Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روسيا تخطط لهجمات في أنحاء أوروبا.. والقادم أسوأ

الكرملين متهم بكل شيء، بدءاً من الهجمات لإضرام الحرائق في المملكة المتحدة وصولاً إلى استهداف أنظمة تحديد المواقع المستخدمة في الملاحة الجوية. ومع قيام البلاد بتجنيد مزيد من الأشخاص المستقلين للعمل بالنيابة عنها، يتعين علينا أن نستعد للأخطار المقبلة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث الشهر الماضي (غيتي)

ملخص

أصبحت الأعمال العدائية التي تقوم بها روسيا ضد العديد من الدول الأوروبية تدريجاً أمراً طبيعياً بسبب عدم استجابة المجتمع الدولي

اتهم رجل بريطاني بتدبير مؤامرة لإشعال حريق في شركة أوكرانية بعد أن زعم عن تجنيده من جاسوس روسي، وبإقامة صلات مع مرتزقة فاغنر.

وسيمثل المشتبه فيه، ديلان إيرل، أمام المحكمة بموجب قانون الأمن القومي الجديد. وتعتبر قضيته الأولى التي ينظر فيها وفق التشريع الجديد المتعلق بتضييق الخناق على الجواسيس الأجانب. كما وجهت التهم رسمياً لأربعة رجال آخرين في ما يتصل بالمؤامرة.

لكن لا ينبغي النظر إلى هذه القضية على أنها حادثة معزولة. هناك حملة تخريبية روسية أوسع نطاقاً وأكثر خطورة تشمل أوروبا بأكملها. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن أنماط السلوك تتطابق مع التوقعات في شأن ما ستحاول روسيا القيام به قبل الصراع المفتوح مع حلف شمال الأطلسي (ناتو).

يبدو أن الحملة الروسية تستهدف أوروبا كلها ما خلا أجزاء قليلة منها. ففي وقت سابق من شهر أبريل (نيسان)، ألقت ألمانيا القبض على شخصين للاشتباه في قيامهما بالتخطيط لتنفيذ هجمات على مجموعة من الأهداف، بالنيابة عن روسيا، بما في ذلك قواعد عسكرية أميركية. وفي ليتوانيا، استخدمت موسكو شبكات الجريمة المنظمة للإعداد لاعتداءات جسدية على شخصيات معارضة روسية.

وتحقق الشرطة الأمنية كذلك في السويد في ما إذا كان هناك عمل تخريبي محتمل وراء خروج عدد من القطارات عن خطوطها في سكك حديد في أقصى شمال البلاد، في حين رصدت أجهزة الأمن الأستونية نشاطات روسية مكثفة من أجل تجنيد مواطنين محليين بغرض مهاجمة حكومتهم.

أما بولندا، التي لديها طرق حيوية لإيصال الإمدادات إلى أوكرانيا، فاستهدفت بشكل متكرر. وفي وقت سابق من هذا الشهر، ألقت السلطات البولندية القبض على رجل يقوم باستطلاع الترتيبات الأمنية المتبعة في مطار "رزيسزو" الحيوي، على ما يبدو على صلة بمؤامرة للمساعدة في محاولة اغتيال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وفي العام الماضي، جرى استهداف شبكة القطارات في البلاد بواسطة إشارات لاسلكية غير مصرح بها في عمل تخريبي واضح.

إلا أن تجنيد الوكلاء لا يعدو كونه مجرد تكتيك واحد تستخدمه روسيا لمهاجمة أوروبا خارج أوكرانيا.

هناك نموذج مماثل في الحرب الإلكترونية الروسية التي تعطل الرحلات الجوية حول منطقة بحر البلطيق. وفي مارس(آذار)، عمدت روسيا إلى التشويش على إشارة طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني كانت تقل وزير الدفاع غرانت شابس. وفي الأسبوع الماضي تحديداً، اتهمت موسكو باستهداف آلاف الرحلات الجوية من مطارات المملكة المتحدة وإليها.

ومع ذلك، كانت مثل هذه الحوادث شائعة بالنسبة إلى الطائرات في المنطقة منذ فترة طويلة. هذه ليست مجرد مشكلة للمسافرين البريطانيين الذين يمرون عبرها، إنها تمثل مشكلة كبيرة عبر مساحة واسعة من أوروبا، ولها تاريخ يعود لسنوات عدة لكنها في تصاعد خطر بشكل متزايد.

 

في الواقع، أصبح الوضع طبيعياً جداً لدرجة أنه أصبح من الشائع الآن عدم توفر عديد من أنظمة الملاحة فوق بحر البلطيق والبحر الأسود. وفي شمال النرويج أيضاً، لا يؤدي العبث الروسي بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) إلى تعطيل الحركة الجوية بشكل يومي فحسب، بل يعوق أيضاً عمل الشرطة وخدمات الطوارئ.

لا يعني ذلك أن الطيران في أوروبا غير آمن، إذ إن الطائرات لا تزال قادرة على اللجوء إلى عدد من الخيارات الاحتياطية، ولكنه يعني أن بعض الأنظمة التي تضمن الملاحة الآمنة وتجنب حصول اصطدامات لم تعد متوفرة. وحيث تعول المطارات على الخدمات التي تعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي، يصبح الهبوط مستحيلاً وتضطر الرحلات الجوية إلى تحويل مسارها أو حتى التخلي نهائياً والعودة لنقطة انطلاقها.

من المفهوم أن شركات الطيران تتعامل بحذر في لفت الانتباه إلى مشكلة قد يراها بعض الركاب على أنها تعرض سلامتهم للخطر. ومع ذلك، تستمر التكاليف الاقتصادية والاضطرابات في التصاعد، من دون نهاية واضحة في الأفق.

إن التأثير المتزايد لإلغاء الرحلات الجوية ولإحباط عمليات الهبوط هو ثمن يفرضه السلوك الروسي بشكل مباشر. لكن التقاعس الغربي عن الرد يعني عدم مواجهة موسكو لأي تداعيات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي البحر أيضاً، تبذل روسيا جهوداً حثيثة في عملها التخريبي. كان "أسطول الأشباح" التابع لموسكو، ذو الملكية الغامضة، والتأمين المشكوك فيه، الذي يرفع أعلاماً لدول مثل إيسواتيني (التي لا تشارك تقليديا في الملاحة البحرية، لكونها غير ساحلية)، نشطاً بشكل خاص في التهرب من العقوبات والقيام بالتجسس حول جزيرة غوتلاند في بحر البلطيق. ولطالما اعترف بهذه الجزيرة كهدف رئيس نظراً إلى أهميتها الاستراتيجية في السيطرة على الحركة البحرية والجوية في المنطقة.

مرة أخرى، على رغم أن المشكلة قد تبدو محلية، إلا أن آثارها بعيدة المدى، إذ تتجلى التكاليف المباشرة في شكل اضطرابات، وزيادة نفقات الشحن، وارتفاع أسعار التأمين. فضلاً عن ذلك فإن هناك عواقب أوسع نطاقاً وطويلة الأمد في ما يتصل بالنوايا الروسية المحتملة.

خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية، أبلغت السفن في المنطقة عن زيادة في انقطاع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، مما يشير إلى تصاعد في تكتيكات الحرب الإلكترونية التخريبية التي تتبعها روسيا، التي تمتد الآن إلى حركة المرور على سطح البحر. وإذا لم تتخذ أي إجراءات، فإن الخطوة المنطقية التالية يمكن أن تنطوي على محاولة موسكو حجب إشارات نظام تحديد المواقع العالمي لحركة المرور على الطرق أيضاً.

ونظراً إلى اعتماد ملايين من أنظمة الملاحة على خدمات تحديد المواقع عبر نظام تحديد المواقع العالمي، فإن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تطلق العنان للفوضى عبر الطرق البرية في المنطقة.

توضح هذه الحالات كيف أن الأعمال العدائية التي تقوم بها روسيا أصبحت تدريجاً أمراً طبيعياً بسبب عدم استجابة المجتمع الدولي. وبهذه الطريقة، تتجاوز روسيا حدود المقبول، أو أقل ما هو مقبول، من خلال القيام بشيء ينبغي أن يكون فاضحاً، ثم تمعن في فعل ذلك بشكل أكبر عندما لا يكون هناك أي رد فعل من الغرب.

ولكن هناك مزيد للنظر فيه. إذ شاركت في عام 2020، في كتابة دراسة لوكالة أبحاث الدفاع السويدية حول ما يسميه المخططون العسكريون A2AD، أو منع الوصول / إغلاق المنطقة. يستكشف هذا المفهوم بعبارة أخرى كيف يمكن لروسيا، في حالة الصراع، أن تسعى إلى عرقلة قوات الـ"ناتو" من الوصول إلى المناطق الحيوية.

 

تناول الفصل الذي كتبته عدداً من الطرق التي يمكن لروسيا من خلالها أن تشل حركة أوروبا حتى قبل اندلاع الصراع، من دون إطلاق رصاصة واحدة. وما يثير القلق حالياً هو أن عديداً من الأساليب التي وصفتها، بما في ذلك التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي، والتخريب، والوكلاء المحليين، وغير ذلك كثير، تنفذ سلفاً في كل أنحاء أوروبا والمملكة المتحدة. لقد كثفت روسيا حملتها ضدنا بشكل حاد، وهذا مؤشر خطر على ما قد يأتي بعد ذلك.

لقد تطورت أساليب روسيا. وكانت عصابات القتل التي جابت أوروبا في العقد الماضي، بما في ذلك استهداف سيرغي سكريبال في مدينة سالزبوري البريطانية، من ضباط ورجال مخابرات روس.

والآن، يظهر هذا النمط من الهجمات، بما فيها تلك التي تشهدها المملكة المتحدة، أن روسيا تجند موظفين مستقلين لتنفيذ عملياتها. قد يكون هذا التحول بسبب زيادة خطر التعرض الذي يواجهه العملاء الروس أو انشغالهم بالأنشطة في أوكرانيا. ومع ذلك، فإن هذا النمط يسلط الضوء على حقيقة طويلة الأمد: وهي أن روسيا لديها موهبة تجنيد أفراد عديمي الضمير على استعداد لتنفيذ هجمات نيابة عن موسكو.

وجه الاتهام إلى البريطانيين المشتبه في قيامهم بإضرام حرائق متعمدة، بموجب قانون الأمن القومي الجديد، الذي دخل حيز التطبيق في الوقت المناسب، نظراً إلى أن مجموعة واسعة من الأعمال العدائية ضد المملكة المتحدة نيابة عن القوى الأجنبية كانت قانونية تماماً في السابق.

إن عدوان روسيا الجريء على نحو متزايد في أنحاء أوروبا والمملكة المتحدة يوضح أننا جميعاً نتعرض للهجوم. لذا من المشجع أن نرى القانون يوضع موضع تنفيذ سلفاً. ومع استمرار الحملة الروسية، ينبغي لنا أن نكون مستعدين لسماع مزيد عن حالات صادمة.

 

* كير جايلز يعمل مع برنامج روسيا ويوراسيا في تشاتام هاوس. وسيكون كتابه المقبل بعنون "من سيدافع عن أوروبا" (أكتوبر 2024)

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير