Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حق الصحة" لافتة مصرية ملغومة بـ"أسعار الخدمات والأدوية"

الوزارة تقول إن "تحريك الأسعار حتمي لضمان استمرارية الخدمة ومراقبون يرون أن على الحكومة البحث في حلول أخرى بعيداً من المواطن

رغم التطورات التي شهدها القطاع الصحي المصري فإنه لا يزال يعاني فجوات عدة (رويترز)

ملخص

إمكانات مستشفيات مصر باتت تحول دون تأمين المستلزمات والأجهزة والأطقم الطبية اللازمة لاستمرار العمل فيها... فهل قرار تعديل أسعار الخدمات لمصلحة المريض؟

هدأت قليلاً شكاوى أسعار السلع الغذائية في مصر وخفت إلى حد ما التذمر من تخفيف أحمال الكهرباء، وتوجهت الأنظار صوب الصحة والدواء. إنه الملف الذي يعني إما حياة وصحة وإنتاجاً أو موتاً واعتلالاً وعجزاً بشتى الأشكال.

وشكل العودة هذه المرة طغى عليه البحث المعلوماتي والوعي الإجرائي، فقد أعلنت الجهات الرسمية المتخصصة بدء تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل في مرحلته الثانية بخمس محافظات جديدة، والمستفيدون 12 مليون مصري ومصرية.

متحدث وزارة الصحة والسكان حسام عبدالغفار قال إن هذه المرحلة شملت إنشاء ورفع كفاءة وتطوير شامل لـ 1115 وحدة صحية ومركز طب أسرة في قرى المحافظات المستهدفة، إضافة إلى 367 نقطة إسعاف و23 مستشفى وفقاً لمعايير منظومة التأمين الصحي الشامل. وتشمل المرحلة الثانية خمس محافظات وهي دمياط ومطروح وكفر الشيخ وشمال سيناء والمنيا بإجمال عدد سكان يصل إلى 12 مليون نسمة.

وكانت المرحلة الأولى من منظومة التأمين الصحي الشامل استهدفت محافظات بورسعيد والسويس والإسماعيلية وجنوب سيناء وأسوان والأقصر، وقال عبدالغفار إن هذه المرحلة حققت عدداً من الإنجازات أبرزها زيادة نسبة الرعاية الصحية في المحافظات المعنية بنسبة تصل إلى 80 في المئة، إضافة إلى إمكان الحجز بالخدمات المقدمة من الهيئة عبر الهاتف.

وتوفر هيئة التأمين الصحي ما يعرف بـ "فاميلي ميديسن" و"الممارس الصحي" الذي يحول المريض إلى الاختصاصي ومنه إلى المستويين الثاني والثالث، حيث إجراء الجراحات وعلاجات الأورام وغيرها، وهو ما لم يعتده المصريون في رحلاتهم الساعية للعلاج.

أعوام طويلة وكل بيت مصري تحول موازنته دون علاج مرضاه علاجاً خاصاً في مستشفيات استثمارية أو أطباء مشهود لهم بالخبرة والحنكة، وعشرات الحكايات عن أهوال المستشفيات الحكومية، فلان الذي ظل يتردد على المستشفى العام على مدار 30 عاماً من دون أن يحظى بعلاج حتى مات فأراح واستراح، وفلانة التي عانت الأمرّين في قسم الرعاية المركزة وكادت تفقد حياتها بسبب الإهمال والفوضى، وعلان الذي ظل طول فترة إقامته في المستشفى يتلقى علاجاً اتضح أنه العلاج المخصص للمريض في الفراش المجاور له لكن "ربنا ستر".

الحكايات ظلت تسرد على مدى عقود، وبرامج الأحزاب المعارضة كانت تنضح بنقاط جذب رئيسة قائمة على الحق في الصحة بكلفة تناسب الجميع، وحتى في أحداث يناير (كانون الثاني) 2011 تردد إصلاح منظومة الصحة، ولا سيما تلك التي تستفيد منها الفئات الأكثر احتياجاً وهم الغالبية، إذ كانت "الصحة" ضمن مطالب "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية".

خدمة أفضل ولكن

العدالة الاجتماعية ظلت عقوداً طويلة على خصام مع المستشفيات الحكومية، فالأولى شعار وحبر على ورق، والثانية عذاب وقائمة من المشكلات لا يدفع ثمنها المريض فقط بل الطواقم الطبية والإدارية والمنظومة برمتها.

دراسة عن الوضع الصحي في مصر أجرتها "كلية مايلمان للصحة العامة" في "جامعة كولومبيا" الأميركية (2021) لخصت المشكلات التي تواجهها المنظومة في نقص التمويل وتدني جودة الرعاية ونقص المعدات الطبية، وكذلك العاملون المؤهلون وانخفاض الاستثمار الحكومي، إذ لا يتجاوز المخصص للصحة 1.5 في المئة فقط من إجمال الناتج المحلي.

وبلغة الأرقام أيضاً وفي البند نفسه قال وزير الصحة والسكان خالد عبدالغفار إن تطوير القطاع الصحي يقع ضمن أولويات مصر الأساس، مشيراً إلى أن ذلك ظهر واضحاً في زيادة حجم الإنفاق الحكومي على القطاع الصحي من 32 مليار جنيه مصري  (670 مليون دولار) عام 2014 ليصل إلى 222 مليار جنيه (4.64 مليار دولار) عام 2023.

 

هذه الزيادة شعر بها ملايين المرضى وأسرهم مترجمة في خدمة أفضل وقوائم انتظار أقل ورعاية أحسن نسبياً مقارنة بعقود من عصور سياسية مضت، وعلى رغم التحسن فإن معضلة تلقي العلاج والحصول على خدمات في المستشفيات الحكومية ليست بهذه البساطة، وعدم كفاية الأطباء ونقص طواقم التمريض وقلة الإمكانات وعدم كفاية التدريب وتدني الرواتب وضعف القدرة على مواكبة التحديث التقني والتحول الرقمي أبرز التحديات التي تواجه المستشفيات العامة، وهي التحديات المتوارثة عبر العقود والمتفاقمة بفعل استمرار ضعف الإمكانات مع الزيادة السكانية الكبيرة واتساع رقعة المواطنين الأكثر حاجة، وهي الفئة التي تعتمد على المستشفيات الحكومية لتلقي العلاج.

هذه الفئة التي ما كادت تلتقط أنفاسها العلاجية وتبني ثقة كانت مفتقدة في منظومة العلاج الحكومية بعد تحسن أدائها خلال الأعوام القليلة الماضية حتى فوجئت بسلسلة من القرارات الصادمة التي يخشى أن تزيد حجم الثقل المادي الملقى على أكتافها.

وخلال أقل من شهر صدرت أربعة قرارات متتالية، إذ يحظر على الأطباء في هذه المستشفيات كتابة أدوية مستوردة للمواطنين طالما هناك مثيل مصري لها، وزيادة أسعار الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات الحكومية وعلى رأسها أسعار تذاكر الدخول والزيارة وأسعار الخدمات الطبية المختلفة، والاكتفاء بصرف دواء واحد فقط للمرضى من إجمال الأدوية التي يجري وصفها في المستشفيات، وأعقب هذه القرارات صدور لائحة بالأسعار الجديدة الخاصة بالخدمات الصحية والعلاجية والتمريض، مع إضافة عدد من الخدمات الجديدة في المستشفيات الحكومية.

دواء واحد لا يكفي

الحديث عن أية زيادة في الأسعار مثير للقلق الشعبي، وحين يأتي في ظل أزمة اقتصادية طاحنة يتحول القلق إلى غضب، وحين تتعلق الزيادة بشؤون الصحة فإن الأمر يحتاج إلى تفسير منطقي وتصور للبدائل المطروحة.

وعلى صعيد التفسير قال وزير الصحة والسكان خالد عبدالغفار في لقاء مع الصحافيين قبل أيام، إن "تحريك أسعار الخدمات الطبية المجمدة والثابتة منذ 27 عاماً كان حتمياً لمواكبة الزيادة الكبيرة في أسعار هذه الخدمات، وضمان استمرارية الخدمة المقدمة للمرضى في المستشفيات الحكومية".

وأضاف عبدالغفار أن إمكانات هذه المستشفيات باتت تحول دون تأمين المستلزمات والأجهزة والأطقم الطبية اللازمة لاستمرار العمل فيها، وهو ما يعني أن قرار تعديل أسعار الخدمات لمصلحة المريض، أي أن الإبقاء على الأسعار القديمة كان يعني تعثر تقديم الخدمات أو توقفها تماماً.

هذا المريض سيجد نفسه في ضوء القرارات الجديدة حاصلاً على دواء واحد فقط من الأدوية الموصوفة له، وهو ما يطرح عدداً من التساؤلات القلقة حول مصير المرضى الذين يحتاجون إلى أكثر من دواء واحد، وليست لديهم القدرة المادية على شرائها.

وقال عبدالغفار إن موازنة الدواء في وزارة الصحة تتراوح ما بين 20 و30 مليار جنيه (420 مليون دولار - 630 مليون دولار) بعد الزيادات الأخيرة التي طرحت على الأسعار، مضيفاً أن طريقة وصف وصرف الأدوية في المستشفيات الحكومية كان فيها هدر واضح، ومشيراً إلى أنه جرى اتخاذ قرار بصرف دواء واحد فقط للمريض باستثناء الأدوية التي تصرف بناء على قرار علاج على نفقة الدولة أو نفقة التأمين الصحي.

وفي محاولة لطمأنة المصريين المترددين على هذه المستشفيات والقلقين من توقف صرف الأدوية التي لن يتمكنوا من شرائها على نفقاتهم الخاصة، قال متحدث وزارة الصحة حسام عبدالغفار إن القرار يستثني المصابين بأمراض مزمنة من الذين يحصلون على حاجاتهم من الدواء عبر التأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة، وكذلك في حالات الطوارئ.

وبحسب تقرير صادر عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء فقد زادت كلفة العلاج على نفقة الدولة في الداخل بنحو ستة أضعاف، أي بقيمة 17 مليار جنيه (360 مليون دولار) عام 2022 – 2023 مقارنة بـ 3 مليارات جنيه (63 مليون دولار) عام 2013 – 2014، وزاد عدد المواطنين الذين عولجوا على نفقة الدولة في الداخل بأكثر من ضعفين ليسجلوا 2.2 مليون مواطن عام 2022 - 2023، مقارنة بأقل من مليون مواطن عام 2013 - 2014. وزادت مخصصات الأدوية خمسة أضعاف لتسجل 14.6 مليار جنيه (310 ملايين دولار) وفقاً لمشروع موازنة 2023 - 2024، مقارنة بـ 2.9 مليار جنيه (61 مليون دولار) عام 2013 - 2014.

تحريك صادم

وعلى رغم ذلك جاءت قرارات تحريك أسعار الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية صادمة، فالتوقيت صعب في ظل الأزمة الاقتصادية الكبيرة، والأسعار ظلت ثابتة على مدى ثلاثة عقود، مما يجعل أي تغيير صادماً مهما كان صغيراً، والفئات المتضررة من هذه القرارات هي الفئات الأكثر فقراً وحاجة.

وعلى سبيل المثال فقد تحرّك سعر تذكرة العيادة الخارجية من جنيه واحد إلى 10 جنيهات، ويبدو سعر "جنيه" هزلياً ولكن زيادته إلى 10 جنيهات فجأة كانت صادمة.

 

وبعد تأكيد عنصر الصدمة في القرارات الصادرة قبل أيام قال مسؤول ملف الحق في الصحة في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" (منظمة حقوقية مصرية) علاء غنام لـ "اندبندنت عربية" إنه "لا يمكن فهم هذه القرارات بمعزل عن الأزمة الاقتصادية الراهنة وعجز الموازنة وانخفاض قيمة الجنيه المصري، ولا سيما أن معظم مكونات الدواء والمستلزمات الطبية مستورد بالعملات الأجنبية، وبالتالي انخفضت قيمة مخصصات وزارة الصحة لهذه البنود بقيمة انخفاض الجنيه نفسها".

ويضيف غنام أنه "لم يكن هناك حل لسد عجز التمويل غير تحميله على المواطن، لكن عن أي مواطن نتحدث؟ إنه المواطن غير المشمول بمظلة التأمين الصحي وغير القادر على العلاج الخاص، والمواطن الأشد فقراً وحاجة والذي يبحث عن العلاج في المستشفيات الحكومية، ونسبته لا تقل عن 40 في المئة من السكان".

ويوضح غنام أن المسألة "ليست قيمة كشف في العيادة الخارجية زاد من جنيه إلى 10 لكنها أوسع من ذلك بكثير، فهذا المريض سيجد نفسه مضطراً إلى سداد قيمة التحليل والأشعة المطلوبين وشراء المستلزمات الطبية المطلوبة، والمواطن الفقير الذي يذهب للعلاج في مستشفى المطرية مثلاً سيكون قادراً على دفع الـ 10 جنيهات، لكن ماذا عن بضع مئات أو آلاف مطلوبة لدفع قيمة الإشاعات والتحاليل والأدوية؟ فما يحدث هو مواجهة الأزمة بتحميلها على المواطن الأشد فقراً بحجة أن لدينا نظام تأمين صحة وعلاج على نفقة الدولة".

القادرون والعلاج الخاص

ويشير غنام إلى أن نحو "10 في المئة فقط من المصريين قادرون على طلب العلاج في المستشفيات الخاصة، أما الباقي فموزعون بين التأمين الصحي والمستشفيات الحكومية"، مضيفاً أن "زيادة معاناة 90 في المئة من المواطنين أمر غير دستوري".

ويشار إلى أن المادة الـ (18) من الدستور المصري تنص على أن "لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق المادة تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن ثلاثة في المئة من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم، كما يجرم الامتناع من تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة، وتلتزم الدولة تحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين في القطاع الصحي، وتخضع جميع المنشآت الصحية والمنتجات والمواد ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لرقابة الدولة، وتشجع الدولة مشاركة القطاعين الخاص والأهلي في خدمات الرعاية الصحية وفقاً للقانون".

وبالعودة للأرقام والثلاثة في المئة التي ينص عليها الدستور، والتي باتت محل تساؤلات تتراوح بين تفهم ما استجد من أزمة اقتصادية طاحنة، وإصرار على أن الصحة أولوية لا يمكن تأجيلها لأي سبب كان، فقد طرح "المركز المصري للدراسات الاقتصادية" تصوراً قبل أشهر عن حقيقة تراجع الإنفاق على قطاعي الصحة والتعليم في الموازنة العامة، وجاء فيه أن مخصصات الإنفاق على كل من التعليم والصحة زادت بالفعل في موازنة 2023 - 2024، لكن في قيمتها الاسمية وليست الحقيقية، فالإنفاق الاسمي على الصحة زاد من 135.6 مليار جنيه (2.8 مليار دولار) إلى 147.8 مليار جنيه (3 مليارات دولار)  بين عامي 2021 - 2022  و 2023 – 2024 بنسبة نمو تسعة في المئة، إلا أن هذه الزيادة لم تكن كافية لتعويض الأثر السلبي لارتفاع معدل التضخم، وكانت النتيجة تراجع الإنفاق الحقيقي 10.7 في المئة خلال الفترة نفسها من 114.3 مليار جنيه (2.39 مليار دولار) إلى 102.1 مليار جنيه (2.1 مليار دولار).

كما تراجع الإنفاق على الصحة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 1.7 في المئة عام 2021 - 2022 إلى 1.2 في المئة عام 2023 – 2024.

ويعلل المركز سبب الاختلاف في تفسير الأرقام وخروجه بنتيجة مفادها أن الإنفاق الفعلي انخفض على قطاع الصحة، وذلك عكس التصريحات الرسمية بأن "خبراء المركز يعتمدون على التعريف السليم للإنفاق على الصحة من دون إضافات من شأنها تضخيم النسبة على غير الحقيقة".

الصحة ليست سلعة

والحقيقة كما يؤكد علاء غنام هي أن "الصحة حق وليست سلعة، والمشكلة الأكبر هي أن تحميل الفقر آثار الأزمة الاقتصادية يؤدي إلى زيادة عدد الفقراء"، واصفاً التصريحات الرسمية التي تفيد بعمل استثناءات من القرارات الجديدة حال أثبت المريض عدم قدرته على سداد القيمة المطلوبة بأنها "وصمة للفقراء، ولا سيما أن من يذهب لتلقي العلاج في المستشفيات العامة لا يحتاجون إلى إثبات عدم قدرتهم، لأنهم لو كانوا قادرين لما ذهبوا لهذه المستشفيات أصلاً".

وعلى رغم تأكيد غنام أن ما جرى من تحريك أسعار تحت ضغط الأزمة الاقتصادية فإنه في الوقت نفسه يرى أنه كان على الحكومة أن تلجأ إلى حلول أخرى غير تحميل المواطن غير المحتمل أصلاً، وذلك إلى أن تعالج السياسات الاقتصادية التي كانت ضمن الأسباب التي أدت إلى فجوة التمويل.

فجوات عدة لا يزال القطاع الصحي يعانيها على رغم التطورات الكبيرة التي حدثت والإنجازات التي شهدها ملايين المصريين، مثل مبادرات "100 مليون صحة" و"الكشف عن سرطان الثدي" و"القضاء على قوائم الانتظار" والتوسع في العلاج على نفقة الدولة، ونظام التأمين الصحي الشامل الذي بدأت مرحلته الأولى في محافظات السويس وبورسعيد والإسماعيلية وجنوب سيناء والأقصر وأسوان، على أن تتبعه بقية المراحل لتغطي مصر بأكملها.

 

تحسين أداء المستشفيات الحكومية وسد فجوات التمويل وزيادة أعداد الطواقم الطبية ورفع أجورها وتدريبها تدريباً كافياً ومستمراً ورفع قدراتها لاستيعاب الأعداد المتزايدة، كلها ملفات ملغومة في منظومة مستشفيات الفئات الأكثر فقراً.

أما التحريك الأخير فيخشى أن يسبب غضباً بين هذه الفئات المنهكة اقتصادياً، وهو ما قد يضع السلم الاجتماعي في خانة الخطر، ولا سيما في ضوء الأوضاع الاقتصادية القاسية التي لم تكن في حاجة إلى مزيد من القسوة أو التضييق.

الإعلان قبل ساعات عن بدء المرحلة الثانية من نظام التأمين الصحي الشامل من شأنه أن يخفف قليلاً من روع المواطنين، ولا سيما الفئات الأكثر حاجة، لكن كما يقول المصريون "الأمر ما يسلمش"، فمن جهة يعاقب قانون التأمين الصحي الشامل الجديد كل من يعطي بيانات غير صحيحة أو يمتنع من إعطاء البيانات المنصوص عليها بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن 2000 جنيه (41.79 دولار أميركي) ولا تجاوز 10 آلاف جنيه (208.9 دولار أميركي)، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

من جهة أخرى تحسس بعضهم جيوبهم حين قال وزير المالية المصري محمد معيط قبل أيام إن الدولة تعمل على تقديم حوافز لجذب القطاع الخاص إلى منظومة الرعاية الصحية "حتى يقود نظام التغطية الصحية الشاملة"، وزاد من حجم التحسس المصحوب بالتخوف أن وزير المالية كان يتحدث في فعالية عن التأمين الصحي على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن.

ورفع الإعلان عن المرحلة الثانية من نظام التأمين الصحي الشامل سقف توقعات كثير من الآملين في رعاية صحية أفضل وأكثر كفاءة وإتاحة، لكن المثل الإنجليزي يقول "إنه لا يوجد شيء اسمه وجبة مجانية".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات