Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جمعية ألمانية في لبنان لمواجهة مذابح الطيور المهاجرة

تهدف إلى مراقبة الصيد الجائر بمشاركة قوى الأمن ووحدات محلية تتولى توعية الصيادين بأهمية التنوع الحيوي

لا يرحم الإنسان في كثير من مسارات الهجرة هذه الكائنات الباحثة عن العيش والبقاء (اندبندنت عربية)

ملخص

بهدف التوعية نظم مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام نشاطات عدة كان أبرزها مرافقة هجرة الطيور وتأمين ممر آمن لها عبر مجموعة من العائلات، إذ رافقوا مسارها بسيارات رباعية الدفع ليومين حتى اجتازت الأراضي اللبنانية.

"طيور أيلول"، ذلك النص الساحر للكاتبة اللبنانية الراحلة إميلي نصرالله الذي نشأت عليه أجيال في كتاب القراءة العربية، فـ "رحيلها يعيد إلى الذاكرة صور الطيور الكثيرة المهاجرة".

هكذا تقول في مقدمة روايتها التي تحمل الاسم ذاته، فلماذا تهاجر الطيور في الربيع والخريف؟ وأي ممرات تتخذ؟ وكيف تعبر الكرة الأرضية بحثاً عند الدفء؟ وما هي الأخطار التي تواجهها مع سكان المعمورة؟

منذ الأزل وقبل أن يحتل الإنسان وجه الأرض ويفرض نفسه سيداً على الكائنات، كانت طيور الشمال تختار إقامتها في الجنوب الدافئ متسلحة بغريزتها ومعتمدة على المجال المغناطيسي للأرض، إذ تبدأ هجرتها من أراضي الجليد بحثاً عن الغذاء وأمكنة آمنة للأعشاش بعد تساقط أوراق الأشجار، وتتخذ مسارات عدة بحسب مواطنها لتصل عبر أقل مسافة ممكنة إلى الأرض الجديدة الدافئة.

 

 

لكن بعض الرحلات قد تستمر لأكثر من 10 آلاف كيلومتر وتصل أحياناً إلى 13560 كما حصل مع طائر البقويقة السلطانية الذي دخل موقع "غينيس" العام الماضي في طيرانه المتواصل 11 يوماً قطعها بلا توقف من ألسكا إلى نيوزيلاندا، من دون طعام أو ماء وفقد نصف وزنه خلال الرحلة.

لا ترحم الطبيعة والحيوانات المفترسة تلك الطيور في رحلتها، كما لا يرحم الإنسان في كثير من الممرات هذه الكائنات الباحثة عن العيش والبقاء، مما تسبب في انقراض بعضها ووصول سلالات منها إلى حافة الانقراض، لذا نشأت جمعيات بيئية لحمايتها وتوعية الناس في مناطق المرور الحرجة، بخاصة أن معظم الطيور التي تتعرض للقنص أثناء هجرتها غير صالحة للأكل.

طيور أوروبا

تتسلح جمعيةCABS" " (Committee against bird slaughter) أو لجنة مكافحة ذبح الطيور الألمانية التي تأسست عام 1975 بخبرة واسعة في حماية الطيور التي كانت السبب الرئيس لتأسيسها، بعدما قرر دعاة حماية الطيور اتخاذ إجراءات عملية إثر مجازر ارتكبت بحق الطيور في إيطاليا، وبدأت الجمعية عملها مع شركاء محليين حتى عدلت إيطاليا قانون الصيد عام 1978.

ولـ "CABS" صولات وجولات في ألمانيا وسائر أوروبا، وكانت مؤثراً أساساً في تعديل التفاصيل المتعلقة بقوانين الصيد في مناطق الاتحاد الأوروبي.

وتزور الجمعية لبنان مرتين سنوياً في فصلي الربيع والخريف منذ عام 2017، إذ تعتبر بعض المناطق اللبنانية عنق الزجاجة في طريق هجرة الطيور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي زيارتهم الربيعية لهذا العام كان هذا اللقاء لـ "اندبندنت عربية" مع المتحدث الرسمي وعضو المجلس والمسؤول الصحافي والمسؤول عن حملة لبنان أكسل هيرشفيلد ومع وشركائهم المحليين، جمعية الشرق الأوسط للصيد المستدام وجمعية حماية الطبيعة ووحدة مكافحة الصيد الجائر في المخيم الذي أقاموه لمكافحة هذه الظاهرة.

يقول أكسل إن "إغبة" في منطقة كسروان تعتبر نقطة مهمة جداً لمرور الطيور، لذا فإن مخيماتهم تكون قرب هذه الأماكن بشكل رئيس، مع التنقل في البلاد كافة من البقاع إلى الشمال وعكار والجنوب والجبل لمكافحة الصيد في مواسم هجرة الطيور.

ويضيف، "يقوم الفريق بفك الشباك وتخليص الطيور الجريحة وإطلاقها والتبليغ عن المخالفين للجهات المختصة إضافة إلى التوعية، ويحمل الفريق كاميرات الفيديو لتوثيق المخالفات وجمع الأدلة ولديه في ذلك وظيفتان، الأولى سد الفجوة لأن الصيد الجائر يحدث عادة في مناطق كثيرة في الجبال حيث لا توجد دوريات للشرطة، والثاني إبلاغها لأن الشرطة لا تعتني بحراسة الطبيعة في كثير من البلدان، وهكذا أصبح عملنا موزاياً لها، وأنشأنا على مر الأعوام علاقة عمل جيدة جداً مع الشرطة، فهم يساعدوننا كثيراً".

بيئات الشتاء

يقوم فريق "CABS" بجهود لجعل حياة الطيور آمنة، بخاصة في ظل تنامي أنواع كثيرة من الطيور مهددة بالانقراض، والسبب بحسب أكسل "أننا نفقدهم أثناء الهجرة، وكل جهود الحماية في بلدي ألمانيا لن تكون مجدية إذا لم تعد الطيور، ويمكننا إنشاء أكبر محمية طبيعية، ولكن إذا لم تعد الطيور لأن النار أطلقت عليها هنا أو في قبرص أو في مالطا فلا طائل من الأمر، فالطيور بطبيعة الحال لا تتجنب مناطق الخطر ولا خيار لديها بتغيير مساراتها الأزلية، وهي تتفادى الطيران الطويل فوق البحار والمحيطات".

ويتابع، "من أوروبا الوسطى والشرقية وروسيا في هذا الممر الخطر ذهاباً وإياباً تمر الطيور، وبعض هذه الأنواع مهددة بالانقراض ونريد مساعدتها في البقاء على قيد الحياة وحتى لا تقتل هنا في لبنان، وكل هذه الجهود التي نقوم بها نحن وزملاؤنا من المنظمات الأخرى هي لحماية هذه الطيور في بلدان تكاثرها، إذ تتكاثر في الصيف ويتعين علينا حمايتها في بيئتها التي تشمل طرق الهجرة وأيضاً بيئات الشتاء في أفريقيا".

 

 

أما عن سبب تناقص أعداد هذه الطيور فيشير أكسل إلى أنه "إضافة إلى عوامل الطبيعة وفقدان الموائل فهناك صيد غير قانوني وغير مشروع، وبعض هذه الطيور مثل النسر المرقط في ألمانيا يوجد منها 100 زوج، وتحتاج إلى أربعة أعوام لولادة فرخ واحد، وهي ليست كسائر الطيور التي تتكاثر بأعداد مقبولة سنوياً".

ويواصل، "كانت لدينا طيور مزودة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وقد فُقد بعضها في لبنان ولم يكن هناك من يراقب على الأرض، والآن الوضع مختلف مع وجودنا الموسمي لمراقبة الطيور وعمل الجمعيات المحلية المتخصصة لباقي أيام العام".

ولدى "CAPS" فريق مكون من 20 شخصاً يشاركون في العمليات كل عام، نصفه لبناني ونصفه الآخر دولي من جنسيات عدة من ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وهاواي وتركيا، إضافة إلى متطوعين محليين.

عنق الزجاجة

 يقول أكسل إنه "خلال عام 2017 كانت الرحلة الأولى إلى لبنان لاستطلاع الوضع في منطقة إغبة التي تعد عنق الزجاجة لهجرة الطيور ونقطة ساخنة للصيد غير القانوني، لذلك عندما وصلنا إلى هناك كانت الطيور تتساقط على سياراتنا، وكانت المنطقة بأكملها مليئة ببقايا صقور العسل والنسور والطيور المتنوعة وكل هذه الأنواع التي نريد حمايتها، لذا أقمنا شراكة مع جمعية حماية الطبيعة ومركز الشرق الأوسط للصيد المستدام، حيث نعمل للمرة الأولى مع مجتمع صيادين مسؤولين".

ويضيف، "من خلال شبكة مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام (MESHC) نتلقى كثيراً من المعلومات من الصيادين وأيضاً من مراقبي الطيور المحليين، ونتابع هذه المعلومات ونزور تلك الأماكن، وهي فكرة جيدة أن تعمل مع الصيادين فالأمر يخفف من التصعيد ويساعدنا في الوصول إلى المناطق كافة، كما يساعدنا في إقناع الناس أيضاً لأن هذا جزء من الحملة التي يقوم بها رئيس (MESHC) أدونيس الخطيب بشكل أساس، وبفضله هو ورئيسة وحدة مكافحة الصيد الجائر شيرين بو رفول أنشأنا علاقة جيدة جداً مع قوى الأمن الداخلي".

 

 

ويخبر أكسل أن الوضع تحسن في المنطقة قليلاً لكن لا تزال هناك جرائم بحق الطيور، مضيفاً "عقدنا مؤتمراً صحافياً في إغبة بحضور سفراء ألمانيا والنمسا وأربعة سفراء آخرين ووزير البيئة اللبناني عام 2019، لكن المشكلة أنه لا يزال لدينا كثير من المناطق الأخرى وبخاصة في شمال لبنان مثل عكار وتربل والمنطقة الجبلية بأكملها شمال وشمال شرقي طرابلس، وهي بقعة سوداء عملاقة لطيور اللقلق والنسور".

ويشير أكسل إلى أن التحديات الاقتصادية والأمنية في البلاد كانت تحول أحياناً دون إنجاز المهمات بشكل واسع، معتبراً أن الشرطة في لبنان من الأكثر استجابة في هذا الصدد مقارنة مع الدول الأخرى.

صيادون وحماية

ويقول رئيس مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام والمنسق الميداني للصيد المسؤول في جمعية حماية الطبيعة في لبنان أدونيس الخطيب إن المركز شكّل وحدة مكافحة الصيد الجائر (APU)، وهي مؤلفة من صيادين وتعمل مع جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL)، بشراكة مع منظمة (CABS) الدولية لمكافحة ذبح الطيور، وبتنسيق وتعاون كاملين مع الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية بهدف مكافحة الصيد الجائر وحماية الطيور المهاجرة التي تمر فوق لبنان، ثاني أهم ممر للهجرة في العالم .

ويضيف الخطيب، "يعد هذا التحالف فريداً من نوعه، فقوامه جمعية صيادين وجمعية بيئية وجمعية دولية تكافح قتل الطيور، وليس هناك أي تناقض أبداً، بل على العكس ثمة تكامل لأن الصياد الحقيقي في مفهومنا هو شريك في الحفاظ على الطبيعة كي يحمي استدامة هوايته كصياد ومستقبله كإنسان يعيش وسط تنوع بيولوجي من واجبه الحفاظ عليه، ونحن كمركز ووحدة نفرّق بين الصياد والقواص، فالصياد يصطاد ضمن الأطر القانونية ويلتزم بعدد الطرائد خلال الموسم، أما القواص فهو شخص عشوائي مؤذ يمارس القتل العشوائي للطيور ويستخدم أساليب غير قانونية في الصيد كشباك إبادة الطيور والدبق وصيد الليل باستخدام الأنوار الكاشفة، وهذا القواص يؤذي الصيد والصيادين ويدمر الهواية، ولذا تقوم الوحدة بالتوعية وتوثيق المخالفات والملاحقة القانونية".

ويتابع أن "جمعية حماية الطبيعة في لبنان، ممثلة بشخص مديرها العام أسعد سرحال، وهو صياد سابق وبيئي عالمي حائز على ’جائزة ميدوري‘ العالمية لحماية التنوع البيولوجي من اليابان، هي عراب إنشاء الوحدة التي تمثل اليوم المرجع العلمي والتوجيهي، كما أنها السبب الأساس للشراكة مع منظمة (CABS) التي تعمل معنا منذ ستة أعوام".

وتقول رئيسة وحدة مكافحة الصيد الجائر (APU) ومديرة مكتب منظمة (CABS) الدولية لمكافحة ذبح الطيور في لبنان شيرين بو رفول، "أنا صيادة وابنة الطبيعة، وعائلتي كلها صيادون، وحين اختارني رئيس المركز أدونيس الخطيب لأكون رئيسة الوحدة قلت له إن هذا الموقع أكثر موقع يشبهني لأنني أحمي من خلاله الطبيعة والهواية، لكن مع الوقت وبسبب الثقافة الواسعة عن عالم الطيور وهجرتها خفّ ولعي بالصيد والبندقية، وأصبحت أحب الصيد بالكاميرا لتوثيق اللحظات، لكنني لا أزال أعشق الرماية على الأهداف، وقد اختارتني لاحقاً منظمة (CABS) مديرة لمكتبهم في لبنان بعد أكثر من ثلاثة أعوام من العمل الميداني المشترك للوحدة معهم، وها نحن نكمل العام السادس معاً".

على ممر الطيور

وتشير شيرين إلى أن للوحدة الآن شبكة علاقات كبيرة تتعامل مع القضاء وأجهزة الأمن والسياسيين ورجال الدين والفعاليات ومجموعات الصيادين المستدامين في كل المناطق، وهذه إستراتيجية عمل بهدف التوعية والتواصل ومن ثم توثيق المخالفات وتقديم الشكوى إلى الجهات المختصة.

وتؤكد أن "عمل الوحدة كسر الجليد بين الصيادين والبيئيين، إذ أصبح البيئي يفهم أن هناك صياداً مسؤولاً يمكن الاعتماد عليه في حماية الطبيعة، وأصبح الصياد يفهم أن هناك بعض البيئيين يعملون بصدق وليس فقط بهدف التشهير بالصياد وتوجيه التهم إليه".

يذكر أنه وبهدف التوعية نظم مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام نشاطات عدة كان أبرزها مرافقة هجرة الطيور وتأمين ممر آمن لها عبر مجموعة من العائلات، إذ رافقوا مسارها بسيارات رباعية الدفع ليومين حتى اجتازت الأراضي اللبنانية، مع توزيع منشورات التوعية على طول الطريق في القرى التي اجتازوها.

ومن النشاطات أيضاً جائزة لصيد الربيع، وهي عبارة عن التقاط صور بكاميرات لها قبضة بارودة صيد لأخذ أفضل اللقطات للحيوانات وبخاصة الطيور، إضافة إلى ندوات التوعية والمؤتمرات.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات