ملخص
قالت المصادر الدبلوماسية لـ"اندبندنت عربية" إنه "منذ اللحظة الأولى لطرح اسم فهمي بشكل رسمي على الدول الأعضاء مرشح مصر لمنصب الأمين العام ولاقى الترشيح قبولاً وترحيباً بين الدول العربية"، مشيرة في الوقت ذاته إلى اتصالات مكثفة أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظرائه العرب "لحسم اسم المرشح المصري للمنصب".
حسمت مصر اسم مرشحها لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية خلفاً للأمين الحالي أحمد أبو الغيط المقرر أن تنتهي فترة ولايته في يونيو (حزيران) المقبل، وذلك بعد التشاور والتنسيق مع الدول العربية الفاعلة في الجامعة، بحسب ما أخبرنا ثلاثة مصادر دبلوماسية عربية ومصرية.
وفق المصادر، التي تحدثت إلى "اندبندنت عربية"، فإن وزير الخارجية المصري السابق نبيل فهمي (تولي المنصب في الفترة ما بين يونيو/حزيران 2013 إلى يوليو/ تموز 2014)، هو الاسم الذي دفعت به القاهرة رسمياً للدول الأعضاء، ولاقى قبولاً بين الأوساط السياسية العربية خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك في انتظار أن يعلن الترشيح رسمياً في الأسابيع المقبلة، تمهيداً لإقرار الترشح من قبل مجلس قمة الجامعة المقبل.
ويأتي ترشيح فهمي بعد أسماء تداولتها أوساط سياسية مصرية، كان أبرزها وزير الخارجية الحالي بدر عبد العاطي، ووزير الخارجية السابق سامح شكري، فضلاً عن رئيس الوزراء الحالي مصطفى مدبولي، ممن يحتمل أن ترشحهم القاهرة لتولي المنصب "إلا أن مصر ارتأت في فهمي الشخصية الأنسب في ذلك التوقيت"، لا سيما أمام أصوات عربية تدعو لـ"تدوير" منصب الأمين العام للجامعة بين الدول الأعضاء، وألا يقتصر على حصره مصرياً.
كواليس الترشح والتوافق
بحسب أحد المصادر الدبلوماسية المصرية الرفيعة المستوي، التي تحدثت إلى "اندبندنت عربية" فإن ترشيح فهمي والتشاور بشأن الدفع باسمه لتولي المنصب خلفاً لأبو الغيط، جرى بشكل رسمي في الأسابيع الأخيرة، تحديداً أواخر يونيو وبدايات يوليو الماضيين، وقد لاقى اسمه قبولاً واسعاً وترحيباً في الأوساط العربية.
المصدر المصري أوضح، أن اختيار فهمي في حد ذاته، جاء بعد تداول عدد من الأسماء المصرية، واستقرت عليه القيادة السياسية (الرئاسة، ووزارة الخارجية) للدفع به في المنصب، وذلك عبر التشاور بشأنه مع الدول الأعضاء في الجامعة، لا سيما الفاعلة منها، لتشكيل "توافق حاسم" حوله قبل طرح اسمه فعلياً، على أن تكون تلك المشاورات والتنسيق في وقت مبكر قبل انقضاء ولاية الأمين العام الحالي أحمد أبو الغيط المقرر انتهائها يونيو 2026، وذلك تفادياً لما حدث في عام 2011، حين أثار ترشيح القاهرة للدبلوماسي مصطفي الفقي لتولي المنصب خلفاً للأمين العام السابق عمرو موسى، خلافاً مع دول بعينها، ما دفع مصر لسحب ترشيح الفقي لمصلحة الدبلوماسي المخضرم ووزير خارجيتها الراحل نبيل العربي، في مقابل سحب قطر مرشحها للمنصب وهو عبد الرحمن بن حمد العطية (الأمين العام الرابع لمجلس التعاون الخليجي).
وذكر المصدر ذاته، أنه "منذ اللحظة الأولى لطرح اسم فهمي بشكل رسمي على الدول الأعضاء مرشح مصر لمنصب الأمين العام ولاقى الترشيح قبولاً وترحيباً بين الدول العربية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى اتصالات مكثفة أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظرائه العرب "لحسم اسم المرشح المصري للمنصب".
من جانبه، قال مصدر دبلوماسي عربي في حديثه معنا، إن "نبيل فهمي هو المرشح الرسمي الوحيد التي دفعت به القاهرة في الأسابيع الأخيرة رسمياً وجرى التشاور مع الدول العربية بشأنه وهو ما لاقي قبولاً"، موضحاً "حتى اللحظة لم تعترض أي دولة وكل الدول العربية والدول المهمة باركت هذا الترشيح، ولا خلاف على اسمه إلى الآن".
وبحسب المصدر العربي ذاته، فمع بدايات يوليو الماضي، وبعد أن طرحت القاهرة رسمياً اسم نبيل فهمي لخلافة أبو الغيط، تواصل وزير الخارجية بدر عبد العاطي مع نظرائه العرب لحشد الدعم والتأييد للمرشح المصري، وأن توافقاً كبيراً قد جرى في تلك الأثناء على اسم فهمي وقبول ترشيحه. مشيراً إلى أن حسم الأمر وإعلانه رسمياً قد يتم في غضون أسابيع مع اجتماع وزراء الخارجية العرب المقبل، تمهيداً لإقراره في القمة العربية المقبلة التي من المقرر أن تستضيفها السعودية العام المقبل.
وذكر المصدر ذاته أن هناك تقديراً كبيراً في الأوساط العربية لمصر ودورها المؤثر في المرحلة الراهنة، وبناء عليه توارت كثيراً نداءات بعض الدول التي لطالما نادت بتدوير المنصب بين الدول الأعضاء، وعدم قصره على القاهرة.
وتنص المادة 12 من ميثاق جامعة الدول العربية، على أن مجلس الجامعة يعيّن الأمين العام بأكثرية ثلثي دول الجامعة، ويكون في درجة سفير، في حين تنص المادة العاشرة على أن تكون القاهرة المقر الدائم لجامعة الدول العربية، مع إمكان أن يجتمع مجلس الجامعة في أي مكان آخر يحدده.
وعلى رغم أن ميثاق الجامعة العربية لا ينص على أن ترأسه دولة بعينها، فإن "العرف" جرى على أن يُختار الأمين العام من مصر.
وبدأت فكرة "تدوير" منصب الأمين العام للجامعة في الظهور، منذ تسعينيات القرن الماضي، مع عودة المقر إلى القاهرة بعد تعليق عضويتها ونقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس خلال السبعينيات إثر توقيعها لاتفاق السلام مع إسرائيل في عام 1979.
في تلك الفترة، طالبت الجزائر بتدوير المنصب طرحت آنذاك اسم الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، قبل أن تسارع مصر في طرح أحمد عصمت عبد المجيد الذي توافق عليه الأعضاء، ثم تجددت مطالبات الجزائر مرة أخرى في عام 2005، مع الولاية الثانية للأمين العام آنذاك عمرو موسى، وذلك خلال القمة العربية التي استضافتها حينها، إلا أن القاهرة في حنيها تمكنت من حشد الدعم لتمديد ولاية موسى في الجامعة العربية.
وفي عام 2011، وقعت أزمة حول منصب الأمين العام، عندما اضطرت مصر إلى طرح اسم وزير خارجيتها في الحكومة الموقتة بعد ثورة يناير (كانون الثاني)، الدكتور نبيل العربي، لشغل المنصب، بعد اعتراضٍ على ترشيح الدبلوماسي والمفكر مصطفى الفقي، دفع على إثره قطر آنذاك إلى ترشيح عبد الرحمن العطية، قبل سحبه لاحقاً بعد التوافق بين الدول الأعضاء على العربي.
فهمي يتمسك بـ"الكتمان"
إلى ذلك، فضّل المرشح للمنصب السفير نبيل فهمي عدم الإفصاح عن كواليس الترشيح أو التعليق عليه في الوقت الحالي، مكتفياً، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، بأن "هناك تواصلاً في كثير من الملفات مع وزارة الخارجية المصرية في الوقت الراهن" من دون تحديد طبيعتها.
وقال فهمي، الذي سبق أن عمل سفيراً لبلاده في الولايات المتحدة الأميركية في الفترة ما بين 1999 و2008 وكذلك في اليابان بين عامي 1997 و1999، في حديثه معنا "لا أنفي ولا أؤكد الخبر، إذ إن النفي والتأكيد مسؤولية الجهات الحكومية المصرية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن إجراءات تولي منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، تمر بعدة مراحل أولها إجراء الترشيح من قبل وزارة الخارجية لتولي هذا المنصب العربي ثم التشاور والتنسيق مع الدول الأعضاء قبل طرح الاسم رسمياً على مجلس الجامعة على مستوى الوزراء، للموافقة عليه والتوصية به لمجلس الجامعة على مستوى القمة التي تقرها في النهاية.
وتنتهي ولاية الأمين العام الحالي للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في يونيو المقبل، ومن المقرر أن تبدأ مهام الأمين العام الجديد في يوليو 2026.
وينتمي فهمي لأسرة دبلوماسية عريقة، إذ عمل والده إسماعيل فهمي وزيراً للخارجية في عهد الرئيس السابق أنور السادات بين عامي 1973 و1977، قبل أن يستقيل خلال مفاوضات كامب ديفيد مع إسرائيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبتولي فهمي المنصب يكون الأمين العام التاسع للجامعة العربية، منذ تأسيسها في العام 1945، والأمين العام الثامن من مصر، حيث لم يتول المنصب من خارجها سوى وزير الثقافة التونسي آنذاك الشاذلي القليبي في الفترة ما بين 1979 و1990 بعد انتقال مقر الجامعة لتونس في أعقاب توقيع القاهرة لاتفاقية السلام مع إسرائيل ونقل مقر الجامعة منها.
وترأس عبد الرحمن عزام جامعة الدول العربية للمرة الأولى بعد تأسيسها لمدة سبع سنوات، إلى أن استقال عام 1952، وعُيّن محمد عبد الخالق حسونة، حفيد أحد شيوخ الأزهر، خلفاً له لنحو 20 عاماً حتى عام 1971، ليكون بذلك الأطول مدة في شغل هذا المنصب.
وعقب حسونة، تولى محمود رياض، مدير المخابرات الحربية المصرية في غزة سابقاً، المنصب في يونيو 1972، وظل أميناً عاماً للجامعة لـ8 سنوات، وذلك قبل أن تحدث أزمة تعليق عضوية مصر في الجامعة العربية ونقل مقرها إلى تونس نهاية سبعينيات القرن الماضي.
وبقيت مصر خارج الجامعة العربية، قبل أن تعود لها في قمة عمان عام 1987، ويعود لها منصب الأمين العام في عام 1990 بعد استقالة القليبي آنذاك اعتراضاً على الحرب في العراق أو ما عُرف بعملية درع الصحراء، ومنذ ذلك الحين توالى على الأمانة العامة كل من أحمد عصمت عبد المجيد (10 سنوات) وعمرو موسى (10 سنوات) ونبيل العربي (5 سنوات) انتهت في عام 2016، وهو العام الذي خلفه في المنصب أحمد أبو الغيط إلى الآن.