Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انقطاع الكهرباء ينعش "تجارة المولدات" في مصر

تجار يؤكدون أنها شهدت رواجاً في المبيعات ومواطنون: "لم تعد رفاهية"

سيارة مصرية تحمل مولداً كهربائياً من مخزن أحد التجار (اندبندنت عربية)

ملخص

"تعرّضت لمشكلات عدة في عملي نتيجة انقطاع الكهرباء يومياً، وهو ما تسبب في إنذار الشركة لي بالفصل، فلجأت إلى شراء مولد كهربائي، حفاظاً على عملي"، تجارة المولدات تنتعش في مصر بسبب انقطاع الكهرباء

لم يجد محمد مصطفى، موظف بإحدى الشركات الخاصة، خياراً أمامه لمواجهة انقطاع الكهرباء المستمر في مصر سوى شراء مولد كهربائي يعينه وأسرته على تحمل الأوقات الصعبة التي تتحول فيها منطقة إقامته إلى ظلام دامس.

وبعد أن تيقن مصطفى من أن مسكنات الحكومة التي تصدرها بين حين وآخر لتبشر باقتراب انتهاء الأزمة غير مجدية، توجه الشاب الثلاثيني قاصداً شارع الجمهورية، وسط القاهرة، أحد أشهر الميادين في تجارة بيع المولدات الكهربائية، مستهدفاً شراء مولد كهربائي، قبل أن يجد نفسه مضطراً لاقتناء أرخص الأنواع الموجودة بالسوق في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار التي أشعلت هذه السوق المنتعشة.

استدانة من أجل الشراء

يتحدث مصطفى لـ"اندبندنت عربية" عن الصعوبات التي دفعته إلى هذا الاختيار الذي يضمن له استمرار الكهرباء أطول وقت "في البداية حاولت التأقلم مع انقطاع الكهرباء، وتوقعت أنها مسألة وقت وتعود الأمور إلى ما كانت عليه، لكن الانقطاعات تستمر ساعتين ومع تصريحات الحكومة بعزمها مواصلة تطبيق خطتها في ظل الصيف أدركت أنه من الصعب العيش من دون مولد كهربائي، كي أتمكن من تشغيل الأجهزة المنزلية، بخاصة التكييف والمراوح".

يضيف الشاب المصري، "رغم الأعباء المادية التي تقع على عاتقي، اضطررت للاستدانة لتوفير قيمة المولد، في ظل زيادة المصروفات المطلوبة مني لتوفير احتياجات الأسرة. المولد لم يعد رفاهية بل ضرورة حتمية في الوقت الحالي، بخاصة في ظل تلك الموجة الحارة".

وأطلقت مصر في أغسطس (آب) 2022، خطة متكاملة لترشيد استهلاك الطاقة بمختلف أنواعها، سواء ما يتعلق منها بالكهرباء أو الغاز الطبيعي، لتوفير 450 مليون دولار شهرياً، قيمة تصدير الغاز الذي يجري توفير استهلاكه عن طريق توفير استهلاك الكهرباء.

 

لا يختلف حال محمد الوكيل (42 سنة)، الذي يعمل موظفاً بإحدى شركات الاتصالات عن مصطفى، إذ قرر بعد أن تردد طويلاً في شراء مولد كهربائي. يقول "أقضي ثماني ساعات يومياً للعمل (أون لاين) بالمنزل في تقديم خدمات فنية لعملاء الشركة، لكن تعرضت لمشكلات عدة في عملي نتيجة انقطاع الكهرباء يومياً، وهو ما تسبب في إنذار الشركة لي بالفصل بسبب الشكاوى المتكررة".

حاول الوكيل، الذي يقطن بحي الدقي في الجيزة، إيجاد بدائل وحلول عدة للتغلب على تلك المشكلة، حتى استقر به الحال للإصغاء إلى نصيحة أحد أصدقائه بشراء مولد كهربائي، كي "يكون قادراً على تعويض نقص التيار الكهربائي وممارسة مهام عمله بصورة طبيعية".

وكان متحدث مجلس الوزراء المصري محمد الحمصاني، قد أكد في تصريحات تلفزيونية أن جهوداً تبذل لوقف تخفيف الأحمال في أقرب فرصة ممكنة عبر توفير الموارد وجذب مزيد من الاستثمارات التي توفر السيولة الدولارية التي تساعد الدولة على استيراد مزيد من احتياجاتها من الوقود سواء الغاز الطبيعي أو المازوت.

إقبال على الشراء

وشهدت تجارة المولدات انتعاشاً كبيراً، خصوصاً من قبل أصحاب المنازل والمصانع والشركات، مع بدء انقطاع الكهرباء ودخول فصل الصيف، كما انتشر عديد من الصفحات التي تروج لهذه السلعة عبر منصات التواصل الاجتماعي لاستغلال حركة الإقبال المتزايد من المواطنين على الشراء.

في شارع القللي بحي الأزبكية بوسط القاهرة، التقت "اندبندنت عربية" محمد خليل أحد تجار بيع المولدات، الذي يعمل بالمهنة منذ أكثر من 25 عاماً، الذي أكد وجود إقبال كبير على شراء المولدات الكهربائية، موضحاً أن من ضمن زبائنه "مرضى داخل المنازل لا يستطيعون تحمل انقطاع الكهرباء ساعتين يومياً، بسبب ظروفهم الصحية، وكذلك الحال بالنسبة إلى المباني الإدارية والشركات والمصانع التي تعتمد على التيار الكهربائي بصورة رئيسة في أعمالها".

يشير التاجر الأربعيني إلى أن أسعار المولدات "تختلف بحسب قدرة كل مولد ونوعية الشركة المصنعة، إلى جانب نوع الوقود المستخدم في تشغيله، إذ تصل كلفة المولد ثلاثة كيلوفولت لثمانية آلاف جنيه (383 دولاراً أميركياً)، في حين يبلغ سعر المولد 60 كيلوفولت نحو 300 ألف جنيه (6256 دولاراً أميركياً)".

البحث عن مولدات مستعملة

ويضيف خليل أن بعض المواطنين يستطيعون التأقلم مع انقطاع الكهرباء، ويتحملون ذلك ساعتين يومياً، بينما آخرون لا يمكنهم التأقلم وهو ما يجعلهم يقبلون على الشراء، وارتفاع سعر المولدات الكهربائية في السوق "قد يكون العائق الوحيد أمام كثير من المواطنين في عملية الشراء، بخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة". متابعاً "كان من النادر أن يقدم الزبائن على المولدات المخصصة للشقق السكنية، إنما حالياً زاد الطلب على هذه النوعية من المولدات مما دفع الزبائن للبحث عن المولدات المستعملة لانخفاض أسعارها نسبياً".

ويتفق عمرو عزت، تاجر بيع مولدات كهربائية مع الطرح السابق، مشيراً إلى أن هناك طلباً متزايداً على شراء المولدات الكهربائية في الوقت الحالي، "خلال السنوات الماضية كان الإقبال من المصانع والشركات والعيادات، لكن حالياً أصبح أغلب الزبائن يبحثون عن المولدات المنزلية الصينية النوع وذات الأحجام من كيلو حتى 15كيلو".

وفقاً لـ"عزت"، فإن أغلب الزبائن "يشكون ارتفاع أسعار المولدات ويرونها مبالغاً فيها، لكن على الرغم من ذلك يلجؤون إلى الشراء بسبب الحاجة الملحة إلى الشراء، موضحاً "أكثر المولدات الكهربائية التي يوجد عليها طلب وإقبال مستمر التي تبدأ من ثلاثة حتى ثمانية كيلوفولت، فيما تعمل المولدات ذات القدرات العالية داخل الأبراج السكنية والمصانع والشركات".

 

وفي السياق ذاته، يرصد محمد محمود، موظف بإحدى شركات بيع المولدات الكهربائية، إقبالاً على المولدات ذات الكلفة الرخيصة، "هناك طلب نسبي على المولد الصيني حجم الكيلوفولت الذي يبلغ تكلفته 8500 جنيه (177.47 دولار أميركي)، الذي يستخدم في تشغيل الإنارة والمراوح والتلفزيون، فيما تبلغ كلفة المولد المنزلي الصيني حجم ثلاثة كيلو 13500 جنيه (281.87 دولار أميركي)".

ويرى محمد الشرقاوي، مالك أحد محال تجارة المولدات الكهربائية، أنه قبل رمضان الماضي زاد الطلب من أصحاب المنازل والمحال التجارية والشركات والمصانع على شراء المولدات، لكن حركة البيع والشراء تشهد حالياً "حالة من الهدوء النسبي". مرجعاً ذلك إلى "ترقب كثير من المواطنين انخفاض أسعارها بعد تراجع سعر الدولار في السوق".

ويؤكد الشرقاوي أن تجارة المولدات الكهربائية دائماً ما تنشط على أثر أزمات انقطاعات الكهرباء مثلما حدث في فترة حكم الإخوان، حيث شهدت حركة البيع والشراء "قفزة هائلة في المبيعات خلال تلك الفترة".

وشهدت مصر أزمة مماثلة في انقطاع التيار الكهربائي خلال عام 2013 في أثناء فترة تولي الإخوان حكم البلاد، وكانت أحد الأسباب الرئيسة في حالة الغضب لدى قطاع عريض من المصريين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كلفة استيراد باهظة

ويضيف الشرقاوي أن كلفة استيراد المولدات الكهربائية من الخارج أصبحت باهظة حالياً، "نستورد المولدات من إيطاليا وهونغ كونغ واليابان، المولد الكهربائي حجم 60 كيلو تبلغ تكلفته حالياً ما بين خمسة وسبعة آلاف دولار، والسوق تشهد حالياً عجزاً واضحاً في المولدات التي تبدأ من 10 كيلوفولت حتى 40 كيلوفولت وفي حالة استيرادها من الخارج قد تصل كلفتها لـ230 ألف جنيه (4796.65 دولار)".

ويختتم، "تعمل المولدات الصغيرة بالبنزين فيما الكبيرة بالسولار، وبعض محطات الوقود تمتنع عن بيع السولار في جراكن لتزويد المولدات الكهربائية، مما جعل أصحاب المحال والشركات العاملة في مجال تجارة المولدات تتعاقد مع محطات وقود وتقوم بترخيص المعدات لكي يسهل شحنها".

وفي أواخر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن تخفيف أحمال الكهرباء لمدة ساعة في اليوم يوفر 300 مليون دولار شهرياً.

ودفعت أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي عدداً من نواب البرلمان إلى تقديم طلبات إحاطة لإيجاد حلول بديلة وفعالة لعلاج تلك الأزمة بشكل نهائي ومطالبة الحكومة بتوضيح الاستراتيجيات التي تضعها لمعالجة أزمة انقطاع التيار الكهربائي في المقام الأول.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات