Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

800 مليار دولار استثمارات قد تنقذ الكوكب

الوكالة الدولية للطاقة تخشى خطر تراجع إمدادات الليثيوم والنحاس والنيكل وترى أن العالم في حاجة إلى نحو 60 منجماً

انخفاض أسعار الليثيوم والكوبالت والنيكل والغرافيت يهدد بإبطاء الاستثمارات في قطاع التعدين مقارنة بالسنوات السابقة (اليونسكو)

ملخص

لفتت وكالة الطاقة الدولية، إلى أنه من حيث الحجم، فإن المعدنين الأكثر عرضة لخطر الضغط على إمداداتهما هما الليثيوم والنحاس، في ظل "فجوة كبيرة" بين آفاق الإنتاج والاستهلاك

أصبحت خطة العالم للتحكم في مؤشر درجة حرارة الأرض مهددة، مع تراجع إنتاج المعادن الضرورية لإتمام عمليات التحول الطاقي وتقليل انبعاث الكربون وعلى رأسها معدنا الليثيوم والنحاس.

 ولذلك، عبرت الوكالة الدولية للطاقة عن خشيتها من خطر تراجع الإمدادات العالمية من المعادن الضرورية للتحول الطاقي، بل وتشجع الدول على ضخ مزيد من استثمارات التعدين حتى يتسنى الحد من ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى 1.5 درجة بحلول نهاية القرن.

وحذرت الوكالة الدولية في تقريرها السنوي الثاني في شأن المعادن الصادر، أول من أمس الجمعة، أن "الانخفاض في أسعار المعادن المهمة، مثل النحاس والليثيوم والنيكل المستخدمة في توصيل الكهرباء أو في بطاريات السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والألواح الشمسية يخفي خطر ضغوط مستقبلية في شأن العرض".

"اتفاق باريس الدولي للمناخ"
وقدرت الوكالة المبلغ الإجمال لاستثمارات التعدين الضرورية في العالم بـ"800 مليار دولار" بحلول عام 2040، حتى يحترم العالم الهدف الذي حدده "اتفاق باريس الدولي للمناخ" في عام 2015 (كوب 21) المتمثل في الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.

وعلى رغم أن الاتفاق لم يمر عليه توقيعه أكثر من 10 أعوام، فإن انخفاض أسعار الليثيوم 75 في المئة، وما يراوح بين 30 في المئة و45 في المئة في أسعار الكوبالت والنيكل والغرافيت في العام الماضي، أدى بنسبة 14 في المئة في أسعار البطاريات، وهو ما يهدد بإبطاء الاستثمارات في قطاع التعدين مقارنة بالسنوات السابقة.

الليثيوم والنحاس الأكثر عرضة لخطر

ولفتت وكالة الطاقة الدولية، إلى أنه من حيث الحجم، فإن المعدنين الأكثر عرضة لخطر الضغط على إمداداتهما هما الليثيوم والنحاس، في ظل "فجوة كبيرة" بين آفاق الإنتاج والاستهلاك، بينما الطلب في تزايد ففي عام 2023 زادت مبيعات السيارات الكهربائية وحدها بنسبة 35 في المئة، وسيشهد استخدام الألواح الشمسية وطاقة الرياح نمواً بنسبة 75 في المئة.

أيضاً المحللات الكهربائية التي تنتج الهيدروجين الأخضر الضروري لإزالة الكربون من الصناعات الثقيلة ووسائل النقل، تحتاج إلى معادن مثل النيكل والبلاتين والزركونيوم، وارتفع عدد هذه المنشآت بصورة هائلة، إذ زاد بنسبة 360 في المئة في عام 2023 .

الطلب على المعادن سيرتفع 4 مرات عام 2040

"حتى لا يتجاوز الاحترار حاجز الـ1.5 درجة مئوية سيتضاعف الطلب على المعادن الحيوية أربع مرات بحلول عام 2040"، بحسب ما أكد المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة فاتح بيرول عبر منصة إكس "تويتر"، أول من أمس الجمعة.


وأشارت وكالة الطاقة أيضاً إلى ضرورة تنويع الإمدادات في مواجهة الهيمنة الصينية، لا سيما في ما يتعلق بتصنيع مكونين رئيسين من بطاريات السيارات، وهما الأنودات الذي يأتي بنسبة 98 في المئة والكاثودات بنسبة 90 في المئة من الصين.

وبحسب التقرير، فإن "أكثر من نصف عملية تصنيع الليثيوم والكوبالت تتم في بكين، إذ تهيمن البلاد على كامل سلسلة إنتاج الغرافيت المستخدم في البطاريات وفي الصناعة النووية".

من جانبه قال كبير الاقتصاديين في الوكالة الدولية للطاقة تيم غولد "لن أتفاجأ برؤية مزيد من الاهتمام باستخراج الليثيوم من شركات النفط الكبرى، بعد أن أعلنت إكسون موبيل الأميركية الرائدة في العالم، بالفعل عن استثمارات في هذا الاتجاه".

في المقابل تنطوي عمليات تطوير المناجم على كثير من الأخطار الاجتماعية والبيئية على المجتمعات المحلية، وهو ما أعربت عنه منظمات غير حكومية قبل اجتماع لدول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي حول هذا الموضوع في باريس.

تدمير الطبيعة والتنوع البيولوجي

وعن ذلك، قالت غالينا أنغاروفا من قبيلة "بوريات" في سيبيريا، وهي تقود ائتلافاً من الجمعيات المدافعة عن حقوق السكان الأصليين، إن "السباق على المعادن يلحق كلف باهظة بالسكان الأصليين وأراضي أسلافهم"، مضيفة في تصريحات نقلتها "وكالة الأنباء الفرنسية"، أنه "إذا واصلنا على هذه الوتيرة، فإننا نخاطر بتدمير الطبيعة والتنوع البيولوجي وحق الإنسان في اقتصاد خال من الكربون، والابتعاد عن النفط والغاز والفحم".
وقالت أنغاروفا "نحن على أعتاب الثورة الصناعية المقبلة، وعلينا أن نقوم بها بصورة جيدة".

أما آدم أنتوني من منظمة "بابلش وات يو باي" (غير حكومية)، فقال إن "شركات المناجم تتدفق إلى أفريقيا من دون أن تستفيد القارة من القيمة المضافة لاستخراج المعادن"، موضحاً "عندما نتحدث عن المعادن المهمة، فعلينا أن نسأل أنفسنا لمن هي مهمة؟"، مضيفاً "لا نستفيد من هذا الاستخراج".

وأشار إلى أن "تنزانيا مثلاً تستخرج المنغنيز والغرافيت، لكنها لا تنتج أياً من المعدات سواء السيارات الكهربائية أو البطاريات التي تستخدمهما".

مخاوف وكالة الطاقة الدولية تبدو حقيقية من دون تهويل، إذ شهدت أسعار المعادن المستعملة في صناعة البطاريات السيارات الكهربائية، تراجعاً غير مسبوق ومن بينها خام الليثيوم الذي انخفضت أسعاره بنحو 70 في المئة حتى أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

في يناير (كانون الثاني) الماضي أوقفت شركة "كور ليثيوم" العاملة في تعدين الليثيوم في أستراليا عملياتها للحصول على الخام من منجم "غرانتس" المكشوف، في ظل التراجع الحاد بأسعار الليثيوم عالمياً إلى جانب عوامل أخرى.

إذ قالت الشركة الأسترالية، إنها ستكتفي باستعمال المخزون المتوافر لدينا بعمليات معالجة الليثيوم في أستراليا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشار إلى أن أستراليا تعد واحدة من البلدان التي تمتلك احتياطات كبيرة من المعادن الأرضية النادرة، بما في ذلك الكوبالت والليثيوم والمنغنيز والتنغستن والفاناديوم.

ولدى أستراليا خطة طموحة لأن يضيف قطاع المعادن الأرضية النادرة بها نحو 71.2 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي، عبر جذب الشركات العالمية في مجال التعدين ومعالجة المعادن النادرة.

الشركة أرجعت تعليق عمليات تعدين الليثيوم في أستراليا بالمناجم التابعة بصورة أساس للظروف الصعبة التي تمر بها الأسواق العالمية، بعدما انهارت أسعار الليثيوم، خلال العام الماضي، متحدية حتى أكثر التوقعات تحفظاً، وفق ما طالعته منصة "الطاقة" المتخصصة.

الصين أكبر مستهلك لليثيوم

في تلك الأثناء، يتوقع متخصصون انخفاض أسعار كربونات الليثيوم في الصين (أكبر مستهلك ومنتج للخام) بأكثر من 30 في المئة خلال العام الحالي، مقارنة بمستويات الأسعار في ديسمبر (كانون الأول) 2023.

وأشاروا إلى أن انخفاض الأسعار من المرجح أن يؤثر سلباً بمنتجي الليثيوم في أستراليا، بل إن تأثيره يمتد إلى كبريات شركات تعدين مكونات البطاريات حول العالم.

في غضون ذلك، توقع بنك "يو بي أس" أن يقفز المعروض العالمي من الليثيوم بنسبة 40 في المئة خلال عام 2024، إلى أكثر من 1.4 مليون طن من مكافئ كربونات الليثيوم

وأضاف البنك السويسري، أن الإنتاج الصيني من الليثيوم سيقفز أيضاً بنسبة 40 في المئة خلال العامين المقبلين، محذراً من أن انخفاض أسعار معدن الليثيوم سيؤدي على الأرجح إلى انخفاض محتمل في أرباح شركة الليثيوم "أي أس إكس" إلى النصف في السنة المالية 2025.

العالم في حاجة إلى نحو 60 منجماً

وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أعلنت، في تقرير سابق، أن العالم في حاجة إلى نحو 60 منجماً إضافياً لإنتاج الليثيوم بحلول عام 2030، وذلك لمواجهة متطلبات وخطط إزالة الكربون وتصنيع السيارات الكهربائية، التي تنتهجها الحكومات.

أما النحاس فهو المعدن الجيد الذي يستخدم كموصل للكهرباء بدرجة عالية وبأسعار معقولة نسبياً، إذ يستخدم في الأسلاك منذ 200 عام، قبل أن يدخل حالياً في صناعة الكابلات والمحركات والبطاريات والمكونات الإلكترونية الضرورية للانتقال نحو الطاقة النظيفة وكذلك هو مكون أساس في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والشرائح الإلكترونية.

في تلك الأثناء قالت شركة "ترافيغورا" لتجارة السلع الأولية، إن "الطلب على النحاس المرتبط بالذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات قد يزيد ما يصل إلى مليون طن بحلول عام 2030، مما يفاقم عجز المعروض قرب نهاية العقد".

وتشير التوقعات إلى بلوغ الطلب العالمي على النحاس نحو 26 مليون طن هذا العام، في حين أظهر مسح أجرته "رويترز" ونشر في يناير الماضي أن التوقعات تشير إلى ارتفاع العجز في سوق النحاس إلى أكثر من 100 ألف طن في عام 2025 مقابل عجز يبلغ 35 ألف طن هذا العام.

وسجلت أسعار النحاس في بورصة شنغهاي مستويات قياسية في أبريل (نيسان) الماضي، إذ وصلت أسعار المعدن الأحمر إلى أعلى مستوى على الإطلاق، إذ صعدت العقود الآجلة للنحاس تسليم الشهر الجاري بنسبة 2.1 في المئة ليصل إلى مستوى قياسي عند 75.17 ألف يوان (10.39 ألف دولار) للطن.

عطفاً على ما سبق، ففي الأسبوع الأول من الشهر الماضي توقعت مؤسسة "فيتش سوليوشنز" أن ترتفع أسعار النحاس بأكثر من 75 في المئة خلال العامين المقبلين وسط اضطرابات إمدادات التعدين وارتفاع الطلب على المعدن، مدفوعاً بالتوجه نحو الطاقة المتجددة.

وأشارت إلى أن ارتفاع الطلب مرتبط بخطط التحول إلى الطاقة الخضراء والانخفاض المحتمل في الدولار الأميركي في النصف الثاني من عام 2024، مضيفة أنه "من المتوقع أن تؤدي عوامل مثل زيادة الطلب على السيارات الكهربائية وأنظمة الطاقة المتجددة والاتجاه الأوسع للكهرباء إلى دفع أسعار النحاس إلى 15 ألف دولار للطن".

زيادة الطلب على النحاس

أما مؤسسة "ستاندرد أند بورز غلوبال" فقد توقعت أن يؤدي التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة إلى زيادة الطلب على النحاس بصورة كبيرة في السنوات المقبلة، مشيرة إلى إمكانية أن يزيد الطلب إلى 50 مليون طن بحلول عام 2035، قائلة "سيكون أقوى طلب من أميركا والصين وأوروبا والهند".

وبناء على ما سبق، فإن إمدادات النحاس لن تكون قادرة على مواكبة الطلب بدءاً من عام 2025، إذ كان نمو المعروض من النحاس بطيئاً في السنوات الأخيرة، وبلغ إنتاج النحاس المستخرج عالمياً 21.8 مليون طن عام 2022، وهو ما يمثل زيادة قدرها مليون طن فقط على مدى ثلاث سنوات.

لكن من جهتها أشارت أبحاث "غولدمان ساكس" إلى أن الموافقات التنظيمية لمناجم النحاس الجديدة تقل بعد أن انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 15 عاماً.