Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تسعى لـ"تخصيب" علاقتها النووية مع النيجر

طهران تنتهز التراجع الغربي في نيامي بإجراء محادثات للاستحواذ على 300 طن من اليورانيوم الخام مقابل 56 مليون دولار

إيران والنيجر خاضتا محادثات معلنة لكن لم يتم الكشف عن تطرقها إلى اليورانيوم (أ ف ب)

ملخص

الحديث عن صفقة محتملة بين النيجر وإيران للحصول على اليورانيوم ليس وليد اللحظة، حيث عندما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" في مارس الماضي عن مسئولين أميركيين قولهم إن واشنطن اتهمت نيامي بالتفاوض سراً على اتفاق مع طهران.

تخوض إيران والنيجر محادثات مُتقدمة من أجل استحواذ طهران على 300 طن من اليورانيوم الخام من نيامي التي طردت للتو معظم القوات الغربية المتواجدة على أراضيها في قطع مع سياساتها القديمة التي استمرت سنوات حيث كانت حليفة لباريس وواشنطن وبقية العواصم الغربية.

وأفاد موقع "أفريكا أنتليجنس" بأن هذه الكمية من اليورانيوم الخام تبلغ قيمتها 56 مليون دولار، لافتاً إلى أن "الخطة التي يجري التفاوض في شأنها تشمل تعهد طهران بتقديم مولدات كهربائية ذات قدرة كبيرة إلى نيامي لسد العجز في الطاقة في البلاد، فضلاً عن دعم جهود التحول الزراعي التي أطلقتها النيجر مقابل الحصول على اليورانيوم".

 

 

ويأتي هذا التطور في وقت تخشى فيه القوى الغربية من التغلغل الإيراني والروسي في منطقة الساحل الأفريقي خصوصاً أن طهران تلعب أوراقاً عدة في مساعيها لترسيخ موطئ قدم لها شأنها شأن موسكو.

وشهدت النيجر انقلاباً عسكرياً قام به قائد الحرس الرئاسي، عبد الرحمن تشياني، الذي أزاح الرئيس السابق والمحتجز حالياً، محمد بازوم، الذي كان حليفاً موثوقاً بالنسبة للقوى الغربية في مقدمها فرنسا التي أُجبرت على سحب قواتها ودبلوماسييها من هذا البلد.

رسالة تحدّ إلى الغرب

والحديث عن صفقة محتملة بين النيجر وإيران في مجال اليورانيوم ليس وليد اللحظة، وقد طفا على السطح بشكل لافت في مارس (آذار) الماضي عندما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن اتهمت نيامي بالتفاوض سراً على اتفاق مع إيران.

 

 

وعلى رغم أنها حافظت على علاقات هادئة مع النيجر، إلا أن الولايات المتحدة كانت تنظر بعين الريبة إلى ما يحدث في هذا البلد الذي يسبح فوق ثروات طبيعية حتى قبيل وصول مدربين ومستشارين عسكريين روس إلى نيامي.

وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، مالي فاي، قد زار النيجر في مارس الماضي، حيث تحدث مع مسؤولي الحكومة العسكرية في نيامي حول الاتفاق مع إيران والوصول الوشيك للمعدات العسكرية الروسية.

وقال المحلل السياسي النيجري، عبدول ناصر سيدو، إن "المحادثات الجارية على قدم وساق بين السلطات الإيرانية والنيجرية حول تزويد طهران بـ 300 طن من اليورانيوم تمثل رسالة تحدي إلى الغرب الذي يُحاول الضغط على نيامي بأي طريقة".

 

 

وتابع سيدو أن "الغرب جرب لي ذراع المجلس العسكري في النيجر من خلال تكتلات إقليمية مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لكنه فشل في هذا الرهان"، واعتبر المحلل السياسي أن "طرد الأميركيين من البلاد، فضلاً عن التفاوض مع إيران والاستعانة بمساعدة روسيا في المجال الأمني بشكل علني أمور تُكرس قطيعة بين نيامي والغرب". وشدد المحلل السياسي على أن "الغرب لم يفهم رسالة 26 يوليو (تموز)، بأن هناك جيلاً جديداً من القادة بصدد الصعود في النيجر كما في الساحل الأفريقي ككل بدأ ينتفض ضد الهيمنة الغربية ويريد شراكات الند للند"، لافتاً إلى أن إيران ستفعل كل ما في وسعها للحصول على هذه الكمية من اليورانيوم وستنجح، في اعتقاد سيدو.

وخلال مؤتمر صحافي عقده في مارس الماضي وطالب فيه القوات الأميركية بمغادرة بلاده، قال المتحدث باسم الحكومة النيجرية، أمادو عبد الرحمن، إن "النيجر لم تبرم أي صفقة يورانيوم مع إيران" لكنه لم ينف في المقابل وجود محادثات في هذا الشأن.

لا تُقدم شيئاً لشركائها

وعلى رغم تحركاتها المكثفة في منطقة الساحل والصحراء الكبرى إلا أن إيران لم تكشف النقاب عما إذا كانت تسعى إلى تعويض الاستثمارات الفرنسية والغربية أو الوجود العسكري الغربي فيها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وركزت ثلاث دول على الأقل جهودها على منطقة الساحل الأفريقي على إثر التطورات السياسية التي عرفتها والتي صعدت بحكام مناهضين للغرب، من بينها تركيا التي تبيع مسيرات وغير ذلك لدول مثل مالي وبوركينافاسو، وروسيا التي تتعاون أمنياً بشكل معلن مع هذه الدول، والصين التي تضخ استثمارات هناك. 

وقال الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الدولية، جيلالي كرايس، إن "المشكلة ليست في تعويض الاستثمار الفرنسي، فإيران لديها القدرة على ذلك، لكن الخطر يمكن في التبعات الأمنية على النيجر وعلى المنطقة ككل، إيران بقدر ما تسعى للحصول على اليورانيوم بقدر ما تسعى إلى إيجاد موطئ قدم لها في أفريقيا ونقل أزماتها إليها وخلق مناطق صراع بالنسبة لها".

 

 

وتابع كرايس "هذه استراتيجية إيران في كل المناطق التي تتواجد فيها اقتصادياً أو عسكرياً، ودول الشرق الأوسط خير دليل على ذلك، فطهران تخلق التوتر حيث ما تواجدت، لكن تواجدها في النيجر التي تعاني من حالة من الهشاشة والضعف سيزيد من الأزمات الساحل ككل".

ورأى باحث الشؤون الدولية أن "الغرب لن يغفر للنيجر هذه الخطوة، وقد حذرت واشنطن من تبعات هذه الصفقة وأكيد سيكون الرد قاسياً ويزيد من حالة الضعف والانهيار التي تعرفها النيجر أصلاً وسيزيد من عزلتها، وإيران لا يمكنها تعويض الغرب أمنياً وعسكرياً واقتصادياً، لأن إيران لا تقدم شيء لشركائها وأصدقائها".

مشاكل في الأفق

وبدت النيجر أخيراً مندفعة بشكل قوي نحو روسيا من خلال الاستعانة بمدربين ومستشارين عسكريين في وقت تواجه فيه البلاد هشاشة أمنية، وقد تزيد محاولاتها لإبرام صفقة حول اليورانيوم مع إيران في الغضب الغربي تجاهها.

 

 

ومع أن العقوبات الغربية التي فرضتها تكتلات إقليمية مثل "إيكواس" عليها في السابق لم تفلح في ردع قادتها العسكريين، إلا أن أوساطاً سياسية ومراقبين ينبهون من أن التوصل إلى صفقة مع إيران قد يجعل النيجر في مواجهة مباشرة مع الغرب.

واعتبر كرايس أن "النيجر ملزمة أولاً بالخروج من أزمتها واستعادة الاستقرار ثم التفكير في مثل هذه الصفات التي قد تجلب لها العديد من المشاكل التي هي في غنى عنها، إذ إن مشكلة الدول الأفريقية ككل هي التبعية والانتقال من قوة معينة إلى قوة أخرى، وهذا لن يكون أبداً حل لمشاكل أفريقيا بل سيجعل منها دولاً تابعة ومجرد بيادق في معارك غيرها".

 

وأوضح المحلل السياسي أن "الوجود الإيراني لا يقل خطورة عن الوجود الغربي في منطقة متوترة أصلاً وتعرف صراعات متعددة ومتنوعة، ولذلك هذا الأمر  سيكون عامل عدم استقرار وليس عامل استقرار، وولن يستفيد الاقتصاد النيجيري شيئاً من هذه الصفقة". وأكد كرايس أن "المشكلة في النكاية النيجرية في الغرب، فمصالح الدول لا تسير بهذه الطريقة، والنيجر لا يمكنه مواجهة الغرب أو تحمل أي شكل من إشكال العقوبات، إذ أن المجلس العسكري مطالب بأن يتعامل بحكمة مع مختلف الفصائل والملفات وبما يخدم المصالح العليا للنيجر وليس أي جهة أخرى".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير