Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رجب طيب أردوغان... "المغضوب عليه" أميركيا

ماذا وراء إلغاء زيارة التاسع من مايو؟ وإلى أين تتجه العلاقات بين أنقرة وواشنطن؟

وصف بايدن عندما كان مرشحاً للرئاسة الأميركية أردوغان بالمستبد وتعهد بإسقاطه (أ ف  ب)

ملخص

"البيت الأبيض" يتطلع إلى زيارة أردوغان في وقت مناسب للطرفين وخارجية أنقرة تقول إن الحوار الرفيع المستوى بين الدولتين سيستمر... فما كواليس إلغاء زيارة الرئيس التركي إلى أميركا؟

على نحو مفاجئ، وبعد ثلاث سنوات من الانتظار التركي، أعلن عن إرجاء لقاء كان من المقرر له أن يتم في التاسع من مايو (أيار) المقبل بين كل من رجب طيب أردوغان ونظيره جو بايدن إلى أجل غير مسمى، فماذا وراء هذه الخطوة؟ ولماذا تأتي في هذا التوقيت؟ وإلى متى يظل الرئيس التركي من المغضوب عليهم من قبل البيت الأبيض؟

والخلافات بين أنقرة وواشنطن، اللتين تمتلكان أكبر جيشين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كثيرة، بدءاً من التباين في الملف السوري، مروراً بتحركات تركيا في حوض شرق المتوسط والتغول على حقوق الآخرين، والتدخل في شؤون بعض الدول عبر دعم التنظيمات المسلحة، وصولاً إلى الخلاف في ملف المهاجرين الذي تساوم به الاتحاد الأوروبي كله، وانضمام السويد إلى الناتو وصفقات الأسلحة.

إلى جانب مطالبة واشنطن بالإفراج عن رجل الأعمال التركي عثمان كافالا المحكوم بالسجن مدى الحياة بتهمة التآمر لإطاحة حكومة أردوغان، ورفض أميركا تسليم فتح الله غولن، رجل الدين التركي الذي يعيش منفياً في ولاية بنسلفانيا والذي يتهمه أردوغان بتدبير المحاولة الفاشلة لانقلاب 2016.

في سوريا تدعم أميركا وتدرب "قوات سوريا الديمقراطية" التي تعتبرها تركيا، المساندة لنظام بشار الأسد وأرسلت قواتها للقتال إلى جواره، إرهابيين وتهديداً لوحدتها لأنهم مرتبطون مباشرة بحزب العمال الكردستاني الانفصالي في جنوب شرقي تركيا.

وشاب العلاقات أيضاً بعض التوتر على خلفية شراء تركيا منظومة دفاع صاروخي روسية، تعطلت بسببها صفقة بيع مقاتلات "أف-16" للجانب التركي، لكن في يوليو (تموز) 2023 وافق أردوغان على إسقاط معارضته انضمام السويد إلى حلف الناتو، لتتعهد الولايات المتحدة "بمتابعة" طلب تركيا شراء طائرات "أف-16"، وفقاً لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، لتنتهي الأزمة إثر تلك المقايضة.

توتر غزة

الإعلان عن إرجاء اللقاء جاء وسط التوترات في شأن الحرب في غزة، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أول من أمس الجمعة إن الزيارة التي كانت مقررة في التاسع من مايو تقرر تأجيلها إلى موعد لاحق يناسب الجانبين، وأضاف أن "الحوار رفيع المستوى بين تركيا والولايات المتحدة سيستمر".

كما قال متحدث باسم السفارة الأميركية الجمعة إن البيت الأبيض يتطلع إلى زيارة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت يكون مناسباً للطرفين، لافتاً إلى أنه "لم نتمكن من التوفيق بين جداول المواعيد".

وكان اللقاء سيمثل أول اجتماع يستضيفه البيت الأبيض بين الرئيسين، اللذين التقيا آخر مرة على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ليتوانيا في يوليو (تموز) الماضي.

 

ويسعى البلدان العضوان في حلف شمال الأطلسي إلى تحسين العلاقات التي توترت بسبب عدد من الخلافات من بينها تأخر تركيا في المصادقة على انضمام السويد إلى الحلف.

وليس هذا التأجيل بالمسألة البسيطة، "إذ إن أردوغان يسعى منذ ثلاث سنوات إلى الآن إلى تلقي دعوة إلى البيت الأبيض للاجتماع بالرئيس الأميركي بايدن"، وفق ما صرح سونر كاغابتاي مدير البرنامج التركي في معهد واشنطن.

زيارة هنية

يأتي الإعلان عن إلغاء اللقاء إثر زيارة أجراها الزعيم السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية برفقة وفد قيادي من الحركة إلى تركيا والاجتماع مع أردوغان لمناقشة وقف إطلاق النار الدائم المحتمل وتسريع المساعدات الإنسانية لغزة.

وتركيا، على النقيض من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا تعتبر "حماس" منظمة إرهابية، وتتباين أيضاً المواقف في شأن الرد الساحق لإسرائيل، الحليفة التاريخية للولايات المتحدة، على الهجمات التي شنتها الحركة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ويرى أردوغان أن "حركة حماس تقوم بالضبط بما كانت تقوم به القوات الوطنية في تركيا خلال حرب الاستقلال"، بينما انتقد إسرائيل انتقاداً لاذعاً على حربها هذه، وغالباً ما قارن بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأدولف هتلر، متهماً الولايات المتحدة برعاية "الإبادة الجماعية" للفلسطينيين.

 

وفي خطاب ألقاه أخيراً، وصف أردوغان نتنياهو بأنه "جزار غزة"، مندداً أيضاً بـ"الدعم العسكري والدبلوماسي غير المشروط" الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، كما انتقد مجلس الشيوخ الأميركي على تمريره حزمة مساعدات بقيمة 13 مليار دولار لإسرائيل. كما أعلنت تركيا في مطلع الشهر، عن قيود على الصادرات إلى إسرائيل.

ويرى كاغابتاي أن "أردوغان تحفظ عن اتخاذ تدابير أكثر قساوة حيال إسرائيل، في مسعى منه إلى عدم إثارة سخط بايدن، لكن كل الاحتمالات باتت واردة الآن".

والجمعة أعاد أردوغان التشديد على موقفه، قائلاً "لا يمكننا أن نكون من هؤلاء الذين يصفون حماس بالمنظمة الإرهابية لمجرد أن إسرائيل وداعميها الغربيين يريدون الأمر على هذا النحو". وصرح بأن أنقرة ترى في "حماس" "إخوة يدافعون عن أرضهم في وجه المحتل".

إسقاط المستبد

وبالعودة إلى الوراء، وبالتحديد في الـ13 من أغسطس (آب) عام 2020، تعهد بايدن، عندما كان مرشحاً للرئاسة، بإسقاط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حال فوزه، ووصفه بالمستبد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال بايدن وقتها إنه سيدعم المعارضة التركية حتى يتم إسقاط "المستبد أردوغان"، الذي اتهم نظامه بتأسيس تنظيم "داعش"، معرباً عن قلقه من وجود 50 رأساً نووياً أميركياً في تركيا، كما تعهد بالعمل مع حلفاء واشنطن في المنطقة لعزل أردوغان.

ووفق صحيفة "نيويورك تايمز" فإن بايدن أدلى بتصريحات عام 2014 تشير إلى أن تركيا لعبت دوراً في تمكين صعود "داعش"، مما أثار التوترات الدبلوماسية. كما ينتقد الرئيس الأميركي القمع الذي يمارسه نظام أردوغان تجاه الأكراد.

أسباب الداخل

اللقاء بين أردوغان وهنية يأتي مع دخول حرب القطاع شهرها السابع، ليضع علامة استفهام كبيرة حول موقف الرئيس التركي وتصريحاته، وهل هي فعلاً من أجل الفلسطينيين أم لحاجة أخرى في نفسه؟

اعترف أردوغان في أول لقاء له مع قيادة حزبه "العدالة والتنمية"، بعد نتائج الانتخابات البلدية التي اقتنصت فيها المعارضة أهم المدن، إسطنبول وأنقرة وإزمير، بأن الشعب التركي لم يكن راضياً عن دور الحكومة وموقفها من الأحداث في غزة، وما قدمته للشعب الفلسطيني من مساعدات.

حديث أردوغان، الذي أكد ضرورة تغيير الحزب سياساته تماهياً مع رغبات الشعب حتى لا يفقد شعبيته ويذوب مع الأيام، يشير إلى أن الشعب التركي عاقب الحزب بالتصويت لخصومه، وأن أردوغان لا ينشد من موقفه حول غزة إلا رضا الأتراك ليس أكثر.

على الصعيد الاقتصادي، قالت وزارة التجارة التركية في التاسع من أبريل (نيسان) الجاري، إن أنقرة ستفرض قيوداً على تصدير منتجات من 54 فئة مختلفة إلى إسرائيل حتى يتم إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مضيفة أن الإجراءات ستدخل حيز التنفيذ على الفور، وأنها ستشمل منتجات الحديد والصلب ومعدات ومنتجات البناء والآلات وغيرها.

ووفقا لوكالة "بلومبرغ"، فإن الخطوة التركية تأتي بعد أن أدان آلاف المتظاهرين أردوغان بسبب الحفاظ على التجارة مع إسرائيل على رغم الحرب المستمرة في غزة.

وأظهرت بيانات نشرتها جمعية المصدرين الأتراك أنه على رغم انخفاض التجارة مع إسرائيل منذ السابع من أكتوبر، تزيد الصادرات إليها كل شهر منذ بداية 2024 حتى بلغت 423.2 مليون دولار في مارس (آذار).

ووفقاً لصحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية، احتلت تل أبيب المرتبة 13 لصادرات تركيا في عام 2023، وبلغت الصادرات إليها 5.42 مليار دولار، بينما في عام 2021 تجاوز حجم التبادل التجاري 10 مليارات دولار.

 

وعلى رغم الاتهامات اللاذعة التي تتبادلها أنقرة وتل أبيب، بسبب الحرب في غزة، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 ذروته، بوصول ما تستورده تركيا من إسرائيل إلى مستوى غير مسبوق.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "زمان" التركية، واستند إلى أحدث بيانات نشرتها "هيئة الإحصاء" التركية، فإن نسبة الواردات للصادرات بلغت 42.4 في المئة وهو ما ورد أيضاً بتقرير لمجلة "إيكونوميست" الاقتصادية.

وأكد التقريران أن صادرات تركيا إلى إسرائيل بلغت في نوفمبر 301 مليون دولار، بينما بلغت وارداتها من إسرائيل 128 مليوناً، وهو ما يخالف تماماً ما ذكره وزير التجارة التركي، عمر بولات، من أن التجارة بين أنقرة وتل أبيب تقلصت إلى النصف منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حماس".

فهل تصريحات أردوغان وحكومته تأتي فقط من باب "ذر الرماد في العيون"؟ وإلى أين يتجه مستقبل العلاقات بين أميركا وتركيا؟

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير