واصلت أسعار النفط مكاسبها للجلسة الثالثة خلال تعاملات اليوم الأربعاء، لترتفع جنباً إلى جنب مع صعود أوسع نطاقاً للأسواق المالية، إذ من المتوقع أن تقر الولايات المتحدة حزمة مساعدة ضخمة للتخفيف من التأثير الاقتصادي لوباء فيروس كورونا.
وصعد الخام الأميركي إلى المستوى المرتفع البالغ 25.24 دولار للبرميل في وقت مبكر من الجلسة وبلغ 24.86 دولار للبرميل، بارتفاع 85 سنتاً أو ما يعادل 3.5 في المئة، كما صعد خام برنت 65 سنتاً أو ما يعادل 2.4 في المئة إلى 27.80 دولار للبرميل بعد أن زاد في وقت سابق إلى 28.29 دولار.
وتوصل مشرعون أميركيون ومسؤولون في إدارة الرئيس دونالد ترمب، إلى اتفاق بشأن مشروع قانون للتحفيز بقيمة تريليوني دولار من المتوقع أن يتم إقراره من الكونغرس في وقت لاحق من اليوم الأربعاء، لكن الطلب على المنتجات النفطية، وخصوصاً وقود الطائرات، ينخفض في أنحاء العالم إذ تعلن المزيد من الحكومات عن عمليات عزل على مستوى الدولة لكبح انتشار فيروس كورونا، مما يحد من مكاسب أسعار النفط.
النفط يسجل 20 دولاراً في الربع الثاني
وفي تقرير حديث، عدّل "آي.إن.جي" توقعه لسعر خام برنت للخفض خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 20 دولاراً للبرميل من 33 دولاراً بسبب صدمة الطلب الناجمة عن تفشي كورونا، والارتفاع المتوقع في الإمدادات من السعودية وروسيا خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل.
وتوقع محللو البنك في مذكرة حديثة، أن يواصل الطلب التدهور إذ تفرض المزيد من الدول عمليات إغلاق وقيوداً أكثر صرامة على السفر".
ونزلت أسعار النفط بنسبة 45 في المئة منذ بداية الشهر الحالي، بعد أن أخفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون آخرون من بينهم روسيا، المجموعة المعروفة باسم (أوبك+)، في تمديد اتفاق لخفض الإنتاج ودعم الأسعار بعد نهاية مارس (آذار) الحالي.
وفي الولايات المتحدة، أظهرت بيانات من معهد البترول الأميركي، أن مخزونات النفط نزلت 1.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 20 مارس الحالي إلى 451.4 مليون برميل مقارنة مع توقعات المحللين بارتفاعها 2.8 مليون برميل، فيما قال معهد البترول إن مخزونات البنزين ونواتج التقطير تراجعت أيضاً الأسبوع الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت أسعار النفط ارتفعت بنحو 3 في المئة عند تسوية تعاملات أمس الثلاثاء، وجاءت المكاسب وسط آمال بأن تتوصل الولايات المتحدة إلى اتفاق بشأن حزمة تحفيز بقيمة تريليوني دولار للتخفيف من الأثر الاقتصادي الناجم من انتشار وباء كورونا، حيث فشل مشرعو الكونغرس الأميركي في تمرير المقترح.
وعند تسوية تعاملات أمس، ارتفع سعر العقود الآجلة لخام "نايمكس" الأميركي تسليم شهر مايو (آيار) المقبل بنحو 2.8 في المئة ليصل إلى مستوى 24.01 دولار للبرميل بعد أن سجل مستوى 25.16 دولار للبرميل خلال التعاملات.
وصعد سعر العقود الآجلة لخام "برنت" القياسي تسليم شهر مايو المقبل بنحو 0.9 في المئة إلى 27.27 دولار للبرميل، بعد أن سجل مستوى 28.65 دولار للبرميل في وقت سابق من التداولات.
تراجع الاستهلاك وانخفاض حاد في الطلب العالمي
في سياق متصل، أشار تحليل لموقع "ياهو فايننس"، إلى أن الأسوأ لم يأت بعد لأسعار النفط التي قد تنخفض إلى مستوى "صفر"، حيث تسبب وباء "كوفيد-19" في توقف الاقتصاد الأميركي والعالمي مع دعوات البقاء في المنزل، والتباعد الاجتماعي بين الناس وإلغاء السفر غير الضروري، وبالتبعبة أدى التباطؤ الحاد في النشاط الاقتصادي إلى تقليص الحاجة إلى النفط وتراجع حجم الاستهلاك العالمي ومن ثم انهيار الطلب بنسبٍ كبيرة.
وفضلاً عن ذلك، قامت السعودية أخيراً بخفض أسعار النفط وزيادة الإنتاج بعد أن رفضت روسيا الانضمام إلى أوبك في تعميق خفض الإمدادات. وأشار التحليل إلى أن النفط هو سوق تشهد طلباً يبلغ نحو 100 مليون برميل يومياً، لكن من الممكن أن التداعيات الاقتصادية جراء الوباء تقوض الطلب، وتخلق فائضاً بقيمة 20 مليون برميل يومياً.
وأوضح أن الحقيقة الواقعية للسوق هي أنه يتم استخراج النفط ثم استهلاكه أو تخزينه، وعندما ترتفع تكلفة التخزين بما يكفي أو تنفد المساحة المتوافرة لتخزينه، قد تدفع الشركات للعملاء مقابل الحصول على الخام.
توقعات بتضخم المخزون النفطي
وفي الوقت الحالي، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وزارة الطاقة بالاستفادة من الأسعار المنخفضة من خلال دخول السوق وشراء النفط لتعزيز الاحتياطي الاستراتيجي، ولكن الاحتياطي يمكن أن يتم تعزيزه بمليوني برميل يومياً، مما يعني أن لديه أربعة أشهر حتى تنتهي طاقته الاستيعابية.
وبحلول ذلك الوقت، فإن النفط عالي التكلفة من تكوين الصخر الزيتي في حقل "باكن" في الولايات المتحدة أو "البيتومين" من رمال النفط الكندية، قد يصبح سالب السعر لأنه يتجاوز الاحتياجات ويتطلب التخزين، حيث إن الأسعار دون الصفر هي ببساطة تكلفة تخزين أعلى من السوق.
وأشار "بنك أوف أميركا" في مذكرة بحثية حديثة، إلى أن زيادة المعروض من أوبك وروسيا إلى جانب الطلب المتدهور تؤدي إلى مخاوف بشأن فائض يمكن أن يطغى على قدرة التخزين العالمي، وحذر البنك الاستثماري الأميركي من أن تدمير الطلب الناتج عن كورونا وحرب الأسعار بين السعودية وروسيا يمكن أن يتسبب في تضخم المخزون بمقدار 900 مليون برميل في الربع الثاني وحده، ويقدر أن العالم لديه حالياً نحو 1.5 مليار برميل من التخزين المتاح.
وأضاف التحليل "في سيناريو حاد، إذا كانت السوق تكافح من أجل إيجاد مكان لفائض البراميل النفطية، فقد تضطر أسعار النفط إلى التداول عند مستوى أدنى 20 دولاراً للبرميل".