الطاقة النظيفة والطريق الصعب إلى 1.5 درجة مئوية

أين وصلنا وماذا نواجه من تحديات لإنقاذ كوكب الأرض؟

 

شكل اتفاق باريس لمكافحة التغير المناخي عام 2015 لحظة تاريخية، وحينها اتفقت 195 دولة من أصل 197 على حصر زيادة درجة حرارة الأرض وإبقائها دون درجتين مئويتين، ومتابعة الجهود لوقف ارتفاعها عند 1.5 درجة.

ومثّل ذلك بداية التحول نحو عالم منخفض الكربون بحلول عام 2050، مما يعني ضرورة التوقف عن توليد الطاقة من المصادر التي تطلق غازات ضارة بالبيئة مثل الوقود الأحفوري، واستبدالها بما يعرف بالطاقة المتجددة أو الطاقة النظيفة التي تطلق قليلاً من الغازات الدفيئة أو لا تطلقها أبداً.

وعندما نتحدث عن الوقود الأحفوري فإننا نشير إلى المواد الأحفورية مثل الفحم الحجري والغاز الطبيعي والنفط الموجودة في باطن الأرض، وهي مواد عضوية تكونت من بقايا الكائنات الحية والنباتات الدفينة منذ ملايين السنين، وتؤدي عند احتراقها إلى تلوث الهواء والتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري التي ترفع درجة حرارة الأرض.

أما الطاقة المتجددة فهي ناتجة من مصادر طبيعية مثل الشمس والرياح والمياه، وهي طاقة لا تنفذ وتتجدد باستمرار، والأهم من ذلك أنها صديقة للبيئة.    

أنواع الطاقة المتجددة

الطاقة الشمسية

هي الأكثر وفرة من بين جميع مصادر الطاقة، وتعمل تكنولوجيات الطاقة الشمسية على تحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية إما عبر الألواح الكهروضوئية أو المرايا التي تركز الإشعاع الشمسي.

طاقة الرياح

هي الطاقة الناجمة عن توظيف قوة الرياح من خلال توربينات عملاقة لتشغيل المولدات ميكانيكياً وإنتاج الكهرباء، وهي الأكثر نمواً لإنتاج الكهرباء في جميع أنحاء الأرض.

الطاقة الحرارية الأرضية

متوافرة في باطن الأرض وتستخرج كحرارة منبعثة من القشرة الأرضية في شكل ماء أو بخار ساخن من خلال حفر الآبار، ويمكن استخدامها لإنتاج الكهرباء وللتدفئة والتبريد.

الطاقة الكهرومائية

هي واحدة من أقدم وأكبر مصادر الطاقة النظيفة، وتستخدم التدفق الطبيعي للمياه المتحركة لتوليد الكهرباء.

الطاقة البحرية

تتولد من موجات المحيط وعملية المد والجزر وفروق الحرارة في المياه لإنتاج الكهرباء أو الحرارة.

بعد 9 أعوام من قمة باريس، ماذا تحقق؟

تظهر الإحصاءات أن توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة ينمو ولكن بشكل بطيء، إذ تبلغ نسبة توليد الكهرباء من مصادر منخفضة الكربون مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح النووية والطاقة المائية أقل من 40 في المئة، وبالمجمل تنتج البشرية ربع حاجاتها من الكهرباء من مصادر نظيفة، وقد حقق هذا القطاع قفزة لا بأس بها خلال الأعوام الأخيرة، إذ ارتفع الاستثمار في الطاقة المتجددة 50 في المئة بين عامي 2019 و2023، ليصل إلى 1.8 تريليون دولار، وفق وكالة الطاقة الدولية.

ويتوقع أن تزداد القدرة العالمية للطاقة المتجددة بمقدار مرتين ونصف بحلول عام 2030، ولكن حتى لو حدث ذلك بالفعل فسنبقى بعيدين عن الهدف الذي وضعته قمة المناخ "كوب-28" المتمثل في مضاعفة قدرة الطاقة النظيفة ثلاث مرات حتى ذلك الحين.

وعلى رغم ما تحقق حتى الآن إلا أن معظم الإحصاءات تشير إلى أننا لا نسير في الاتجاه الصحيح وأن الوقت بدأ ينفد، فالجميع يلهث وراء الطاقة ويريد الحصول عليها بأي ثمن، حتى ولو كان ذلك على حساب كوكب الأرض الذي تزداد فيه الكوارث الطبيعية، وما موجات الحر والحرائق والفيضانات والأعاصير المدارية التي تزداد عنفاً عاماً بعد آخر إلا خير دليل على ذلك.

ومن الواضح أننا أمام معركة شاقة حتى نصل إلى هدفنا، ومن أجل بقاء الأجيال المقبلة ولتحقيق أهدافنا المناخية فلا بد من أن نستبدل جميع مصادر الطاقة الأحفورية في جميع أنحاء العالم بمصادر الطاقة المتجددة.

ويؤكد العلماء أنه يجب خفض الانبعاثات بمقدار النصف تقريباً بحلول عام 2030 والوصول بها إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050، إذا ما أردنا الحفاظ على كوكب الأرض، ولكن لماذا تبدو المهمة صعبة؟ وأين تكمن المشكلة ياترى؟

مصادر توليد الطاقة عالمياً في 2023

النفط 54564 تيراوات/ساعة

الفحم 45564.93 تيراوات/ساعة

الغاز 40101.74 تيراوات/ساعة

الطاقة الكهرومائية 11014.12 تيراوات/ساعة

الطاقة النووية 6824.18 تيراوات/ساعة

طاقة الرياح 6040.36 تيراوات/ساعة

الطاقة الشمسية 4264.26 تيراوات/ساعة

مصادر طاقة متجددة أخرى 2427.86 تيراوات/ساعة

الوقود الحيوي 1317.62 تيراوات/ساعة

المصدر: معهد الطاقة - المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية (2024)

ارتفاع الطلب على الكهرباء

نساء يحملن سلالاً من الفحم في منجم بمنطقة جاريا بالهند (أ ف ب)

نساء يحملن سلالاً من الفحم في منجم بمنطقة جاريا بالهند (أ ف ب)

فتاة تشعل الفحم الخام لجعله صالحاً للبيع في ضواحي دانباد في الهند (أ ف ب)

فتاة تشعل الفحم الخام لجعله صالحاً للبيع في ضواحي دانباد في الهند (أ ف ب)

فرض ارتفاع الطلب على الكهرباء خلال العقدين الماضيين تحديات كبيرة في عملية التحول إلى الطاقة النظيفة، مما دفع بلداناً عدة، ولا سيما تلك التي شهدت ارتفاعاً سريعاً في مستويات المعيشة مثل الصين والهند، باتجاه زيادة استخدام الفحم لتوليد الطاقة.

فتخيل أنه حتى يومنا هذا يتم توليد القسم الأكبر من الكهرباء من النفط، يليه الفحم المعروف أيضاً باسم "الوقود القذر"، ثم من الغاز الطبيعي، وكلها مصادر تلوث الهواء وإن كان آخرها أنظف قليلاً.

وبسبب تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية على قطاع الطاقة العالمي فقد اضطرت دول كثيرة، ولا سيما في القارة الأوروبية، إلى العودة للاعتماد على الفحم الحجري بعدما تخلت عنه لأعوام عدة بهدف حماية البيئة ومكافحة تغير المناخ.

وفي عام 2022 أفاد التقرير السنوي لمرصد الطاقة العالمية بأن 34 دولة، من بينها الصين، تبني أو توسع محطات كهربائية تعمل بواسطة الفحم الحجري.

وعلى مدى العقدين الماضيين بلغت نسبة توليد الكهرباء من الفحم قرابة 40 في المئة، أما من الغاز الطبيعي فوصلت إلى 20 في المئة، وبالمجمل لا يزال الوقود الأحفوري يمثل ما بين 77 و80 في المئة من إنتاج الطاقة العالمية، كما كان الحال منذ 20 عاماً.

وفي عام 2023 تجاوز الطلب العالمي على الفحم 8.5 مليار طن للمرة الأولى في تاريخه، وسط توقعات بانخفاضه بحلول 2026.

وعلى رغم حصة الوقود الأحفوري الكبيرة في سوق إنتاج الطاقة إلا أن الفجوة العالمية في الحصول على الطاقة لا تزال قائمة، إذ يعيش 675 مليون شخص بلا كهرباء، ويعتمد 2.3 مليار شخص على أنواع وقود الطهي الضارة، وتوليد مزيد من الكهرباء لهؤلاء باستخدام الوقود الأحفوري يعني إطلاق مزيد من الغازات الدفيئة.

التخلص من الوقود الأحفوري يقض مضجع الاقتصاد

يؤكد الخبراء أن تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية بحلول 2050 لا يتحقق من طريق زيادة الطاقة منخفضة الكربون فقط، وإنما من خلال الحد من استخدام الوقود الأحفوري في الوقت نفسه، لكن الأمر الذي يحد من الاستغناء عن الوقود القذر هو أن هناك دولاً كثيرة يقوم اقتصادها عليه بشكل شبه كامل، ولذلك يبدو من الصعوبة بمكان، بالنسبة إليها، التخلي عن النفط أو الغاز، لما لذلك من تداعيات سلبية على استقرارها الاقتصادي.

أنور إبراهيم

أنور إبراهيم

ومن بين هذه الدول ماليزيا التي تعتبر واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، وقد قال رئيس وزرائها أنور إبراهيم خلال مؤتمر آسيا للطاقة عام 2023 بكل صراحة "إن تحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفري يجب ألا يأتي على حساب النمو الاقتصادي أو العكس".

كما أن للدول الخليجية رأياً مشابهاً لأنها تعتمد على الوقود الأحفوري في مدخولها المالي، وهناك اعتقاد سائد لدى الدول المنتجة للنفط مفاده أن التحول الكامل لمصادر الطاقة في ربع قرن هو فكرة "خيالية"، وهو ما أكده الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو" السعودية أمين الناصر، مرجعاً ذلك لعدم قدرة الطاقة المتجددة على مواكبة الزيادة في الاستهلاك.

ولا يقتصر الأمر على الدول المنتجة للنفط والغاز والفحم وإنما ينسحب على ما تبقى من دول العالم التي تستفيد من مصادر الطاقة الأحفورية ولا يمكن لها الاستغناء عنها بأي شكل من الأشكال.

ونظراً إلى الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري في النشاط الاقتصادي العالمي فإن قطاعات واسعة ستنهار إذا تم التخلي عنه، ويقول موقع "أويل برايس" إنه إذا لم يتوافر ما يكفي من الوقود الأحفوري فسيكون من المرجح نشوب صراع على المتاح منه، وقد تحصل بعض البلدان على أكثر بكثير من حصتها العادلة، بينما لن يحصل بقية سكان العالم إلا على قدر ضئيل للغاية، وقد لا يحصلون عليه أبداً.

ويتحدث التقرير عن احتمال انهيار البنوك والحكومات والشركات وانكماش التجارة الدولية وفقدان الكهرباء والإنترنت، فيما لو استغني عن الوقود الأحفوري.

ولأن الدول المنتجة للنفظ والغاز تدرك حجم الاختلالات الاقتصادية التي ستحدث فيما لو قررت الاستغناء عن الوقود الأحفوري، فقد ظهرت الخلافات في مؤتمر "كوب-28" الذي عقد في دبي آواخر عام 2023 بين الدول المشاركة في شأن كيفية التخلي عنه، ولم يتمكن المؤتمر في نهاية المطاف من وضع نطاق زمني محدد للتخلي عن الوقود الأحفوري، بل ترك الأمر فضفاضاً.

الفجوة بين الدول الفقيرة والغنية

إذا كانت الدول الغنية قادرة على الاستثمار في الطاقة المتجددة، فما الذي يمكن أن تفعله الدول الفقيرة؟

لنأخذ مثلاً القارة السمراء التي تواجه مجموعة من التحديات تحول دون استغلال إمكاناتها الهائلة ومواردها الطبيعية الضخمة وظروف الطقس الملائمة لاحتلال مكانة رائدة على الخريطة العالمية في مجال الطاقة النظيفة، وأبرز هذه التحديات هي عدم توفر القدرة المالية، ونقص التمويل والاستثمار.

كما أن البلدان الأفريقية تعاني فقر الطاقة، ولمكافحة ذلك تحتاج إلى 2.8 تريليون دولار للاستثمار في مزيج الطاقة النظيفة، ولكن توفير هذا المبلغ لا يبدو متاحاً لغالبية الدول الأفريقية النامية.، ولذلك فإن تحقيق الوعد الذي اتخذه 35 بلداً من أصل 54 في أفريقيا للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050 يبدو "حلماً وردياً".

وعلى رغم أن الدول المتقدمة تعهدت بمبلغ 100 مليار دولار سنوياً لمواجهة تغير المناخ في الدول الأكثر فقراً إلا أنها لا تلتزم بالوعود التي أطلقتها بالشكل المطلوب، كما أن المخصصات المحددة للقارة الأفريقية تعد أقل بكثير مما يلزم لتحقيق الأهداف العالمية، وإذاً نحن أمام عوائق مالية وغياب الإرادة السياسية.

أضف إلى ذلك مسألة الاستثمار المنخفض في القارة الأفريقية، إذ كشف تقرير بعنوان "المشهد العالمي لتمويل الطاقة المتجددة 2023" أن أفريقيا تلقت اثنين في المئة فقط، أي ما يعادل 60 مليار دولار من أصل 2.8 تريليون دولار استثمرت في الطاقة المتجددة على مستوى العالم بين عامي 2000 و 2020، على رغم الإمكانات الهائلة للقارة التي يسكنها 17 في المئة من سكان العالم، وتنتج أقل من خمسة في المئة من الانبعاثات السنوية، إلا أنها تدفع ثمناً باهظاً نتيجة التغير المناخي، وهو ما يمكن أن نلمسه في موجات الحر والجفاف والكوارث الطبيعية .

كما أن الدول الأفريقية تعاني فقر الطاقة، إذ يعجز قرابة 626 مليون شخص في أفريقيا عن الوصول إلى الحد الأدنى من الكهرباء، وقد شهدنا عام 2023 كيف غرقت نيجيريا في ظلام دامس في أعقاب أعطال أصابت خطوط النقل.

هذه التحديات لا تواجه الدول الأفريقية وحدها وإنما تشمل الدول الفقيرة غير القادرة على المضي في مشاريع التحول، في حين تزدهر مشاريع الطاقة النظيفة في الدول الغنية التي أصبح بعضها يولد 100 في المئة من حاجاته من الطاقة المتجددة، وهنا تكمن المشكلة لأن الانتقال بالطاقة يجب أن يكون على نطاق عالمي ولا ينحصر في منطقة أو دولة بعينها، وبناءً على ذلك يقول الخبراء إن تقديم الدعم المادي والاستثمار في الدول الفقيرة أمر لا مفر منه لتحقيق هدفنا.

وبالنسبة إلى البدان النامية بشكل عام فإن خفض الانبعاثات يتطلب تحقيق توازن مع الأولويات الملحة، وهي الصحة والفقر والنمو الاقتصادي، إذا لا تزال هناك مليارات من الناس تستخدم الخشب والنفايات في الطهي، ولذلك فإن الدول الفقيرة تقول إنه لا يمكن تقديم عملية التحول إلى الطاقة الخضراء قبل معالجة الفقر وتعزيز التنمية وتحسين الاقتصاد الذي يقوم بالأساس على الوقود الأحفوري.

 

هل انفطامنا عن الوقود الأحفوري أمر معقد إلى هذا الحد؟

 

الأمر يبدو بالفعل كذلك إن لم يتم اتخاد خطوات حقيقة تجاه الهدف، ففي الواقع ترفض معظم دول العالم حتى اليوم التخلي عن الوقود الأحفوري لأسباب عدة ذكرناها آنفاً، إلا أن التفاؤل يسود بعض الدول في شأن إمكان تحقيق الهدف، والأمر ممكن من الناحيتين النظرية والعملية لأننا نمتلك التكنولوجيا القادرة على تصفير انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2050، كما أن هناك دولاً قطعت شوطاً كبيراً في عملية التحول ومنها أوروغواي التي تولد قرابة 100 في المئة من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة.

وقد تمكن العالم قبل ذلك من التحول في مصادر الطاقة عبر التاريخ، وحدث ذلك في القرن الـ 18 عندما جرى أول تحول في نظام الطاقة من الخشب إلى الفحم الذي أصبح وقوداً صناعياً عام 1709، ثم انتقلنا من الفحم إلى النفط خلال ستينيات القرن الماضي، على رغم أن النفط اكتشف في الولايات المتحدة عام 1859، مما يعني أن التحول حدث بعد قرن من الزمن، والسؤال هنا: هل يمكننا التحول من النفط والغاز إلى الطاقة النظيفة بحلول 2050؟

من هم رواد التحول الطاقي؟

الدول المتصدرة في عملية التحول المناخي

الدول المتصدرة في عملية التحول المناخي

تتصدر إيسلندا وباراغواي والنرويج وألبانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية عملية التحول المناخي، وتعد أكبر خمس دول توليداً للكهرباء من المصادر المتجددة بنسبة 100 في المئة، بحسب ما ذكر موقع "سي أس آر جورنال"، كما يبرز اسم السويد والبرازيل ونيوزيلندا والدنمارك والنمسا وسويسرا وفنلندا وكولمبيا بوصفها أكبر الدول المنتجة للطاقة النظيفة في العالم، وفقاً لموقع التصنيف الأميركي "وايز فوتر".

وشكلت المصادر المتجددة 30 في المئة من توليد الكهرباء عالمياً عام 2023، وفي هذا الإطار تعتبر الصين أكبر منتج للكهرباء من الطاقة الشمسية على مستوى العالم، وأسهمت بمفردها في توليد أكثر من ثلث هذه الطاقة العام الماضي بنسبة 35.8 في المئة، وهي أكثر من ضعف الكمية التي أنتجتها الولايات المتحدة البالغة 14.6 في المئة، ولكن حصة الطاقة الشمسية في مزيج الكهرباء المحلي في كلا البلدين منخفضة بالقدر نفسه عند حوالى ستة في المئة.

حقل لإنتاج الطاقة الشمسية في الصين (أ ف ب)

حقل لإنتاج الطاقة الشمسية في الصين (أ ف ب)

حقل لإنتاج الطاقة الشمسية في المغرب (أ ف ب)

حقل لإنتاج الطاقة الشمسية في المغرب (أ ف ب)

ماذا عن الدول العربية؟

خلص تقرير لمرصد الطاقة العالمي إلى أن الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رفعت قدراتها في مجال الطاقة المتجددة 57 في المئة خلال الفترة من منتصف عام 2022 إلى منتصف 2023، لتصل إلى 19 غيغاوات، متوقعاً مزيداً من الارتفاع بمقدار النصف بحلول 2024.

لكن التقرير أشار إلى أن المنطقة لا تزال بحاجة إلى مضاعفة قدرتها 20 مرة من مصادر الطاقة المتجددة لتحل محل الاعتماد على الغاز، ويعتبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منطقة واعدة لامتلاكها كمية هائلة من الموارد الطبيعية التي يمكن تسخيرها للطاقة المتجددة، وقد شهدت بعض البلدان خلال الأعوام الأخيرة استثمارات متزايدة في هذا المجال.

ويحتل المغرب موقع الريادة على مستوى الدول العربية، وقد قطع أشواطاً مهمة خلال الأعوام الماضية في تلبية حاجاته من الطاقة النظيفة، فبات ينتج 40 في المئة من إجمال حاجاته من الطاقة، ويسعى إلى إنتاج 52 في المئة من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

وتبرز مصر والإمارات والسعودية وعمان والأردن من بين الدول الرائدة عربياً في الانتقال الأخضر، وتحتل مصر قائمة الدول العربية في إنتاج الكهرباء من الرياح، وتستهدف زيادة حصة الطاقة النظيفة في توليد الطاقة إلى 42 في المئة بحلول عام 2035، مقارنة بـ 20 في المئة عام 2022.

أما الإمارات فتحتل المرتبة الثانية في إنتاج الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية، وتهدف إلى توليد 50 في المئة من حاجاتها من مصادر متجددة بحلول عام 2050.

كما تتطلع السعودية بدورها إلى مستقبل ما بعد النفط، وقد شهد قطاع الطاقة النظيفة فيها خلال الأعوام الأخيرة تطورات غير مسبوقة، إذ تستهدف الرياض من خلال ذلك تنويع مزيج الكهرباء الوصول إلى الحياد الكربوني، كما تعتزم استثمار أكثر من 266 مليار دولار في قطاع الطاقة النظيفة، في أكبر استثمار معلن في المنطقة العربية، وتخطط لبناء واحدة من أكبر محطات توليد الهيدروجين الأخضر في العالم، ومن المتوقع البدء في تشغيلها بحلول عام 2025.

وتهدف السعودية إلى تحقيق مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الكهرباء من خلال توفير الغاز والطاقة النظيفة بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2030، وحالياً تعد من بين الدول الخمس الأوائل الأكثر إنتاجاً للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم العربي.

الدول الأكثر تلويثاً للبيئة

تأتي الصين في الطليعة، وهي أكبر ملوث للكوكب، إذ كانت مسؤولة عن إطلاق ما يقارب 30 في المئة من الانبعاثات العالمية بحوالى 14400 طن متري عام 2022.

تليها الولايات المتحدة بانبعاثات تصل إلى 6390 طناً مترياً، وبعدها الهند بمقدار 3520 طناً، وثم الاتحاد الأوروبي بنحو 3430 طناً، وهذه الدول من ضمن 20 دولة هي الأكثر تلويثاً للبيئة، وأطلقت 50 مليار طن متري من الغازات عام 2022.

حسب بيانات موقع "ستاتيستا"

حسب بيانات موقع "ستاتيستا"

 حقائق وأرقام

أدى حرق الوقود الأحفوري إلى ارتفاع حرارة الأرض حالياً بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، مما تسبب في زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات

حقل نفطي (رويترز)

حقل نفطي (رويترز)

انبعاث الملوثات من مصنع في الهند (أ ف ب)

انبعاث الملوثات من مصنع في الهند (أ ف ب)

لوقف احترار الكوكب وإبقائه عند حدود 1.5 درجة مئوية يتعين تحقيق الحياد المناخي (صافي انبعاثات صفري) بحلول 2050.

42 في المئة هي النسبة التي ينبغي للعالم خفضها من انبعاثات غازات الدفيئة بحلول 2030.

عمال إطفاء يكافحون حريقا في كاليفورنيا (أ ف ب)

عمال إطفاء يكافحون حريقا في كاليفورنيا (أ ف ب)

تظاهرة لمكافحة التغير المناخي في ألمانيا (أ ف ب)

تظاهرة لمكافحة التغير المناخي في ألمانيا (أ ف ب)

الأمم المتحدة: الحكومات تخطط لإنتاج حوالى 110 في المئة من الوقود الأحفوري عام 2030 بنسبة أكثر مما يتسق مع حد حصر الاحترار في حدود 1.5 درجة مئوية.

لا يزال الوقود الأحفوري يمثل المصدر الأساس لإنتاج الطاقة العالمي، فيما يزداد الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة التي باتت تنتج ربع حاجات البشرية من الكهرباء.

أبقار ترعى في محيط حقل شمسي لإنتاج الطاقة في الصين (أ ف ب)

أبقار ترعى في محيط حقل شمسي لإنتاج الطاقة في الصين (أ ف ب)

زبدة القول

يبدو أننا أمام طريق طويل وشاق لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 نظراً إلى مجموعة من العوائق والتحديات، وعلى رغم أننا قطعنا شوطاً لا يستهان به فهناك من يرى أن الوصول إلى الهدف المرجو أمر مستحيل إن لم يتدارك العالم خطورة الأمر ويتحرك بسرعة، ويحذر العلماء من أننا سنشهد أياماً صعبة نتيجة ارتفاع حرارة الأرض، بينما يعتبر بعضهم الآخر أن التحول الحالي فريد من نوعه كونه مدفوعاً بالسياسة وليس فقط بالضرورات الاقتصادية والتكنولوجية، كما كان عليه الأمر خلال التحولات السابقة.

كتابة وإعداد
فراس بارودي

تحرير
إيليانا داغر

التنفيذ والغرافيك
مريم الرويغ

رئيس التحرير
عضوان الأحمري