نفايات العالم تتراكم
والأرض تستغيث
ابدأ بالحاجات المنزلية من طعام وشراب ودواء وصولاً إلى التسوق والمستلزمات الأخرى من ملابس وأجهزة كهربائية وإلكترونية، وكل ما ينتج من ذلك من أكياس بلاستيكية وأغلفة وعلب كرتونية تنتهي أخيراً برميها في حاوية المهملات سواء مفروزة أو من دون فرز.
المهمة أنجزت، فالجميع يريد التخلص من الزبالة بأي شكل من الأشكال للمحافظة على نظافة المكان الذي يسكنه، ففي حاوية المهملات تنتهي المشكلة بالنسبة إلينا ولكنها تصبح من دون أن نشعر مشكلة أكبر، مشكلة أضحت اليوم عالمية وطبعاً نحن جزء منها.
قبل أن نتحدث عن أضرار النفايات دعونا أولاً نتعرف إلى مصيرها وأين ينتهي بها المطاف بعد مغادرتها منازلنا. هل خطر في بالك أن الزبالة التي ترميها في الخارج قد تجد طريقها إلى قرية في إحدى دول جنوب شرقي آسيا؟
أين تذهب نفايات العالم؟
منذ وقت ليس ببعيد كانت الصين سلة نفايات العالم، إذ كانت تستقبل أكثر من نصف مهملات البشرية.
وبالأرقام منذ عام 1988 وحتى 2016 استوردت بكين نحو 55.7 في المئة من النفايات العالمية لتعيد تدويرها، فقد أظهرت بيانات تجارة السلع التابعة للأمم المتحدة أن الصين وحدها استقبلت نحو 106 ملايين طن متري من النفايات البلاستيكية، وهو ما يعادل نقدياً نحو 58 مليار دولار، أما واردات الصين وهونغ كونغ سوية من نفايات البلاستيك العالمية فبلغت 72 في المئة.
لكن في عام 2018 وضعت الصين العالم في ورطة، لا سيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد قرارها وقف استقبال معظم مخلفات البشرية وحظر استيراد 24 نوعاً من النفايات الصلبة بهدف الحد من التلوث البيئي، والاقتصار على استيراد النفايات التي لا تتجاوز نسبة التلوث فيها 0.5 في المئة، وهو شرط يصعب تحقيقه، فللصين أيضاً نفاياتها التي تريد معالجتها.
وجهة جديدة في آسيا أيضاً
وبعد الصين لجأت دول العالم، لا سيما تلك الأكثر تصديراً للنفايات، إلى دول جنوب شرقي آسيا للتخلص من مخلفاتها، ومن أبرز تلك الدول ماليزيا والفيليبين وتايلاند وفيتنام التي وافقت على تحمل مسؤولية التخلص من الزبالة على أراضيها.
كيل هذه الدول طفح وفاض أكثر مما تفيض النفايات في الأنهار والمحيطات والمكبات التي أثقلت الأرض، لذلك بدأت تسير على خطى الصين وفرضت حظراً خاصاً على واردات النفايات على رغم أنها تجارة تدر عوائد مالية ضخمة على شركات إعادة التدوير.
لكن قد تتساءل: ما هي المشكلة إذا كانت المنفعة مشتركة لدى الدول التي تريد أن تتخلص من نفاياتها والدول التي تستقبلها وتستفيد منها مالياً؟
بعيداً من أضرار النفايات على البيئة والإنسان يبرز عامل الفرز كشرط أساس لاستقبال المخلفات البلاستيكية وغيرها، ولكي تكون الزبالة قابلة لإعادة التدوير يجب فرزها أولاً من قبل البلد المصدر قبل إرسالها إلى الخارج، على أن تكون النفايات البلاستيكية والإلكترونية والغذائية مثلاً معزولة عن بعضها، غير أنها غالباً ما تكون خليطاً واحداً مما يجعل مسألة إعادة تدويرها أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً، وبالتالي تضطر الشركات إلى رميها في مكبات النفايات أو البحار أو الأنهار، ومن غير المستبعد إذاً أن تسافر الزبالة عبر الأنهار والمحيطات.
تركيا وجهة النفايات الأوروبية
إضافة إلى دول جنوب شرقي آسيا التي لا يزال بعضها يستقبل النفايات، يبرز اسم تركيا كوجهة لمخلفات دول الاتحاد الأوروبي، فبعد قرار الصين حظر استيراد النفايات والحرب التي شنتها دول جنوب شرقي آسيا على هذا القطاع، أصبحت تركيا الوجهة الأولى لنفايات أوروبا، وبين عامي 2016 و2020 زادت أنقرة واردات المخلفات البلاستيكية بأكثر من 1200 في المئة بحسب تحقيق أجرته منظمة "هيومن رايتس ووتش"، وفي عام 2019 استوردت حوالى 48500 طن من النفايات شهرياً مقارنة بـ 33 ألف طن في العام السابق، وفق معهد "يوروستات" الأوروبي للإحصاءات، وجاءت معظم هذه المخلفات من بريطانيا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا.
وشكلت هذه الكميات الضخمة عبئاً كبيراً على البلاد، إذ ينتهي المطاف بجزء كبير منها في المكبات أو المحارق عوضاً عن إعادة تدويرها، مما أثار مخاوف صحية وبيئية أشارت إليها "هيومن رايتس ووتش".
وتعتبر مدينة أضنة التي يقطن فيها نحو مليون شخص عاصمة إعادة تدوير البلاستيك في تركيا التي تحوي أكثر من 1800 منشأة لإعادة التدوير.
وتعاني تركيا وغيرها من الدول مثل الهند وبولندا مثلاً من النفايات التي تتزايد أعدادها يوماً بعد يوم، وباتت تطالب ليس فقط بوقف استيرادها بل بإعادتها لمنشئها.
الأرقام بالطن وفق بيانات يوروستات
القارة الأفريقية في قلب المعمعة
ليست القارة الأفريقية بمعزل عن هذه المشكلة، إذ لجأت إليها هي الأخرى الدول الغنية للتخلص من نفاياتها مما أثار مخاوف من أن تصبح القارة السمراء سلة جديدة لمخلفات العالم، وقد شبه بعض نشطاء البيئة إرسال الدول الكبرى نفاياتها إلى أفريقيا بأنها استغلال "وعادات استعمارية قديمة".
ويستقبل كثير من الدول الأفريقية أنواعاً مختلفة من النفايات، لا سيما البلاستيكية والإلكترونية، وتتكدس المخلفات البلاستيكية بآلاف الأطنان في مكبات ضخمة بعدد من العواصم الأفريقية منها أنتاناناريفو (مدغشقر) ودكار (السنغال) ونيروبي (كينيا) وكوناكري (غينيا)، كما تتراكم في الأنهار حيث خلصت دراسة نشرتها مجلة العلوم والتكنولوجيا البيئية عام 2017 إلى أن 10 أنهار، ثمانية منها في آسيا واثنان في أفريقيا، مسؤولة عن نقل ما بين 88 و95 في المئة من المخلفات البلاستيكية العالمية إلى المحيطات.
وقد نشرت مجلة العلوم البيئية في أوروبا تقريراً عام 2019 خلص إلى أن قرابة 172 طناً مترياً من البلاستيك ومكوناته الكيماوية بقيمة 285 مليار دولار أرسلت إلى 33 دولة أفريقية بين عامي 1990 و2017، والمثير للريبة هنا أن أفريقيا تعد من القارات الرائدة في حظر البلاستيك لكنها تغرق فيه.
أرقام مرعبة
المصدر: دراسة منشورة في مجلة "ساينس أدفانسيس" العلمية الأميركية في الـ 30 من أبريل (نيسان) 2021
غانا مقبرة النفايات الرقمية
ليست أفريقيا مستنقعاً للنفايات البلاستيكية فقط وإنما للمخلفات الإلكترونية والملابس أيضاً، وتعد بلدان غانا ونيجيريا وتنزانيا من أبرز الدول الأفريقية المستوردة للنفايات الإلكترونية، كما يبرز اسم كينيا والسنغال ومصر في هذا المجال.
وقدرت قيمة النفايات الإلكترونية في أفريقيا لعام 2019 بـ 3.2 مليار دولار أميركي، وتشير التقارير والإحصاءات البيئية إلى أن 50 في المئة من نفايات العالم من الأجهزة الإلكترونية والكهربائية والمقدرة بـ 50 مليون طن سنوياً تنتهي في بلدان القارة السمراء، فيما يعاد تدوير 20 في المئة منها بشكل رسمي، وينتهي الأمر ببعضها في مدافن النفايات.
في عام 2021 تجاوزت كمية النفايات الإلكترونيةالعالمية حجم سور الصين العظيم بوصولها إلى 57 مليون طن، 12 في المئة منها هواتف نقالة قديمة، بحسب تقرير منتدى النفايات الإلكترونية والكهربائية الدولي.
ويعتبر مكب أغبوغبلوشي في العاصمة الغانية أكرا أكبر مواقع تجميع الخردة الكهربائية والإلكترونية في أفريقيا على الإطلاق، وتستورد غانا بمفردها حوالى 150 ألف طن من الإلكترونيات المستعملة سنوياً تليها نيجيريا.
ويعيش في مجمع أغبوغبلوشي والأحياء الفقيرة القريبة منه قرابة 80 ألف شخص، وهم من أفقر سكان العاصمة ويأتي كثير منهم من المناطق الشمالية والبلدان المجاورة مثل النيجر ومالي وساحل العاج من أجل العمل.
وتتوقع الأمم المتحدة بأن يصل إنتاج العالم من النفايات الإلكترونية إلى 120 مليون طن خلال العقود الثلاثة المقبلة، وتنتج الولايات المتحدة والصين أكبر كمّ من هذه المخلفات بـ 7.2 و6.3 مليون طن على التوالي عام 2016.
وتحذر الأمم المتحدة من أننا سنعاني من التعرض للمواد المسرطنة والأبخرة السامة المنبعثة من الأجهزة الإلكترونية الموجودة في مناطق تجميع القمامة إذا لم يعد تدوير هذه النفايات بشكل سليم، كما حذرت منظمة الصحة العالمية من أن الخطر الصحي آخذ في الازدياد مع تصاعد ما وصفته بـ "تسونامي النفايات الإلكترونية"، وبحسب دراسة أجرتها مجلة "لانسيت" الطبية فإن هناك أكثر من 9 ملايين شخص يموتون كل عام بسبب التلوث والأبخرة السامة الناتجة من النفايات على مختلف أنواعها.
الملابس المستعملة جبال تتكدس
تستقبل غانا أيضاً كميات ضخمة من الملابس المستعملة الآتية من الدول الغربية، إذ تتلقى أكبر سوق للمنتجات المستعملة "كانتامانتو" وحدها 15 مليون قطعة من الملابس أسبوعياً.
وتعد ألمانيا من أكبر مصدري الملابس المستعملة في العالم، وتشير البيانات إلى أن أكثر من مليون طن من المنسوجات المستعملة فيها تجمع كل عام لإعادة التدوير.
وتتخلص دول الاتحاد الأوروبي من 37 مليون قطعة من الملابس غير المرغوب فيها في كينيا كل عام.
وأمام هذا الرقم الكبير حاولت بعض الدول في شرق أفريقيا مقاومة استيراد الملابس المستعملة من خلال فرض رسوم على الاستيراد لكنها لم تصمد كثيراً باستثناء راوندا، إذ هددت الولايات المتحدة بطردها من اتفاق "أغوا" التجاري الذي يمنح عدداً من الدول الأفريقية تسهيلات جمركية.
وتتزايد النفايات بشكل عام في أفريقيا بسبب نقص مصانع إعادة التدوير، وعلى رغم أن القارة السمراء تعي أخطار أن تكون مستنقع النفايات العالمي الجديد، وتريد التملص من هذه المشكلة كما فعلت الصين وبعض دول جنوب شرقي آسيا، إلا أن هناك مجموعة من العوامل التي تمنع حدوث ذلك، وأبرزها الفساد الحكومي والفقر اللذان يدفعان العمال، بما في ذلك الأطفال، للبحث بين النفايات لتأمين لقمة العيش.
مليارا طن في العالم
تنتج البشرية سنوياً أكثر من ملياري طن من النفايات الصلبة، تراكم البلدان المرتفعة الدخل أكثر من ثلثها، أي حوالى 34 في المئة، على رغم أنها تشكل 16 في المئة فقط من سكان العالم.
أما منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ فمسؤولة عن توليد ما يقارب ربع النفايات العالمية بنسبة تصل إلى 23 في المئة.
الاتحاد الأوروبي مثلاً وحده صدر ما يقرب من 80 في المئة من النفايات البلاستيكية العالمية عام 2020 وفق بيانات الأمم المتحدة.
أما على مستوى الدول فتعتبر ألمانيا أكبر مصدر للخردة ونفايات البلاستيك، فيما تأتي أكبر صادرات آسيا البلاستيكية من اليابان، أما الدولة الثالثة في القائمة فهي أميركا.
وللتخلص منها ترسل الدول الغنية نفاياتها إلى الدول النامية أو الفقيرة من أجل التعامل معها، لأن كلفة إعادة تدويرها في دولة المنشأ أكبر من تصديرها إلى الخارج، فضلاً عن رغبتها في تفادي الأضرار البيئية الناتجة منها.
أن تستقبل النفايات فإنك بشكل أو بآخر تستقبل التلوث، وصحيح أن النفايات تدر على الدول المستقبلة لها عائدات مالية ضخمة، لكنها اليوم بدأت تعي أضرارها وتخفف من استيرادها، وربما سيأتي يوم وتمنع استيرادها نهائياً.
في عام 2020 بلغت قيمة سوق إدارة النفايات العالمي 383.83 مليار دولار وسط توقعات بنموه بشكل أكبر بين عامي 2021 و2027 نتيجة التوسع الحضري وتزايد عدد السكان وزيادة استهلاك الموارد، لكن في غضون ذلك جزء كبير من النفايات التي تستقبلها الدول النامية ينتهي مصيره في مكبات النفايات والأنهار والمحيطات بدلاً من إعادة تدويره.
ألمانيا في الصدارة
بينما ترسل معظم دول الاتحاد الأوروبي نفاياتها إلى الخارج إلا أن بعضها يعيد تدوير جزء كبير منها بنسب متفاوتة من بلد إلى آخر، لكن إجمالاً في ظل قوانين بعضها صارم وأخرى لينة لضمان فرز الزبالة والتخلص منها بشكل سليم وفعال.
وهنا أيضاً تحتل ألمانيا الصدارة في هذا المجال، إذ تسجل أعلى معدل إعادة تدوير في العالم منذ عام 2016، ففي 2021 تمكنت من إعادة تدوير 71 في المئة من نفاياتها من خلال تنفيذ سلسلة من الاستراتيجيات، أبرزها فرض سياسة فرز النفايات الإلزامية على المنتج والمستهلك، وبذلك خفضت برلين كمية صادراتها من النفايات البلاستيكية إلى 745100 طن عام 2022 وهو أقل رقم منذ 10 أعوام.
وتأتي المجر في المرتبة الثانية مع تدوير 62 في المئة من نفاياتها، وكوريا الجنوبية ثالثة تليها ويلز في المملكة المتحدة ثم سويسرا، حتى إن بعض هذه الدول لم تكتف بإعادة تدوير جزء كبير من نفاياتها فقط بل تستورد أيضاً من الخارج، فألمانيا تستورد نفايات من هولندا وإيطاليا وتستخدمها لتوليد الطاقة، بينما تستورد السويد سنوياً قرابة 800 ألف طن من النفايات من دول أخرى للهدف ذاته.
الولايات المتحدة استقبلت أيضاً 0.9 مليون طن من نفايات الاتحاد الأوروبي عام 2021، كما تستفيد هذه الدول من النفايات من خلال تحويل المخلفات العضوية إلى أسمدة أو إعادة التدوير من أجل إعادة التصنيع، لذلك أضحت النفايات تجارة عالمية يلهث بعضهم للاستفادة منها.
العالم العربي
تزداد نفايات العالم بشكل كبير عام بعد آخر، والعالم العربي ليس بمعزل عن هذه المشكلة، إذ ينمو توليد النفايات في المنطقة العربية بنحو 3.3 في المئة سنوياً.
ويقدر إنتاج الدول العربية مجتمعة بحوالى 150 مليون طن من النفايات كل عام، بينما لا يتوافر إحصاء دقيق حول نسبة ما يتم تدويره، لأنه لا توجد بالأساس أنظمة وبرامج تنظم هذه العملية، وإن كانت موجودة في بعض الدول لكنها لا تزال في مراحلها الأولى.
وبناء على ذلك فإن معظم نفايات الوطن العربي يكون مصيرها التصدير أو الحرق أو الرمي في المكبات.
ويقول الباحثون في جامعة "روستوك" الألمانية إن الدول العربية لم تضع حتى الآن تشريعات مناسبة للنفايات ومعايير قانونية واضحة واستراتيجيات طويلة المدى، إضافة إلى عدم وجود هياكل تنظيمية عاملة، أضف إلى ذلك غياب ثقافة إعادة التدوير لدى المواطن العربي ونقص الوعي الاجتماعي في ما يتعلق بقضايا إدارة النفايات، فالعقلية السائدة هي أنه يجب التخلص من النفايات من دون إدراك الفائدة التي يمكن أن يجنيها الفرد والمجتمع ككل منها، فالسويد مثلاً تمكنت من تزويد 250 ألف منزل بالكهرباء من طريق حرق النفايات، ولذلك يشدد حماة البيئة على أهمية نشر هذه الثقافة بين أفراد المجتمع لأن حل المشكلة مرتبط بالفرد نفسه، وإلا فإن أي خطط حكومية تهدف إلى معالجة أزمة النفايات والتخلص منها بشكل سليم سيكون مصيرها الفشل.
وفي العالم العربي يتم التعامل مع النفايات على أنها نفايات فقط وليست مورداً مهماً أو ثروة وطنية كما هو الحال في الدول المتقدمة، مما يفقد الدول العربية مئات الملايين من الدولارات، إذ تخسر سنوياً نحو 122 مليار دولار لعدم استفادتها من تدوير النفايات الصلبة وحدها، ناهيك عن الأنواع الأخرى.
وبحسب دراسة أجراها البنك الدولي فإن الفرد في منطقة الشرق الأوسط يهدر أكثر من ستة كليو غرامات من النفايات البلاستيكية كل عام، فتخيل كم سيجني الوطن العربي من مخلفاته البلاستيكية وحدها إن أعيد تدويرها.
مبادرات جيدة ولكن!
وضع عدد من الدول العربية أهدافاً طموحة في شأن عملية إعادة التدوير ومنها الإمارات والسعودية وقطر والأردن ومصر.
وتقوم السعودية بإعادة تدوير نحو 10 في المئة من المواد القابلة لذلك، فيما يتم التخلص من 90 في المئة من طريق الطمر، بحسب الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سرك). وتسعى "سرك" إلى تحويل 85 في المئة من النفايات الصناعية الخطرة و100 في المئة من النفايات الصلبة و60 في المئة من نفايات البناء والهدم بعيداً من مطامر النفايات بحلول عام 2035.
أما قطر فتعكف على إنشاء "جزيرة الاستدامة"، وهي أول محطة لإعادة التدوير تعمل بالطاقة الشمسية، كما يشهد قطاع إعادة تدوير البلاستيك في الإمارات تطورات بوتيرة متسارعة.
كذلك اتخذت مبادرات شبابية عدة كخدمة "درايف ثرو" في لبنان، وهي خدمة تمكن اللبنانيين من بيع مخلفاتهم البلاستيكية.
إلا أن كل هذه الخطط والمبادرات سواء الحكومية أو الفردية لم ترتق إلى المستوى المطلوب، ولا يزال الوطن العربي في مراحله الأولى في مجال إعادة التدوير، وهي صناعة سيغرق العالم من دونها في القمامة الآخذة في الازدياد يوماً بعد آخر.
"الكوكب يغرق في القمامة
وقد حان وقت التنظيف"
في اليوم الدولي الأول للقضاء على النفايات والهدر في مارس (آذار) 2023
ماذا يفعل الإنسان بكوكبه الجميل؟
حذر غوتيرش من أن الأرض تتحول إلى مكب نفايات عملاق، وأننا "نعامل كوكبنا كمكب للقمامة، فنحن نهدم بيتنا الوحيد ونطلق سيلاً من النفايات والتلوث الذي يؤثر في بيئتنا واقتصاداتنا وصحتنا"، داعياً إلى شن حرب على الهدر.
ويعتبر إهدار الغذاء أحد أبرز الظواهر المتفشية في العالم، إذ يهدر الإنسان أو يفقد قرابة ثلث الأغذية المنتجة للاستهلاك، سواء خلال مراحل الإنتاج وما بعد الحصاد والتصنيع الغذائي، بخسارة تقدر بحوالى ترليون دولار أميركي.
ويبلغ وزن الطعام المهدر أو المفقود قرابة 931 مليون طن سنوياً، وهي أغذية فاسدة تسهم في الانبعاثات الضارة لأنها تطلق غاز الميثان في الغلاف الجوي، فبين عامي 2010 و2016 مثّل فقدان وإهدار الغذاء نسبة تترواح بين ثمانية إلى 10 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية الناجمة عن الأنشطة البشرية.
ما الذي يجب فعله؟
لنتذكر معاً أن العالم ينتج سنوياً ملياري طن من النفايات مع توقعات بارتفاع الرقم إلى نحو 3.4 مليار طن عام 2050، والذي يأتي مدفوعاً بالتحول الحضري السريع والزيادة السكانية بحسب تقرير أصدره البنك الدولي، لذلك نحتاج إلى التفكير مرتين قبل رمي مخلفاتنا اليومية في القمامة، فحل المشكلة يبدأ من الفرد نفسه الذي بات كائناً استهلاكياً أكثر وأكثر من دون مراعاة كافية للطبيعة التي تؤويه وتحميه.