإدلاء بتصريحات تسبب لها مشكلات كبيرة، وكذلك لعائلتها.

 

من بين أكثر أزماتها التي شكلت كبوة مهنية بالنسبة إليها، اتهاماتها المتعددة للموسيقار الراحل حسن أبو السعود، سواء في حياته أو بعد مماته، إذ سخرت من وزنه الزائد، كما وصفت عمرو دياب بأنه فنان "راحت عليه"، أي أصبح كبيراً بالعمر وغير مؤثر في الوسط الفني. وحذرت أحد حضور حفلاتها من الشرب من ماء النيل على غرار أغنيتها "ماشربتش من نيلها" تخوفاً من إصابته بالبلهارسيا. وكذلك قالت عبدالوهاب على المسرح في إحدى حفلاتها بالبحرين إنها تتحدث أمام جمهورها هناك بأريحية، بعكس مصر، إذ من الممكن أن تتعرض للسجن، كما وصفت النساء اللاتي يرفضن الزواج في سن مبكرة بـ"العوانس"، ومن ضمن كلماتها الارتجالية أيضاً، "أنا خسارة في مصر"، وتحدثت عن دولة تونس بالقول إن ابنتها تخطئ بها، وتعتقد أنها تنطق "بقدونس".

الضرر الذي لحق بشيرين عبدالوهاب فنياً وعلى المستوى الشخصي كان ملحوظاً، إضافة إلى أن قطاعاً كبيراً من جمهورها بعد ما كان يدعهما تحول إلى مهاجمتها كما جرى تدشين هاشتاغ "اخرسي يا شيرين" عقب تصريحات اعتبرت مسيئة للنساء بحفل لها في السعودية، إضافة إلى اتهامات متوالية بالإساءة إلى سمعة مصر، مما ترتب عليه التحقيق معها في نقابة المهن الموسيقية، وإيقافها عن الغناء أكثر من مرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خسائر مهنية

من الصعب حصر فلتات لسان المشاهير، لكن قد يكون من أكثرها جدلاً على سبيل المثال تعليق ميريام فارس على سبب تغيبها عن إحياء الحفلات في مصر عقب ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، إذ قالت وقتها إن متطلباتها "تقيلة على مصر"، مما سبب حالة من الاستياء والمطالبة بمنعها من الغناء على مسارح مصر، وعلى رغم الاعتذارات المتكررة من النجمة اللبنانية وتأكيدها أن التعبير خانها، وأنها لم تقصد أبداً الإساءة، فإن نتيجة لهذا التصريح تقلص حجم أعمالها في مصر.

كذلك صدمت الفنانة الكويتية حياة الفهد جمهورها حينما قالت في مداخلة هاتفية عبر أحد البرامج إبان أزمة فيروس كورونا إن الوافدين "باتوا عبئاً" على المستشفيات في البلاد، وإنه آن الآن بعودتهم إلى بلدانهم، أو أن "تلقي بهم السلطات في الصحراء"، وبعدها اعتذرت الممثلة الشهيرة مراراً.

 

القائمة تضم عشرات، وبينهم المصري محمود العسيلي، حينما رد على معجب طلب التصوير معه بالقول، "معاك واسطة؟"، ومن بين النجوم والإعلاميين أيضاً الذين خانتهم ألسنتهم وعادوا واعتذروا وأوضحوا مواقفهم، تامر أمين وصابر الرباعي وريهام سعيد وغادة عبدالرازق وأحمد الفيشاوي، وعشرات غيرهم، لكن بعض منهم فقط نجح في تجاوز هذه النوعية من الأزمات، لا سيما من كانت زلات لسانه عابرة وليست عادة متكررة، فما أسباب تعثر مشاهير العرب في التعامل مع هذا النوع من المطبات؟

يعتقد "م. ص"، الموظف بإحدى المؤسسات التي تقدم خدمات استشارية للمشاهير العرب، أن الأزمة تتعلق أولاً بالنجوم أنفسهم فـ"معظمهم غير مدربين على التعامل مع وسائل الإعلام بصورة عامة، ومن ثم يقعون في أخطاء كثيرة، بالتالي ليس لديهم إدراك لأهمية وجود مستشار إعلامي تكون من بين مهامه تدريب النجم على التحدث بعبارات لا تثير أزمات، بل ويلقنه طرق الرد على الأسئلة المستفزة المتوقعة بصورة احترافية، وأيضاً يختار معه طرق التعامل إذا حدث ووقع في مأزق لفظي ما، إذ يمكنه أن يصل معه إلى وسيلة مثالية للرد والتحرك السريع لا الصمت كي لا تتفاقم المشكلة".

ويلفت إلى أن كثيراً من المشاهير يراهنون على عامل الوقت، معتقدين أن الأزمة ستحل من تلقاء نفسها، وسوف ينساها الجمهور، في حين أن ذاكرة الإنترنت لا تترك شيئاً، ويجري استدعاء تلك الهفوة بين حين وآخر وفي مناسبات كثيرة، مما يزيد الطين بلة.لكن، هل لا توجد نماذج للمشاهير العرب نجحت بالفعل في إدارة الأزمات بطريقة احترافية؟ يرى المستشار الإعلامي أن تجاوز هذه الأزمات عادة "يأتي بالصدفة لا نتاج عمل وجهد وترتيب وتحضير"، لكنه يثني على بعض المؤسسات التي تتعامل مع مشكلاتها الطارئة ومع الهفوات التي تفاجئ فريقهم على الهواء مباشرة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات