Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل من قرار إيراني بتحويل "جنوب لبنان" إلى جبهة مواجهة؟

اجتياح إسرائيل بلاد الأرز عام 1982 لم يكن يحظى حينها بموافقة أميركية

دبابات إسرائيلية قرب حدود إسرائيل مع لبنان (رويترز)

ملخص

تتجه الأنظار إلى رفح وسط مخاوف من "المجهول" الذي يمكن أن تحمله العملية العسكرية إن اكتملت فصولها، ويخشى أن تنعكس تطوراتها على "جبهة" لبنان التي شهدت تصعيداً غير مسبوق.

مع دخول حرب غزة شهرها الثامن وبدء التوغل البري في مدينة رفح تصاعد التوتر بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" في جنوب لبنان، في موازاة معلومات عن زيارة قام بها قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني إلى بيروت، حيث وجه تعليمات لـ"حزب الله" بالتصعيد ضد إسرائيل وتحويل الجنوب إلى الجبهة الإقليمية الرئيسة للصراع، على رغم أخطار توسيع الحرب، الأمر الذي بدا واضحاً من خلال مضاعفة الحزب أخيراً استخدام المسيرات والصواريخ الموجهة ضد إسرائيل بصورة لافتة.

 

وبالتوازي مع تصاعد التوتر الميداني، ارتفعت حدة التهديدات الإسرائيلية التي توعدت لبنان بـ"صيف حار" في إشارة إلى احتمال توسع الأعمال القتالية على امتداد الحدود الشمالية مع لبنان، وتأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن جيشه سيحقق أهدافه في الشمال والجنوب، وقال "سنشل (حماس) وندمر (حزب الله) ونحقق الأمن"، في حين أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى تمديد مهلة عودة سكان المستوطنات الشمالية إلى الأول من سبتمبر (أيلول) 2024، الأمر الذي يعطي انطباعات عن زيادة احتمالات توسيع الحرب في جنوب لبنان.

وعلى رغم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية على إسرائيل لمنع توسع الحرب في الشرق الأوسط، فإن أوساطاً سياسية تخشى من "التمرد" على القرار الأميركي، إذ يروي السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل، في كتابه عن تاريخ العلاقات اللبنانية - الأميركية، أن اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 لم يكن يحظى حينها بموافقة أميركية، وعند بدء الاجتياح كانت أميركا تمارس ضغطاً لمنعها من تجاوز نهر الأولي قرب مدينة صيدا (جنوب)، إلا أن تل أبيب وضعت العالم تحت الأمر الواقع بالوصول إلى بيروت على رغم المعارضة الأميركية.

لبنان بعد رفح

وبانتظار نضوج الصورة المحيطة بالعملية العسكرية في رفح، يخشى مراقبون من النيات الإسرائيلية لناحية احتمال أن لبنان سيكون التالي بعد رفح، وإمكانية فتح معركة واسعة على الجبهة الشمالية ضد "حزب الله".

ويعزز هؤلاء توقعاتهم بأن تصريحات القادة الإسرائيليين تعتبر أن الحرب الحالية هي معركة "وجود" بالنسبة إليهم، ومن ثم يتوقع في ظل تكبدهم خسائر فادحة في الاقتصاد وجزء كبير من التأييد الدولي أن تكون أهداف حربهم إنجاز ما يعدونها إزالة التهديدات عنهم للمستقبل، من ثم استكمال حربهم ضد "حزب الله" لضمان أمنهم عشرات السنوات، والتفرغ لاحقاً لإعادة ترتيب الاقتصاد وتحسين علاقاتهم الدولية.

ترابط المسارين

ويربط المحلل السياسي إبراهيم ريحان بين زيادة وتيرة الاشتباكات في جنوب لبنان واقتحام مدينة "رفح"، موضحاً أن نهاية الأسبوع الماضي حين كانت المفاوضات تمضي قدماً بين "حماس" وإسرائيل حول الورقة المصرية كان هناك انخفاض ملحوظ في نسبة العمليات والقصف المتبادل في جنوب لبنان، وهذا ما يؤكد ترابط الميدان بين غزة ولبنان، "إذ بعد تعقد المفاوضات عادت حدة التوتر لترتفع من جديد".

وتوقع ريحان زيادة نسبة التوتر في جنوب لبنان مع وصول المفاوضات بين إسرائيل و"حماس" في مصر إلى طريق مسدود، وقال "هذا يعني أننا سنذهب نحو تصعيد العمليات في جنوب لبنان بخاصة أن (حزب الله) يربط معركة رفح بنسبة عملياته في الجنوب. وبحسب المعلومات، كان قد أبلغ عبر وسطاء أن اجتياح رفح يعني تصاعد وتيرة العمليات مما سيؤدي حتماً إلى مزيد من التوتر على الجبهة الجنوبية".

هدنة؟

من جانبه، أكد العميد الركن المتقاعد هشام جابر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يسير بأي هدنة ليبقى هارباً من الملاحقات الداخلية والدولية، فهو لا يخشى أحداً حتى أميركا، معتبراً أن "(حماس) ما زالت قادرة على المواجهة وما زالت تطلق صواريخها حتى من شمال قطاع غزة"، لافتاً إلى أن مصر باتت محرجة بعد التوغل البري على حدودها في جنوب قطاع غزة، على رغم أنها لن "تحتك" عسكرياً بإسرائيل، إلا أنه كشف عن أوامر للجيش المصري "بإطلاق النار فوراً بوجه أي خرق أو عدوان إسرائيلي على الخطوط الأمامية".

ورأى جابر أن جنوب لبنان سيكون الجبهة التالية بعد انتهاء المعارك في رفح، وقال "المعركة مع (حزب الله) آتية بلا ريب"، وحذر من إمكانية قيام جهات خارجية بالتواطؤ مع جهات داخلية بتجنيد 100 ألف نازح سوري في لبنان من أجل محاصرة الحزب من الخلف لتحفيف الضغط عن إسرائيل، وأضاف "نحن أمام أيام قليلة قبل اتضاح الصورة، فإما نذهب لاستراحة محارب، وإما ستتدحرج الأمور إلى حدود الحرب الإقليمية"، مشيراً إلى أن روسيا تترقب، والعراق سيكون أخطر جبهة في حال توسعت الحرب، إضافة إلى تطور الأمور في البحر عبر اليمن وإيران وأميركا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رسائل ردع

ورأى المحلل الاستراتيجي العميد المتقاعد إلياس حنا أن تصعيد "حزب الله" وزيادة وتيرة عملياته تجاه إسرائيل عقب بدء الهجوم البري على "رفح" هدفه إرسال رسالة إلى إسرائيل بأن أي توسيع للحرب نحو جنوب لبنان سيكون مكلفاً، ومن ثم هدف الحزب ردع إسرائيل عن شن حرب ضده تزامناً أو بعد انتهاء المعارك في "رفح"، وبرأيه، زيادة وتيرة عمليات "حزب الله" هي استكمال للهجوم الإيراني على إسرائيل منتصف أبريل (نيسان) الماضي، ومحاولة لإيصال رسالة إلى أميركا أن مهاجمة الحزب في لبنان قد تجر إيران إلى المعركة، ومن ثم توسع الحرب نحو حرب إقليمية واسعة، على رغم أن "الميدان مضبوط من ناحية إيران والولايات المتحدة"، وأن الطرفين لا يريدان توسيع نطاق الحرب ولكل منهما أسبابه، معتبراً أن زخم العمليات الأخير هو "رسالة ردعية" ليقول للإسرائيلي "لا تأت إلى لبنان".

خسائر فادحة

وتقدر إحصاءات "مجلس الجنوب" القيمة الأولية للأضرار التي لحقت بالمباني والمؤسسات منذ بدء التصعيد في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وحتى مطلع شهر مايو (أيار) الجاري، بأكثر من مليار دولار، تضاف إليها الأضرار الجسيمة التي لحقت بمرافق البنية التحتية، والتي قدرها المجلس بنحو 500 مليون دولار. وقد طاولت الأضرار بصورة رئيسة البنية التحتية من مرافق المياه والكهرباء والصحة والخدمات الأساسية والطرقات.

ويقدر "مجلس الجنوب" المنازل المهدمة كلياً بـ1700 منزل، يضاف إليها 14 ألف منزل تضرر جزئياً، كما أجبر التصعيد على مدى ثمانية أشهر أكثر من 93 ألف شخص على النزوح من منازلهم خصوصاً من القرى الحدودية، ولم يتمكن هؤلاء من العودة حتى الآن.

وقال رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر إن هذه التقديرات لا تشمل الأضرار التي لحقت بالمناطق التي يصعب الوصول إليها بسبب استمرار القصف، خصوصاً الملاصقة للحدود. وتعد تلك القرى والبلدات مثل الضهيرة وكفركلا وعيترون وعيتا الشعب، من المناطق الأكثر تضرراً بسبب القصف. ويتحدث مسعفون وعمال إغاثة عن دمار هائل لحق بقرى خلت تماماً من سكانها.

ومنذ بدء التصعيد، قتل في لبنان أكثر من 400 شخص في الأقل بينهم 300 عنصر في "حزب الله" وأكثر من 50 عنصراً موزعين على فصائل أخرى منها "قوات الفجر" وحركة "أمل" وبعض الفصائل الفلسطينية.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط