حرب أكتوبر
في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 1973
سقطت مقولة "الجيش الإسرائيلي لا يقهر"
في ذلك اليوم، انهارت الدفاعات الإسرائيلية على أيدي جيوش مصر وسوريا، وانطلقت حرب استخدم فيها العرب أقوى أسلحتهم، ذهبهم الأسود النفط.
حرب غيّرت المعطيات والمعادلات في الشرق الأوسط والعالم وفتحت النافذة لاتفاقات السلام العربية مع إسرائيل.
ما قبل 1973
لم تكن حرب أكتوبر 1973 أولى أو آخر الحروب الكبرى بين العرب وإسرائيل، بل هي رابعها. فقد شهد هذا الصراع خمس حروب كبرى شاركت فيها دول عدة وأفرزت تغيرات كبيرة في الشرق الأوسط.
حرب 1948
بعد انسحاب قوات الانتداب البريطانية من فلسطين وإصدار الأمم المتحدة قراراً بتقسيم الأرض، شنّت الأردن ومصر والعراق وسوريا ولبنان والسعودية هجوماً عسكرياً لمنع قيام دولة إسرائيل.
انتهت الحرب بهزيمة العرب وتهجير عشرات آلاف الفلسطينيين وسيطرة تل أبيب على أراض واسعة، فعُرفت هذه المواجهات بـ"النكبة".
حرب 1956
هي أزمة السويس أو ما عرف بـ"العدوان الثلاثي" حين هاجمت كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مصر بعد إعلان الرئيس جمال عبد الناصر تأميم شركة قناة السويس. لكن في ضوء التهديدات السوفياتية والضغوط الأميركية، انصاعت القوات المهاجمة للقرارات الدولية بوقف إطلاق النار والانسحاب من مصر، فخرجت القاهرة منتصرة من حرب وضعت حداً للنفوذين البريطاني والفرنسي في الشرق الأوسط.
حرب 1967
هي الحرب المعروفة بـ"النكسة" أو "حرب الأيام الستة" والتي هاجمت فيها إسرائيل كلاً من ومصر وسوريا والأردن وألحقت بهم هزيمة فادحة بعدما دمّرت أكثر من 70 في المئة من عتادهم العسكري.
انتهت الحرب باحتلال إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس فضلاً عن شبه جزيرة سيناء بمصر وهضبة الجولان في سوريا، ما أدى إلى تهجير أكثر من 300 ألف شخص.
الاستعداد للانتقام
بعد الهزيمة المدوية في حرب 1967 والإحباط الذي ساد في أوساط الشعوب العربية، عقد قادة سوريا ومصر بشكل خاص العزم على الانتقام واسترجاع أراضيهم بأي ثمن.
بعد أشهر من "النكسة"، دخلت القاهرة في حرب استنزاف استمرت ثلاث سنوات وسعت خلالها إلى إضعاف قدرات العدو ومنعه من الوصول إلى الضفة الغربية لقناة السويس، بينما عملت بالتوازي على استرجاع قوتها العسكرية، فأعادت بناء قواتها الجوية ومنظوماتها الدفاعية والهجومية وأعادت تنظيم وتدريب قواتها المسلحة.
في 28 سبتمبر (أيلول) 1970، خطف الموت الرئيس المصري جمال عبد الناصر عن 52 عاماً فقط إثر نوبة قلبية، فانتُخب نائبه أنور السادات خلفاً له في 15 أكتوبر. وما لبث أن تولى السلطة، حتى أعلن السادات في أكثر من مناسبة عزمه شنّ حرب لتحرير سيناء من الاحتلال، فراح يعمل على إعداد جيشه وبلاده لذلك بالتعاون مع سوريا وعدد من الدول العربية.
ومنذ مطلع 1973، بدأت مصر وسوريا تكثفان استعداداتهما للحرب، حتى اتفق السادات والرئيس السوري حافظ الأسد خلال اجتماع في دمشق أواخر أغسطس (آب)، أن يكون السادس من أكتوبر موعداً لشن الهجوم.
خيار استراتيجي
لم يكن اختيار يوم وساعة شنّ الهجوم عبثياً، بل كان خياراً استراتيجياً أتاح لمصر وسوريا الاستفادة من عنصر المفاجأة لتتقدّم قواتهما على الجبهة.
اختير السادس من أكتوبر لأنه "يوم كيبور" في إسرائيل أو "يوم الغفران"، واحد من أقدس الأيام الدينية لدى اليهود. في هذا اليوم، يلتزم السكان منازلهم من دون عمل فيما تتوقف وسائل الإعلام من إذاعات وتلفزيونات عن البث. هذا الانقطاع عن الإعلام يجعل الجيش الإسرائيلي في أدنى جهوزيته، إذ سيستغرق استدعاء القوات الاحتياطية التي تمثل قاعدة واسعة من عديد تل أبيب، وقتاً طويلاً.
كما اختيرت الساعة 14:00 من بعد الظهر موعداً لانطلاق الهجوم لأن الشمس خلالها تكون قد أصبحت في الجهة الغربية خلف ظهور المصريين والسوريين وبوجه الإسرائيليين ما يتيح رؤية أفضل للقوات المهاجمة.
وفي عام 2021، ذكرت تقارير نشرتها "بي بي سي" نقلاً عن وثائق بريطانية استندت إلى دراسة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، أن المعلومات الاستخباراتية للحلف في ذلك الوقت خلصت إلى أن السوفيات هم من نصحوا السادات باختيار السادس من أكتوبر موعداً لشن الحرب باعتباره أفضل وقت لتحقيق عنصر المفاجأة، إذ تكون الحياة شبه متوقفة في إسرائيل. كما نقلت "بي بي سي" عن دراسة "الأطلسي" أن اختيار الساعة الثانية بعد الظهر لانطلاق الهجوم "زاد عنصر المفاجأة أكثر، فإذا لم يحدث هجوم في الفجر، يكون هناك ميل إلى الاسترخاء" لدى العدو.
انطلاق الهجوم
في لحظة لم يتوقعها الإسرائيليون، بدأ هجوم ثنائي على قواتهم: الأول في جبهة سيناء والثاني في الجولان.
بدأ المصريون هجومهم بضربات جوية نفذتها 220 طائرة حربية ودمّرت تحصينات "خط بارليف" الدفاعي الذي كانت إسرائيل قد أقامته على طول الضفة الشرقية للقناة، واستهدفت أيضاً المطارات والمراكز القيادية والتجهيزات العسكرية ومخازن الذخيرة ومصافي النفط. تبع ذلك قصف مدفعي للتحصينات الإسرائيلية الأكثر عمقاً وعبر الجنود المصريون إلى الضفة الشرقية.
في الجولان، وفي التوقيت المصري نفسه، شنّ السوريون هجومهم على الإسرائيليين بالقصف الجوي والمدفعي واستهدفوا التجمعات والمراكز العسكرية ومحطات الرادارات وخطوط الإمداد الإسرائيلية، وتمكنوا من اختراق "خط آلون" الدفاعي الذي كانت قد أقامته تل أبيب على طول الجبهة.
وبحلول السابع من أكتوبر، كان المصريون قد عبروا قناة السويس وتوغلوا 20 كيلومتراً داخل سيناء، فيما دخلت القوات السورية إلى عمق هضبة الجولان وبدأت تتجه نحو نهر الأردن.
فجر الثامن من أكتوبر، بدأت إسرائيل هجومها المضاد في أكثر من اتجاه على جبهتي سيناء والجولان ولاقت مقاومة شرسة. تمكّن المصريون على مدى يومين من صدّ الهجمات الإسرائيلية بنجاح، فيما واجه السوريون ضربات قاسية من تل أبيب في عمق أراضيهم، طاولت دمشق ووزارة الدفاع ومقر قيادة القوات الجوية ومحطة الإذاعة ومحطة الكهرباء ومصفاة النفط في حمص وخزانات النفط في طرطوس واللاذقية، ما أجبرهم تباعاً على الانسحاب حتى عاد الطرفان بحلول 10 أكتوبر إلى الوقوف عند "الخط الأرجواني"، وهو خط وقف إطلاق النار بين الطرفين بعد حرب 1967.
إسرائيل تسترجع زخمها
معركة الجولان كانت الأخطر بالنسبة لإسرائيل لأنها كانت الأقرب إلى داخل أراضيها، لذا شنّت هجماتها على العمق السوري بغزارة وخاضت معارك شرسة عند الجبهة. إثر ذلك، طلبت سوريا من مصر تطوير وتوسيع هجومها شرقاً لتخفيف الضغط عن الجولان. وعلى رغم اعتراض القيادة العسكرية المصرية على هذه الخطوة لأنها تجعل جنود القاهرة فريسة سهلة للطيران الإسرائيلي، إلا أن وزير الدفاع المصري المشير أحمد إسماعيل أصرّ على تطوير الهجوم قائلاً إن ذلك "قرار سياسي".
لم تكن مخاوف القادة العسكريين المصريين مخطئة، فما إن انطلق الهجوم شرقاً، حتى وقع الجنود في كمين إسرائيلي كبّد الجيش المصري 250 دبابة في يوم واحد، فاضطرّ للانسحاب مجدداً بعدما انكشفت قواته ومني بخسائر كبيرة.
تمكّنت إسرائيل من إفشال الهجوم المصري بفضل الدعم الأميركي الواسع النطاق. فبعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها، أقامت الولايات المتحدة جسراً جوياً مدّت عبره تل أبيب بالعتاد والذخيرة والآليات العسكرية الثقيلة والحديثة، وزوّدتها بمعلومات استخباراتية عن طريق الأقمار الاصطناعية والطائرات التجسسية كشفت لها خطط المصريين ومواقع دفاعاتهم ونقاط ضعفهم خلف خطوط التماس. وفيما مدّ الاتحاد السوفياتي كلاً من سوريا ومصر بالأسلحة أيضاً، إلا أن ما حمله جسره الجوي من آليات وذخيرة كان متواضعاً بالمقارنة مع الإمدادات الأميركية.
التشكيلات والتحركات التي قام بها الجيش المصري لتطوير هجومه شرقاً، أضعف قواته غرب قناة السويس. وتمكّنت إسرائيل بفضل طائرات الاستطلاع الأميركية التي صوّرت منطقة الجبهة بالكامل، من تحديد ثغرة بين الجيشين الثاني والثالث يمكن من خلالها التسلسل إلى خلف القوات المصرية غرب القناة. وعبر ما عُرف لاحقاً بـ"ثغرة الدفرسوار"، عبرت القوات الإسرائيلية إلى الجهة الغربية وسيطرت على منطقة واسعة امتدت إلى تخوم مدينة السويس.
أيقن السادات حينها أنه لا يواجه إسرائيل فقط، بل يواجه الأميركيين الذين ألقوا بثقلهم دعماً لتل أبيب. لذا وافق على عرض واشنطن بوقف إطلاق النار وأصدر مجلس الأمن الدولي قراره بهذا الصدد صباح 22 أكتوبر. وعلى رغم موافقة إسرائيل ومصر على القرار رسمياً، إلا أن تل أبيب لم تلتزم به وواصلت العبور غرباً حتى ضربت حصاراً على الجيش الثالث من دون أن تنجح في كسره أو في دخول مدينة السويس التي أبدى أبناؤها مقاومة شرسة، أو دخول مدينة الإسماعيلية.
انتهاء الحرب
فيما كانت الاشتباكات والمناوشات في الجولان مستمرة حيث أعاد الإسرائيليون بسط سيطرتهم على المنطقة وتمددوا شمال "الخط الأرجواني" في ما يعرف بجيب سعسع، وجدت تل أبيب نفسها مضطرة أخيراً لوقف إطلاق النار في سيناء. توقّف القتال فعلياً في 28 أكتوبر، بعد قرار لمجلس الأمن الدولي بإنشاء قوة طوارئ تابعة للأمم المتحدة وقبول الطرفين الانخراط في "محادثات الكيلو 101" برعاية الأمم المتحدة لتحديد خطوط وقف إطلاق النار وسبل تزويد الجيش الثالث وسكان سيناء بالإمدادات الغذائية.
نجحت هذه المحادثات في تحقيق أهدافها الأساسية، لكنها لم تفضِ إلى وضع حد نهائي للصراع بين الطرفين. واستمرت المفاوضات بين تل أبيب والقاهرة برعاية أميركية، حتى وقعت مصر وإسرائيل اتفاقية فض الاشتباك الأولى في 18 يناير (كانون الثاني) 1974، والتي انسحبت بموجبها القوات الإسرائيلية من غرب القناة لتتمركز عند خط الممرات، فيما بقيت القوات المصرية في مواقعها مع تخفيض عديدها شرقاً، بينما شكلت قوات الطوارئ الدولية حاجزاً فاصلاً بين الخصمين.
أما سوريا، فخاضت حرب استنزاف طويلة ضدّ الإسرائيليين لم تنتهِ سوى في 31 مايو (أيار) 1974، حين وقع الطرفان اتفاقية فض الاشتباك التي انسحبت بموجبها إسرائيل من جيب سعسع ومدينة القنيطرة ومحيطها، فضلاً عن إقامة مناطق منزوعة السلاح على طول خطوط المواجهة.
وفي يونيو (حزيران) 1975، عادت السفن التجارية للإبحار في قناة السويس، وفي الأول من سبتمبر، وقّعت مصر وإسرائيل اتفاقية فضّ الاشتباك الثاني، والتي ثبّتت وقف إطلاق النار وأتاحت للقاهرة تحرير 4500 كيلومتر مربع في سيناء فيما سحبت تل أبيب قواتها إلى عمق يبعد 55 كيلومتراً عن قناة السويس.
المشاركة العربية
لم تقف الدول العربية في موقف المتفرّج إزاء هذا النزاع، بل دعمت مصر وسوريا عسكرياً ومالياً وسياسياً.
العراق
زوّد مصر بسربي مقاتلات "هوكر هنتر"، وسوريا بثلاثة أسراب مقاتلات "ميغ 21"، وسربي "ميغ 17"، إضافةً إلى فرقة مدرعة وفرقة مشاة.
الجزائر
زوّدت مصر بسرب "ميغ" 21، وسرب "سوخوي 7"، وسرب "ميغ 17" ولواء مدرع. كما تعهّدت بدفع 200 مليون دولار للاتحاد السوفياتي ثمناً لأي أسلحة تحتاجها مصر وسوريا.
ليبيا
زوّدت مصر بسربي طائرات "ميراج" أحدهما بقيادة طيارين ليبيين، ولواء مدرع. كما تبرّعت بملايين الدولارات لشراء الأسلحة وبأربعة مليون طن من الوقود.
الأردن
زوّد سوريا بلواءين مدرعين وشارك في القتال.
المغرب
زوّد كلاً من مصر وسوريا بلواء مشاة.
السعودية
أرسلت إلى الجبهة الأردنية لواء مشاة مؤلف من ثلاثة أفواج وشمل 20 ألف جندي، وتبرعت بـ 200 مليون دولار لتمويل الطرفين.
السودان
أرسل إلى مصر لواء مشاة.
الكويت
أرسلت إلى مصر كتيبة مشاة وخمس طائرات "هوكر هنتر" وطائرتي "سي 130 هيركوليز" لحمل الذخيرة، وإلى سوريا لواءً مجحفلاً.
تونس
زوّدت مصر بكتيبة مشاة وخمس طائرات "هوكر هنتر".
فلسطين
نصب المقاومون الكمائن وزرعوا الألغام واستهدفوا تجمعات للإسرائيليين للضغط على تل أبيب.
"الذهب الأسود" سلاحاً
في 17 أكتوبر، اتخذ العاهل السعودي الملك فيصل قراراً صدم القوى الغربية الداعمة لإسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة. في ذلك اليوم، اجتمع وزراء النفط العرب في الكويت وقرروا خفض الإنتاج العربي بنسبة خمسة في المئة فوراً وخمسة في المئة إضافية كل شهر حتى تنسحب إسرائيل إلى خطوط ما قبل 1967. كما قرّرت الدول العربية الستة الأعضاء في منظمة "أوبك" رفع سعر نفطها 70 في المئة فضلاً عن حظر إمدادات النفط عن كل دولة تدعم تل أبيب.
إثر ذلك، استدعى الملك فيصل السفير الأميركي في الرياض وأبلغه رسالة واضحة وصارمة مفادها: مستقبل العلاقات السعودية – الأميركية معرض للخطر إذا استمرت واشنطن في دعم تل أبيب، والرياض ستخفض إنتاجها بنسبة 10 في المئة ومستعدة لوقف الإمدادات إلى الولايات المتحدة.
لم تأخذ واشنطن التحذير على محمل الجد، وأعلنت في 20 أكتوبر دعم إسرائيل بأكثر من ملياري دولار من الأسلحة، فما كان من الدول العربية إلا أن ردت بحظر صادرات النفط تماماً إلى الولايات المتحدة. قرار أجمعت عليه كل الدول العربية المنتجة للنفط والتزمت به، وكان تصريح رئيس الإمارات الشيخ زايد آل نهيان الشهير حين أعلن من لندن، "ليس المال أغلى من الدم العربي، وليس النفط أغلى من الدماء العربية التي اختلطت على أرض جبهة القتال في مصر وسوريا".
أدى القرار العربي بحظر صادرات النفط إلى داعمي إسرائيل، إلى ارتفاع أسعار النفط بأضعاف وشحّ المحروقات من الأسواق الغربية، حيث تشكّلت طوابير من السيارات أمام محطات الوقود فيما رفعت بعضها خراطيمها وأقفلت أبوابها بعد نفاد مخزوناتها. إثر ذلك، أوفد الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون وزير خارجيتة هنري كيسنجر إلى الرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) سعياً لإقناع الملك فيصل بالتراجع عن الحظر، غير أن الرد السعودي كان حازماً: لا تراجع قبل انسحاب الإسرائيليين.
وبحسب تقرير لـ"بي بي سي" نشر عام 2022، كشفت وثائق بريطانية أن لندن وواشنطن قللتا من شأن التهديدات العربية بحظر النفط واعتبر الأميركيون ذلك بمثابة "كلام فارغ". وفي ضوء ذلك، شكلت الخطوة العربية المشتركة صفعة للأميركيين امتدت تداعياتها إلى العالم كله، إذ تسبب ارتفاع أسعار النفط بشكل حاد إلى أزمة اقتصادية واسعة النطاق لم يتعافَ العالم من تداعياتها سوى بعد عدة سنوات، على رغم رفع الحظر في 17 مارس (آذار) 1975 على وقع تقدّم المحادثات بين مصر وإسرائيل.
"لم يكن السادس من أكتوبر، مجرد انتصار سلاح على سلاح، ولم يكن مجرد تفوق جيش على جيش، لقد كان نصر أكتوبر وسيبقى رمزاً لما هو أعمل من ذلك بكثير وأبعد تأثيراً على مسار التاريخ المعاصر... كان كسراً لغرور القوة".
رسالة الرئيس أنور السادات في عيد النصر في احتفال بور سعيد
في 23/12/1975
نتائج الحرب
على إثر حرب أكتوبر، حرّرت مصر شبه جزيرة سيناء بالكامل واستردت سيادتها المطلقة على قناة السويس، فيما استعادت سوريا السيطرة على جزء من هضبة الجولان بما في ذلك مدينة القنيطرة، ولا تزال اتفاقية الهدنة بين دمشق وتل أبيب سارية المفعول حتى اليوم.
كما مهّدت حرب أكتوبر واتفاقيات فض الاشتباك التي تلتها، إلى توقيع اتفاقات "كامب ديفيد" بين السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في 17 سبتمبر 1978، والتي شكّلت أول اتفاق سلام يبرم بين دولة عربية وإسرائيل برعاية أميركية.
وتعزيز العلاقات الأميركية – المصرية أبان الحرب، جاء على حساب علاقات الاتحاد السوفياتي مع القاهرة إذ بدأ منذ ذلك الحين يخسر نفوذه في الشرق الأوسط في خضمّ حربه الباردة مع واشنطن.
وفيما حطّمت الحرب أسطورة "الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر"، أثبتت في الوقت نفسه أن العرب قادرون باتحادهم وتضامنهم على اتخاذ قرارات جريئة للدفاع عن مصالحهم، ما أعاد الأمل للشعوب العربية بالنصر وعزز ثقتهم بقادتهم بعد جروح "النكبة" و"النكسة".
أما في ما يتعلّق بالخسائر الناجمة عن حرب أكتوبر، فقد تسبّبت بمقتل 2688 جندياً إسرائيلياً وإصابة المئات وفق تل أبيب. وفيما لم تكشف مصر وسوريا عن حجم خسائرهما البشرية، تشير التقديرات إلى أن العرب قد يكونوا فقدوا ما لا يقل عن ثمانية ألف شخص إضافة إلى إصابة أكثر من 19 ألفاً.