الإنسان والفضاء
"عندما بدأ عصر الفضاء بإطلاق سبوتنيك 1 في عام 1957، كان هناك دولتان فقط تنشطان في بيئة الفضاء. اليوم، لدينا أكثر من 70 وكالة فضاء وطنية وإقليمية تعمل على توسيع معرفتنا بالفضاء، وتطبيق علوم وتكنولوجيا الفضاء لتحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم"
سيمونيتا دي بيبو
مديرة مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي
الأسطورة وظواهر الطبيعة
منذ القدم، سعى الإنسان إلى كشف حقيقة الظواهر التي تحدث حوله وفرض سيطرته على الطبيعة وفهم تقلباتها وثوراتها، فلجأ إلى السحر. لكن بعد تاريخ طويل من فشل تلك الأساليب، اتجه الإنسان إلى الروحانيات، مفترضاً أنه لا بد من وجود قوى خارقة فعالة تقف وراء ظواهر هذا العالم، فنسج للمرة الأولى أساطيره عن آلهة تجسد طاقاتها وقوتها مادياً في هذه الأرض.
كان مشهد الليل والقبة السماوية الحالكة أكثر المشاهد تأثيراً في نفس الإنسان القديم، وأصبحت السماء مثاراً للتأمل والتفكير العميق. وكان القمر أكثر كوكب شغل الإنسان الأول وأسر اهتمامه، إذ انبعثت كثير من الأساطير عن ذلك الجرم السماوي بسحر أطواره وتبدل أشكاله، وبدأ الربط بين القمر وخصب الأرض ونمو الزرع وتتابع الفصول، وكذلك الربط بأطوار المرأة الشهرية وخصوبتها. ولم تغب الشمس عن أساطير البشر، فقد ارتكز كثير منها حول هذا النجم كمصدر للحياة والنماء والدفء.
عالم مليء بالغموض أسر الإنسان الأول بعد أن أمّن احتياجاته الأساسية، فدخل في رحلة تأملية للكون وظواهره عله يكشف أسرار ما يحدث حوله، وانتقل هذا الشغف تدريجاً إلى الفضاء، الذي احتل مساحات كبيرة في أدبيات الشعوب على اختلاف معتقداتها. ونمت أحلام الإنسان في الوصول إلى الكواكب واستكشاف الكون.
جول فيرن
كاتب خيال علمي فرنسي
والأكيد أن خيال الإنسان سبقه إلى القمر، إذ جاءت قصة "من الأرض إلى القمر " التي نسجها كاتب الخيال العلمي جول فيرن عام 1865، قبل أن تظهر إرهاصات هذا العالم. وقبل 100 عام من رحلة "أبولو"، ظهر التصور الأول لفكرة القمر الصناعي عام 1869 في قصة قصيرة للكاتب إدوارد إيفريت هيل بعنوان the brick moon ، قدم فيها نموذجاً متخيلاً لابتكار يمكنه أن ينطلق نحو الفضاء في المستقبل.
إدوارد إيفريت هيل
كاتب ورجل دين أميركي
كرة نيوتن المدفعية
في كتابه "الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية" الصادر عام 1687، شرح نيوتن أن قانون الجاذبية هو قانون عالمي يشكل القوة الرئيسة لحركة الكواكب، مؤكداً أنه في حال تمكن الإنسان من صنع مدفع قوي جداً لرمي كرة من على قمة جبل مرتفع جداً، فإن كرة المدفع سوف تغادر الأرض، لكن تحتاج لسرعة معينة بحيث تتنافس جاذبية الأرض وانحناء السطح مع سرعة الكرة، الأمر الذي يؤدي إلى دوران الكرة حول الأرض من دون أي اصطدام لمدة طويلة جداً.
وبعد 270 عاماً، جاء "سبوتنيك 1" ليحوّل تجربة نيوتن الذهنية إلى تجربة واقعية، حين أصبح عام 1957 أول قمر اصطناعي ينطلق إلى الفضاء.
غزو الفضاء يبدأ بالصواريخ
لم تحمل خيالات الإنسان وقصصه عن طريقة الصعود إلى القمر أي تصور للصواريخ، بل كانت الصور أكثر شاعرية، على غرار ما قدمه لنا العالِم الأندلسي عباس بن فرناس الذي تخيّل التحليق باستخدام أجنحة الطيور.
عباس بن فرناس
عالم أندلسي
لكن في الحقيقة، غزو الفضاء لم يبدأ سوى مع اختراع الصواريخ التي يجمع المؤرخون على أنها ابتكار صيني انتقل عن طريق الحروب إلى أنحاء العالم، إذ جاء أبرز استخدام موثق للصواريخ في حصار جيوش جنكيز خان المغولي لمدينة "كاي فينغ" الصينية عام 1232.
الاهتمام بالصواريخ وتطويرها كسلاح حربي استمر حتى ظهور البندقية والمدفع، وهي أسلحة أكثر دقة سرقت الأضواء والاهتمام. وبعد أن خفت الاهتمام بالصواريخ لفترة، عادت للبروز مجدداً في منتصف القرن التاسع عشر في كتابات الخيال العلمي لكتّاب من أمثال جول فيرن، ولكن هذه المرة ليس كسلاح للحرب وإنما كوسيلة لحمل الإنسان إلى الفضاء الخارجي.
وأول محاولة يُروى أنها نفذت لغزو الفضاء باستخدام الصواريخ ترجع إلى العالم الصيني فان هو، الذي صنع في القرن السادس عشر أول نموذج بسيط لمركبة فضائية، عبارة عن كرسي ثُبت في أسفله عدد من الصواريخ. وفي ما بدا حينها كما لو أنه طريقة صحيحة للدفع، لكن بمجرد أن أُشعلت الصواريخ حتى تحول فان هو ومركبته إلى هباء منثور.
من الصواريخ إلى القاذفات
في العصر الحديث، خرج الاهتمام بتطوير الصواريخ من حيز الخيال العلمي إلى حيز التطبيق، وكان لألمانيا الجهد الأكبر في صناعتها قبيل وخلال الحرب العالمية الثانية، إذ وجدت في تطويرها بعد خروجها مهزومة من الحرب العالمية الأولى هروباً من بنود معاهدة فرساي التي فرضت عليها شروطاً قاسية منعتها من تطوير السلاح، إذ لم تكن الصواريخ مدرجة ضمن الأسلحة المحظور تطويرها بموجب تلك المعاهدة.
وعام 1931، نجح أول إطلاق تجريبي لصاروخ يعمل بالوقود السائل في ألمانيا. وفي عام 1932، تعاقد الجيش الألماني مع الأميركي فيرنر فون براون، الذي كان نجح مسبقاً في إطلاق صاروخ قبل خمس سنوات، في خطوة تاريخية قادت الرجل نفسه بعد نحو 10 سنوات إلى قيادة برنامج "أبولو" الذي وطأ الإنسان بموجبه سطح القمر للمرة الأولى، بعدما حمل الصاروخ "ساترن-5" مركبة "أبولو 11" وروادها إلى هذا الجرم. وعند الحديث عن القاذفات الصاروخية العملاقة، لا يمكن تجاهل الروسي سيرغي كوروليوف قائد فريق "سبوتنيك" الروسي، الذي يعود إليه الفضل الأكبر في تطويرها.
السباق الأميركي – الروسي
إطلاق الأقمار
كرة من الألمنيوم تزن أقل من 85 كيلوغراماً، حوّل دورانها حول الأرض الفضاء إلى ساحة تنافس محتدم بين روسيا وأميركا. إنها القمر الاصطناعي السوفياتي "سبوتنيك 1"، التابع الاصطناعي الأول لكوكب الأرض الذي أيقظ إطلاقه في صباح أكتوبر (تشرين الأول) 1957 السبات الأميركي، وأعلن شارة البدء في سباق القرن العشرين لغزو الفضاء، مفتتحاً عصر الاكتشافات الكبرى ومؤكداً إمكانية صعود الإنسان إلى الفضاء.
"سبوتنيك" الذي استغرقت رحلته ثلاثة أسابيع دار بها حول الأرض مرة كل 96 دقيقة، لم يحمل شارة الإنجاز وحده لفترة طويلة. فبعد أقل من شهر، تبعه "سبوتنيك 2" في نوفمبر (تشرين الثاني) حاملاً الكلبة "لايكا"
أول كائن حي من الأرض يزور الفضاء.
في هذا الوقت، كانت الولايات المتحدة الأميركية تعمل على القمر الاصطناعي "فانغارد" الذي فشلت عملية إطلاقه عدة مرات. لكن بعد محاولات عدة لم تستغرق شهراً، أطلق فريق "فون براون" في يناير (كانون الأول) 1958 "إكسبلورر 1"، أول قمر اصطناعي أميركي فاز بإنجاز علمي لإثباته وجود حزامي "فان آلن" الإشعاعيين داخل الغلاف المغناطيسي.
ثم في مارس (آذار) 1958، أطلقت الولايات المتحدة "فانغارد 1". وفي العام ذاته، أطلق الاتحاد السوفياتي قمره الثالث من سلسلة "سبوتنيك" الذي ظل في مداره قرابة عامين.
هذه الأحداث المتلاحقة دفعت الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور إلى إصدار قرار بإنشاء "الهيئة القومية للطيران والفضاء- ناسا" عام 1958، والتي بدأت مباشرةً برنامجاً جديداً أطلق عليه اسم "ميركوري" وكان الغرض منه إطلاق كبسولة فضاء مأهولة.
وبذلك، باشر كل من الروس والأميركيين سلسلة من التجارب والإطلاقات المتعلقة بالقمر، ليبدأ نشاط مكثف في مجال الفضاء.
استكشاف القمر
كان من البديهي أن يكون مفتاح الأسرار التي تراكمت عبر عصور من تعلق الإنسان بالقمر ومراقبته ورصده، هو الهدف الأول لبرامج الفضاء، فإذ كان هناك من أمل في استيطان الفضاء فإن القمر باعثه الأوحد، فضلاً عن مآرب استغلال ثرواته وعناصره.
ومن هنا بدأت خطط الصعود إلى القمر وكانت الخيارات محصورة ضمن ثلاثة:
ضمن الخيارات المتاحة، بدا خيار الاستكشاف باستخدام المسبرات أكثر أمناً، وتحدد دورها في النزول على القمر ارتطامياً والحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات تبعاً لسرعة النزول. وفي المراحل كافة، كانت روسيا سباقة في تحقيق الهدف ثم تلحق بها أميركا لكن بدرجة أعلى من الإنجاز العلمي.
أول هبوط لين على سطح القمر "لونا-9"
بدأ الاتحاد السوفياتي سباقه ببرنامج "لونا"، إذ انطلقت أولى كبسولاته عام 1959 وسُميت "لونيك 1". ثم توالت مهام البرنامج وتمكنت من تصوير الجانب المظلم من القمر، وصولاً إلى "لونا 9" التي حققت أول هبوط ليّن على سطحه عام 1966، ثم "لونا 10" أول قمر اصطناعي يوضع في مدار حول القمر.
أما الأميركيون فاعتمدوا برنامج "راينجر" لاستكشاف القمر، لكن محاولاته الأولى لم تتمكن من الوصول إلى المدار القمري أو وصلت وباءت بالفشل، حتى بداية 1964 عندما تمكنت مركباته من إرسال صور للقمر تظهر تفاصيل فجوات سطحه.
تلا "راينجر" برنامج "سيرفيور"، الذي تمكّنت مركبته بعد ستة أشهر من الهبوط الروسي، من إتمام الهبوط البطيء على سطح القمر في يونيو (حزيران) 1966. وكانت "سيرفيور 1" مجهزة بمعدات لقياس صلابة التربة وتكوينها. وما بين الأعوام 1966 و1968، أطلقت الولايات المتحدة سبع مركبات من طراز "سيرفيور" وخمساً في مدارات حول القمر.
أول إنسان يدور حول الأرض
في نهاية الخمسينيات، بدأ الاتحاد السوفياتي العمل على إرسال رجل فضاء إلى مدار أرضي منخفض من خلال برنامج "فوستوك"، وكان سبق ذلك إرسال حيوانات نفق بعضها في الفضاء مثل القرود والكلاب.
وفي أبريل (نيسان) 1961،
بدأ عصر ارتياد الفضاء بواسطة الإنسان عندما وقع الاختيار على رائد الفضاء يوري غاغارين ليكون قائد رحلة "فوستوك 1" التاريخية، أول رحلة دار فيها الإنسان حول الأرض في رحلة مدارية استغرقت 108 دقائق.
وفي أغسطس (آب) من العام ذاته، حملت المركبة "فوستوك 2" رائد الفضاء غرمان تيتوف الذي بقي في المدار 25 ساعة و18 دقيقة متمماً 17 دورة كاملة حول الأرض.
وفي عام 1962، جند الاتحاد السوفياتي خمس رائدات فضاء، لكن دخول المرأة عالم الفضاء كان من حظ عاملة النسيج فالنتينا تيريشكوفا، التي صعدت عام 1963 على متن مركبة "فوستوك 6"، آخر مركبة من هذه السلسلة.
سيرغي كورولييف
- عالم أوكراني قاد مسيرة روسيا في سباق الفضاء
- ارتبطت باسمه كل الإنجازات الروسية الفضائية، من أول قمر اصطناعي إلى أول هبوط ليّن على سطح القمر
- قبل وفاته، كان يعمل في برنامج لوصول الإنسان إلى القمر
أول رحلة مأهولة بإنسان
بالتوازي مع البرامج السوفياتية، كان الأميركيون أيضاً يعملون على تحقيق طموحاتهم الفضائية. وفي مايو (أيار) 1961، أصبح آلان شبرد أول أميركي يخرج إلى الفضاء، لكن هذا الإنجاز بقي متواضعاً مقارنةً برحلة السوفياتي يوري غاغارين، إذ اقتصرت رحلة شبرد على طيران تحت مداري استمر 15 دقيقة. وفي عام 1962، نفذت الولايات المتحدة ثلاث مهات مأهولة مماثلة إلى الفضاء.
التحضير للرحلة الكبيرة
أطلقت الولايات المتحدة برنامج "جيمني" في بداية الستينيات استعداداً للرحلة الكبيرة التي تعد لها وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" إلى القمر.
استمرت رحلات "جيمني" حتى بلغت 12 رحلة متدرجة في مهامها، إذ أطلقت الرحلتان الأوليان من دون رواد فضاء عامي 1964 و1965، ثم بدأ البرنامج الفعلي في مارس (آذار) 1965 بإطلاق رائدي الفضاء غاس غريسوم وجون يونغ إلى المدار على متن مركبة "جيمني 3". ثم جاءت الرحلات التالية لاختبار تأثير البقاء في الفضاء لمدة أطول نسبياً على صحة الرواد في "جيمني 4"، حيث بقي هؤلاء أربعة أيام تحت ظروف انعدام الجاذبية، فيما استمروا في مهمة "جيمني 5" ثمانية أيام.
إدوارد وايت
- في 3 يونيو 1965، أصبح أول رائد يسبح بشكل حر في الفضاء
- خرج من كبسولة "جيمني 4" مرتدياً بزةً فضائية
- دار حول المركبة لمدة 23 دقيقة
- زجاج خوذته كان مطلياً بالذهب لحمايته من أشعة الشمس
"إنني أعتقد أن هذه الأمة يجب أن تلتزم بالسعي للوصول قبل نهاية العقد الحالي إلى هدف إنزال إنسان على سطح القمر والعودة به سالماً إلى الأرض"
الرئيس الأميركي جون كنيدي
في خطاب إلى الكونغرس، مايو 1961
برنامج "أبولو"
شهد مشروع "أبولو" للصعود إلى القمر بداياته في 1960. في ذلك الوقت، لم يكن هناك أي تصور لكيفية تنفيذه، وقدمت ثلاثة اقتراحات:
لذا كان لا بد لـ"ناسا" أن تطلق برنامج فضاء كاملاً مستقلاً بذاته لإثبات وتطوير المفاهيم العلمية والأساليب التقنية المستخدمة في برامج "أبولو"، وكان ذلك "برنامج جيمني" الذي بدأ عمله بالتوازي مع "أبولو" استعداداً للهبوط على القمر.
في يوليو (تموز) 1961،
أعلنت "ناسا" خطتها التي استقرت فيها على الاقتراح الثالث وهو إرسال المركبة الأم إلى مدار قمري، وإنزال رواد الفضاء على سطح القمر بمركبة قمرية تتولى أيضاً إعادتهم.
فيرنر فون براون
مهندس صواريخ ألماني أميركي
لذا، تركز الاهتمام في هذه المرحلة على تصميم قاذف قادر على نقل هذه الحمولة الكبيرة من أجهزة ومعدات وبشر على طول هذه المسافة الهائلة والعودة بهم. وجاء الحل على يد مهندس الصواريخ الألماني فيرنر فون براون الذي صمم "ساترن 5"، أضخم صاروخ بناه الإنسان على الإطلاق.
لم تكن المهمة سهلة، فقد تطلبت تصميم المركبة الأم والمركبة القمرية، ودراسة الملاحة من الأرض إلى القمر، واختيار وتدريب رواد الفضاء المناسبين، وإنشاء غرفة مفرغة لتدريب الرواد وإخضاعهم وتعويدهم على جو يماثل جو الفضاء المفرغ. وفي عام 1965، اكتملت التجهيزات وبدأ العد العكسي.
قسمت مهمة "أبولو" إلى
تسع مراحل
الإطلاق
الوصول إلى مدار أرضي موقت للدوران حول الأرض واختبار الأجهزة
القذف نحو القمر
الوصول إلى مدار قمري
هبوط المركبة القمرية على القمر
إتمام المهام المقررة على سطح القمر:
إحضار عينات من تربة القمر وصخوره
العودة إلى المركبة القمرية
الالتحام مع المركبة الأم في المدار القمري
العودة والهبوط في المحيط الهادئ
قسمت مهمة "أبولو" إلى
تسع مراحل
1-الإطلاق
2- الوصول إلى مدار أرضي موقت للدوران حول الأرض واختبار الأجهزة
3- القذف نحو القمر
4- الوصول إلى مدار قمري
5- هبوط المركبة القمرية على القمر
6- إتمام المهام المقررة على سطح القمر: إحضار عينات من تربة القمر وصخوره
7- العودة إلى المركبة القمرية
8- الالتحام مع المركبة الأم في المدار القمري
9- العودة والهبوط في المحيط الهادئ
التجارب
قبل إرسال طاقم من الرواد، نفذت الـ"ناسا" 19 عملية إطلاق تجريبية بين عامي 1961 و1966 لاختبار المراحل والتجهيزات. وفي 1967، أطلقت مهمة بثلاثة رواد لمحاكاة رحلة إلى مدار أرضي لمدة 14 يوماً، لكن التجربة انتهت باحتراق الكابينة. هذه النهاية المأسوية استثمرتها "ناسا" لتطوير تصميم الكابينة وتلافي وقوع حوادث مماثلة في المستقبل. وفي العام نفسه، أطلقت وكالة الفضاء الأميركية مهمتي "أبولو 4" و"أبولو 5" بنجاح، وفي أبريل 1968 جاءت التجربة الكاملة لـ"أبولو 6" وتوالت المحاولات وصولاً إلى "أبولو 8".
في 23 ديسمبر (كانون الأول) 1968
دُمرت الصورة الشاعرية للقمر في أذهان البشر وارتباطاته الرومانسية في قلوب الشعراء والحالمين والمحبين عبر العصور. فالصور التي التقطتها "أبولو 8" عن قريب للقمر أظهرت أنه عبارة عن تابع أجرد صحراوي لا حياة فيه.
في الرحلتين "أبولو" 9 و10، تركزت المهام على الهبوط على القمر واختبار أداء المركبة القمرية وتدريب الرواد على استخدامها وعلى الملابس وسهولة الحركة، بالإضافة إلى التقاط صور مدارات قريبة لتحديد الأماكن الصالحة للهبوط، واستقر الرأي على نقطة "بحر السكون".
Photo credits for all Apollo 8 Hasselblad flight photographs: NASA/JSC/ASU/Apollospace.
Photo credits for all Apollo 8 Hasselblad flight photographs: NASA/JSC/ASU/Apollospace.
الهبوط على القمر
في الساعة 9:32 صباحاً من يوم 16 يوليو (تموز) 1969
كان 600 مليون شخص في سبع قارات و33 دولة، يتابعون إطلاق رحلة الهبوط على القمر "أبولو 11".
أُشعل المحرك وانفصلت كبسولة القيادة الملتحمة بالمركبة وانطلقت الرحلة بطاقمها المؤلف من ثلاث رواد، هم نيل آرمسترونغ ومايكل كولينز وبز ألدرن، إلى المدار القمري.
يوم 19 يوليو الساعة 1:28
مرت "أبولو" بجوار القمر وتجاوزته ثم استخدمت الصاروخ الرئيسي لإعادتها إلى المدار القمري.
وفي 20 يوليو الساعة 1:46
انفصلت المركبة القمرية "النسر" عن مركبة القيادة الأم "كولومبيا"، التي استمرت بقيادة كولينز بالدوران حول القمر.
في الساعة 4:18،
أرسل آرمسترونغ رسالة إلى الأرض:
"هيوستن هنا قاعدة بحر الحدود... لقد هبط النسر".
وفي الساعة 10:56 مساءً
أخذ آرمسترونغ الخطوة الأولى بينما ظل آلدرين داخل المركبة يسجل الحدث الذي وصفه آرمسترونغ بكلماته الشهيرة:
"إنها خطوة صغيرة لإنسان، لكنها خطوة عملاقة للجنس البشري".
في الساعة 11:15 مساءً
نزل آلدرين إلى سطح القمر بينما كان آرمسترونغ يصوره، وأزاحا الستار عن لوحة مثبتة على عمود خلف المركبة مكتوب عليها: "هنا وضع رجال من كوكب الأرض أقدامهم على القمر- يوليو 1969، لقد جئنا في سلام لكل الجنس البشري".
غُرس العلم الأميركي فيما تابع آرمسترونغ تصوير القمر وباشر آلدرين اختبار الحركة عليه وهو يمشي تارة ويقفز ويعدو، ثم نصبا أجهزة القياس والتجارب التي تشمل جهازاً لقياس الزلازل القمرية وآخر لقياس الرياح الشمسية وغيرها، ثم جمعا عينات قمرية في صناديق خاصة.
وفي 21 يوليو،
بعد 21 ساعة و36 دقيقة على سطح القمر، ارتفع الرائدان عنه في المركبة القمرية ليلحقا بكولينز وينتقلا إلى المركبة الأم فيما بقيت المركبة القمرية التي صعدا بها تدور في مدار حول القمر.
في 24 يوليو
دخلت مركبة القيادة المجال الجوي للأرض، وتم أول اتصال بينها وبين حاملة الطائرات "هورنت" التي كانت تنتظر في البحر لانتشالها. وبعد أربع دقائق، ارتطمت المركبة بمياه المحيط الهادئ ليخرج منها الرواد بعد مهمة استغرقت 195 ساعة في الفضاء.
الهبوط على القمر
في الساعة 9:32 صباحاً من يوم 16 يوليو (تموز) 1969
كان 600 مليون شخص في سبع قارات و33 دولة، يتابعون إطلاق رحلة الهبوط على القمر "أبولو 11".
أُشعل المحرك وانفصلت كبسولة القيادة الملتحمة بالمركبة وانطلقت الرحلة بطاقمها المؤلف من ثلاث رواد، هم نيل آرمسترونغ ومايكل كولينز وبز ألدرن، إلى المدار القمري.
يوم 19 يوليو الساعة 1:28
مرت "أبولو" بجوار القمر وتجاوزته ثم استخدمت الصاروخ الرئيسي لإعادتها إلى المدار القمري.
وفي 20 يوليو الساعة 1:46
انفصلت المركبة القمرية "النسر" عن مركبة القيادة الأم "كولومبيا"، التي استمرت بقيادة كولينز بالدوران حول القمر.
في الساعة 4:18،
أرسل آرمسترونغ رسالة إلى الأرض:
"هيوستن هنا قاعدة بحر الحدود... لقد هبط النسر".
وفي الساعة 10:56 مساءً
أخذ آرمسترونغ الخطوة الأولى بينما ظل آلدرين داخل المركبة يسجل الحدث الذي وصفه آرمسترونغ بكلماته الشهيرة:
"إنها خطوة صغيرة لإنسان، لكنها خطوة عملاقة للجنس البشري".
في الساعة 11:15 مساءً
نزل آلدرين إلى سطح القمر بينما كان آرمسترونغ يصوره، وأزاحا الستار عن لوحة مثبتة على عمود خلف المركبة مكتوب عليها: "هنا وضع رجال من كوكب الأرض أقدامهم على القمر- يوليو 1969، لقد جئنا في سلام لكل الجنس البشري".
غُرس العلم الأميركي فيما تابع آرمسترونغ تصوير القمر وباشر آلدرين اختبار الحركة عليه وهو يمشي تارة ويقفز ويعدو، ثم نصبا أجهزة القياس والتجارب التي تشمل جهازاً لقياس الزلازل القمرية وآخر لقياس الرياح الشمسية وغيرها، ثم جمعا عينات قمرية في صناديق خاصة.
وفي 21 يوليو،
بعد 21 ساعة و36 دقيقة على سطح القمر، ارتفع الرائدان عنه في المركبة القمرية ليلحقا بكولينز وينتقلا إلى المركبة الأم فيما بقيت المركبة القمرية التي صعدا بها تدور في مدار حول القمر.
في 24 يوليو
دخلت مركبة القيادة المجال الجوي للأرض، وتم أول اتصال بينها وبين حاملة الطائرات "هورنت" التي كانت تنتظر في البحر لانتشالها. وبعد أربع دقائق، ارتطمت المركبة بمياه المحيط الهادئ ليخرج منها الرواد بعد مهمة استغرقت 195 ساعة في الفضاء.
سباق المحطات الفضائية
في استيطان الفضاء، كانت روسيا الأولى أيضاً. "الاتحاد" أو "سويوز" باللغة الروسية، كان البرنامج السوفياتي الأساس للسفر المأهول إلى الفضاء. يضم البرنامج مركبة من تصميم سيرغي كورولييف، أطلقت للمرة الأولى في أبريل 1967، لكنها احترقت خلال محاولة إعادتها إلى الأرض. إثر ذلك، تأجل البرنامج قبل أن يستأنف بعد عامين بإطلاق أربع مركبات.
وفي 19 أبريل 1971، أطلق الاتحاد السوفياتي بنجاح "ساليوت 1": أول محطة فضائية على الإطلاق، دارت في مدار أرضي منخفض. هذا النجاح غير المسبوق، شهد انتكاسة مع مركبة "سويوز 10" التي فشلت بالالتحام بالمحطة. وفي يونيو من العام نفسه، نجحت "سويوز 11" بمهمة الالتحام، لكنها انتهت بمأساة كارثية في رحلة العودة إلى الأرض، بعدما انخفض ضغط الكبسولة أثناء الاستعداد لإعادة الدخول في الغلاف الجوي، ما أسفر عن مقتل الطاقم بأكمله المكون من جورجي دوبروفولسكي وفلاديسلاف فولكوف وفيكتور باتساييف.
وفيما كانت مهام برنامج "سويوز" تتوالى، أطلق الاتحاد السوفياتي بالتزامن عدة محطات فضائية. مصير "ساليوت 2" التي أطلقت عام 1973 كان الفشل، إذ انفجرت المحطة بعد وضعها في المدار. "ساليوت" 3 و5 في عامي 1974 و1976، كانتا محطتي فضاء عسكريتين، فيما كانت "ساليوت 4" محطةً لأغراض علمية. وفي سبتمبر (أيلول) 1977، أطلق الاتحاد السوفياتي "ساليوت 6"، أول مركبة من الجيل الثاني لمحطات "ساليوت" بتصميم متطور، تبعتها "ساليوت 7" عام 1982.
في الأثناء، لم تبقَ الولايات المتحدة في موقف المتفرج، بل ردت على النجاحات السوفياتية بإطلاق محطة "سكاي لاب" الفضائية في مايو 1973، لتصبح ثاني محطة تدور في مدار الأرض بعد "ساليوت 1". استقبلت المحطة الأميركية في عام إطلاقها ثلاثة أطقم من رواد الفضاء، أجروا اختبارات علمية وطبية كثيرة.
مشروع "أبولو-سويوز" ومحطة "مير"
في عام 1975، انعكست التهدئة السياسية بين موسكو وواشنطن على سباق الفضاء، فقد أطلق الطرفان مشروع "أبولو-سويوز" التجريبي المشترك، الذي يقوم على الالتحام بين وحدة القيادة لبرنامج "أبولو" ومركبة "سويوز" في مدار حول الأرض. شمل المشروع تجارب علمية عدة، وكان الأخير لبرنامج "أبولو".
في فبراير 1986، أطلق الروس المحطة الفضائية "مير"، وهي الجيل الثالث من محطات الفضاء السوفياتية المتطورة والمزودة بوسائل متقدمة للإعاشة والاتصال. استطاع الاتحاد السوفياتي أن يقدم من خلال "مير" بعناصرها الثلاثة، محطة الفضاء ومركبة النقل "سويوز" ومركبة الإمداد "بروغرس"، برنامجاً ناجحاً للاستيطان في الفضاء استمر من دون أن يتأثر حتى بانهيار الاتحاد السوفياتي.
نجاح "مير" ورغبة روسيا في التعاون الدولي مع بعض الشركاء الدوليين، جذب إليها الأنظار، ووجدت الولايات المتحدة في هذا التعاون صفقة رابحة تقلل من تكاليف برنامجها الفضائي بالاعتماد على المحطة الروسية، فاستقبل الروس رواد فضاء أميركيين على متن "مير" لإجراء تجارب علمية.
محطة الفضاء الدولية
- أطلقت عام 1998
- مشروع تعاوني يعمل كمختبر لأبحاث بيئة الفضاء
- تضم وكالات فضاء تابعة للولايات المتحدة وروسيا واليابان وكندا ووكالة الفضاء الأوروبية
- انبثقت فكرتها من مشروعي "ناسا" لبناء محطة Space Station Freedom وروسيا لبناء "مير 2"
المريخ
كوكب بارد لا حياه فيه
كان الوصول إلى كواكب المجموعة الشمسية والقدرة على إرسال مسابر ذاتية الحركة إليها واحداً من أهم نتائج غزو الفضاء، إذ إن كشف طبيعة هذه الأجرام والتوصل إلى إجابات عن أسئلة مثل أصل المجموعة الشمسية واحتمال وجود حياة وكائنات حية في أماكن ومجرات وكواكب أخرى في الكون، هي مسائل شغلت الإنسان منذ بدء الخليقة.
ولطالما كان الكوكبان المحيطان بالأرض أكثر الكواكب إثارةً لاهتمام الإنسان، الزهرة أقرب الكواكب إلى الأرض، والمريخ الشقيق الأصغر لها الذي لم تتوقف التكهنات حول وجود كائنات عاقلة على سطحه حتى وقت قريب، بعد سلسلة من الرحلات التي سبرت أغواره.
أُنجزت رحلات المجموعة الشمسية الأولى عن طريق البرنامج الفضائي الأميركي "مارينر" ومركبة "فايكينغ" التي كانت أول مركبة تهبط على سطح المريخ، حيث اقتبست عينات منه بواسطة ذراع ميكانيكية.
أطلق "مارينر" 10 رحلات دارت حول المريخ والزهرة وعطارد لاستكشاف هذه الأجرام.
مارينر 1
22 يوليو 1962
فشل المهمة بعد تدمير الصاروخ بسبب انحرافه
مارينر 2
27 أغسطس 1962
نجاح المهمة وتحول "مارينر 2" إلى أول مسبار يدور حول كوكب آخر غير الأرض
مارينر 3
5 نوفمبر 1964
فشل المهمة بسبب مشكلة فنية حالت دون إتمامها
مارينر 4
28 نوفمبر 1964
نجاح المهمة والتقاط أول صور قريبة للمريخ أظهرت أرضاً قاحلة مع حفر متناثرة وسط الرمال
مارينر 5
14 يونيو 1967
نجاح المهمة وجمع مزيد من البيانات بشأن مناخ الزهرة
مارينر 6
24 فبراير 1969
نجاح المهمة وإرسال 75 صورة لسطح المريخ
مارينر 7
27 مارس 1969
نجاح المهمة وإرسال 126 صورة لسطح المريخ
مارينر 8
8 مايو 1971
فشل المهمة بسبب عطل عند الإطلاق
مارينر 9
30 مايو 1971
نجاح المهمة وتحول "مارينر 9" إلى أول مسبار يدور في مدار حول كوكب آخر
مارينر 10
3 نوفمبر 1973
نجاح المهمة وتنفيذها للمرة الأولى تقنية "الطيران المساعد بالجاذبية الكوكبية" للانطلاق من عطارد إلى الزهرة
التقطت "مارينر 9" صوراً للمريخ أوضحت تضاريسه ووجود عدد من الحفر البركانية الضخمة والأودية والأخاديد العميقة، ما طرح فرضيات حول احتمال وجود آثار للحياة على هذا الكوكب. ظلت هذه الفرضيات مفتوحة حتى يوليو 1976، حين هبطت مركبة "فايكينغ 1" على سطح المريخ وتبعتها "فايكينغ 2" في سبتمبر من العام نفسه، لينفذا مهمة لم يجدا خلالها أي أثر يشير إلى وجود أي نوع من الحياة على هذا الكوكب.
في الموازاة، أطلق الاتحاد السوفياتي برنامج "مارس" لاستكشاف المريخ وحاول مراراً إنزال مركباته على سطحه. وفي عام 1971، نجحت إحدى المركبات بالوصول إلى الكوكب والاستقرار عليه إلا أن إرسالها لم يستمر أكثر من 20 ثانية قبل أن ينقطع.
السباق الفضائي اليوم
ثمانية دول تملك مفاتيح تكنولوجيات عصر الفضاء، روسيا والولايات المتحدة وفرنسا والصين وبريطانيا واليابان والهند وإسرائيل، ويختلف حجم البرامج بين هذه الدول بين عملاقة ومتوسطة وصغيرة محدودة الأهداف.
المساعي الصينية
دخلت الصين عصر الفضاء عام 1970، إذ أدركت مبكراً أنها لن تستطيع الاعتماد على الاتحاد السوفياتي لمدة طويلة. ومنذ ذلك الحين، بدأت برنامجاً مكثفاً لتطوير قدراتها الذاتية في هذا المجال واحتلت مركزاً بارزاً فيه، إذ أصبحت الدولة الخامسة في الفضاء بعد إطلاق قمرها الاصطناعي الأول على متن قاذف من طراز "لونغ مارش" في أبريل 1970.
وفي الثمانينيات، برزت كقوة فضائية ومنافس قوي للولايات المتحدة وأوروبا والاتحاد السوفياتي في مجال إطلاق القاذفات الفضائية لأغراض تجارية.
في عام 1994، أطلقت أكثر من 34 قمراً اصطناعياً في مهام متنوعة عسكرية ومدنية، وأنتجت وطورت عدة طرازات من الصواريخ ذات أغراض مختلفة، تبعها العديد من الإنجازات، وصولاً إلى إطلاق المركبة "شينغو 2" عام 2001 وعلى متنها حيوانات اختبار. ثم أطلقت عام 2011 وحدة "تيانقونغ 1" التي كانت أول خطوة في اختبار التقنية اللازمة لإنشاء محطة فضائية خاصة بها.
"تيانغونغ" أو "القصر السماوي"
محطة الفضاء الصينية
أبريل 2021
إطلاق وحدة "تيانخه"، مقر المعيشة الرئيسي لرواد الفضاء في المحطة
يونيو 2021
الصين ترسل أول طاقم بشري إلى محطتها يضم ثلاثة رواد فضاء
يوليو 2022
إطلاق وحدة "ونتيان"، مختبر ستُجرى فيه التجارب العلمية
أكتوبر 2022
إطلاق وحدة "منغتيان"، وحدة معملية لتشغيل المحطة
الصين اليوم تؤرق الأميركيين ببرنامجها الفضائي، وهذا ما أكده مدير "ناسا" بنفسه بيل نيلسون في تصريح لمجلة "بوليتيكو" الأميركية بداية 2023، قائلاً إن
"السباق على القمر بين الولايات المتحدة والصين أصبح أكثر حدة، ويمكن أن يحدد العامان المقبلان من سيحظى بالسيطرة"
وأضاف، "بكين تسعى للسيطرة على أكثر المواقع الغنية بالموارد على سطح القمر، أو حتى إبقاء الولايات المتحدة خارجاً".
رحلات سياحية إلى الفضاء
في 28 سبتمبر 2008، وبعد ست سنوات من المحاولات الفاشلة التي كلفتها أكثر من 100 مليون دولار، دخلت شركة تقنيات استكشاف الفضاء "سبايس إكس" التاريخ بإطلاقها "فالكون 1"، أول صاروخ من إنتاج خاص في التاريخ، لتتحول بذلك إلى شركة رائدة في سوق إنتاج الصواريخ، ولتصبح مع الوقت أول شركة تنتج صواريخ يمكن إعادة استخدامها.
واشتعل التنافس بين الشركتين الخاصتين الرائدتين في تصنيع الصواريخ "سبايس إكس" و"بلو أورجن" عندما أعلنت وكالة الفضاء الأميركية عن خططها لمهمة "أرتميس"، أول مهمة مأهولة إلى القمر بعد 50 عاماً من وصول الإنسان إلى هذا الجرم. وبسبب رغبتها في خفض التكاليف، قررت "ناسا" تكليف جزء من تصاميم المهمة للشركات الخاصة لتطوير نموذج أولي، ووقع الاختيار في أبريل 2020 على ثلاث شركات رائدة في القطاع من بينها "سبايس إكس" و"بلو أورجن". لكن بعد خفض الكونغرس أموال البعثة بشكل كبير، أعلنت "ناسا" الاحتفاظ بنموذج "سبايس إكس" فقط، الأمر الذي أثار غضب "بلو أورجن" وأطلق معارك قانونية بين الشركتين.
التشريعات الدولية
قد تتساءلون، إن كانت الدول الغنية والمتقدمة هي وحدها من تحتكر عالم الفضاء، من ينظم عملها في هذا المجال الواسع ومن يضع حداً لتعسفها إن حصل؟ في الواقع، وقعت الدول على مر السنوات عدداً من الاتفاقات بشأن الفضاء الخارجي، بما فيها "معاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي"، التي تنص في مادتها الأولى على أن استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى، يجب أن يباشر لتحقيق فائدة ومصالح جميع الشعوب أياً كانت درجة نمائها الاقتصادي أو العلمي.
وفي المواد الأخرى، تؤكد المعاهدة عدم جواز التملك القومي للفضاء الخارجي، والتزام الدول الأطراف في مراعاة القانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة بغية صيانة السلم والأمن الدوليين وتعزيز التفاهم الدولي. كما تتعهد الدول الأطراف في المعاهدة بعدم وضع أية أجسام تحمل أية أسلحة نووية أو أي نوع آخر من أسلحة الدمار الشامل في أي مدار حول الأرض أو على أية أجرام سماوية أو في الفضاء الخارجي. ويحظر كذلك إنشاء أية قواعد أو منشآت أو تحصينات عسكرية أو تجريب أي نوع من الأسلحة وإجراء أي مناورات عسكرية في الأجرام السماوية.
وتعتبر الدول الأطراف في المعاهدة الملاحين الفضائيين بمثابة مبعوثي الإنسانية في الفضاء الخارجي، وتلتزم الدول في استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي عملاً بمبدأ التعاون المتبادل، وتتحمل المسؤولية الدولية عن الأضرار التي تلحق بأي دولة أخرى بسبب إطلاق أي جسم من إقليمها أو من منشآتها.