Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتشار ظاهرة "المأجورين" والأخذ بالثأر بغياب الأمن في الضفة الغربية

تعد الخلافات المالية بين الفلسطينيين أبرز أسباب انتشار أشخاص يتولون حسم تلك المشكلات بإطلاق النار على المحال التجارية والمنازل واختطاف المركبات والأشخاص

يتيح غياب تنفيذ القانون وانتشار السلاح في إيجاد بيئة خصبة لتوسع ظاهرة "المأجورين" في مدينة الخليل (اندبندنت عربية)

ملخص

"ارتفاع ظاهرة المأجورين وتسجيل نحو 10 حالات إطلاق نار واعتداء يومياً خصوصاً في مدينة الخليل، مؤشر خطر على الفوضى والفلتان الأمني وغياب حكم القانون"

مع تراجع دور المؤسسات الأمنية في ضبط الفوضى وبسط الأمن في الضفة الغربية، لا سيما مع الحرب التي تعيشها غزة، أصبحت ظاهرة من يطلق عليهم اسم "المأجورين" تنتشر في المدن والقرى الفلسطينية، إلى حد عرض "خدماتهم" على وسائل التواصل الاجتماعي، وفتح مكاتب خاصة بهم يقول ناشطون إنها "مشبوهة على رغم أنها قانونية ومرخصة تمارس عملها بصورة نظامية في النهار لكنها تخالف القانون في أحيان كثيرة".

ومع أن استخدام "مأجورين" للاعتداء على الأشخاص، كانت موجودة منذ أعوام طويلة في الضفة الغربية، إلا أنها ازدادت خلال الأشهر الماضية بسبب تعطّل المحاكم الفلسطينية منذ بداية الحرب في الـسابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

بيئة خصبة

ويتيح غياب تنفيذ القانون وانتشار السلاح إيجاد بيئة خصبة لتوسع ظاهرة "المأجورين"، في ظل اتهامات للسلطة الفلسطينية بالتقصير في الحد من تلك الظاهرة، والتركيز على القضايا السياسية.

وتُعد الخلافات المالية بين الفلسطينيين أبرز أسباب انتشار ظاهرة "المأجورين" الذين يتولون حسم تلك المشكلات باستخدام إطلاق النار على المحال التجارية والمنازل واختطاف المركبات، وأحياناً اختطاف الأشخاص.

ومع أن الأمن الفلسطيني يلاحق هؤلاء "المأجورين"، إلا أن قطاعاً عريضاً من الفلسطينيين يتهمه بالتقصير والتركيز على الأمن السياسي للسلطة الفلسطينية وإهمال الحفاظ على السلم الأهلي".

ومنتصف الأسبوع الجاري، أعلنت الشرطة الفلسطينية اعتقال "شخص (مأجور) يتحصل على الأموال مقابل إطلاق النار على محال ومنازل المواطنين" في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وأوضحت أنه "كان هارباً من وجه العدالة منذ أعوام وأنه يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي كدعاية لأعماله الإجرامية".

شركات أمن

ووفق المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية لؤي إرزيقات، فإن الأمن الفلسطيني أصبح "يسجل جرائم استئجار أشخاص لمأجورين مسلحين لإطلاق النار على أفراد آخرين والاعتداء عليهم بسبب وجود خلافات بينهم".

وقال إرزيقات لـ"اندبندنت عربية" إن الشرطة الفلسطينية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى "تبذل جهوداً كبيرة لملاحقة هؤلاء المأجورين، بعد ارتكابهم جريمتهم".

ومع ذلك فإن إرزيقات أشار إلى وجود معيقات تحدّ من ملاحقة هؤلاء، أبرزها غياب سيطرة الأمن الفلسطيني عن مناطق واسعة من الضفة الغربية المسماة (ج)، مضيفاً أن تلك المناطق تشكّل "ملاذات آمنة للمجرمين والمطلوبين".

وأرجع عضو مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين سهيل عاشور ازدياد ظاهرة "المأجورين" إلى "غياب القانون بسبب تعطيل المحاكم، وتقصير الأجهزة الأمنية في ملاحقة المعتدين، خصوصاً في شأن الحقوق المالية".

وبحسب عاشور، فإن هناك شركات أمن ومكاتب تحصيل الأموال تمارس "عملها جهاراً نهاراً، وتتعاقد مع أصحاب الحقوق نهاراً، وتقوم بإطلاق الرصاص على منازل خصومهم ومحالهم التجارية خلال الليل".

وأوضح عاشور أن تلك الشركات والمكاتب لها صفة قانونية وتمارس عملها ظاهرياً وفق القانون، لكنها في باطنها تخالف القانون"، مشيراً إلى "ارتفاع ظاهرة المأجورين وتسجيل نحو 10 حالات إطلاق نار واعتداء يومياً، بخاصة في مدينة الخليل، في مؤشر خطر على الفوضى والفلتان الأمني وغياب حكم القانون".

وأردف أن "تلك الأوضاع دفعت نقابة المحامين إلى إنهاء تعليق عملهم الذي استمر أكثر من ستة أشهر بسبب الحرب، في محاولة للقيام بالدور القانوني لتحصيل الحقوق وإنهاء الخلافات بين الفلسطينيين عبر المحاكم النظامية".

لكن عاشور شدد على أن المحاكم "لم ترجع بعد بصورة كاملة إلى عملها الاعتيادي لعدم انتظام دوام موظفيها بسبب عدم صرف الحكومة الفلسطينية الرواتب".

انتشار السلاح

لكن مراقبين فلسطينيين أرجعوا الفلتان الأمني وانتشار ظاهرة "المأجورين" إلى "ضعف المنظومة القضائية والصراع بين مراكز قوى داخل السلطة الفلسطينية وعدم سيطرة الأمن الفلسطيني على مناطق واسعة من الضفة الغربية".

ولفت الباحث في المجلس العربي للعلوم الاجتماعية أشرف بدر إلى أن "عدم حسم القضاء في كثير من القضايا وعدم تنفيذ أوامر القضاء يؤديان إلى لجوء الفلسطينيين إلى أخذ حقوقهم بأيديهم أو عبر أشخاص مأجورين".

ووفق بدر، فإن تجاهل السلطات الإسرائيلية انتشار السلاح يفاقم من الفوضى، إلى جانب صراع مراكز القوى داخل السلطة الفلسطينية وبين عشائر محسوبة على تيارات متنافسة في ما بينها ضمنها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وما يعزز انتشار الفوضى الأمنية بحسب بدر "تشكيل العشائر الفلسطينية ميليشيات مسلحة لحماية مصالحها بسبب تقاعس السلطة الفلسطينية عن القيام بدورها، واستخدام سلاح الأمن الفلسطيني أحياناً في الخلافات الشخصية"، وقال إن المؤسسة الأمنية الفلسطينية "تتغاضى عن ملاحقة من يستخدم السلاح من أفرادها في الخلافات الشخصية".

أما المحلل السياسي أكرم النتشة، فيرى أن "الأجندة الأمنية الفلسطينية لا تعطي الأولوية للأمن الاجتماعي، وأن المنظومة القضائية بحاجة إلى كثير من الإمكانات لتقصير أمد التقاضي".

وبحسب النتشة فإن الأمن الفلسطيني "لا يعمل ضد هذه المجموعات المسلحة بصورة كبيرة، خصوصاً أن الأمن الاجتماعي لا يشكّل أولوية مقارنة بالأمن السياسي".

وأضاف أن ذلك "يتضح من المقارنة بين ضعف جهاز الشرطة الفلسطينية مقابل أجهزة الأمن الفلسطينية الأخرى التي تركز عملها على الأمن السياسي، وتتمتع بموازنات كبيرة وإمكانات ضخمة".

وأرجع النتشة السبب الرئيس لانتشار "المأجورين" إلى "غياب تنفيذ القانون"، مشيراً إلى أن ذلك أدى إلى "إيجاد بيئة خصبة لوجود مثل هذه المجموعات" التي تعمل "كبديل لتحصيل الحقوق من أحد الأطراف الذي يقوم بالدفع لها، وهي بدورها تطلق النار على الخصم لإخضاعه".

وأردف أنه في معظم الحالات بعد أن تُنهي تلك المجموعات مهمتها، فإنها "تنقلب على من دفع لها في البداية، وتمارس ضغوطاً عليه وتطلق النار لابتزازه والحصول منه على مزيد من الأموال لأنها تعلم أنه طرف ضعيف".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات