ملخص
غياب الردع القانوني وقلة التثقيف العام يشكلان تهديداً مباشراً لصدقية العمل الإعلامي والصحافي في العراق.
في المشهد العراقي الراهن يمكن القول إن الوعي بحقوق الملكية الفكرية يشهد تفاوتاً ملاحظاً على مستوى الثقافة والتطبيق، فبينما يمتلك رواد الأعمال والمبدعون والنخب الثقافية حساسية عالية تجاه حماية إنتاجاتهم من النسخ والاستغلال غير المشروع، فإن هناك شرائح واسعة من الجمهور لا تزال تتعامل مع المنتج الإبداعي، سواء كان كتاباً أو برنامجاً أو عملاً فنياً، على أنه متاح ما دام الوصول إليه سهلاً، بغض النظر عن شرعية ذلك.
وعن هذا السلوك ذكر مدير معهد التدريب الإعلامي محمد الخزاعي أن "هذا السلوك يرتبط بعوامل عدة أبرزها العوامل الاقتصادية والثقافية، مثل ضعف حملات التوعية وغموض القوانين، والأهم هو ضعف تطبيقها، فضلاً عن شيوع ثقافة المحتوى المجاني التي أصبحت في عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي أكثر انتشاراً وأقل تقييداً".
أما عن مدى انتشار المحتوى المقرصن في العراق فأفاد الخزاعي بأنه "على رغم دخول كثير من المنصات الرسمية وغير الرسمية وخدمات البث المدفوع إلى السوق العراقية خلال العقد الأخير، ولا سيما خلال الأعوام الخمسة الماضية، فإن البرمجيات والمحتويات المقرصنة لا تزال تجد طريقها بسهولة إلى أجهزة المستهلكين بمختلف مستوياتهم المعرفية والعلمية، ولا يعد هذا الانتشار ظاهرة تقنية وحسب بل يعكس مزيجاً من تحديات اقتصادية تتمثل في ارتفاع أسعار البرمجيات أو صعوبة الشراء الإلكتروني، واجتماعية ترتبط بسلوكيات التحميل والتبادل بين الأفراد، وحتى بعض القطاعات التجارية الصغيرة التي تلجأ إلى النسخ غير المرخصة لتقليل الكُلف في ظل ضعف الرقابة وصعوبة تتبع الانتهاكات عبر الإنترنت والمنصات الرقمية، سواء كانت محلية أو دولية".
بين غياب الوعي وتقصير الجهات المعنية
أما رئيس مؤسسة "الشاهد للصحافة والإعلام" أحمد عماد فعلق قائلاً إنه "على رغم أن الموضوع يعد من القضايا الجوهرية في العالم الرقمي المعاصر لكنه لا يزال حديث العهد في العراق ويعاني ضعفاً كبيراً في الوعي والتطبيق، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات"، متابعاً أنه "مع الانفتاح الواسع على الإنترنت وسهولة الوصول إلى المحتوى، سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية، أصبحت انتهاكات حقوق النشر والملكية أمراً شائعاً لا يثير كثيراً من الانتباه أو القلق لدى المستخدمين العراقيين إلا في حالات نادرة يجري فيها إرسال تحذير مباشر من الجهات المعنية، وقد يؤدي إلى خشية المستخدم من تبعات قانونية أو تأثير سلبي في موقعه الإلكتروني أو الصحافي.
وحتى اللحظة يُلاحظ أن غالبية مستخدمي الإنترنت في العراق لا يملكون تصوراً واضحاً حول الحدود القانونية للاستخدام العادل للمحتوى الرقمي، وهذا الضعف في الوعي لا يقع فقط على عاتق المستخدمين بل يمتد ليشمل المدونين والمثقفين والمتخصصين ووزارات الدولة التي لم تول هذا الملف ما يستحقه من اهتمام.
وشدد أحمد عماد على ضرورة إطلاق "ورش تثقيفية وتوعوية تتناول مفهوم الملكية الفكرية وآليات احترامها وكيفية تفاعل المواطنين بصورة قانونية وأخلاقية على مواقع التواصل الاجتماعي"، مبيناً أن ذلك "ضروري لحماية المجتمع الرقمي من الفوضى والانتهاكات المستمرة".
وعن تفشي ظاهرة المواقع المقرصنة في العراق أفاد عماد بأنه "جرى تسجيل حالات احتيال عدة حدث فيها التواصل مع مواطنين باسم جهات حكومية وطُلب منهم تحويل مبالغ مالية عبر رموز إلكترونية، ليتبين لاحقاً أنهم ضحايا قرصنة".
وفي هذا السياق حمّل عماد المسؤولية لجهات حكومية عدة منها وزارة الاتصالات وجهاز الأمن الوطني وجهاز الأمن القومي، مطالباً إياها باتخاذ إجراءات صارمة ورادعة ضد مرتكبي هذه الجرائم الإلكترونية، وتفعيل القوانين الخاصة بحماية الخصوصية الرقمية وحقوق النشر والتأليف، وختم قائلاً إن "غياب الردع القانوني والتثقيف العام يعدان تهديداً مباشراً لصداقية العمل الإعلامي والصحافي في البلاد، ويتطلب تحركاً عاجلاً وجاداً من الجهات المعنية كافة".
ضربة موجعة لصناعة الموسيقى
من ناحية ثانية قال مهندس ومخرج الصوت سامر طه إن "القرصنة الموسيقية تستنزف جزءاً كبيراً من عوائدنا وتشكل ضربة موجعة لصناعة الموسيقى، ونحن نتحدث عن فقدان أرباح بيع الألبومات والأعمال الموسيقية وانخفاض إيرادات الحفلات والحقوق الرقمية، مما يضعف قدرتنا على تمويل مشاريع موسيقية جديدة، ولا تقتصر الخسائر على الجانب المادي بل تمتد إلى جوهر الإبداع نفسه، فالمؤلف أو الملحن أو شركات الإنتاج الفني تصاب بالإحباط عندما يُسرق نتاجها وينشر من دون إذن، مما يحد من قدرتها على الابتكار والاستمرار، كما أن هذه الظاهرة تقلل من فرص التعاون مع شركات إنتاج عالمية تبحث عن أسواق تحترم حقوق الفنانين".
وعن تفاعل المستهلكين مع موضوع حقوق الملكية الفكرية أجاب سالم أن "وعي المستمع بحقوق المؤلفين والملحنين لا يزال محدوداً على رغم أن هناك شريحة بدأت تدرك أن شراء الموسيقى أو الاستماع عبر المنصات المرخصة هو دعم مباشر للفنان، لكن في المقابل لا يزال بعضهم يلجأ إلى نسخ الأعمال أو تداولها بطرق غير قانونية، إما بدافع الاعتياد أو بحجة ارتفاع الأسعار، ونحن نؤمن بأن الحل يكمن في نشر ثقافة احترام الفن وتوفير منصات موسيقية قانونية بأسعار مناسبة حتى يتحول دعم الفنان إلى سلوك طبيعي وراسخ لدى الجمهور"، مضيفاً "أجدني مضطراً لتوجيه الشكوى ضد وزارة الثقافة والآثار العراقية لما نشهده من تقصير واضح في حماية وتطبيق حقوق الملكية الفكرية للمبدعين، فقد تعرضت أعمالي الموسيقية خلال الفترة الماضية لعمليات قرصنة واسعة على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي من دون ردود فعل ملموسة من الوزارة لوقف الانتهاكات، على رغم وجود القوانين والاتفاقات التي تضمن حماية الإبداع وغياب الرقابة الفعالة التي تجعل بيئة العمل الفني في العراق غير آمنة للمبدعين، فنحن لا نخسر أموالنا فقط بل نخسر الثقة بقدرة الدولة على حمايتنا ودعمنا".
تهدد مستقبل النشر وسوق الكتاب
ويشكو رئيس جمعية الناشرين والكتبيين في العراق إيهاب القيسي مشكلة القرصنة في سوق الكتاب المحلي ويقول إنها "باتت معقدة للغاية وإن أعداد المكتبات التي تتعامل مع الكتب المقرصنة والمستنسخة والمزورة أصبحت توازي أعداد المكتبات النظامية"، موضحاً أن الجمعية حاولت مواجهة هذه الظاهرة باتخاذ إجراءات عدة من بينها خفض أسعار الكتب وتنظيم المعارض، لكن "لم تحقق هذه الجهود النتائج المرجوة"، مضيفاً أن "الجمعية أطلقت حملة وميثاق شرف وطني التزمت من خلاله المكتبات ودور النشر الأعضاء بعدم تداول الكتب المقرصنة، إضافة إلى نشر فيديوهات توعوية ووضع علامات ولافتات لتحذير القراء من أضرار شراء الكتب المقرصنة على المكتبات ودور النشر، وما قد يسببه ذلك من تهديد بانقراض النشر الشرعي".
وأشار إيهاب إلى أن "الجمعية تواصل رفع دعاوى قضائية ضد المزورين وتتواصل مع الجهات الحكومية المتخصصة، مثل وزارة الثقافة والمؤسسات الأمنية ومجلس الوزراء، لردع هذه الممارسات"، وختم حديثه مؤكداً أن الظاهرة أصبحت مألوفة لدى المواطن الذي يشتري أحياناً كتاباً مستنسخاً بسعر منخفض دون إدراك أن ذلك يعد غشاً وسرقة لحقوق المؤلف والناشر.
قرصنة الأفلام: للمنصات مجسات
وعن الإنتاج الفني علق مدير شركة مدينة الفن للإنتاج الفني حكمت البيضاني قائلاً إنه " على رغم وجود حماية دولية لمعظم ما ينشر في مواقع الإنترنت، وبخاصة ما ينتج منها لمواقع أصيلة، ألا أن هناك بعض الاختراقات التي تحدث في العراق، ومنها قرصنة الأفلام من مواقعها التي بثتها وهي صاحبة الحقوق، وإعادة النشر محلياً من خلال قنوات بث مغلقة ومجهولة المصدر، وهذا بمجمله يقود إلى اتخاذ هذا المنصات قراراً بعدم الإنتاج في العراق ويحرم كثيرين من ذوي الاختصاص من فرص حقيقية تسهم في انتشارهم عربياً وعالمياً بسبب المجسات التي تحدد في ضوئها هذه المنصات عدد مشتركيها في كل دولة، وتقدّر على أساس النسبة، فقرار المنصة بالإنتاج في هذا البلد دون غيره، والدليل أن المواقع والمنصات المهمة لا تعرض النتاج العراقي بسبب محدودية مساحة المشتركين".
القرصنة الرقمية وتقدير القيمة السوقية
وفي هذا الصدد تحدث مدير المبيعات في شركة "ناغرا فيجن" كريس بولاين قائلاً إنه "على رغم التطورات التكنولوجية المتسارعة والانفتاح الواسع على العالم الرقمي لكن القرصنة الرقمية في العراق لا تزال تشكل تحدياً كبيراً أمام نمو القطاع الإعلامي والاقتصاد الوطني، وتشير تقارير صناعية متكررة إلى أن العراق يُعد من أكثر الأسواق ضعفاً في حماية حقوق الملكية الفكرية في المنطقة، فالمحتوى المقرصن متاح بسهولة وتنتشر تطبيقات ومنصات مثل (Cinemana) و (Shabakaty) و (Vodu) و(MyTV+) على شبكات الإنترنت العراقية، إضافة إلى أجهزة مثل (C-Box) و(Family Box)، مما يجعل من الصعب على المنصات القانونية البقاء والمنافسة.
وعلى رغم أن العراق ثالث أكبر بلد في المنطقة من حيث عدد السكان لكنه يحتل المرتبة الـ 12 فقط في عدد الاشتراكات بمنصات البث المدفوع (SVOD) مما يكشف حجم الفجوة بين الإمكانات والواقع.
وفي المقابل، وعلى رغم تصدره المرتبة الثالثة في سوق البث المدعوم بالإعلانات (AVOD) لكن معظم العائدات تذهب لمنصات دولية مثل "يوتيوب" و"تيك توك"، في حين تعاني المنصات المحلية صعوبات كبيرة، وتقدر القيمة السوقية المحتملة لصناعة الإعلام في العراق بنحو مليار دولار سنوياً في حال جرت السيطرة على القرصنة، وهذا الرقم يعني أنتاج فرص عمل وزيادة إيرادات الدولة من الضرائب وتحفيز للاستثمار المحلي والأجنبي في قطاع الإعلام.
ولا تقتصر آثار القرصنة على الجانب الاقتصادي فقط بل تطاول البنية الثقافية والاجتماعية للبلاد، فغياب الاستثمار في إنتاج المحتوى المحلي يضعف حضور الثقافة العراقية في الفضاء الرقمي والإعلامي، ويهدد مستقبل الشركات المحلية العاملة في الإنتاج والتوزيع، كما أن انتشار القرصنة يؤدي إلى فقدان الوظائف ويضعف اهتمام الشباب بالتخصصات الإعلامية، وغالباً ما تكون المنصات المقرصنة محملة ببرمجيات ضارة ومحتوى غير لائق أو عمليات احتيال رقمي، مما يعرض المستخدمين لأخطار عدة.
ولوضع إستراتيجيات لمواجهة هذه الظاهرة يدعو كريس خبراء الصناعة إلى اتخاذ سلسلة إجراءات عاجلة أبرزها تطبيق تقنيات الحماية الرقمية مثل إدارة الحقوق (DRM) وأنظمة التشفير ومنع الوصول (CAS) وحجب المواقع وعناوين (IP) التي تقدم محتوى مقرصناً، من خلال تعاون بين الجهات المالكة للحقوق ومزودي الخدمة والجهات المنظمة، مع تعزيز التعاون المؤسسي بين جميع الأطراف القانونية والفنية الفاعلة لتنسيق الجهود وتقليل الكُلف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مليار دولار سنوياً القطاع الترفيهي الرقمي
كذلك رأى المتحدث باسم شركة "ناغرا فيجن" لحماية المحتوى أن "المحتوى المقرصن يعد من أكثر أنواع المحتوى انتشاراً في العراق مثل 'سينمانا' على شبكة 'ايرثلينك' و'MyTV' في كردستان، و'شبكتي' على 'إيرثلينك' و'فودو' على شبكات الإنترنت العراقية الأخرى، وأجهزة 'سيبوكس' و'سينما بوكس' في عموم العراق و'فاملي بوكس' في كردستان".
كما تتجاوز خسائر القرصنة لشركة محتوى عراقية تشتري الحقوق الدولية 10 ملايين دولار سنوياً، إضافة إلى خسائر قطاع الترفيه الدرامي التي تصل إلى عشرات ملايين الدولارات سنوياً، علماً أن حجم القطاع الترفيهي الرقمي هو مليار دولار كل عام.
وتابع المتحدث ذاته أن "المستهلكين لا يعلمون أن 'سينمانا' تضم محتوى مسروقاً ويعتقدون أنها قانونية بسبب سعة انتشارها وعدم اتخاذ إجراء من الجهات المعنية، بينما كثير من المستهلكين الذين يعلمون أنها مخترقة يخافون استخدامها كونها غير نظامية، ومن الممكن أن تحوي فايروسات أو برامج قرصنة تصيب أجهزتهم لعدم خضوعها لجهات رقابية على المحتوى أو على برامجها وملفاتها".
دخل الفرد يلعب دورا كبيراً
ويؤكد المتخصص في الصحافة الاستقصائية غسان الساعدي أن "تفاعل المستهلكين مع حقوق الملكية الفكرية يعتمد على عوامل أساسية عدة أبرزها الوعي بهذه الحقوق، وهو العنصر الأكثر تأثيراً في تحديد سلوك المستهلك"، ويرى المتخصصون أن "تنظيم دورات وأدوات توعوية أمر ضروري لترسيخ أهمية احترام الملكية الفكرية باعتبارها واجباً أخلاقياً وقانونياً، ولا سيما في ظل انتشار المحتوى الرقمي والمجاني عبر المنصات، إذ يحرص المستهلك الواعي على اقتناء النسخة الأصلية لما تتميز به من جودة وضمان ومصادر موثوقة، وفي المقابل يلجأ آخرون إلى المنتجات المقرصنة أو المقلدة بخاصة مع فرق الأسعار الكبير بين النسخ الأصلية والمقلدة، إذ يلعب دخل الفرد دوراً حاسماً في هذا القرار".
يضيف الساعدي أن "الثقافة الاستهلاكية تبرز كعامل مهم، إذ تعزز حملات التوعية الفعالة الربط بين احترام حقوق الملكية الفكرية ودعم الإبداع وتقدير جهود المبدعين، وفي المقابل تؤدي العروض والحوافز على المنتجات المقرصنة إلى زيادة الإقبال عليها مما يضر بالمنتج الأصلي ويقوض صناعة النشر والإبداع"، كما أسهمت المنصات الرقمية ومواقع التواصل في تسهيل عمليات النسخ والتوزيع غير المشروع مما ضاعف حجم الانتهاكات وجعل القوانين والرقابة أدوات للحد من هذه الممارسات وردع المخالفين، غير أن ضعف تطبيق القوانين يقلل من فعاليتها مما يستدعي الجمع بين الردع القانوني ورفع وعي المستهلك لحماية الملكية الفكرية وضمان استدامة الإبداع.
قمة عراقية لحماية المحتوى
وفي الـ 13 من فبراير (شباط) الماضي تشكلت قمة برعاية وزير الاتصالات العراقي وهيئة الإعلام والاتصالات ووزير الثقافة، وجمعت قادة الإعلام المحلي والإقليمي والدولي وصناع السياسات والهيئات التنظيمية والفنانين وشركات الاتصالات في مواجهة القرصنة التجارية وتعزيز حماية الملكية الفكرية داخل العراق، ووُثقت كثير من حالات المنصات غير المشروعة الموزعة من الرواد مقدمي الإنترنت في العراق والتي تنتهك الحقوق بصورة غير مشروعة، وقد ناشد المجتمعون رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني "ضرورة التأكيد على الإطار القانوني الحالي في العراق لحماية المحتوى من القرصنة في القانون المرقم 3 لعام 1971 في شأن حماية المؤلف بصيغته المعدلة بموجب أمر سلطة الائتلاف الموقتة رقم 83 لعام 2004 أساساً قانونياً شاملاً لمكافحة أعمال القرصنة، فضلاً عن العقوبات الصارمة على عمليات إعادة إنتاج أو توزيع أو تداول المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر من دون ترخيص، إذ تنص التشريعات على فرض غرامات مالية تتراوح ما بين 5 و 10 ملايين دينار عراقي في ما يتعلق بانتهاك حقوق الطبع والنشر".
ويواجه المجرمون المتكررون والمعتادون على ارتكاب هذه المخالفات عقوبة سجن لمدد تتراوح ما بين خمسة و10 أعوام ودفع غرامة مالية ما بين 100 و 200 مليون دينار عراقي، مع تخويل المحكمة إغلاق المؤسسة المشاركة في أعمال القرصنة وإتلاف المواد والأجهزة المخالفة ذات الصلة.
وطالبت المؤسسسات المشاركة باتخاذ إجراءات فورية مثل إغلاق خدمات البث غير القانوني وفرض المساءلة على مقدمي خدمات الإنترنت وتعزيز الاجراءات القانونية والقضائية والتوعية العامة وتعاون القطاع الصناعي.
كما بحثت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية في الـ 15 من يوليو (تموز) الماضي مع السفارة البريطانية في بغداد آليات التعاون في ضبط المحتوى الرقمي، وأكد الجانبان دعم حماية المؤلف وتكريس المعايير المهنية في الإداء الإعلامي وفرض الاجراءات الرادعة بحق الجهات المخالفة.
العراق قادر على التغيير
ويرى متخصصون أن العراق يمتلك كل المقومات اللازمة للتحول نحو سوق إعلامية منظمة وشرعية، فلديه عدد سكان كبير ونسبة عالية من الشباب ومجتمع متصل بالإنترنت، وقد بدأت بالفعل مؤشرات التحول تظهر من خلال دخول منصات قانونية بأسعار مناسبة إلى السوق العراقية، مع اهتمام متزايد من شركات كبرى مثل (bein) و (Rotana) و((OSN و"شاهد"، كما بدأت بعض شركات الإنترنت العراقية باتخاذ خطوات إيجابية مثل توفير اشتراكات قانونية من منصات مثل "شاهد" و (1001).
ولا تزال الفرصة قائمة ليصبح العراق نموذجاً ناجحاً في محاربة القرصنة وتنمية صناعة إعلامية حديثة تحفظ الثقافة الوطنية وتوفر آلاف فرص العمل وتنعش الاقتصاد، في واحدة من أكثر اللحظات المفصلية في تاريخه الرقمي.