ثمة رسم بياني ظهر وطاف حول العالم، بينما يحاول الناس فهم حجم وسرعة تفشي فيروس كورونا، وكذلك استجابتنا إليه.
واستطراداً، رُحّب بمبدأ "تسطيح المنحنى"، بمعنى تسطيح الخط البياني الذي يظهر في ذلك الرسم، باعتباره جزءاً مركزياً من كيفية التعامل مع الوباء، إضافة إلى كونه إجابة مهمة عن الأسئلة المتعلقة بالكيفية التي يمكن فيها لاستراتيجية تأخير الانتشار أن تكون مُجدية بالفعل.
واستُقبل بالترحاب ذلك الرسم البياني والفكرة التي ساعد في توضيحها، بوصفه ملخصاً دقيقاً للسبب الذي يوضّح أهمية نهوض الناس باتخاذ تدابير بهدف محاولة إبطاء انتشار فيروس كورونا، حتى لو لم يكن إيقافه كلياً أمراً ممكناً.
في ذلك السياق، يبرهن الرسم البياني على أهمية محاولة التأكّد من عدم إمكانية انتقال المرض بسرعة كبيرة، ووصوله إلى عددٍ كبيرٍ من الناس في وقت واحد، أو الكيفية التي يمكن للفيروس فيها أن يُرهق الموارد المحدودة المتاحة لمحاربته.
وعلى نحوٍ مُشابِه، يبيّن الرسم البياني مدى الخلل في الحجة التي ساقها بعض المعلقين بأنه يجب الاكتفاء بالسماح للمرض بالتقدم والانتشار في المجتمع بالسرعة التي قد يحدث بها بشكل طبيعي، ما يتيح التغلب على الوباء (بمعنى أنه يستنفد نفسه بنفسه). وتالياً (يبرهن الرسم البياني على) أن عدم إعاقة تقدّم الفيروس سيعمل على تحويل المنحنى إلى طفرة مرتفعة بشدة، ما قد يربك مواردنا، ويسبب مشكلات للمهنيين الصحيين وغيرهم ممن يحاولون مكافحة المرض.
في المقابل، ربما يؤدي "تسطيح المنحنى" وفق ما أصبح معروفاً، إلى عدم التمكّن من تقليل عدد الأشخاص المصابين بـ"كوفيد 19". لا يهتم مبدأ (تسطيح المنحنى) بعدد الأشخاص الذين يصابون فعلاً بالمرض على المدى الطويل.
بدلاً من ذلك، يهتم مبدأ "تسطيح المنحنى" بضمان وجود عدد محدود من الأشخاص الذين يتعاملون مع المرض في أي وقت معين. في الواقع، ربما يستمر التفشي فترة أطول نتيجة التزام ذلك المبدأ، ويمثّل ذلك الهدف المطلوب بطريقة أو بأخرى.
إذ يوضح الرسم البياني الذي تنقّل حول العالم مبدأ "تسطيح المنحنى"، وهو مبدأ قديم أُعيد نشره عالمياً بفضل جهود درو هاريس الذي يعمل مُحللاً في الصحة السكانية بـ"جامعة توماس جيفرسون" بولاية فيلادلفيا، وأخذ رسماً أنشأته في الأصل الصحافية روزاموند بيرس باستلهامها رسماً بيانياً آخر ظهر في ورقة نشرتها "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها".
رسمَ هاريس خطاً منقطاً على الرسم البياني، كي يُظهِر أن انسيابية المنحنى ربما تشكّل الفارق بين علاج المرض وإرهاق مؤسسات تقديم الرعاية الصحية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "نيويورك تايمز" بعد انتشار الرسم البياني (الذي صنعه) عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح هاريس "أن الهدف المثالي في مكافحة جائحة أو وباء يتمثّل في وقف الانتشار بالكامل. وفي المقابل، يكون مجرد إبطائه وتخفيفه أمراً بالغ الأهمية (...) ويقلّل هذا الإبطاء من عدد الحالات التي تنشر الفيروس في أي وقت معين، ما يمنح الأطباء والمستشفيات والشرطة والمدارس وشركات تصنيع اللقاحات، وقتاً للاستعداد والاستجابة من دون أن تصاب بالإرهاق. وبهذا، تستطيع معظم المستشفيات العمل مع وجود انخفاض في الموظفين بنسبة 10 في المئة، لكن ليس مع غياب نصف كوادرها في آن معاً".
وصُنِعَتْ أنماط أخرى من الرسم البياني نفسه حتى الآن، وكذلك جرت مشاركتها على نطاق واسع عبر الإنترنت، وأظهر أحد الرسوم المتحركة التي لاقت رواجاً بشكل كبير، أنّ الفارق بين تفشٍ حاد وآخر سلس يمكن أن يكون في جزء منه نتيجة لاستجابات الناس.
واستطراداً، بيّن كيف يمكن أن يساعد الموقف المتراخي تجاه نصائح مثل غسل اليدين والعزل الاجتماعي، في دفع ذلك المنحنى إلى الأعلى ليصل إلى منطقة خطرة.
واستطراداً، تؤشّر تلك الأمور إلى أن الاحتياطات البسيطة التي يُنصح الناس باتخاذها، مثل غسل اليدين بشكل متكرر، والسعال والعطس في المناديل الورقية، والاستعداد للعزل الذاتي، واستخدام الموارد الصحية بذكاء، يمكن أن تكون ذات أهمية حيوية، حتى لو بدت أنها لا تعمل إلا على تأجيل حدوث أمر محتوم.
أصبحت فكرة "تسطيح المنحنى" جزءاً من الاستجابة الرسمية إلى انتشار المرض، ويبدو أنها أثبتت نجاعتها.
بعد الإبلاغ عن الحالات الأولى في الصين مثلاً، فرضت الحكومة سياسة وضع المدن المُصابة تحت حالة إغلاق كبير. وفي البداية، وُضِعَت تلك السياسة موضع التشكيك، لكن الحالات تباطأت بسرعة، كما تبيّن أن مقدمي الرعاية الصحية صاروا أكثر قدرة على مساعدة المصابين.
© The Independent