Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

5 عوامل وراء تدهور "بيتكوين" وسوق المشفرات

في ظل مناخ اقتصادي غير جيد ينصرف المستثمرون عن الأصول عالية الأخطار

أبريل الماضي  مثل أسوأ هبوط شهري في قيمة العملات المشفرة  منذ يونيو عام 2022 (أ ف ب)

ملخص

هناك عامل مهم أيضاً يتعلق بعملة "بيتكوين" المشفرة وهو تقسيمها إلى النصف في الـ20 من أبريل الماضي

أنهت أكبر العملات المشفرة وأكثرها شهرة، عملة "بيتكوين"، أبريل (نيسان) على انخفاض في قيمتها وصل إلى نسبة 12 في المئة مقابل سعرها في بدايته. وبهذا الشهر أنهت "بيتكوين" والعملات المشفرة عموماً والأصول الرقمية المماثلة سبعة أشهر من المكاسب المتتالية بدأت في سبتمبر (أيلول) 2023، إذ استهلت "بيتكوين" أبريل الماضي بسعر 70 ألف دولار لتختتمه عند 61 ألف دولار، بحسب بيانات شركة "كوين غيكو".

وعلى رغم أن سعر العملة المشفرة يظل عالياً، إلا أن أبريل مثل أسوأ هبوط شهري في قيمتها منذ يونيو (حزيران) عام 2022 حين بدأت الشهر عند سعر 31 ألف دولار لتنهيه عند سعر 21 ألف دولار.

ويرجح كثير من المحللين لسوق العملات المشفرة أن يستمر هذا المنحى من التراجع لفترة، خصوصاً في ظل اضطراب الأسواق عموماً الذي يجعل المستثمرين ينسحبون من الأصول عالية الأخطار مثل المشفرات والمشتقات الاستثمارية الرقمية.

ويلاحظ أن هناك منذ فترة خروجاً مستمراً لرؤوس الأموال من صناديق تداول المشفرات المسجلة في البورصة، وإن كان بعضهم يرجع خروج المستثمرين من سوق المشفرات إلى عمليات بيع لجني الأرباح، إلا أن الغالبية ترى أن فترة "العصر الذهبي" للعملات المشفرة ربما تقترب من نهايتها وأن منحى التراجع سيستمر، مما يعني عدم ضمان الأرباح الكبيرة والسريعة التي تغري المستثمرين في سوق المشفرات.

عوامل التراجع

هناك عوامل عدة تقف وراء هذا التراجع في قيمة "بيتكوين" وفي سوق المشفرات والأصول الرقمية عموماً، من بينها ما يتعلق بـ"بيتكوين" والعملات المشفرة من حيث طبيعتها عالية الأخطار بالنسبة إلى المستثمرين وإن كانت المغامرة الاستثمارية فيها يمكن أن تجعلهم يجنون أرباحاً طائلة، أو خسائر هائلة أيضاً، ومنها أسباب وعوامل على صلة بالمناخ العام في الأسواق والوضع الاقتصادي العالمي. ويمكن باختصار وتبسيط الإشارة إلى خمسة عوامل تقف وراء تراجع سوق المشفرات واحتمال استمرار هذا المنحى لفترة.

التذبذب والمخاطرة

العملات الرقمية لا تستند إلى أي أصول مادية حقيقية فهي تمثل استثماراً عالي الأخاطر، وبذلك مع كل تغير طفيف، يهرع المستثمرون إلى التخلص من استثماراتهم فيها خوفاً من الخسارة الكبيرة. ومع أن بدء تسجيل صناديق تداول المشفرات في البورصة مطلع هذا العام اعتبر مؤشراً على دخول المشفرات في نطاق الأصول المالية التقليدية، إلا أن طبيعتها المتذبذبة تظل عاملاً مهماً في توجه المستثمرين.

صحيح أن غالبية الأصول المالية والمشتقات الاستثمارية التقليدية تمر بدورات ارتفاع وهبوط، إلا أن وتيرة التذبذب في قيمة الأصول الرقمية عموماً والعملات المشفرة خصوصاً أكبر بكثير. وتنقل مجلة "بزنس إنسايدر" عن المحلل الشهير ومؤسس شركة "فاكتور تريدنغ" بيتر براندت توقه إلى أن تكون "بيتكوين" وصلت لذروة قيمتها عند 73 ألف دولار في مارس (آذار) الماضي ودخلت في دورة هبوط مستمر.

وسبق لبراندت التنبؤ بصورة صحيحة بدورات هبوط "بيتكوين" وعملة "إيثريوم" أكثر من مرة منذ عام 2018 حين فقدت الأولى نسبة 80 في المئة من قيمتها تقريباً. ويقول إنه في كل مرة تفقد العملة المشفرة نحو خمس قيمتها (أي نسبة 20 في المئة).

اعتقالات وأحكام

لم تنتهِ موجة القلق من سوق المشفرات عموماً التي بدأت قبل نحو عامين مع انهيار واحدة من أكبر منصات التداول، مجموعة "أف تي إكس" التي اعتقل مؤسسها ورئيسها سام بانكمان – فريد في نهاية 2022 بتهم الفساد والنصب وغيرها ليضيع 30 مليار دولار على مساهمي الشركة، وفي مارس الماضي حكم عليه بالسجن 25 عاماً.

وأوقفت السلطات الأميركية في أبريل، كيون رودريغز وويليام هيل مؤسسي شركة العملات المشفرة "ساموراي واليت" بتهمة غسيل الأموال وغيرها. وبحسب التهم التي وجهتها إليهما وزارة العدل الأميركية يتوقع الحكم عليهما بالسجن ما بين خمس و20 سنة. وأدى نبأ اعتقالهما إلى صدمة أخرى في عالم المشفرات وإثارة مزيد من القلق لدى المستثمرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهذا الأسبوع حكم على أحد أكبر أثرياء عالم المشفرات، مؤسس أكبر شركة للعملات المشفرة "بينانس"، بالسجن أربعة أشهر بعد إدانته بقوانين غسيل الأموال. وكانت شركة "بينانس" تعرضت لغرامة العام الماضي بقيمة 4.3 مليار دولار بعد إقرارها بخرق القوانين في عمليات تحويل أموال وغيرها من الممارسات غير القانونية.

تسييل المراكز

كما هي الحال مع المشتقات الاستثمارية التقليدية حين تبدأ دورة هبوط، يلجأ المستثمرون إلى تسييل مراكزهم فيها، أولاً للحفاظ على ما تحقق من أرباح وثانياً لتفادي الخسائر في حال استمرار دورة الهبوط. ويؤدي ذلك إلى عمليات بيع كبيرة تهوي بالأسعار أكثر حتى تصل إلى القاع قبل أن تبدأ عمليات شراء من مستثمرين يقتنصون الفرص بانتظار الصعود.

لكن التراجع هذه المرة يأتي على خلفية مناخ سلبي إلى حد كبير في السوق عموماً، نتيجة تبخر التفاؤل الذي ساد بنهاية 2023 ومطلع هذا العام بأن البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى ستبدأ خفض أسعار الفائدة قريباً. فمع عودة مخاوف التضخم وضعف الأداء الاقتصادي بصورة عامة، تأتي الإشارات من البنوك، خصوصاً من الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي بأن الوقت ما زال مبكراً على بدء منحى التيسير النقدي، ليكون ذلك بمثابة عامل ضغط سلبي آخر على استراتيجيات المستثمرين في السوق نتيجة ارتفاع كلفة الاقتراض لفترة أطول مما كان مقدراً سابقاً.

التوترات الجيوسياسية

مع دخول العملات المشفرة والأصول الرقمية في سياق التداول الرسمي والمحكومة بقواعد التداول إلى حد ما، أصبحت أيضاً عرضة للعوامل المؤثرة في وضع السوق، الاقتصادية والمالية والسياسية وغيرها، ومن العوامل الضاغطة على الأسواق سلباً حالياً التوترات الجيوسياسية حول العالم، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط بسبب الحرب على غزة.

وإذا كانت الحرب في أوكرانيا قبل عامين والعقوبات غير المسبوقة على روسيا أثرتا سلباً في التجارة الدولية وأسواق الطاقة وكبحتا فرص النمو الاقتصادي العالمي، فإن الحرب في غزة المستمرة منذ الخريف الماضي ضاعفت من ذلك التأثير السلبي، تحديداً مع تعطل الملاحة في ممر التجارة عبر البحر الأحمر بسبب تهديدات الحوثيين، المدعومين من إيران، في اليمن.

ومع استمرار الحرب، وأخيراً تبادل القصف بين إسرائيل وإيران، تظل هناك مخاوف في الأسواق من احتمال توسع نطاق الصراع العسكري في المنطقة بما يهدد إمدادات الطاقة، وتراقب الأسواق عن كثب سخونة الجبهة بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني المدعوم من إيران.

تنصيف "بيتكوين"

هناك عامل مهم أيضاً يتعلق بعملة "بيتكوين" المشفرة وهو تقسيمها إلى النصف في الـ20 من أبريل الماضي، إذ غالباً ما تعقب كل عملية تنصيف فترة من الاضطراب وعدم اليقين في سوق المشفرات عموماً. والتنصيف هو خفض عائد تعدين "بيتكوين" بمقدار النصف، ويحدث كل أربعة أعوام لتفادي التضخم في سوق العملة المشفرة بضمان سقف محدد لعددها النهائي في السوق. والآن أصبح العائد من التعدين 3.125 عملة بدلاً من 6.25 عملة قبل الـ19  من الشهر الماضي. ومع أن المنطقي أن يؤدي تنصيف عائد التعدين إلى ارتفاع قيمة العملة، إلا أن مضاربات المستثمرين تأخذ في الاعتبار وضع الاضطراب الذي يعقب العملية كل مرة.

على سبيل المثال يتحسب من يقومون بتعدين (أو التنجيم) العملة، أي تكوينها عبر عمليات معقدة وطويلة ومكلفة باستخدام أجهزة كمبيوتر قوية تستهلك كميات هائلة من الطاقة لاحتمال أن يكون العائد من جهدهم أقل من كلفة التعدين. كذلك يرقب المستثمرون متى يمكن أن تعود الأسعار للارتفاع بعد الانهيار الحالي، وبحسب تقديرات شركة "ريك كابيتال" فإن عودة منحنى قيمة "بيتكوين" والعملات المشفرة للارتفاع إلى قمة جديدة ستكون خلال نحو عام ونصف تقريباً (في فترة ما بين 518 و546 يوماً). ويثير ذلك قلق المتعاملين في سوق المشفرات الذين يراهنون غالباً على الربح العالي والسريع.

المزيد من عملات رقمية