Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متى تعفو الدول عن مسجونيها قبل انقضاء مدة حكمهم؟

تتشابه بعض القوانين العالمية نسبياً لكن يظل الإفراج مرهوناً بحسن السلوك  

زيارة أسر لمسجونيين في إحدى الدول العربية (مواقع التواصل)

ملخص

تتفق مجمل القوانين العالمية أن سنة السجن تكون تسعة أشهر وليست سنة كاملة ما يعني احتساب كل عشرين يوماً بشهر كامل.

لا يقضي الكثير من المسجونين بجرائم الجنايات أو الجنح أو المخالفات كامل مدة سجنهم خلف القضبان، إذ تشملهم في كثير من الأحيان قوانين عفو لأسباب مختلفة ومتباينة تقصر مدة حكمهم وتعجل في الإفراج عنهم قبل انقضائها على رغم اكتساب تلك الأحكام الدرجة القطعية المبرمة والنهائية من قبل المحاكم المتخصصة.

وتتفق مجمل القوانين العالمية أن سنة السجن تكون تسعة أشهر وليست عاماً كاملاً، ما يعني احتساب كل عشرين يوماً بشهر كامل، وللإفراج المبكر عن المساجين جملة من الشروط التي يجب أن تتوافر في الحالات العامة من دون تلك الحالات الاستثنائية التي تخضع لمعايير مختلفة.

شروط العفو

من بين الحالات العامة للإفراج المبكر عن المساجين أن يكون سلوك السجين خلال مدة سجنه قبل الإفراج عنه موائماً للسلوك السوي العام وينذر بندمه واصطلاح أحواله، إضافة إلى قضاء أكثر من 70 في المئة من مدة سجنه الكلية في الأقل (في حالات معينة)، كذلك أن يكون كل ذلك محتكماً لوجوده كسجين نال حكماً قضائياً مبرماً غير خاضع للظن ولا يتماشى مع كونه موقوفاً على ذمة التحقيق الأولي، ويجب بالضرورة دراسة سلوكه بشكل مستفيض مع متخصصين معنيين وإدارة سجنه وضباطه لضمان ألا يكون في خروجه تهديداً للسلم والأمن بالمجتمع.

قواعد إضافية

بعض الدول يلجأ إلى وضع المفرج عنه تحت المراقبة الشرطية خارج السجن حتى انتهاء المدة القانونية التي كان يفترض أن يقضيها في الداخل، وفي هذا الإطار لا تتحرك كل الدول سوية، فيما تحافظ الأنظمة الأوروبية على هذا النهج، وفي حال كانت العقوبة هي السجن المؤبد فيمكن الاستعاضة عنها للأسباب المذكورة أعلاه بـ15 أو 20 سنة حبس مع رقابة شرطية لاحقة أيضاً شريطة ألا تقل تلك الرقابة عن 3 إلى 5 سنوات.

وفي ما إذا كانت قضية السجين مترابطة بين ملف جنائي وآخر مدني يتعلق بسداد التزامات مادية، وكان يستحيل على المحكوم تسديدها، يجري التعامل معها وفق منهجية قضائية مستقلة تحدد مقدار عجز المفرج عنه عن سدادها لتكون العقوبة المقيدة للحرية السابقة هي ما يجب الاكتفاء به.

وأحياناً يكون المجرم ارتكب سلسلة جرائم مترابطة أو منفصلة في التوصيف القانوني فيجري دمجها واستخلاص حكمها الأشد لتطبيقه، فإن كان مداناً بالسرقة والقتل يتم اتخاذ العقوبة القانونية الأشد المنصوص عليها قانوناً بحقه.

في بريطانيا

جرى أخيراً في بريطانيا السماح بتمديد نظام الإعفاء المبكر عن السجناء لجملة من الأسباب أبرزها اكتظاظ السجون، وذلك إلى أجل غير مسمى زمنياً، إذ كانت البلاد بدأت بصورة موسعة في تلك الإجراءات عام 2007 بالإفراج عن ألفي سجين قبل انتهاء مدة عقوبتهم.

اندرج الإفراج عن أولئك السجناء تحت قائمة ما يعرف بالإفراج المشروط وهو الذي يتيح للسلطات في أي لحظة إعادة اعتقالهم إذا ما ارتكبوا مخالفات أو جرائم جديدة تخل بالثقة العامة والأمن في المجتمع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الوقت ذاته يراعي القانون البريطاني أن ذلك الإفراج المشروط يجب أن يكون مقترناً بجرائم لا تمثل خطراً عالياً، إذ إن أولئك السجناء الذين نالوا أحكاماً تتخطى أربع سنوات سجناً ليسوا مؤهلين حتى الآن لتطبيق نظام الإفراج المباشر عنهم.

وعلى رغم وجود هذا القانون كضرورة قضائية في بريطانيا إلا أن الحكومة أوضحت أنه لن ينطبق بأي شكل على مرتكبي جرائم الإرهاب والكراهية سابقاً وحالياً ومستقبلاً ما لم يكن أحدهم قد قضى في الأقل ثلثي مدة العقوبة مصحوبة بسلوك حسن يقرره مجلس الإفراج.

وجاء ذلك القرار بعد موافقة مجلس الإفراج المشروط إطلاق سراح محكوم إرهابي بعد انتهاء نصف مدة عقوبته، ولكنه بعد أسبوع واحد فقط ارتكب جرائم طعن مرتدياً حزاماً ناسفاً، ما استدعى وضع تدابير وشروط جديدة تتعلق بقضايا الإرهاب عام 2020، اسم ذاك الشاب كان سوديش أمان إذ ارتكب جريمته الجديدة في الشارع الرئيس بمنطقة ستريتهام جنوب العاصمة لندن.

في العالم العربي

المغرب

تسمى عقوبة السجن في القانون بالعقوبة السالبة لحرية الفرد نتيجة ممارسات أقدم عليها وانتهكت القوانين السائدة وضمناً قانوني العقوبات العام والخاص المرتبطين بكل بلد، ففي المغرب هناك سياسة مستحدثة تقضي بالتخفيض التلقائي للعقوبة، بالتالي تخفيض الضغط على السجون واستصلاح المساجين السابقين لدمجهم من جديد في المجتمع.

فإذا ظهر حسن السلوك الذي تقدره لجان السجون اتجاه سجين ما فإنه يستفيد بتخفيض مدة أربعة أيام عن كل شهر سجن (شهر السجن 20 يوماً)، في حال كانت العقوبة الكلية هي سنة أو أقل، وشهر عن كل سنة أو أكثر إذا كان الحكم يتخطى عاماً واحداً.

ويجري بحث أمور هؤلاء المساجين من قبل لجنة مكونة من مدير السجن وممثل عن وزارة العدل ورئيس المعقل السجني ومشرف اجتماعي ومكتب الضبط القضائي وفي بعض الأحوال يوجد طبيب ضمن اللجنة، وقد يكون طبيباً نفسياً.

وراعى القانون الملكي في المغرب حالة السجين الذي حكم سابقاً وارتكب جرماً جديداً وأعيد سجنه بأن يحصل على تخفيض يصل لنصف المدة وأيضاً يرتبط ذلك بسلوكه خلال سني السجن، وعلى مدير السجن حينها أن يرفع تقريره لقاضي العقوبات الذي يحق له الرفض أو القبول بتخفيض المدة خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تلقيه الملف.

في لبنان

صادق لبنان عبر مجلس نوابه في عام 2002 على قانون جديد يقضي بتعديل قانون تنفيذ العقوبات، على أن يكون القانون الجديد قائماً على لجنة تضم طبيباً أو أكثر إضافة لاختصاصات قانونية وقضائية أخرى يسميها وزير العدل ومهمتها وضع اقتراحات مفصلة الأسباب على مدار السنة بأسماء المحكوم عليهم والذين يستحقون تخفيض العقوبة.

وقسم القانون اللبناني الجديد المحكوم عليهم إلى ثلاث فئات:

(أولاً)

أ- المحكومون جنائياً موقتاً أو جنحوياً، وهؤلاء قد يستفيدون بتخفيض مدة عقوبتهم إلى السدس أو النصف إذا كان قضى نصف مدة عقوبته الأساسية وتحققت فيه الشروط السلوكية والقانونية العامة للإفراج.

ب- المحكوم عليهم بعقوبات جنائية موقتة وفق المادة 549/ قانون عقوبات، وهؤلاء يستفيدون بتخفيض مدة عقوبتهم بين السدس والثلث على أن تكون أيضاً قد انقضت نصف مدة عقوبتهم الأساسية خلف القضبان.

(ثانياً)

أ- المحكوم بعقوبة جنائية مؤبدة، يستفيد من تخفيض العقوبة، إذا نفذ منها 18 سنة في الأقل.

ب- المحكوم بعقوبة جنائية مؤبدة وفق المادة 549، يستفيد من تخفيض العقوبة، إذ سجن بمقتضاها ما لا يقل عن عشرين سنة وكانت مدتها الكلية بين 25 إلى 30 سنة.

(ثالثاً)

الذين ثبت إصابتهم بمرض عضال كالشلل والعمى والفالج وأي مرض يستحيل علاجه، فهؤلاء يتم الإفراج عنهم بعد استصدار قرارات طبية بحقهم.

(رابعاً)

المحكوم عليهم بالإعدام وقضوا ثلاثين سنة في الاعتقال وتوافرت فيهم سائر الشروط العامة المحددة في هذا القانون إضافة إلى إسقاط الحق الشخصي، يستفيدون من تخفيض عقوبتهم، على ألا يقل إجمالي العقوبة المخفضة الواجب تنفيذها عن خمس وثلاثين سنة، وألا تزيد على أربعين سنة.

سوريا

يصدر بين عام وآخر مراسيم عفو شاملة أو شبه شاملة عن رئاسة الجمهورية السورية، ويحدث ذلك في بلدان أخرى أيضاً، ولعل أهم مراسيم العفو تلك التي صدرت في عام 2020، إذ شمل الكثير من الأعمال "الإرهابية" وجرائم الإنترنت المرتبطة بالحرب.

كذلك استبدل المرسوم عقوبة الإعدام بالسجن المؤبد، والسجن المؤبد بالسجن 20 سنة مع الأشغال الشاقة، وخفضت عقوبة الأحداث إلى النصف، مع إطلاق سراح كافة السجناء الذين يعانون أمراضاً عضالاً أو تخطت أعمارهم 70 سنة.

 

 

وينطبق في سوريا ما ينطبق في كثير من دول أخرى حول الإفراج المشروط بحسن السلوك والحالة المرضية واستخدام روح القانون في تطبيقه بمعزل عن كون الحرب قد فرضت واقعاً مستجداً ومفاجئاً في سياق السجون عامة، ومرد ذلك للانتشار المهول وارتفاع معدل الجريمة واستسهال استخدام السلاح وارتكاب الجرائم والقيام بعمليات النصب والاحتيال مضافاً إليها الجرائم الواقعة على أمن الدولة مثلما ورد في تعريفها.

مقارنة

قد تصعب المقارنة بشكل جذري بين الحال في مختلف الدول، ولكن لا يبدو العالم المتقدم أكثر رحمة في سجونه من العوالم الأخرى، وهو الذي يمتلك العشرات من أخطر سجون العالم من أميركا إلى الصين، ويكفي التذكير بأن ألمانيا وحدها تملك عشرات آلاف السجناء احتياطياً من دون تهم أو إدانات.

وعلى رغم ذلك، فهذا لا يعني عدم تفوق العالم العربي في سخائه الاعتقالي بناءً على الشبهات والأفكار والمعتقدات والحريات السياسية والتقارير الأمنية التي قد تضع ضحيتها أسير سجن مظلم لا يشمله فيه عفو ولا حسن سلوك.

في العالم العربي تنعدم الحريات، فتكتظ السجون، فيختنق المساجين بأنفاس بعضهم، والأخطر من كل ذلك أن على الباحث التفريق دائماً بين المعتقل الأمني (المغضوب عليه) والمعتقل الجنائي الذي يبدو مقارنة بالأول يعيش في الجنة، إذ إن القوانين تنطبق عليه بسلاسة نسبية ويدفع جزاء ما اقترف من أعمال لا من شبهات.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير