Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الروائي باسم خندقجي يخطف البوكر من سجنه الإسرائيلي

رواية "قناع بلون السماء" تحفر في أرض فلسطين بحثاً عن الهوية الأم

صورة نادرة للراوئي باسم خندقجي في سجنه الإسرائيلي (دار الآداب)

ملخص

فاز الروائي الفلسطيني  باسم خندقجي الأسير في أحد السجون الإسرائلية بجائزة البوكر العربية عن روايته "قناع بلون السماء" (دار الآداب) ، وكانت المنافسة شديدة بينها وبين رواية مواطنه أسامة العيسة "سماء القدس السابعة" (منشورات المتوسط)، ورواية المصري أحمد مرسي "مقامرة على شرف الليدي ميتسي" (دار دون).

حسم الروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي السجال الذي قام أخيراً حول الرواية المتوقع فوزها بجائزة البوكرالعربية، في دورتها السابعة عشرة، وفاز بها  بجدارة، عن روايته "قناع بلون السماء"، وفق ما أعلن رئيس لجنة التحكيم الروائي نبيل سليمان، في الحفلة التي أقامتها إدارة الجائزة في معرض أبو ظبي للكتاب عشية افتتاحه.

لكنّ الروائي الذي يقبع في سجن عوفر الإسرائيلي غاب عن هذه اللحظة الرهيبة، ولم يتسلم الجائزة بيده ولم يصعد إلى المنبر، إلا أن شقيقه يوسف والناشرة رنا إدريس (دار الآداب) توليا تسلم الجائزة عوضاً عنه. وأجهش شقيقه بالبكاء فرحاً وحزناً، فرحاً بهذه الجائزة التي تدخل شقيقه إلى عالم المكرسين عربياً وتفتح أمامه آفاق العالمية، وحزناً على غيابه وعذابه خلف جدران السجن الإسرائيلي.

أما رواية "قناع بلون السماء" التي سبق أن كتبنا عنها في "اندبندنت عربية" فهي  تدور حول عالم آثار يدعى نور، يقيم في مخيم في رام الله. ذات يوم، يجد هوية زرقاء في جيب معطف قديم، صاحبها إسرائيلي يدعى أور، فيرتدي نور قناع المحتلّ في محاولة لفهم مفردات العقل الصهيوني. في تحوّل نور إلى أور، وفي انضمامه إلى بعثة تنقيب في إحدى المستوطنات، تتجلى فلسطين المطمورة تحت التراب بكل تاريخها. وفي المسافة الفاصلة بين نور وأور، وبين الهوية الإسرائيلية الزرقاء والتصريح الفلسطيني، وبين السردية الأصلية المهمشة والسردية المختلفة السائدة، هل ينجح نور في إلقاء القناع والقضاء على أور، علّه يصل إلى النور؟ هذه الرواية  تنحو منحى تجريبياً، فهي تعتمد تقنية البطاقات الصوتية، المرقمة والمؤرخة، عنوانها هو "في سبيل الرواية".

 

باسم خندقجي، المولود في مدينة نابلس سنة 1983، هو عضو في اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني، وأحد أبرز مفكّري الحركة الفلسطينية الأسيرة. تتنوّع نتاجاته بين الكتابة الإبداعية، شعراً ورواية، والكتابة الفكرية، السياسية والتاريخية والنظرية، خصوصاً في مجال دراسات السجن. واعتُقل خندقجي في 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2004، وحُكم بالسجن المؤبّد ثلاث مرات بتهمة العمل الفدائي خلال انتفاضة الأقصى. ولا يزال على قيد الأسر في قسم العزل الجماعي في سجن عوفر الإسرائيلي، قرب بيتونيا جنوب - غرب مدينة رام الله. وعلى الرغم من انقطاع مسيرته الأكاديمية كطالب في قسم الصحافة والإعلام في جامعة النجاح الوطنية بعد أسره، فهو تمكّن من الحصول على درجتَي البكالوريوس والماجستير في "الدراسات الإقليمية - مسار الدراسات الإسرائيلية" من جامعة القدس (2016)، بإشراف مروان البرغوثي في "جامعة هداريم"، ويسعى حالياً إعلى استكمال دراسة الدكتوراه وهو في الأسر.

كان النقاش حياً، في الجلسة الأخيرة التي عقدتها لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية، لاختيار الرواية الفائزة من الروايات الست التي بلغت القائمة القصيرة في الدورة السابعة عشرة 2024. وكان من الطبيعي أن يبلغ النقاش ما بلغه من اختلاف أوتعدد في وجهات النظر، فثمة روايات ثلاث بدت الآراء تدور حولها أو تتركز عليها، وهي روايتان فلسطينيتان، الأولى "قناع بلون السماء" للروائي الأسير باسم خندقجي، والثانية "سماء القدس السابعة" للروائي أسامة العيسة، أما الثالثة فمصرية وهي "مقامرة على شرف الليدي ميتسي" للروائي أحمد المرسي. خلال الفترة الأخيرة دار سجال في وسائل الأعلام كافة، حول هذه الروايات الثلاث، ونالت رواية "قناع بلون السماء" استقطاباً كبيراً، أولاً تعاطفاً مع صاحبها الذي يرتع في سجن "عوفر" الإسرائيلي، ويعاني حياة ملؤها القسوة والعذاب، وثانياً لأن الرواية نفسها مهمة وجديدة في مادتها السردية وأسلوبها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد ساهمت الحرب المدمرة التي تقودها إسرائيل على غزة والضفة، في رفع شأن الروايتين الفلسطينيتين كلتيهما أصلا، تضامناً رمزياً  وأدبياً مع فلسطين، فراح صحافيون ونقاد عرب، يشيدون بالروايتين اللتين تستحقان فعلاً الإشادة، منادين بفوز إحداهما ولا سيما رواية الكاتب الأسير خندقجي، التي راجت شعبياً وحققت أرقاماً عالية في المبيع، وأقيمت حولها ندوات ولقاءات في بعض معارض الكتب.

وفي هذا القبيل كتب الناقد الفلسطيني المعروف فيصل دراج يقول في مقال له: "أشهرت جائزة البوكر العربية، هذا العام، روايتين فلسطينيتين تتسمان بالتميز: "قناع بلون السماء" لباسم خندقجي، و"سماء القدس السابعة" لأسامة العيسة. واجه الأول سجنه الإسرائيلي الطويل بإبداع تكشّف في ثقافة رحبة وأسلوب غير تقليدي، وأنجز الثاني عملًا "هائلًا"، أكان بصفحاته (676 صفحة)، أم بجهد بحثي ــ استقصائي جدير بصفة الندرة، يضيف إلى تاريخ الرواية الفلسطينية شكلًا غير مألوف يطرح أسئلة كثيرة على الكتابة الروائية". بل إن الراوئي والناقد نبيل سليمان، قبل تعيينه رئيساً للجنة التحكيم، كان اختار هاتين الروايتين في مقال له في "اندنبدنت عربية" ضمن أبرز أعمال روائية فلسطينية صدرت عشية الحرب على غزة، وكتب عنهما.

أما الرواية المصرية "مقامرة على شرف الليدي ميتسي" فتم الترحاب بها بشدة في الأوساط الأدبية والنقدية المصرية، وهي رواية مهمة، حتى أن ناقداً معروفاً كتب يدعو لجنة التحكيم إلى منحها الجائزة، مفنداً خصائصها السردية. ورجح البعض إمكان فوز الرواية هذه إلى كون مصر هي ضيف الشرف في معرض أبو ظبي للكتاب هذه السنة. ولكن من المعروف أن لجنة تحكيم البوكر لا تتلقى أي إشارة أو توجيه في شأن اختيارها، وهذا أمر محسوم.

فازت إذاً رواية "قناع بلون السماء"  لكنّ هذا الفوز لا يعني  "خسارة" الروايتين الأخريين بل الروايات الأخرى وهي: "خاتم سليمى" للسورية ريما بالي، "الفسيفسائي" للمغربي عيسى ناصري، "باهبل مكة" للسعودية رجاء عالم. وقد أخذ بعض الإعلاميين والنقاد إسقاط أسماء مهمة من اللائحة الطويلة والقصيرة ومنها علوية صبح ورشيد الضعيف.

وقدتكونت لجنة التحكيم من الروائي والناقد السوري نبيل سليمان - رئيساً، والمستشرق التشيكي فرانتيشيك أوندراش، والروائي السوداني حمور زيادة، والصحافي والناقد المصري محمد شعير، والباحثة الفلسطينية سونيا نمر. 

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة