الجوع في العالم

أزمة يفاقمها تغير المناخ

أكثر من 258 مليون شخص في 58 بلداً وإقليماً واجهوا في عام 2022 انعداماً حاداً في أمنهم الغذائي، ارتفاعاً من 193 مليون شخص عام 2021.

التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2023

لقد تبدل العالم كثيراً منذ بدأت "منظمة الأغذية والزراعة" (الفاو) التابعة للأمم المتحدة عام 1974، الإبلاغ عن مدى تفشي الجوع في العالم.

ومع صدور نتائج المسح العالمي الرابع لتقييم حالة الجوع وسوء التغذية عام 1977، بدا المشهد العام قاتماً إذ تبين أن ما بين 10 و15 في المئة من السكان يعانون من نقص التغذية، و50 في المئة منهم يعانون من الجوع أو سوء التغذية أو كليهما معاً.

ومنذ سبعينيات القرن الماضي، أسفرت الأزمات الاقتصادية عن آثار مدمرة على الزراعة التي شهدت تراجعاً شديداً. وتطلب ذلك من "الفاو" والحكومات والوكالات المانحة، العمل بشكل أوثق في قطاعات مختلفة، لاجتثاث الجوع وحشد التضامن العالمي، حتى بات 16 أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام يوم الأغذية العالمي.

الجوع والانعدام الحاد في الأمن الغذائي

على مدى عقود، استخدمت "منظمة الأغذية والزراعة" مؤشر انتشار نقص التغذية لتقدير مدى انتشار الجوع المزمن في العالم.

ويتأتى الجوع بسبب عدم كفاية استهلاك الطاقة الغذائية، وهو إحساس جسدي غير مريح أو مؤلم. يصبح مزمناً عندما لا يستهلك الشخص كمية كافية من السعرات الحرارية (الطاقة الغذائية) على أساس منتظم ليعيش حياة طبيعية ونشيطة وصحية. ويشار إلى "الجوع" أيضاً باسم نقص التغذية.

أما الأمن الغذائي، فعرفه مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996، على أنه وضع يتحقق عندما يتمتع جميع الناس، في جميع الأوقات، بإمكانية الحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومغذية، تلبي احتياجاتهم الغذائية وأفضلياتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية.

بحسب البنك الدولي هناك أربعة أبعاد رئيسة للأمن الغذائي:

التوفر المادي للغذاء:

يتعلق  بجانب العرض ويتحدد حسب مستوى إنتاج المواد الغذائية ومستويات المخزون وصافي التجارة فيها.

الحصول المادي والاقتصادي على المواد الغذائية:

إن العرض الكافي من المواد الغذائية لا يضمن في حد ذاته تحقيق الأمن الغذائي على مستوى الأسر. وقد أدت المخاوف في شأن عدم الحصول على المواد الغذائية الكافية إلى تركيز السياسات على نحو أكبر على الدخل والإنفاق والأسواق والأسعار في تحقيق أهداف الأمن الغذائي.

الاستفادة من المواد الغذائية:

هي الطريقة التي يحقق بها الجسم أقصى استفادة من العناصر الغذائية المختلفة التي تحتوي عليها المواد الغذائية. ويُعد تناول الأفراد ما يكفي من العناصر الغذائية التي تمدهم بالطاقة والمغذيات، نتيجة للرعاية الجيدة وممارسات التغذية، وطريقة إعداد الطعام، وتنوع النظام الغذائي، وتوزيع الطعام داخل الأسرة.

استقرار الأبعاد الثلاثة الأخرى بمرور الوقت:

حتى لو كانت كمية الطعام التي يتناولها الشخص كافية اليوم، فلا يزال يُنظر إليه على أنه يعاني من انعدام الأمن الغذائي إذا لم تكن لديه القدرة للحصول على المواد الغذائية بصفة دورية، مما يعرضه لخطر تدهور حالته الغذائية.

بالأرقام

في مايو (أيار) 2023، حذر التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، الذي نشرته الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية وأعدته شبكة معلومات الأمن الغذائي، من أن عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدات عاجلة على صعيد الأغذية والتغذية وسبل العيش ازداد للعام الرابع على التوالي خلال عام 2022، إذ يواجه أكثر من ربع مليار شخص الجوع الحاد، ويقع الأشخاص في سبعة بلدان على شفا المجاعة.

ووفقاً للتقرير، نشأت أزمة الغذاء العالمية نتيجة اجتماع عدد من الأزمات الناجمة عن الصدمات الاقتصادية وتبعات جائحة كورونا، والنزاعات وانعدام الأمن بما في ذلك حرب أوكرانيا، والظواهر الجوية والمناخية المتطرفة، مما أدى إلى ارتفاع عدد الذين يواجهون انعداماً حاداً في أمنهم الغذائي

من 193 مليون شخص عام 2021

إلى 258 مليوناً في 2022.

وكان المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، قد حذر بمناسبة يوم الأغذية العالمي في أكتوبر 2022، من "أننا نواجه أزمة غذاء عالمية غير مسبوقة وكل المؤشرات تظهر أننا لم نشهد الأسوأ بعد. وعلى مدار السنوات الثلاثة الماضية، تكرر وصول معدلات الجوع إلى ذروات جديدة. واسمحوا لي أن أتحدث بوضوح: يمكن للأمور أن تزداد سوءاً وستزداد بالفعل سوءاً ما لم يكن هناك جهد واسع النطاق ومنسق لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة. لا يمكننا أن نشهد عاماً آخر من وصول الجوع لمستويات قياسية".

الجوع في العالم العربي

ارتفع بنسبة 90 في المئة في 20 عاماً

نحو 53.9 مليون شخص عانوا من انعدام الأمن الغذائي الشديد في المنطقة عام 2021، بزيادة 55 في المئة منذ 2010

انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد أثر في نحو 154.3 مليون شخص عام 2021

نحو 162.7 مليون شخص في العالم العربي لم يستطيعوا تحمل تكلفة نمط غذائي صحي عام 2020

أسباب الجوع في العالم

تعرف منظمة "Food For Life Global"، وهي أكبر منظمة إغاثة غذائية في العالم، الجوع كنتيجة ثانوية لمشكلة أكبر. مثلما يتسبب العلاج الكيماوي في تساقط الشعر، فإن المشكلة الرئيسة ليست العلاج الكيماوي، بل السرطان. فما المشاكل الأكبر؟

الفقر

يتسبب في نقص التعليم والحروب والجوع. وعندما يتضور الناس جوعاً، لا يمكنهم العثور على الطاقة اللازمة لزراعة المحاصيل، ما يؤدي بدوره إلى مزيد من المجاعة. وفي بعض الأحيان يكون على الفقراء اتخاذ قرار إذا ما كانوا يريدون دفع ثمن الطعام أو دفع إيجارهم.

الزراعة الحيوانية

تسبب المجاعة والحرب حوالى 10 في المئة فقط من الوفيات المرتبطة بالجوع، أما الـ90 في المئة الأخرى فتنشأ عن سوء التغذية المزمن الناجم عن سوء توزيع الموارد، مثل أغلبية الحبوب في العالم التي تطعم الماشية بدلاً من الناس، فيما لا تستطيع هذه الماشية إطعام أكبر عدد ممكن من الناس مثل الحبوب الأصلية. إضافة إلى ذلك، فإن اللحوم أكثر تكلفة من الحبوب ولا يستطيع شراءها سوى من يملك ثمنها، ما يفاقم أزمة الجوع.

الحروب

ينتقل الناس من أماكن سكنهم أثناء الحروب، ويُطرد المزارعون من أراضيهم أو يُستعان بهم للقتال في أكثر الأحيان، ما يجعل زراعة المحاصيل مستحيلة تقريباً في زمن الحرب. كما قد تحرق القوات الغازية الأرض وتقتل الحيوانات، ما يسهم أيضاً في المجاعة.

- النزاعات وانعدام الأمن هو المسبب الرئيس للجوع في 19 بلداً أو إقليماً حيث يعاني 117 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

- نسبة انتشار الجوع في الدول المتأثرة بالنزاعات ترتفع عن نسبة انتشاره في الدول الأخرى بما يتراوح ما بين 1.4 و4.4 في المئة.

- تزيد نسبة انتشار الجوع في الدول التي تعاني من هشاشة مؤسساتية أو بيئية بنسبة تتراوح ما بين 11 و18 في المئة.

- الأشخاص الذين يعيشون في دول تعاني من أزمات طويلة، أكثر عرضة للإصابة بنقص التغذية بمرتين ونصف.

تغير المناخ

يتسبب تغير المناخ ليس فقط في الطقس الذي لا يمكن التنبؤ به، ولكن العواصف القاتلة ودرجات الحرارة الساخنة والباردة تزيد من صعوبة زراعة المحاصيل. وتتزايد الصدمات المناخية من حيث تواترها وشدتها، مما لا يترك للمتضررين أي وقت للتعافي ما بين الكوارث.

ودفع الجفاف غير المسبوق في منطقة القرن الأفريقي مزيداً من الناس إلى مستويات مقلقة من انعدام الأمن الغذائي. ودمرت الفيضانات المنازل والأراضي الزراعية في عديد من البلدان، أبرزها باكستان.

الظواهر المناخية والأمن الغذائي

يرجع انعدام الأمن الغذائي في جانب كبير منه إلى الظواهر المناخية، إذ تؤثر مشكلة الاحترار العالمي على أنماط الطقس مما يتسبب في حدوث موجات حر وهطول أمطار غزيرة وموجات جفاف.

في الوقت نفسه، وفقاً لتقديرات حديثة، فإن نظام الغذاء العالمي يتسبب في نحو ثلث انبعاثات غازات الدفيئة، ولم يسبقه في الترتيب سوى قطاع الطاقة، كما أنه يمثل المصدر الأول لغاز الميثان وفقدان التنوع البيولوجي.

ويربط تقرير "الفاو" لعام 2021 بين الاحتباس الحراري والزيادة في وتيرة وشدة الظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف والفيضانات من جهة، وتفاقم حالات الجفاف وتقليل الأمن الغذائي من جهة أخرى. ويقول جو ميزينعا المتحدث باسم "ESAFF"، وهي شبكة من صغار المزارعين في شرق وجنوب أفريقيا، إن "أحد أسباب ارتفاع مستويات الجوع في أفريقيا (جنوب الصحراء) هو الافتقار إلى الاستعداد لمواجهة تحديات تغير المناخ". ويتابع أن الاعتماد على محصول واحد يجعل السكان معرضين بشكل خاص لتغير المناخ. ويضيف، "أحد أكبر التحديات التي نواجهها هي فقدان التنوع البيولوجي والضغط من أجل زراعة أنواع محددة تماماً من المحاصيل، مثل الذرة كما هي الحال في جنوب وشرق أفريقيا". ويحتاج محصول الذرة إلى كثير من الماء، لذا فإن نقص الأمطار يؤدي بسرعة إلى أزمة غذائية.

حياة الملايين في خطر

في دراسة بقيادة علماء من جامعة نيويورك نشرت في دورية "بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس" (PNAS)، قام باحثون بإجراء فحص مفصل لأحوال الفيضانات ما بين عام 2009 و2020 في أكثر من 12 دولة بغرب وشرق وجنوب أفريقيا، بما في ذلك نيجيريا والنيجر وكينيا وموزمبيق ومالاوي. اهتم الباحثون بشكل أساسي بدراسة أثر الفيضانات على مقياس للأمن الغذائي تستخدمه شبكة أنظمة الإنذار المبكر الخاص بالمجاعة التابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID). وأظهرت نتائج الدراسة أن مشكلات انعدام الأمن الغذائي في 12 في المئة من المناطق الخاضعة للدراسة ارتبطت بالفيضانات في الفترة المذكورة، حيث كانت هناك أضرار جسيمة للبنية التحتية والأراضي الزراعية والماشية. وأشار الباحثون إلى أن مقارنة هذه النسبة بعدد السكان تظهر تهديد حياة 5.6 مليون شخص في القارة السمراء.

في باكستان ، تسببت الفيضانات المدمرة التي ضربت البلاد ابتداء من يوليو (تموز) 2022، مع ارتفاع نسب الأمطار الموسمية وفيضان الأنهار الرئيسة، بدمار كبير على مستوى البنية التحتية والأراضي الزراعية فضلاً عن خسائر فادحة في الأرواح. وقالت وزيرة التغير المناخي الباكستانية شيري رحمان، إن الفيضانات الموسمية "الوحشية" جرفت 45 في المئة من الأراضي الزراعية في البلاد، لا سيما في السند، وتسببت في أضرار بنحو 10 مليارات دولار بشكل عام. وتشير التقديرات العالمية إلى أن المياه غمرت ثلث مساحة البلاد، ودمرت الأمطار والفيضانات محاصيل الأرز والقطن والخضار مثل البصل والطماطم، إضافة إلى بعض محاصيل الفواكه، كما أنها تهدد زراعة القمح في الأشهر المقبلة في وقت يشهد العالم أزمة غذاء عالمية نتيجة الحرب الروسية- الأوكرانية. 

Photo by WHO / AFP

Photo by WHO / AFP

ارتفاع درجات الحرارة

يمكن أن يكون ارتفاع درجات الحرارة وثاني أكسيد الكربون مفيداً للمحاصيل إلى حد معين، ولكن ارتفاع درجات الحرارة يسرع أيضاً من معدلات التبخر من النباتات والتربة، ويقتضي بالتالي توافر ما يكفي من المياه لنمو المحاصيل.

وفي المناطق التي تعاني بالفعل من نقص المياه، تتزايد الآثار السلبية التي يتسبب فيها تغير المناخ على الإنتاج الزراعي عبر تناقص إمدادات المياه، وزيادة تكرار الظواهر الشديدة مثل الفيضانات والعواصف القوية، والإجهاد الحراري، وزيادة انتشار الآفات والأمراض.

وعند تجاوز نقطة معينة من الاحترار، تصبح أنشطة التكيف أكثر صعوبة وتكلفة بصورة مطردة، لا سيما عندما تتجاوز الزيادة في متوسط درجات الحرارة العالمية درجتين مئويتين. وفي البلدان التي تعاني بالفعل من ارتفاع شديد في درجات الحرارة، مثل حزام منطقة الساحل الأفريقي أو جنوب آسيا، يمكن أن يكون لارتفاع درجات الحرارة تأثير فوري على المحاصيل مثل القمح الأقل تحملاً للاحترار.

الجراد

يمكن لسرب الجراد الذي يجتاح كيلومتراً واحداً أن يلتهم في يوم واحد طعاماً يساوي ما يأكله 35 ألف شخص.

تعد موجة الجراد الصحراوي في القرن الأفريقي عام 2020 الأسوأ منذ 25 سنة في الصومال وإثيوبيا، ومنذ 70 سنة في كينيا. فقد دمرت تلك الموجة الزراعة وسبل المعيشة، وتسببت في تفاقم الوضع الحالي المثير للقلق لناحية الأمن الغذائي.

ويمكن للجراد التكاثر لتكوين حتى خمسة أجيال في السنة، بمعدل تضاعف يراوح بين 10 و20 مرة في كل جيل. وإلى جانب الجراد الصحراوي، توجد أنواع عدة من الجراد الغازي في جميع أنحاء العالم. ويتميز الجراد الصحراوي بانتشاره في الصحاري القاحلة وشبه القاحلة، على مساحة تقارب 16 مليون كيلومتر مربع تضم نحو 30 دولة تنتشر النزاعات في كثير منها، مع ما يعنيه ذلك من ضعف في الاستجابة المنسقة لمواجهة هذه الآفة، على الرغم من وجود منظومة دولية لتعقبها.

خريطة الجوع في العالم لعام 2022

عدد الأشخاص الذين يعتبرون في أزمة غذائية أو أسوأ في 58 دولة / إقليم في عام 2022

المصدر: الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية وشبكة معلومات الأمن الغذائي 2022

هناك عديد من الدول التي تعاني من مظاهر المجاعة أو خطر وقوعها في شرق أفريقيا، مثل كينيا وإثيوبيا والصومال وجنوب السودان، ونعلم أنه في غرب القارة أيضاً هناك حوالى سبعة ملايين شخص يحتاجون للطعام ويعانون من الجوع.

وزادت الحروب والصراعات المسلحة من تعقيد الوضع، خصوصاً مع الحرب الأوكرانية التي كان لها تأثير فوري على إمدادات المواد الغذائية في العالم. وعلى سبيل المثال، فإن 90 في المئة من ورادات القمح في شرق أفريقيا تعتمد على السوق الأوكرانية، والحرب الحالية جعلت ثمن هذه الحبوب في دول تلك المنطقة يتضاعف، وهو ما يجعل الملايين من الناس غير قادرين على توفير الغذاء الضروري.

وإذا كانت مناطق شرق أفريقيا وغربها الأكثر معاناة من خطر المجاعة، فإن الأمر يمتد هذه المرة إلى الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، وقد ينتشر أكثر وأكثر إذا لم يتم التعامل مع الأمر بالجدية المطلوبة.

Photo by Yasuyoshi CHIBA / AFP

Photo by Yasuyoshi CHIBA / AFP

حقائق عن الجوع

  • معظم الذين يعانون من الجوع المزمن يعيشون في أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى أو جنوب آسيا
  • يعتبر نقص الغذاء مروعاً خصوصاً للنساء اللاتي تُستغل لممارسات جنسية
  • نصف وفيات الأطفال دون الخامسة سنوياً سببها سوء التغذية
  • 66 مليون طفل يذهبون إلى المدارس الابتدائية في البلدان النامية وهم جياع
  • سوء التغذية يتسبب بتقزم الملايين من أطفال العالم
  • سوء التغذية ينتج أيضاً السمنة حين يلجأ الناس للطعام الرخيص وغير الصحي

معالجة الأزمة

بحسب دراسة للمنظمة الدولية "Project Syndicate"، أصبح واضحاً أن نظام الغذاء العالمي بات معطلاً. فعلى رغم أنه ينتج سعرات حرارية بكميات أكبر بكثير من القدر الكافي لإطعام الجميع، غير أن ما يصل إلى 811 مليون شخص، أكثر من 10 في المئة من سكان العالم، يذهبون إلى الفراش جياعاً كل ليلة.

وعلى الرغم من حجم المأساة، فلا تزال الإدارة الفعالة للأزمة لتأمين الغذاء للجميع غائبة، علماً أن أي إدارة فعالة لأزمة الجوع يجب أن تعتمد على الجهد المنسق عالمياً لمعالجة جوانب المسألة كلها في الأمدين القريب والبعيد. فالنزاعات وتغير المناخ وفيروس كورونا أسهمت جميعها في مفاقمة الجوع إذ عطلت الإمدادات ودفعت أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع.

وقد خلصت دراسة "Project Syndicate" إلى أنه على الرغم من قمة الأنظمة الغذائية التي عقدتها الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2022، لم نشهد سوى قلة قليلة للغاية من الأساليب الشاملة لتحويل الأنظمة الغذائية، فيما تظل الزراعة الصناعية هي المهيمنة، ما يعني أن الطريق لا يزال أمامنا طويلاً. وأكدت الدراسة أن المخاطر التي تهدد الأمن الغذائي العالمي ستزداد إذا استمر صناع السياسات في تجاهل أزمتي المناخ والتنوع البيولوجي وتأخير الخطوات الضرورية لجعل الأنظمة الغذائية أكثر استدامة، ما سيجبر المجتمعات مستقبلاً على الاختيار بين مرير والأمر منه.

وأمام الحاجة لاستجابة عالمية منسقة لحل أزمة الجوع، يطرح سؤال أساسي نفسه: هل سينجح النظام الدولي المتعدد الأطراف من توفير منصة تتيح للدول وكل أصحاب المصلحة إدارة هذه التحديات بفعالية؟ وإذا لم تنجح الآليات المتعددة الأطراف في ذلك، هل ستبادر أقله 2aمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (كندا، فرنسا، ألمانيا، اليابان، إيطاليا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة) لتحمل المسؤولية؟

في الواقع، بدأت مجموعة الدول السبع باتخاذ بعض الخطوات لمواجهة أزمة الغذاء فيما تُبذل تعهدات جديدة لتجهيز آليات التمويل المتعددة الأطراف لدعم البلدان المحتاجة إلى ذلك ولإمداد الاقتصادات الأكثر فقراً بما تحتاجه من مواد أولية. وتبقى كل خطوة على هذا الصعيد مهمة لتجنب أزمات الغذاء في المستقبل.

كتابة
سوسن مهنا

تحرير وإعداد
إيليانا داغر

التنفيذ والغرافيك
عمر المصري

الإشراف على التنفيذ
نوف الحربي

رئيس التحرير
عضوان الأحمري