لم تعد أول قصة تسوية لسعودي بدفع 141 مليون ريال (ما يعادل 37.52 مليون دولار) كتعويض لزوجته السابقة قصة بعيدة المنال وخيالية لا تحدث إلا في البلاد الأجنبية، وذلك بعد محاولات شورية متعددة آخرها ما تقدم به 4 أعضاء بوضع تشريع جديد يكفل إنصاف الطرف المتضرر من الطلاق مادياً ومعنوياً.
حيث تنظر الدول الأجنبة للزواج كشركة اقتصادية يملكها الزوجان بالتساوي. وإذا فضّت الشراكة قد يضطر أحدهما إلى دفع قسم كبير من ثروته كتعويض للطرف الآخر.
وكانت الحادثة القديمة التي حكمت المحكمة بلندن العليا على مواطن سعودي بدفع 141 مليون ريال (37.52 مليون دولار) كتعويض لزوجته السابقة كأكبر تعويض طلاق في تاريخ بريطانيا حينذاك، تم إقراره بناء على تقدير المحكمة لثروة الزوج، أثارت الجدل بين الأوساط السعودية كأول سعودي يتعرض لتسوية طلاق بين مؤيد ومعارض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
طرح المؤيدون تساؤلا بشأن ما هو التعويض الذي تحصل عليه المرأة لدينا إن طلقها زوجها بعد سن الخمسين أو الستين؟، بينما أجاب المعارضون بأنه لو تم فعل ذلك لدينا ستستغله النساء لقهر الرجال والسطو على حقوقهم وسيقلل عدد المقبلين على الزواج. ف"الزوجة بدول أوروبا تكون مشاركة للرجل وليست كالسعوديات تقوم بتضييع أموال زوجها فى أمور تافهة، وعلاوة على ذلك تريد نصف ثروته".
وفي محاولة جديدة بعد رفض توصية سابقة تطالب بأن تقوم وزارة العدل بما يلزم لضمان حقوق المرأة المالية عند الطلاق بفرض على الزوج أن تحصل على مبالغ مالية تعويضية مناسبة، تقدم أربعة أعضاء بتوصية جديدة، وهم نورة المساعد وفيصل الفاضل وإقبال درندري وعالية الدهلوي، "على وزارة العدل، بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء للعمل على وضع ضوابط للطلاق والخلع والفسخ موحدة وملزمة للقضاة، تكفل إنصاف الطرف المتضرر مادياً ومعنويا".
وحسب مسوغات الأعضاء، تشير الإحصاءات الرسمية إلى زيادة الطلاق في الخمس سنوات الأخيرة بنسبة تصل إلى 45 في المئة من حالات الزواج السنوية، وانطلاقاً من القاعدة الشرعية، لا ضرر ولا ضرار، تبرز أهمية وضع ضوابط تكفل إنصاف الطرف المتضرر، ومع تعدد المحاكم وكثرة الحالات فإن كل قاضٍ يجتهد، وقد تختلف الأحكام ويختلف تحديد الضرر والتعويض من قاضٍ لآخر، ومن منطقة لأخرى حسب الاجتهاد وحسب العرف. وهناك تفاوت بين القضاة في الواقع العملي في المحاكم خصوصاً في المسائل غير الواضحة، مما يستدعي وجود ضوابط ملزمة يطبقها القضاة وتقنن هذه الجوانب وتسهم في اختصار الوقت وتجويد الأحكام نظراً لأهميتها للأسرة.
وأكد الأعضاء أن الشريعة الإسلامية تكفلت بإتمام العدل وضمان الحقوق لكافة أفراد المجتمع على اختلاف الصلات والتعاملات، وأولت أمر الأسرة اهتماماً بالغاً، فتعهدت بتوزيع الحقوق والواجبات في جميع أحوال الأسرة وأحكامها، حتى إنها ضمنت للمرأة حقوقاً لها بعد الطلاق، ولكن، حسب مسوغات التوصية، للحصول على هذه الحقوق تحتاج المرأة إلى المرور للمحاكم لإثباتها، وأدى عدم وجود ضوابط تفصل الحالات وتحدد الحقوق إلى ضياع الكثير منها، كما أن قوانين الأحوال الشخصية في العديد من الدول تعتبر أن الطرف الذي يعتبره القاضي مسؤولاً عن البطلان أو الفسخ أو الطلاق، مسؤولاً أيضا عن تعويض الطرف الآخر عن الأضرار الناجمة عن إنهاء الزواج، وهذا لا يطبق حالياً بصفة عامة في محاكم السعودية عدا في تقدم المرأة بطلب الخلع، الذي يستوجب إعادة المهر للزوج بصرف النظر عن سنوات الزواج.
وتنص العديد من الدول في قوانينها على حماية حق المرأة والرجل عند الطلاق، وتمنح بعض المرأة الحق في الاحتفاظ بالمسكن، في حين أن دولاً أخرى تقرر أن أي مكاسب مادية تم تحصيلها خلال الزواج يتقاسمها الزوجان مناصفة، ويستثنى من ذلك المال المكتسب قبل الزواج وما يحصل عليه أي طرف كميراث أو هبة.
ويرى الأعضاء أن هذه الممارسات العالمية لا تتعارض في مضمونها وهدفها المتمثل في إنصاف الطرف المتضرر وجبر ما أصابه من أضرار مع قواعد الشريعة الإسلامية، مؤكدين أهمية الاستفادة من هذه المعايير الموضوعية في تعويض الطرف الثاني من الأضرار التي قد تنجم عن إنهاء الزواج من الطرف الأول.
وجاء مشروع القانون بعد محاولات متعددة بإنقاذ صندوق النفقة، الذي تمت مناقشته في الشورى أكثر من مرة، منها مطالبة عضو المجلس سامية بخاري بتوجيه القطاعين العام والخاص بالاستقطاع الشهري الإلزامي من المحكوم عليهم بالنفقة، وإيجاد عقوبات تحد من الامتناع من أداء النفقة.
ويعد صندوق النفقة أحد المشروعات التي تقدمها وزارة العدل السعودية بهدف إشباع الحاجات الأساسية للأسرة التي امتنع فيها المنفق عن القيام بنفقتهم خلال فترة التقاضي وعدم الاستقرار الأسري، وبعد انتهاء التقاضي وعدم التزام المنفق بدفع النفقة الواجبة يقوم الصندوق بتحصيل كل ما دفعه من المنفذ ضده، حسبما ورد في تنظيم صندوق النفقة الصادر بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (679).