ملخص
منذ أيام واللبنانيون يتفاعلون مع ما كشف عن عصابة "تيك توك" التي تستدرج قصراً وتعتدي عليهم وتبتزهم، فما جديد هذه القضية؟ ولماذا بقيت هذه العصابة تعمل لسنوات في لبنان من دون كشف أمرها؟
فيما يعيش لبنان انهياراً تاماً على كل الصعد، ما بين الفراغ الرئاسي ومعارك الجنوب والأزمات الاقتصادية وغيرها، أتت فضيحة عصابة "تيك توك" لتكشف عن أزمة لا تقل خطورة وتأثيراً في المجتمع، وبخاصة على سلامة الأطفال والقصّر.
ففي الأول من مايو (أيار) الجاري أعلنت قوى الأمن الداخلي في بيان القبض على أشخاص متورطين في عصابة يعمل أفرادها على استدراج الأطفال عبر منصة "تيك توك" ثم اغتصابهم، وذلك بقيادة مصفف شعر لبناني شهير على المنصة يدعى (ج.م).
ومن حينها تتوالى الفضائح في هذا الملف وتتكشف مزيد من الحقائق، وفي جديدها ما أعلنته وسائل إعلام لبنانية من أن أفراد العصابة يشملون جنسيات مختلفة وبعضهم خارج لبنان، وكُشفت أعمالهم بعدما قدم أحد المحامين إخباراً ضد رئيس العصابة قبل شهر، بناء على ادعاء أهالي ثمانية أطفال لدى النيابة العامة، فتحرك رئيس قسم مكافحة الجرائم المعلوماتية مع "جمعية الأحداث" لتحديد الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء، وصولاً إلى اعتقال سبعة من أفراد العصابة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التحقيق سري وفي بداياته
وفيما لا يزال التحقيق سرياً وفي بداياته، فلم يحسم بعد عدد الأطفال القصر الذين اُعتدي عليهم، خصوصاً أن التحقيقات تكشف عن تعرض مزيد منهم للاعتداء، لكن العدد يفوق الـ 30 طفلاً بين لبنانيين وغير لبنانيين، اُستدرجوا بأساليب مختلفة عبر المنصة وبشكل مباشر، وتم تخديرهم قبل التعدي عليه وتصويرهم بهدف ابتزازهم، فيما تأكد كذلك أن العصابة متهمة أيضاً بتجارة المخدرات وعمدت إلى استغلال بعض الضحايا للترويج لها.
وفي آخر التطورات قررت القاضية الناظرة لقضايا الأحداث جويل أبو حيدر تكليف مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية بحذف عدد من الحسابات على "تيك توك" وواحد على "إنستغرام"، بعدما تبين أن أصحابها يقومون بإنزال فيديوهات مع قصّر بغرض الاستهزاء بما حصل مع الضحايا.
وأوضحت القاضية أن "الأمر شكل ضرراً جسيماً لكل الضحايا القصر الذين على الأرجح يشاهدون هذه الفيديوهات، مما يضيف إلى ألمهم النفسي ألماً أشد خطورة".
وفيما تكمن خطورة هذا الملف بأن أفعال الاغتصاب والتحرش ليست حوادث فردية بل عمل منظم ضمن أفراد عصابة، فقد كشفت وسائل إعلام لبنانية عن أن مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية توصل إلى طرف خيط يظهر تورط محام في هذه القضية، إضافة إلى طبيب أسنان في بيروت.
شخصية خارجية مولت العصابة
وتكشف الصحافية المتخصصة في الشؤون القضائية فرح منصور لـ "اندبندنت عربية" عن أن التحقيقات في شأن عصابة "تيك توك" توسعت لتقدم أمام القضاء اللبناني 13 إفادة لضحايا تعرضوا للاستدراج بهدف تخديرهم واغتصابهم، وتوثيق ذلك بفيديو لابتزازهم وإجبارهم على الانضمام إلى العصابة، وذكرت أن الأجهزة الأمنية بدأت تحديد التفاصيل المتعلقة بشخصية موجودة خارج الأراضي اللبنانية، وهي شخصية ساهمت في تمويل هذه العصابة لسنوات عدة من أجل توثيق جرائم الاغتصاب عبر الفيديوهات.
وقالت منصور إن "الموقوفين اعترفوا بوجود شخصية خارجية مولت العصابة لهذه الغايات، كما مولت الحفلات الخاصة التي استخدمت لاستدراج الأطفال".
وتضيف الصحافية المتخصصة أن "هذا الملف كشف خطراً كبيراً يتعرض له الأطفال منذ أعوام طويلة نتيجة عدم فرض الرقابة على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً ’تيك توك‘ الذي تحول إلى مصيدة للقصّر"، موضحة أن هذا "الملف يفضح ضعف التوعية في لبنان، وأن الأجهزة الأمنية لم تتمكن من كشف هذا الأمر نتيجة السرية التامة التي اعتمدتها العصابة لتنفيذ غاياتها، إن كان لناحية إيهام الأطفال بفرص عمل أو من خلال استدراجهم إلى شقق وشاليهات موزعة داخل الأراضي اللبنانية، فيما لم يمتلك الأطفال الجرأة للاعتراف أو اللجوء إلى القضاء اللبناني نتيجة ابتزازهم".
وختمت منصور بالتأكيد أن "القضاء المتخصص سيعلن العقوبة المتوقعة بحق المتورطين بعد انتهاء التحقيقات والاستماع إلى جميع الأطفال، علماً أن هذا الملف سيحتاج أسابيع طويلة، لأن عدد إفادات الأطفال يرتفع بشكل يومي، وبعد تحديد ارتكابات كل متورط يتم الادعاء عليهم، فيما ستحدد مدة السجن بحسب القضاء المتخصص والناظر في هذه القضايا، وفقاً لجرم وارتكابات كل متورط".
هذا وناشدت نقابة المعلمين وزير التربية الدعوة الى مؤتمر صحفي تربوي عام بعد قضية "التيك توكرز" لبحث مفاعيل استخدام التطبيقات الالكترونية على الأطفال.
