يخوض نحو ستة آلاف فلسطيني في وادي الحلوة في بلدة سلوان قرب المسجد الاقصى "حرب بقاء" في وجه "الأطماع الاستيطانية" الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين وتهويد الحي.
ويعتبر وادي الحلوة "نواة القدس القديمة". وتحوّل منذ ضم إسرائيل القدس في العام 1967 إلى "منجم تنقيب" عن آثار بهدف إيجاد رابط تاريخي بين اليهود والقدس، إذ يدعي اليهود وجود آثار تخصّهم، منها "النبع المقدس".
وتوغل فيه الاستيطان، وأصبحت مئات المنازل معرضة للهدم بحجة عدم الترخيص. ومنذ العام 1986 تقوم جمعية "العاد الاستيطانية" بالسيطرة على أملاك الفلسطينيين "بطرق ملتوية" بمساعدة السلطات الإسرائيلية. تقول الجمعية إنها تسعى إلى "توثيق الرابط اليهودي في القدس ونقل ملكية العقارات في بلدة سلوان إلى ملكيتها الخاصة".
ويتحول فصل الشتاء من كل عام إلى "موسم الانهيارات" في الحي، حيث يكشف هطول الأمطار عن تشققات وانهيارات أرضية وتصدعات جديدة، نتيجة الحفريات الإسرائيلية المتواصلة وما يرافقها من تفريغ أتربة من أسفل الحي بهدف استكمال أعمال حفر "شبكة الأنفاق" الموصلة إلى أسوار المسجد الأقصى وساحة البراق.
وكان آخر تلك الانهيارات الخميس 28 فبراير (شباط) في سور ملعب وموقف للمركبات في حي وادي الحلوة وفي أرض خاصة تابعة لكنيسة الروم الأرثوذكس الملاصقة لمسجد عين سلوان، بحسب مركز معلومات وادي الحلوة.
أضاف المركز أن المؤسسات الإسرائيلية تنفذ عمليات حفر بآليات ثقيلة ويدوية، في هذه المنطقة. وعلى مدار الساعة تُسمع أصوات صادرة عن الأعمال وتُخرج أكياس ضخمة من الأتربة الناتجة من الحفريات.
وقال المركز إن رقعة التشققات والتصدعات تزداد بشكل ملحوظ، محذراً من خطورة استمرار أعمال الحفر وتفريغ الأتربة. وعدّ أكثر من 70 منزلاً في الحي تضررت من الحفريات بشكل متفاوت، إضافة الى أضرار بالشوارع والأراضي.
وأوضح المركز أن أهالي حي وادي الحلوة توجهوا إلى محاكم الاحتلال لإيقاف أعمال الحفر، واتخاذ الإجراءات اللازمة لسلامة المواطنين وعقاراتهم.
حرب حفريات
"إسرائيل تسعى إلى تشريد أهل سلوان وخلق معالم يهودية جديدة فيها وطرد الفلسطينيين وإحلال مستوطنين مكانهم تحضيراً لإقامة الهيكل المزعوم"، يقول ناجح بكيرات نائب مدير الأوقاف في القدس لـ"اندبندنت عربية".
ويعتبر بكيرات أن "إسرائيل تشن حرب حفريات في القدس، مخالفة اتفاقية جنيف الرابعة"، مضيفاً أن "الحفريات كلها لم تقدم دليلاً على وجود الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى".
ويلاحظ بكيرات أن إسرائيل حفرت 64 حفرية منذ العام 1967، في ما تسميه "الحوض المقدس" الذي يشمل البلدة القديمة وبلدتي سلوان والطوار، مشيراً إلى أنها تقوم حالياً بعشر حفريات معظمها في سلوان وباب النبي داود وباب العمود.
ويشدد على أن الآثار المكتشفة يتم تهويدها ونسبة آثار الحضارات التي تعاقبت على القدس إلى الرواية اليهودية.
ويختم بكيرات قائلاً إن إسرائيل تشن "حرب تهجير على الفلسطينيين" لطردهم من بلدة سلوان، مشيراً إلى أن الحفريات تؤدي إلى مصادرة الأراضي وهدم المنازل وطرد أهلها.
توسيع مدينة داود
يعتبر جمال عمرو الخبير في شؤون القدس أن الحفريات تهدف إلى توسيع مدينة داود أسفل بلدة سلوان، في محاولة لإيجاد موطئ قدم لليهود وزعم وجود تاريخ لهم، مضيفاً أن إسرائيل تعمل بالطرق كلها لترسيخ رواية "يهودية مصطنعة" تبرر الاحتلال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول عمرو إن إسرائيل تجري حفريات واسعة تمتد من الجدار الغربي للمسجد الاقصى حتى وادي الحلوة وصولاً إلى مسجد العين وإلى جوار القصور الأموية والعباسية.
وفيما يستهجن الخبير في شؤون القدس "زعم اليهود أن القصور الأموية والعباسية مطاهر للهيكل المزعوم، وأن قدس الأقداس موجود مكان قبة الصخرة"، يكشف عن أن "إسرائيل أقامت 102 كنيسين فوق عقارات إسلامية حول المسجد الأقصى منذ احتلالها القدس". ويذكّر بتدميرها حي المغاربة بعد أيّام من حرب حزيران في العام 1967.
ويشدد عمرو على أن الانهيارات لن تتوقف بسبب استمرار الحفريات الهادفة إلى إقامة مدينة تحت الأرض تروج للرواية اليهودية للقدس، تمتد من وادي الحلوة مروراً بالقصور الأموية والعباسية وصولا إلى بابَي الخليل والعمود.