Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مستقبل قاتم للاقتصاد البريطاني مع ثاني خفض لتوقعات النمو هذا العام

"النقد الدولي" يحذر من اعتماد لندن المتزايد على قوة العمل من المهاجرين إليها

يرى وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت أن الاقتصاد البريطاني يسير نحو التحسن (أ ف ب)

ملخص

    زيادة مستمرة في اعتماد الاقتصاد البريطاني على العمالة المهاجرة على رغم محاولات الحكومة وقف الهجرة إلى البلاد وترحيل المهاجرين

خفض صندوق النقد الدولي، للمرة الثانية في ثلاثة أشهر، توقعاته المستقبلية لنمو الاقتصاد البريطاني، مقدراً جموده للعامين المقبلين، ذلك على عكس توقعات الصندوق المتفائلة للنمو الاقتصادي العالمي بصورة عامة، الذي رفعه إلى نسبة 3.2 في المئة لهذا العام 2024.

وفي تقريره "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر الثلاثاء الماضي قبل اجتماعات الربيع للصندوق والبنك الدولي، رسم صورة قاتمة للاقتصاد البريطاني الذي لن ينمو بأكثر من 0.5 في المئة هذا العام في المتوسط، وذلك أقل من توقعات مكتب مسؤولية الموازنة البريطاني الذي قدر نمواً هذا العام بنسبة 0.8 في المئة.

وبرر الصندوق توقعاته المتشائمة لاقتصاد بريطانيا بأنها تأتي على خلفية استمرار أسعار الفائدة المرتفعة وتدهور الإنتاجية وعدم نمو الاستثمار، محذراً في تقريره من أن الاقتصاد البريطاني أصبح أكثر اعتماداً على "القوى العاملة المولودة في الخارج" لضمان عدم الانكماش. وأظهر تحليل الصندوق أن "قوة العمل في بريطانيا تعتمد كلياً في نموها منذ عام 2019 على العمالة المهاجرة".

تأتي تلك الأنباء الاقتصادية السيئة في وقت تحاول حكومة حزب المحافظين بقيادة رئيس الوزراء ريشي سوناك التعويل على بيانات اقتصادية مشجعة لتحسين وضع الحزب الانتخابي قبل الانتخابات العامة قبل نهاية هذا العام، في وقت يعاني فيه الحزب تدهور ثقة الناخبين، إذ تظهر استطلاعات الرأي المتكررة فارقاً كبيراً بينه وبين حزب العمال المعارض الذي يتقدم على الحزب الحاكم بنحو 20 نقطة.

تدهور مستوى المعيشة

ذلك الخفض الثاني لتوقعات النمو في بريطانيا منذ بداية هذا العام، وسبقه خفض مماثل في يناير (كانون الثاني) 2024 بتوقع نمو عند نسبة 0.6 في المئة، ويأتي بعد عدم النمو تقريباً في المتوسط العام الماضي، إذ كانت نسبة زيادة الناتج المحلي الإجمالي عند 0.1 في المئة فحسب لعام 2023.

ووصف كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بيير  أوليفييه غورينكاس وضع الاقتصاد البريطاني بأنه أشبه باقتصادات أوروبا، بحسب ما ذكرت صحيفة الـ"ديلي تلغراف".

وأضاف الصندوق في تقريره أن النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي بحسب نسبته للفرد في بريطانيا سيكون صفراً، ويعتبر الاقتصاديون أن لذلك المؤشر الفضل على مستوى المعيشة لأنه يأخذ في الاعتبار التغيرات في السكان، وكان النمو الحقيقي في نسبة الناتج المحلي الإجمالي للفرد شهد انكماشاً، أي نمواً سلبياً، العام الماضي 2023.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بينما تسعى حكومة ريشي سوناك إلى تمرير تشريع ترحيل المهاجرين إلى رواندا في البرلمان، في محاولة لإقناع التيار اليمني في حزبها وبين الناخبين أنها تتصدى بفعالية لقضية الهجرة، تأتي تلك التقديرات من صندوق النقد الدولي بمثابة سكب للماء البارد على تلك الجهود، إذ يشير التقرير إلى أن حجم القوة العاملة في عدد من الاقتصادات المتقدمة، ومنها بريطانيا، يعكس في الواقع "زيادة مطردة في عدد المهاجرين ونمو سريع للأفراد في سن العمل من المولودين في الخارج عن المولودين في داخل البلد".

يتسق ذلك مع تقديرات مكتب مراقبة الموازنة البريطاني بأن صافي الهجرة إلى بريطانيا (الفارق بين من يدخلون البلاد ومن يغادرونها) سيكون في حدود 350 ألفاً في خمس سنوات مقبلة، ومن شأن زيادة أعداد المهاجرين رفع عدد السكان البالغين في البلاد من 55 مليوناً في عام 2023 إلى 57 مليوناً بحلول عام 2030.

وتواجه بريطانيا مشكلة في زيادة أعداد المنسحبين من سوق العمل لأسباب مرضية، إذ تشير أرقام مكتب الإحصاء الوطني إلى أن هناك الآن 2.8 مليون بريطاني تحت هذا التصنيف في أعلى معدل للبطالة بسبب المرض على الإطلاق، لذا يقدر صندوق النقد الدولي أن حجم قوة العمل البريطانية حالياً أصغر كثيراً مما كان عليه عام 2019، في مقابل نمو العمالة المهاجرة بنسبة 20 في المئة في تلك الفترة.

البطالة والأجور والتضخم

في غضون ذلك يؤكد أحدث البيانات من مكتب الإحصاء الوطني البريطاني حجم العمالة البريطانية في الأشهر الثلاثة المنتهية في فبراير (شباط) الماضي، إذ انخفض للمرة الأولى منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2022 إلى 33 مليوناً، وارتفع عدد العاطلين عن العمل (من ليس لديهم وظيفة ويبحثون عن عمل) مجدداً إلى 1.4 مليون شخص، ويعني ذلك أن معدلات البطالة في بريطانيا ارتفعت إلى نسبة 4.2 في المئة، مما كانت عليه قبل ثلاثة أشهر عند أقل من نسبة أربعة في المئة، مع ذلك تظل هناك وظائف خالية في الاقتصاد البريطاني تصل إلى 937 ألف وظيفة بحسب تقديرات مكتب الإحصاء الوطني.

وعلق وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت على تقرير الصندوق الدولي من واشنطن التي يزورها للمشاركة في اجتماعات الربيع للصندوق والبنك الدولي بتأكيد أن "الاقتصاد البريطاني يسير نحو التحسن".

وفي بيان لوزارة الخزانة الثلاثاء الماضي، أعاد التأكيد أن الاقتصاد "غير اتجاهه وأصبح على الطريق السليم"، في إشارة إلى انخفاض معدلات التضخم.

ومع أن تقرير الصندوق يشير إلى تراجع ارتفاع في معدلات التضخم إلا أن توقعاته حتى على رغم استمرار الانخفاض أن تظل الأسعار مرتفعة في بريطانيا، كذلك حتى مع توقع خفض بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) أسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام من نسبة 5.25 في المئة حالياً إلى نسبة 4.75 في المئة إلا أن سعر الفائدة سيظل أعلى من نظيره في الاقتصادات المشابهة.

المشكلة التي قد تواجه البنك المركزي هي استمرار ارتفاع معدلات الأجور في بريطانيا، إذ أظهرت الأرقام الرسمية الصادرة الثلاثاء الماضي ارتفاع الدخول في المتوسط للأشهر الثلاثة المنتهية في فبراير الماضي بنسبة ستة في المئة، وعلى رغم أن ذلك المعدل أقل بصورة طفيفة عن المعدلات السابقة إلا أنه ما زال يشير إلى نمو الأجور بأسرع من توقعات الاقتصاديين والمحللين، ويعني ذلك أن خطر الضغوط التضخمية في الاقتصاد ما زال كبيراً.