Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصة الطائرة الفرنسية المخطوفة على يد جزائري عام 1984

أوهم طاقم الطائرة بأنه يقود مجموعة مسلحة والشرطة تنكرت في زي عمال خدمة تقديم الطعام وقبضت عليه

عام 1984 استولى شاب جزائري يحمل سكيناً على طائرة فرنسية وهي في رحلتها من فرانكفورت إلى باريس وطالب بتغيير وجهتها إلى طرابلس الليبية (اندبندنت عربية)

ملخص

استولى شاب جزائري متهور كان يحمل سكيناً على الطائرة الفرنسية في رحلة بالصباح الباكر وهي في رحلتها من فرانكفورت إلى باريس، وطالب بتغيير وجهتها إلى طرابلس الليبية.

اختطاف الطائرات‏‏، ‏‏السطو الجوي،‏ ‏‏القرصنة الجوية،‏ ‏‏قرصنة الطائرات،‏‏ تعددت التسميات لكن الفعل واحد، وهو استيلاء ‏‏غير قانوني‏‏ على ‏‏طائرة‏‏ من قبل فرد أو مجموعة.

وعملية اختطاف الطائرات تعد إرهابية، ويعاقب عليها بالسجن مدى الحياة أو مدة طويلة في بعض البلدان، وتصنف جريمة كبرى عقوبتها الإعدام في بلدان أخرى. ودوافع الخاطفين في معظم حوادث الاختطاف تتلخص في استخدام الركاب أو أفراد الطاقم ‏‏رهائن‏‏، إما للحصول على ‏‏فدية مالية‏‏ أو تنازلات سياسية أو إدارية أو من أجل الانتقال من بلد إلى آخر لطلب اللجوء السياسي.

لكن، حادثة اختطاف رحلة الخطوط الجوية الفرنسية رقم 741، في السابع من مارس (آذار) 1984‏ كانت تختلف تماماً، إذ استولى شاب جزائري متهور كان يحمل سكيناً على الطائرة الفرنسية في رحلة بالصباح الباكر وهي في رحلتها من فرانكفورت إلى باريس، وطالب بتغيير وجهتها إلى طرابلس الليبية.

يدعى الشاب الجزائري "علي شهرة"، وكان يقيم في دارمشتات، وهي مدينة ألمانية تقع في ولاية هسن، وفيها جامعة دارمشتات التقنية، إحدى أقوى جامعات ألمانيا في مجال الهندسة، وتبعد عن مدينة فرانكفورت نحو 35كلم، وتقع قرب مطار فرانكفورت.

ليبيا ترفض استقبال الطائرة الفرنسية

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، رفع الأرشيف الوطني البريطاني طابع السرية عن بعض الملفات المتعلقة بحوادث اختطاف الطائرات، ومنها ملف يتعلق بحادثة رحلة الخطوط الجوية الفرنسية السالفة الذكر. تذكر البرقية المرسلة من قبل القنصلية البريطانية العامة في جنيف بتاريخ الثامن من مارس 1984 إلى مرجعيتها في لندن، "كما علمنا جميعاً، كان الخاطف جزائرياً وطالباً في دارمشتات. ووفقاً للسلطات الألمانية، كان معروفاً للشرطة هناك مجرماً صغيراً، وأنه غير مستقر عقلياً إلى حد ما. كان مسلحاً بسكين فقط. وتمنى أن تزود الطائرة بالوقود وتطير إلى طرابلس، لكن لا يبدو أن له دوافع سياسية. استدعى السويسريون دبلوماسياً ليبيا إلى الميناء الجوي، وأبلغ الخاطف أن حكومته رفضت قبول الطائرة (يبدو من غير المحتمل أن يكون الدبلوماسي قادراً على استشارة طرابلس)".

 

وتضيف البرقية أنه "سمح لعدد قليل من الركاب بمغادرة الطائرة في مرحلة مبكرة، وتمكنوا من إبلاغ الشرطة السويسرية بأن الخاطف يبدو أنه يتصرف بمفرده. وبهذه المعرفة، جرى إعداد خطة تمكن الشرطة متنكرين في زي عمال خدمة تقديم الطعام الذين يقومون بتوصيل الطعام الذي طلبه الرجل من دخول الطائرة والتغلب عليه. وهو الآن في السجن".

بريطانيا تبحث عن أسماء أنجلوسكسونية في قائمة الركاب

مع انتشار خبر حادثة اختطاف طائرة الخطوط الجوية الفرنسية، شعرت السلطات البريطانية في لندن بالقلق على حياة بريطانيين محتملين قد يكونون ضمن الركاب، وحاول البريطانيون الحصول على قائمة أسماء الركاب والبحث عن أسماء أنجلوسكسونية ضمن القائمة، وزاد القلق البريطاني حين امتنعت إدارة الخطوط الجوية بأوامر من الحكومة الفرنسية تزويد بريطانيا قائمة الركاب الكاملة.

 

وحول الرفض الفرنسي والغضب البريطاني، تقول إحدى الوثائق "قمنا بالاتصال بمسؤول مراقبة الحوادث في المكتب الرئيس لشركة الخطوط الجوية الفرنسية، لكنه رفض أن يزودنا بنسخة من قائمة الركاب بسبب التعليمات التي قال إنه تلقاها من الحكومة الفرنسية. كانت باريس بطيئة في إنشاء وحدة الأزمات الخاصة بها، لكننا وجدنا في النهاية شخصاً في الحكومة لديه قائمة الركاب، وكان على استعداد لإعطائنا تلك الأسماء التي بدت أنجلوسكسونية. ولم يكن لدى أي شخص معلومات عن جنسيات الركاب، لأنه على الرحلات الجوية داخل الاتحاد الأوروبي لا يتم تسجيل الجنسيات".

 

وتضيف الوثيقة، أن "الاستنتاج الذي نستنتجه من هذه الأحداث هو أنه، في حالة الخطوط الجوية الفرنسية، يبدو أنه يجري الحصول على قائمة الركاب بسرعة أكبر في باريس، حتى لو لم يكن ذلك بالضرورة من الخطوط الجوية الفرنسية نفسها. ولذلك، يجب أن تكون هذه السفارة مسؤولة عن الحصول على القائمة، والإبلاغ عن مثل هذه الحالات. إن الإصدار العام للقائمة من قبل شركات الطيران من دون مراقبة مركزية دقيقة قد لا يكون في صالحنا في الواقع".

السلطات البريطانية متفاجئة من رفض فرنسا تزويدها قائمة الركاب

وتتحدث وثيقة بريطانية أخرى في السياق نفسه، "هل يمكنكم الرجوع إلى أحداث السابع من مارس المتعلقة باختطاف رحلة الخطوط الجوية الفرنسية في طريقها من فرانكفورت إلى باريس. إذا كان هناك درس يمكن تعلمه من هذا الحدث بالذات فهو الصعوبة التي حصلت في محاولة الحصول على نسخة من قائمة الركاب، أو حتى الأسماء الأنجلوسكسونية المدرجة في القائمة، من مكتب الخطوط الجوية الفرنسية في فرانكفورت حيث انطلقت الرحلة.

 

وتشير الوثيقة إلى أن "الجهود المبذولة فشلت في الحصول عليها من خلال القنصلية الفرنسية العامة هنا. لقد فوجئت بالرفض الذي تعاملت به الأخيرة مع القضية برمتها. كل ما تقوله الخطوط الجوية الفرنسية هو أنه جرى إنشاء غرفة أزمات في مقر الخطوط الجوية الفرنسية في باريس، وأعطت رقم الهاتف. هذا ما اتصل إلينا به هاتفياً إلى باريس لإبلاغ جنيف، ثم اتصل إلينا بالسفارة في بون لطلب المساعدة من السفارة الفرنسية هناك. ناقشت الأحداث لاحقاً مع مدير من الخطوط الجوية البريطانية، هنا المسؤول عن أمن طائراتهم. وأكد أن الخطوط الجوية البريطانية كانت ستتصرف بالطريقة نفسها التي تصرفت بها الخطوط الجوية الفرنسية، وكانت سترفض أيضاً بموجب تعليماتها الدائمة البوح عن قائمة الركاب لأي شخص آخر غير غرفة الأزمات التي كانت ستنشأ في لندن. ومع ذلك، أكد أنه عندما يتعلق الأمر برحلة BA، سيتم منح كل تسهيل لمسؤول قنصلي بريطاني على الفور".

وتقول الوثيقة إنه "من الواضح أننا سنتلقى تعاوناً كاملاً من الممثلين المحليين لشركات الطيران البريطانية وBA وB-Cal، لكن في حالة شركات الطيران الأجنبية، يجري الحصول على المعلومات بسرعة أكبر من المركز الذي جرى فيه إنشاء غرفة الأزمات، كما يتضح من هذه الحالة الأخيرة".

ضباط سويسريون يستغلون طيبة الخاطف المتهور ويخدعونه

رغم أن الخاطف كان قد أعلن أنه يحمل حقيبة متفجرات، وأنه يقود مجموعة على متن الطائرة، لكن سلوكه كان يشير إلى أنه بمفرده وغير مسلح. كما كان الخاطف كريماً في تزويد الركاب بالوجبات السريعة والمرطبات، ورحيماً في التعامل مع النساء والمرضى، إذ أطلق سراح النساء والمرضى، وأبقى الرجال وحدهم في داخل الطائرة.

ويبدو أن السلطات السويسرية علمت من إحدى النساء بأن الخاطف كان بمفرده، ويحمل سكيناً فقط، "صرحت إحدى النساء المفرج عنهن للصحافيين بأن الوضع في الطائرة ظل هادئاً طوال فترة الاختطاف. وقالت إحداهن، وهي موظفة مدنية سويدية تبلغ من العمر 45 سنة، إن الخاطف كان بمظهر شرق أوسطي، وعمره نحو 30 سنة، لكن لم يكن من الواضح ما إذا كان مسلحاً، ولم يكن هناك ذعر على الإطلاق. وأضافت أن جميع الركاب المتبقين على متن الطائرة هم من الرجال".

 

وبعد ما علمت الأجهزة الأمنية السويسرية بتفاصيل عملية الاختطاف، وأن الخاطف كان بمفرده وغير محترف، وضعت خطة ناجحة مكنتها من اعتقال الخاطف وتحرير الرهائن. نقلت حينها وسائل إعلام عدة ومنها وكالة "رويترز" من جنيف عن الحادثة، "ألقى ضباط شرطة سويسريون مقنعون القبض، أمس، على خاطف طائرة بوينغ 737 تابعة لشركة الخطوط الجوية الفرنسية، وأطلقوا سراح جميع الركاب وطاقم الطائرة من دون أن يصابوا بأذى. الرجل، الذي وصفه الركاب بأنه يبلغ من العمر نحو 30 سنة ومظهره شرق أوسطي، اختطف الطائرة في رحلة في الصباح الباكر من فرانكفورت إلى باريس، وطالب بنقلها جواً إلى طرابلس في ليبيا. وهبطت الطائرة التي كانت تقل 62 راكباً وطاقماً من ستة أفراد في جنيف، إذ تفاوض المسؤولون السويسريون معه عبر الراديو من برج المراقبة عبر الطيار. جرى إطلاق سراح سبعة ركاب ورجل مريض في الصباح، بينما طالب الخاطف بتزويد الطائرة بالوقود والانتقال إلى طرابلس".

 

وقال متحدث شرطة جنيف، إن رجلي شرطة يرتديان زي عمال المطاعم أمسكا بالخاطف من الخلف بينما كان يجلس في مقعد مساعد الطيار. لم يبد مقاومة تذكر، وجرى القبض عليه من دون أن يصاب بأذى. وأضاف المتحدث أنه تظاهر بوجود متفجرات في حقيبة، تبين في ما بعد أنها تحوي فقط على سكين. وفي وقت لاحق، قال أحد الركاب المفرج عنهم، وهو عالم في وكالة الفضاء الأوروبية، إن الخاطف الذي كان يرتدي نظارات داكنة، حاول التظاهر بأنه ليس وحده على متن الطائرة، مضيفاً "كان متوتراً جداً، وكان يمرر ما يبدو أنها رسائل مشفرة عبر نظام مكبر الصوت داخل الطائرة باللغتين الفرنسية والألمانية لإعطاء الانطباع بأنه يقود مجموعة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير