Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حماية التراث في لوحة فنية عابرة ذات بصمة خالدة

تركز حملة "إرثنا مسؤوليتنا" التي أطلقتها "هيئة العلا" على أن الآثار ليست مجرد بقايا من الماضي بل منارة ترشدنا إلى المستقبل

لوحة بوبا تحيط بـ"قبر لحيان ابن كوزا" (هيئة العلا)

ملخص

تعد حملة "إرثنا مسؤوليتنا" التي أطلقتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا أكثر من مجرد دعوة إلى اتخاذ إجراء، إذ تؤكد قدرة الفن على إحداث التغيير والإسهام في توجيه المجتمعات نحو رؤية مشتركة للحفاظ على الثقافة.

كشفت محافظة العلا في السعودية عن مشروع مميز يلخص أهمية الحفاظ على التراث من خلال لوحة فنية موقتة قدمها الفنان الرائد ديفيد بوبا في إطار حملة "إرثنا مسؤوليتنا" التي أطلقتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا، إذ يجسد العمل الفني سرداً مرئياً آسراً يصب في جوهر الحوار العالمي حول أهمية حماية الكنوز الثقافية للأجيال المقبلة.

وتركز الحملة على فكرة أن الآثار ليست مجرد بقايا من الماضي بل منارة ترشدنا نحو مستقبل محمل بعبق التاريخ.

وتجسد لوحة بوبا محاولة فنية للتذكير بسهولة تغير وتحول المشهد الثقافي في غياب العمل الجماعي الهادف للحفاظ عليه، وذلك في خضم التحديات المتزايدة التي يفرضها الإهمال الثقافي وما ينتج منه من طمس للموروث التاريخي.

ويصور عمل بوبا الممتد على مساحة واسعة لوحة أرضية على شكل يدين حانيتين مرسومتين بدقة من عناصر طبيعية، وكأنها تحتضن ماضي العلا العريق وسط عناصر التراب والطباشير المأخوذة من دول الشرق الأوسط وأوروبا.

ويحيط هذا العمل الفني المحمل بعبق الذاكرة بـ"قبر لحيان ابن كوزا"، ويتجاوز حدود التعبير الفني التقليدي حيث يعكس الطبيعة العابرة للوجود الإنساني وأثره الخالد عبر الآثار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي معرض حديثه عن عمله الفني قال ديفيد بوبا "لقد أنجزت هذا العمل بكل حب وشغف، واستخدمت الأصباغ الطبيعية بعد مزجها مع الماء لتكوين ما أحب أن أسميه ’ماء الأرض‘ واستغرق العمل في الموقع بضعة أسابيع بدءاً من التخطيط الدقيق وحتى إنجاز العمل النهائي، وتمتد كل يد يصورها العمل على مساحة 100 متر، تطلب رسمها اهتماماً دقيقاً بالتفاصيل والتنسيق مع فريق متكامل".

ويتحدث كل تفصيل وكل لون في تحفة بوبا الفنية عن الرابط القوي بين الإنسان والبيئة، مما يؤكد العلاقة الوثيقة بين الحفاظ على الثقافة وحماية البيئة.

ويأتي هذا العمل بمثابة لوحة موقتة تلتقط جوهر التراث وتنقل رسالة أبدية تؤكد أهمية التحلي بالوعي والمسؤولية في عالم تُطبق عليه يد الزمن وتخيم عليه اللامبالاة.

ويضيف بوبا قائلاً إنه "يمكن اعتبار هذا العمل نداء خاصاً للتذكير بأهمية الحفاظ على التراث وحماية تاريخنا المشترك، فصور الأيدي المنبثقة من الرمال تهدف إلى إلهام الشعور بالحماية والرعاية، وفي الوقت نفسه حث المشاهد على القيام بدور فاعل في حماية التراث الثقافي والاعتزاز به، وآمل أن يساعد هذا العمل في تسليط الضوء على روعة التراث من خلال دعوة الأفراد إلى التواصل مع جمال المناظر الطبيعية والمعالم الثقافية من حولهم".

 

وتعد حملة "إرثنا مسؤوليتنا" التي أطلقتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا أكثر من مجرد دعوة إلى اتخاذ إجراء، إذ تؤكد قدرة الفن على إحداث التغيير والإسهام في توجيه المجتمعات نحو رؤية مشتركة للحفاظ على الثقافة. وتسعى الحملة من خلال نهج متعدد القنوات يشمل التعليم والمشاركة المجتمعية والتوعية العامة إلى تمكين الأفراد من جميع ميادين الحياة ليصبحوا أوصياء على تراثهم وحراس إرث يتجاوز الحدود والأجيال.

ويؤدي التعليم دوراً محورياً في هذه المساعي بصفته محفزاً للتغيير، إذ يؤكد التزام الهيئة الملكية لمحافظة العلا بتزويد المدارس بالأدوات والموارد اللازمة لإبراز أهمية التراث على سعيها المتواصل إلى غرس الشعور بالفخر والملكية في الجيل المقبل، وتنمية شعور عميق بالانتماء إلى النسيج الثقافي الذي يحدد هوية السعودية.

وتهدف الحملة من خلال تعزيز مفهوم الحفاظ على التراث منذ سن باكرة إلى إرساء أسس مستقبل تديره قيم الوعي الثقافي والمواطنة النشطة، كما توسع الحملة نطاقها إلى ما هو أبعد من حدود المنشآت التعليمية من خلال حشد دعم المجتمعات المحلية في مبادرة جماعية للحفاظ على كنوز العلا الثقافية وحمايتها، إذ تسعى إلى تعزيز ثقافة الرعاية والمساءلة الشخصية انطلاقاً من مصلحة كل فرد في حماية إرث أسلافه.

 

وبالعودة للوحة بوبا الفنية فلعل أبرز ما يميزها هو زوالها مع مرور الوقت، إذ تعد هذه التحفة الفنية العابرة بمثابة تذكير مؤثر بحساسية تراثنا الثقافي والحاجة الملحة إلى تضافر الجهود من أجل الحفاظ عليه، فمع عودة عناصرها تدريجاً إلى الأرض ستتلاشى اللوحة الفنية في المشهد الطبيعي، تاركة وراءها بصمة ستظل مطبوعة في الوعي الجمعي إلى الأبد.

وبلا شك فإن لوحة بوبا الموقتة تتجاوز حدود الفن التقليدي وتسلط الضوء على الطبيعة المتغيرة للزمن، إذ يدعونا من خلال مداخلته العابرة إلى التفكير في مكاننا من دورة التاريخ، ويحثنا على احتضان دورنا بصفتنا حراس الماضي وصانعي المستقبل، ففي جمالية لوحته الزائلة تكمن رسالة خالدة عنوانها الأمل، ومفادها الأثر الدائم للإبداع البشري ودوره الرئيس في رسم ملامح العالم الذي نعيش فيه.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات