اعتمد التعليم في السودان على (الخلاوي)، والتي يتم فيها تدريس القرآن وعلومه، قبل ذلك، أكدّ علماء التاريخ أنهم عثروا على نقوش تعود للعام 750 قبل الميلاد في شمال السودان، وهذا يعني أن السودانيين عرفوا الكتابة منذ سنوات طويلة واهتموا بالتعليم.
أما في القرن الـ 19، فتم فتح خمس مدارس في الخرطوم أثناء فترة الحكم التركي المصري، ومن ثم تم تغيير نظام التعليم في السودان وأصبح السلم التعليمي عام 1900 من ثلاث مراحل وهي الأولية، المتوسطة والثانوية.
وفي تسعينيات القرن الماضي، تم إلغاء نظام المرحلة المتوسطة والتي كانت تتكون من ثلاث سنوات بعد ست سنوات في المرحلة الابتدائية وتعقبها ثلاث سنوات في المرحلة الثانوية، وأصبح نظام التعليم قبل الجامعي في السودان يتكون من ثماني سنوات في المرحلة الابتدائية وثلاث سنوات في الثانوية ما أدى لتقليص سنة دراسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الشأن التعليمي
وفي السنوات الأخيرة، تداول المهتمون بالشأن التعليمي دراسات عديدة تؤكد أن التعليم في السودان يمر بانهيار غير مسبوق، وأرجعوا السبب إلى تغيير السلّم التعليمي من فترة لأخرى من دون دراسة. وكان نظام التعليم مقسّماً إلى أربع مراحل ابتدائية، وأربع متوسطة، وأربع ثانوية، ومن ثم أصبح في سبعينيات القرن الماضي ست مراحل أساسية، ثلاث متوسطة وثلاث ثانوية، وتم تطبيق نظام الـ 11 عاماً منذ تسعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس السابق عمر البشير في حين أن كل العالم يدّرس 12 عاماً قبل الجامعة.
وهذا النظام الجديد الذي تم نقله من دولة ماليزيا رفضه الأساتذة في بداية الأمر وطبقته الحكومة عنوة.
تدهور التعليم في السودان
ولم تجتهد حكومة الرئيس السابق عمر البشير في تحسين بيئة التعليم، بل شهدت فترته تدهوراً ملحوظاً في بيئة التعليم وشح التمويل، ففي المناطق الطرفية يتشارك أكثر من ثلاثة طلاب في كتاب واحد، البيئة غير المؤهلة خلّفت مشاكل كثيرة أبرزها التسرب الطالبي، بالإضافة للظروف الاقتصادية الطاحنة التي جعلت الطلاب يستبدلون الدراسة بالعمل وغالباً تكون أعمالاً هامشية لا مستقبل لها، أما المنهج الدراسي فقد كان دون المستوى والمتوقع وأقل من أن يحقق الطموحات المرجوة لنهضة البلاد.
هل ستنجح خطة الوزارة الجديدة؟
في يناير (كانون الثاني) المنصرم، أعلن وزير التربية والتعليم محمد الأمين التوم، عن تكوين لجان لدراسة عودة المرحلة المتوسطة مع التأكيد على مجانية التعليم في مرحلة الأساس ومراجعة المناهج الدراسية وتطويرها لتواكب العالم، مع تصريحات والي شمال كردفان "الصادق الطيب" التي قال فيها إن التعليم في السودان شهد تدنياً كبيراً يجب إصلاحه.
واختلفت آراء السودانيين حول مسألة التعليم عموماً، وإعادة تشكيل السلم التعليمي خصوصاً، فمنهم من يرى أن الإشكال الحقيقي هو في المناهج التي يجب أن يتم تطويرها وتحسينها وتأهيل المعلمين بإقامة دورات تدريبية لهم حتى يقدموا دورهم على أكمل وجه، بينما يرى آخرون أن المشكلة الأساسية ليست في تغيير السلم التعليمي، وهي ليست مشكلة أكاديمية فقط، فدخول الطلاب الجامعات في سن أصغر من المعتاد بسبب حذف سنة من السلم التعليمي، واختلاط الأطفال في عمر السادسة، مع من هم في الـ 13، كلها مشاكل يجب أن يتم التعامل معها.
الصحة النفسية
وتقول المختصة النفسية مها أحمد لـ "اندبندنت عربية" إن "الاهتمام بالصحة النفسية للتلامذة أكثر أهمية من حصر دور المدرسة في الأكاديميات فقط، لأن معظم حالات التسرب الدراسي سببه عدم تأقلم الأطفال مع الجو العام في المدرسة خصوصاً عندما تتم محاصرة الطفل بالواجبات المدرسية والحصص المتواصلة من دون إفساح المجال للترويح عن النفس وخلق نشاطات تخفف من الضغوط كالرياضة وحصص الرسم والموسيقى غيرها من النشاطات".
أضافت "يجب أن تهتم المدارس بإقامة النشاطات باستمرار لضمان نجاح التلامذة لأنهم حين يجدون ترفيهاً وترويحاً عن النفس سيكونون أكثر استعداداً لاستقبال الدروس الأكاديمية وأكثر رغبة فيها وسنتخلص من التسرب الدراسي الذي انتشر كثيراً، والذي غالباً ما تكون عواقبه وخيمة خصوصاً أن البعض قد يلجأ لتناول المخدرات اعتقاداً منه بأنها تخفف من الضغوط".
وهكذا، فإن مستقبل التعليم في السودان ما زال غير واضح وأجمع الناس أن الإشكالية ليست في السلم التعليمي فقط، بل جوهر المشكلة في المنهج وعدم تطويره بما يواكب تقدم العالم وعدم تقديم دورات تدريبية كافية للمعلمين.