فاق عدد المعتقلين في المملكة المتحدة من العرق الأبيض المشتبه في أنهم إرهابيون أولئك ذوي الملامح الآسيوية للسنة الثانية على التوالي.
وأظهرت الأرقام الرسميّة اعتقال 117 شخصاً من العرق الأبيض للاشتباه في ارتكابهم جرائم إرهابية في العام 2019 مقارنة بـ111 مشتبهاً فيه من العرق الآسيوي و21 مشتبهاً فيه من ذوي البشرة السوداء.
وجاء في وثيقة نشرتها وزارة الداخليّة البريطانية أنّ "نسبة المعتقلين من العرق الأبيض تخطّت نسبة الآسيويين المعتقلين للسنة الثانية على التوالي، وهو ما لم يحدث منذ العام 2004".
ويأتي هذا التغيير بعد زيادة عمليات الشرطة ضدّ المتطرّفين اليمينيين، ومنهم أعضاء منظمة "العمل الوطني".
وبعد حظر هذه المنظمة التي تتبنى فكر النازيين الجدد في العام 2016، انقسمت إلى فصائل تعمل تحت تسميات مختلفة أُلقي القبض على أعضائها لاحقاً خلال غارات جماعيّة.
وأعلن رئيس شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة خلال سبتمبر (أيلول) أنّ التطرّف اليمينيّ هو أسرع المخاطر الإرهابية نمواً وقد استُقدمت أجهزة الاستخبارات للتعامل معه للمرة الأولى.
وأُحبطت 25 خطة هجومية منذ مارس (آذار) 2017- 16 منها لإسلاميين و8 لليمين المتطرف وواحدة لجهة أخرى.
ونُفّذت 280 عمليّة اعتقال بتهم مرتبطة بنشاطات إرهابية في العام 2019 أي أقل من العام السابق بعمليّتين.
ووجّهت التّهم إلى أقلّ من ثلث المشتبه فيهم فيما أُطلق سراح 39 في المئة منهم من أجل مواصلة التحقيق، وأُفرج عن 23 في المئة منهم من دون توجيه أي تهمة إليهم فيما واجه 7 في المئة منهم خطوة بديلة.
وقال رافايلو بانتوتشي مدير الدراسات الأمنية الدولية في معهد الخدمات المتحدة الملكي (روسي) إنّ المشتبه فيهم البيض يشملون المتطرفين اليمينيين والذين اعتنقوا الإسلام وأشخاصاً يتبنّون عقيدة "ملتبسة أو غير واضحة".
وأخبر "اندبندنت" أنّ أعداد الاعتقالات قد تعكس القدرة العمليّة للشرطة بقدر ما تعكس الخطر نفسه.
وأضاف "سترون أنّ هذا هو عدد الحالات التي يجري التعامل معها لأنّه العدد الذي يستطيع النظام استيعابه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"تكبر مشكلة اليمين المتطرّف- وقرار أجهزة الاستخبارات بالتركيز على مثل هؤلاء المتطرفين ما هو إلّا انعكاس لاعتقادها بوجود مشكلة حقيقية آخذة بالتزايد وأنه عليها التعامل معها".
وأشار كبير المنسّقين الوطنيين لعمليات مكافحة الإرهاب إلى ارتفاع عدد الاعتقالات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من السّنة.
وقال نائب مساعد مفوّض الشرطة دين هايدن "كما رأينا خلال الأشهر القليلة الماضية، قد تقع الهجمات في أيّ مكان وأي وقت من دون سابق إنذار".
و"تظهر البيانات استمرار التراجع التدريجي في الاعتقالات المرتبطة بالإرهاب منذ العام 2018 لكن على الرغم من ذلك- ومن تقليص مستوى الخطر من شديد إلى عالٍ- بيّنت حادثتا فيشمونغرز هول وستريتهام أننا لا نستطيع استنتاج أنّ هذا الخطر قد تقلّص".
"مع وجود 3000 فرد أو أكثر ضمن نطاق المراقبة باعتبارهم مصادر اهتمام بالنسبة إلينا، واقتراب إخلاء سبيل عدد أكبر من الإرهابيين المدانين، نحن عاجزون ببساطة عن مراقبتهم جميعاً طوال الوقت".
حتى يوم 31 ديسمير (كانون الثاني)، احُتجز 231 سجيناً في بريطانيا بتهم مرتبطة بالإرهاب - بزيادة 9 أشخاص عن السنة السابقة. وصُنّف أكثر من ثلاثة أرباعهم باعتبارهم يعتنقون آراء إسلامية متطرّفة، مقابل 18 في المئة يعتنقون آراء اليمين المتطرّف و6 في المئة لديهم معتقدات أخرى.
كما أُطلق سراح 54 شخصاً بعد احتجازهم خلال العام، وجاء الإفراج عن ثلاثة أرباعهم بعد قضائهم أحكاماً بالسجن.
وتلقّت غالبيتهم أحكاماً بالسجن مدة أربعة أعوام أو أكثر، من بينها حكم واحد بالسجن مدى الحياة.
وفي أعقاب الهجمات التي ارتكبها سجناء محررّون على جسر لندن وفي ستريتهام، سنّت الحكومة قانوناً طارئاً للحؤول دون إطلاق سراح السجناء الإرهابيين تلقائياً.
وسيبقى السجناء الذين يقضون أحكاماً محدّدة داخل السجن مدة أطول من أجل الخضوع لتقييم مجلس الإفراج المشروط قبل إطلاق سراحهم.
وقُدّم القانون وسط تزايد المخاوف من التواصل والتشبيك بين الإرهابيين والتشجيع على التطرّف داخل السجون حيث نّفذ سجناء هجومين إرهابيين مؤخراً.
وأشار أحد الإرهابيَين الذي رفع سيفاً ليهاجم أفراد الشرطة به خارج قصر باكينغهام وخطّط لفضائع جديدة بعدها، إلى أنهّ كان "محاطاً بالجهاديين" في سجن إتش أم في بلمارش.
وتجري مراقبة 800 سجين في كل الأوقات يُشتبه في أنهم متطرفون ويعتقد أفراد الشرطة أنّ العدد أكثر بكثير- وأنّه في تزايد.
وحذّر السيد هايدن من انّ الطريقة الوحيدة لتقليص عدد الإرهابيين على المدى الطويل هو بمنع الأشخاص من التوجّه نحو التطرّف.
وأضاف أنّ "التدخّل المبكر من خلال برنامج بريفنت، نقطة جوهريّة. نحن نحتاج أن تعلم العائلات والأصدقاء والزملاء والمجتمعات المحلية أنّ التدخّل المبكر لا يفسد حياة شخص ما بل ينقذها، وقد ينقذ حياة أشخاص آخرين كذلك".
© The Independent