ملخص
يمنع دخول مواد "ذات استخدام مزدوج"، أي قد تخدم غايات عسكرية، وتعاد أخرى لأسباب بسيطة مثل عيوب في التوضيب.
ويمكن لدخول أدوية بسيطة مثل تلك المضادة للحمى أن يستغرق أسبوعاً، بينما تضطر منظمة الصحة العالمية للتعجيل في إدخال الأنسولين وأدوية حيوية أخرى يجب حفظها في حرارة متدنية، في شاحنات عادية عندما ترفض السلطات الإسرائيلية دخول تلك المبردة، وفق ما يقول مسؤول في منظمة الصحة العالمية.
عند الجانب المصري من معبر رفح الحدودي مع غزة، تتكدس تجهيزات طبية حيوية في مستودعات تحت شمس لاهبة وتصطف مئات الشاحنات المحملة بمساعدات غذائية ومواد أساسية أياماً قبل أن يسمح لبعضها بالعبور إلى القطاع الفلسطيني المحاصر والمهدد بالمجاعة.
قرب شاحنته المحملة بالدقيق، قال محمود الشيخ إنه ينتظر السماح له بالعبور منذ قرابة أسبوعين في ظل درجات حرارة خانقة.
وقال لوكالة "الصحافة الفرنسية" التي شاركت في جولة صحافية منظمة في المكان، الإثنين، "بالأمس عادت 300 شاحنة وسمح بدخول 35 شاحنة فقط".
وأضاف، مشيراً إلى أن تحديد ما يدخل يعود الإسرائيليين، و"مزاجهم ولا يقولون لماذا".
وقال السائق حسين جمعة، إن نحو 150 شاحنة تصطف كل ليلة عند الجانب المصري من المعبر. وإجمالاً، تدخل هذه الشاحنات بوابة المعبر وتتوجه نحو معبركرم أبوسالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية والواقع على بعد كيلومترات قليلة. هناك تخضع لتفتيش دقيق قبل دخولها إلى قطاع غزة.
إلا أن جمعة أضاف "في الصباح، يفتش الإسرائيليون ما يريدونه فحسب، والباقي يقومون بإعادته".
لا تكفي لسد الحاجة
بعد 22 شهراً على اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حماس" إثر هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تتحدث الأمم المتحدة ومنظمات دولية عن وضع إنساني كارثي في القطاع بلغ شفير المجاعة، وتشكو من أن كميات المساعدات التي تدخل إلى القطاع لا تكفي لسد حاجات سكانه الذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة.
وقال أربعة مسؤولين في الأمم المتحدة وسائقو شاحنات مساعدات ومتطوع في الهلال الأحمر المصري، إن إسرائيل تمنع دخول تجهيزات طبية حيوية وخيماً وتجهيزات لبنى تحتية خاصة بالمياه.
ويمنع دخول مواد "ذات استخدام مزدوج"، أي قد تخدم غايات عسكرية، وتعاد أخرى لأسباب بسيطة مثل عيوب في التوضيب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقول مسؤولة الاستجابة الطارئة في منظمة "أطباء بلا حدود" الفرنسية أماند بازيرول خلال اتصال بها عبر تطبيق "زووم"، إن بعض المواد تمنع مثلاً "لمجرد أنها من الحديد".
في الجانب المصري من معبر رفح، قال عاملون في المجال الإغاثي إن شحنة من الحمالات للعناية المركزة لا تزال عند الجانب المصري من المعبر، على رغم تأكيد الأمم المتحدة حاجة القطاع الماسة لها، لأن إحدى المنصات النقالة التي وضعت عليها، مصنوعة من البلاستيك بدل الخشب.
وأشار متطوع في الهلال الأحمر المصري إلى أن شحنات أخرى أعيدت "لأن منصة نقالة كانت مائلة أو لأن التغليف البلاستيكي لم يكن جيداً".
وقالت رئيسة الهلال الأحمر أمل إمام "قد يكون رقم الموافقة الصادر عن الأمم المتحدة ملصقاً على جانب المنصة النقالة، مما يعني أن كل الأطراف وافقت على دخولها بما في ذلك وحدة تنسيق أعمال الحكومة (الإسرائيلية، كوغات)... لكن على رغم ذلك تتم إعادتها عند الحدود".
وتابعت إمام "لم أر طوال عملي في مجال الإغاثة قيوداً كهذه على المساعدات، بما في ذلك أصغر قطعة من الشاش".
ويمكن لدخول أدوية بسيطة مثل تلك المضادة للحمى أن يستغرق أسبوعاً، بينما تضطر منظمة الصحة العالمية للتعجيل في إدخال الأنسولين وأدوية حيوية أخرى يجب حفظها في حرارة متدنية، في شاحنات عادية عندما ترفض السلطات الإسرائيلية دخول تلك المبردة، وفق ما يقول مسؤول في منظمة الصحة العالمية.
في مستودع عند الجانب المصري من الحدود مع غزة، تتكدس عشرات قوارير الأوكسجين التي كساها الغبار بعد منع إدخالها، وبقربها كراس متحركة ومراحيض متنقلة ومولدات كهرباء.
وقال أحد العاملين مع الأمم المتحدة طالباً عدم ذكر اسمه، "وكأنهم يرفضون كل ما يمكن أن يقدم لمسة إنسانية".
قائمة الممنوعات
وتؤكد المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للمنظمة الدولية (أوتشا) أولغا شيريفكو، رداً على سؤال عبر تطبيق "زووم"، أن قائمة الممنوعات هي عبارة عن "صفحات طويلة".
وتتضارب الأرقام حول عدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة.
فقد أفاد مسؤول في منظمة الصحة العالمية بأن قرابة 50 شاحنة تدخل غزة يومياً.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي الذي زار المعبر الإثنين برفقة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، إن العدد يراوح ما بين 130 و150 يومياً، وقد يصل إلى 200، مؤكداً أن عدد الشاحنات التي تنتظر يتخطى 5 آلاف.
ووصف التأخير والقيود بأنه "تجويع ممنهج".
وكانت وحدة التنسيق الإسرائيلية التابعة لوزارة الدفاع نفت الأسبوع الماضي منع دخول المساعدات، متهمة حركة "حماس" باستغلال المساعدات "لتعزيز قدراتها العسكرية".
وفي آخر بيان منشور لها، قالت إن 320 شاحنة مساعدات دخلت قطاع غزة الأحد الماضي، فيما تم إلقاء 161 حمولة من الجو في عملية شارك فيها الأردن والإمارات وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وفرنسا وهولندا والدنمارك وإندونيسيا.
ولا يمكن لوكالة "الصحافة الفرنسية" التحقق بصورة مستقلة من كمية المساعدات التي تدخل.
وتحذر منظمة "أطباء بلا حدود" من أن الإبطاء في دخول المساعدات يعرقل توافر تجهيزات حيوية لعلاج الإصابات.
وتوضح بازيرول أن "الناس يواجهون خطر فقدان أطرافهم ما لم تتوافر التجهيزات الأساسية"، مضيفة أن المخزون يستهلك بسرعة. "نطلب (تجهيزات) لثلاثة أو خمسة أشهر، لكنها تستنفد خلال شهرين".