Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش يتصدى لهجوم جديد في الفاشر ويضغط برا وجوا في كردفان

قفزة هائلة في أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات بسبب رفع الدولار الجمركي

عائلات سودانية نازحة تنتظر للصعود على متن قطار أثناء عودتها إلى ديارها طواعية من مصر إلى السودان (رويترز)

ملخص

أعلنت القوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة المتحالفة مع الجيش، التصدي لهجوم جديد واسع شنته "الدعم السريع" على الفاشر، هو الهجوم رقم 223 الذي يتم إحباطه. ومنذ أكثر من عام تواصل "الدعم السريع" هجماتها وحصارها بهدف السيطرة على مدينة الفاشر التي تمثل آخر معاقل الجيش السوداني والحكومة المركزية في إقليم دارفور

تصدى الجيش السوداني والقوة المشتركة أمس الإثنين لهجوم جديد على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور شنته قوات "الدعم السريع"، وخاض الجيش والقوات المشتركة معارك ومواجهات عنيفة استمرت ساعات عدة في المحور الجنوبي الشرقي من المدينة وأجبرت القوات المهاجمة على التراجع باتجاه الأطراف الجنوبية للمدينة، بعدما تكبدت خسائر بشرية ومادية كبيرة، وفق بيان للقوات المشتركة.

الهجوم 223

أعلنت القوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة المتحالفة مع الجيش، التصدي لهجوم جديد واسع شنته "الدعم السريع" على الفاشر، هو الهجوم رقم 223 الذي أُحبِط، وأفاد بيان للمتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة العقيد أحمد حسين مصطفى بأن "الدعم السريع" ظلت تحشد لهذا الهجوم منذ أسابيع بهدف إسقاط المدينة، "لكن وبفضل التنسيق المحكم بين الجيش والقوة المشتركة والمقاومة الشعبية، تم التصدي للهجوم ودحره بعد معارك ضارية". وأوضح البيان أن المواجهات أسفرت عن خسائر بشرية كبيرة وتدمير عشرات العربات القتالية لـ"الدعم السريع". وأكد مصطفى مواصلة القتال حتى استعادة كامل التراب السوداني "من دون تهاون مع أي محاولة للمساس بأمن المواطنين أو وحدة البلاد".

حصار وجوع ونزوح

ومنذ أكثر من عام تواصل "الدعم السريع" هجماتها وحصارها بهدف السيطرة على مدينة الفاشر التي تمثل آخر معاقل الجيش السوداني والحكومة المركزية في إقليم دارفور. وأدى الحصار والهجمات المتكررة إلى أزمة إنسانية حادة نتيجة انعدام السلع الغذائية ومياه الشرب والأدوية وخدمات الرعاية الصحية، وبدء تسجيل سقوط ضحايا جراء حدة الجوع المتصاعدة بصورة يومية، بخاصة وسط الفئات الأكثر ضعفاً، من الأطفال وكبار السن والنساء الحوامل.

على المحور ذاته شنت "الدعم السريع" هجوماً واسعاً على بلدة أم سيالة بمحلية دار السلام بولاية شمال دارفور، وأوضح شهود أن الوات المهاجمة اقتحمت البلدة من أكثر من اتجاه، "وقامت تحت غطاء من النيران الكثيفة بعمليات ترويع، وإطلاق نار عشوائي على المدنيين، وسلب ونهب الأسواق والمحال التجارية ومخازن الغذاء، والماشية والمؤن، كما قامت باعتقال عدد من الأهالي واقتيادهم إلى أمكان مجهولة تحت تهديد السلاح"، كما تسببت الهجمات بعمليات نزوح قسري جماعي لعشرات الأسر.

قصف جوي

تزامناً مع التحركات والعمليات البرية الواسعة التي يقوم بها الجيش وحلفاؤه في محور كردفان، وتقدمه نحو مدينة بارا، شن الطيران الحربي والمسير للجيش غارات عنيفة استهدفت تجمعات "الدعم السريع" في المدينة التي تتوسط الطريق الرابط بين الخرطوم وإقليمي كردفان ودارفور.

وفقاً لمصادر عسكرية أسفرت الضربات الجوية عن تدمير مخزن كبير للذخائر تابع لـ"الدعم السريع"، مما تسبب بانفجارات عنيفة وتصاعد كثيف لألسنة الدخان واللهب في سماء المدينة.

ومنذ أسابيع يشهد هذا المحور تصعيداً في العمليات الحربية بين الجيش و"الدعم السريع"، فضلاً عن تحركات نشطة من قبل الأخيرة في سعيها إلى التضييق على مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، وتحدثت مصادر عن مهاجمة الطيران المسير للجيش تجمعات ومواقع "الدعم السريع" في مدينة أبو زبد بولاية غرب كردفان، وموقعاً لتخزين الوقود والمحروقات والعتاد بمدينة الفولة عاصمة الولاية، مما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات مسلحي "الدعم السريع".

وكشفت الأمم المتحدة عن مقتل أكثر من 450 مدنياً، بينهم 35 طفلاً في الأقل، خلال الفترة من الـ12 من يوليو (تموز) الجاري في هجمات على قرى وأرياف مدينة بارا بولاية شمال كردفان.

البرهان في الخرطوم

وقبيل ختام زيارته العاصمة الخرطوم وتفقده القيادة العامة للجيش وعدداً من الوحدات العسكرية ومنطقة صالحة آخر المناطق التي انسحبت منها "الدعم السريع"، أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش الفريق عبدالفتاح البرهان "أن دماء الأبرياء لن تضيع هدراً، وأن القصاص قادم لا محالة". وخلال تفقده قوات الفرقة السابعة - مشاة وسلاح المدرعات بالخرطوم، أشاد القائد العام "بروحهم القتالية وصمودهم الأسطوري في وجه اعتداءات الميليشيات"، ومؤكداً "أن معركة تطهير الوطن ماضية بلا هوادة حتى يتم اجتثاث التمرد من جذوره".

تحركات حاسمة

وشدد البرهان خلال مخاطبته قوات سلاح المدرعات بالخرطوم على أن المرحلة المقبلة "ستشهد تحركات حاسمة لتحقيق النصر الذي بات قريباً بفضل الخطى الثابتة التي يتقدم بها الجيش"، مضيفاً "لن نرحم من تلطخت أيديهم بدماء المدنيين، ولن نساوم في شرف الوطن، وسنضرب بيد من حديد حتى يعود الأمن لكل شبر من أرض السودان"، وأشاد البرهان بأداء وتماسك وتضحيات "كل مكونات حرب الكرامة في سعيها لبسط الأمن والاستقرار بالبلاد"، واطلع ميدانياً على سير عمليات إعادة تهيئة العاصمة الجارية في عدد من المرافق العامة والأسواق.

إخلاء العاصمة

في الأثناء شرعت قوات الجيش في تنفيذ قرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي بإخلاء العاصمة من التشكيلات العسكرية والمسلحة، ضمن الخطة الهادفة إلى تهيئة الخرطوم لعودة المواطنين واستئناف الحياة الطبيعية فيها تدريجاً والحد من مظاهر التسلح داخل العاصمة. وكخطوة أولى بدأ الجيش فعلياً بإعادة تمركز بعض وحداته خارج نطاق الأحياء السكنية، بنقل القوات البرية إلى مواقع جديدة شمال الخرطوم بحري ضمن جدول زمني محدد.

وتضم العاصمة عدداً من مقار الوحدات العسكرية المجاورة للأحياء السكنية، بدءاً بالقيادة العامة للجيش وسلاح المهندسين بأم درمان والمظلات بالخرطوم بحري والمدرعات والذخيرة بمنطقتي الشجرة واللاماب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مساعدات عاجلة

إلى ذلك أعلنت لجنة المساعدات الإنسانية التابعة للجنة العليا لتهيئة البيئة لعودة المواطنين لولاية الخرطوم أن هناك نحو 1.6 مليون أسرة، ما يعادل أكثر من 6 ملايين شخص بالولاية في حاجة عاجلة إلى معونات غذائية نتيجة تدهور الأوضاع الإنسانية بسبب الحرب. ووافقت اللجنة العليا خلال اجتماعها الثاني برئاسة عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للجيش الفريق إبراهيم جابر على توزيع 150 ألف سلة غذائية مباشرة على منازل الأسر المتضررة لمدة ثلاثة أشهر، ريثما يتم الانتقال إلى المرحلة التالية بتمليكها مشروعات إنتاجية".

وأكدت اللجنة ضرورة استعادة التيار الكهربائي في مختلف أنحاء ولاية الخرطوم في مدة أقصاها نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، مع توفير مقار بديلة موقتة لتمكين الوزارات من مباشرة أعمالها إلى حين انتهاء عمل اللجنة والبت في أمر صيانة وإعادة تأهيل المقار الحكومية الرسمية بالعاصمة. واستعرض الاجتماع تقارير حول تأهيل المرافق الصحية، ومطار الخرطوم، إلى جانب قضايا الإصلاح البيئي والتحديات الكبيرة التي تواجه تأهيل العاصمة السودانية بعد عامين من الدمار والتخريب وانهيار البنية التحتية في عديد من القطاعات الحيوية.

قفزة الأسعار

اقتصادياً انعكست الزيادة الجديدة التي أقرتها وزارة المالية برفع سعر الدولار الجمركي من 2167 إلى 2400 جنيه، في زيادات كبيرة على أسعار السلع المستوردة، وعلى رأسها السكر والطحين والزيت والرز، إلى جانب زيادات جديدة في أسعار الوقود يتوقع أن تكون لها تداعيات إضافية على أسعار السلع.

في السياق أوضح الأكاديمي والمحلل الاقتصادي محمد الناير "أن قرار رفع الدولار الجمركي جاء متزامناً مع تراجع واضح في سعر صرف العملة المحلية إلى جانب استغلال القطاع الخاص الوضع ورفع الأسعار، مما ضاعف من تأثيرها في أسعار السلع والخدمات"، ورأى الناير "أن الدولة كانت تعتقد أن تأثير رفع سعر الدولار الجمركي على أسعار السلع لن يكون كبيراً، لكن نتيجة سلوك القطاع الخاص الذي درج دائماً على تحميل مثل هذه الزيادات للمستهلك بصورة كاملة، مما ضاعف الأسعار بأكثر من أربع إلى خمس مرات، وزاد من معاناة الناس الذين يعانون أصلاً من زيادة معدلات التضخم وتعقيدات الحرب ومضاعفاتها على سائر مناحي حياتهم".

ومنذ بداية حرب السودان الراهنة في الـ15 من أبريل 2023 سجلت أسعار الدولار في السوق الموازية قفزات كبيرة متتالية من 560 جنيهاً، إلى أن تجاوز حالياً 2800 جنيه بزيادة فاقت 350 في المئة بعد أكثر من عام من اندلاع الحرب. وكانت الحكومة قد رفعت سعر الدولار الجمركي في عام 2022 من 445 جنيهاً سودانياً إلى 564 جنيهاً، ثم إلى 950 وصولاً إلى القرار الخير برفعه إلى 2400 جنيه.

وانتقد المحلل الاقتصادي منهج التوسع الرأسي الذي تتبعه الدولة حالياً من أجل زيادة إيراداتها، مشيراً "إلى أن التوسع الأفقي في المظلة الجمركية والضريبية مع خفض الرسوم والحد من التهرب الجمركي والضريبي، كان من شأنه أن يحقق للدولة عائدات أكبر من الإيرادات مع تفادي الأثر الكبير على ارتفاع أسعار السلع والضغط على المواطن"، وتابع "كان متاحاً أمام الحكومة أن ترفع سعر الدولار الجمركي وتخفض، في الوقت نفسه الفئات الجمركية لكي تحتفظ على مستوى معقول من الأسعار بالنسبة إلى السلع والخدمات للمواطنين، هذا إذا كان هدف الدولة فعلاً توحيد سعر الصرف من دون أن تتأثر الأسعار"، لذلك ختم الناير، "أنه لا بد من إجراء دراسة شاملة حول كيفية زيادة الإيرادات والأخذ في الاعتبار بالخيارات الأخرى غير التوسع الرأسي برفع الرسوم والضرائب"، مطالباً الدولة ببذل جهد أكبر في التحصيل حتى لا تضطر إلى الخيار الرأسي.

وظلت الحكومات المتعاقبة قبل الفترة الانتقالية في عام 2019، وفي ظل إعلان تعاونها مع صندوق النقد الدولي، تعمل على تحرير سعر صرف العملة الحرة بتحريك مستمر لسعر الدولار الجمركي لكي يتساوى مع سعر الصرف الحر.

المزيد من متابعات