نجحت الفنانة إنجي المقدم في الانتقال من كرسي المذيع للتمثيل، وميّزت نفسها باختيارات صعبة ومهمة وضعتها في منطقة ذات ثقل فني كبير. واستطاعت أن تثبت أنها ممثلة من طراز فريد تستطيع الخروج والدخول بين شخصيات متناقضة ومختلفة، مثل "ولد الغلابة" و"ليالي أوجيني" و"ذهاب وعودة" و"حكايات بنات" و"حواديت الشانزليزيه" و"ظرف أسود". وفي حوارها مع "اندبندنت عربية" تحدثت عن أهم أعمالها والمحطات الفنية المميزة في مسيرتها، وأزمة فيروس كورونا وأثرها في الدراما والسينما.
التمثيل أولاً وأخيراً
في البداية وعن انتقالها من كرسيّ المذيع لمهنة التمثيل، قالت "أنا في الأساس أحبّ الفن، ومنذ الطفولة لم يكن لي حلم إلا أن أكون ممثلة مشهورة بل وعالمية. ولم يكن الأمر مجرد أمنية، بل حققتها بالدراسة، حيث درست المسرح، وانتظرت فرصة التمثيل المناسبة لكن جاءتني فرصة للعمل كمذيعة وقبلت، وأعتبر أن وجودي على كرسي الإذاعة كان لأسباب معينة دفعتني لخوض التجربة في وقت معين، وأنا أحترم هذه الفترة لأنها أفادتني جدا على كل المستويات، لكن هي فترة من حياتي ومرّت لأنتقل لمرحلة الممثلة التي هي في الأساس حلمي الأول، فلم تكن هذه النقلة مجرد صدفة أو رغبة في مهنة جديدة، بل هي الهدف من البداية".
البحث عن الإشباع
وعن مدى تأثير هذه الفترة على اختياراتها، ومحاذيرها الخاصة في الاختيار، قالت "فترة العمل كمذيعة أثّرت على شخصيتي عموماً وعلى نطقي للحروف وفكرة الخيال، وحققت لي حالة من النضج، لكن بالنسبة إلى التمثيل، ليست هذه المرحلة فيصلاً في أي اختيار أو صاحبة تأثير، فأنا عموماً لا أشعر أن هناك معايير ثابتة لاختياراتي الفنية، فكل مرحلة نمرّ بها في عالم التمثيل لها معاييرها المختلفة والخاصة بها من حيث النضج والتجربة، وما يعنيني حقاً أن يكون كل دور مختلفاً تماماً عن الذي يسبقه، ولكن في كل المراحل أختار أدواري بغرض تحقيق أقصى قدر من الإشباع الفني والاستمتاع ووجود فكرة من لحم ودم".
شروط ضرورية للأعمال الفنية
وأضافت إنجي أن "التمثيل مهنة معقدة وخروج العمل الفني إلى النور بطريقة صحيحة مهمة كبيرة وتشمل مئات البشر، لذلك قد يكون التحكم في الصورة النهائية ليس مسؤولية الممثل إطلاقاً"، لهذا شدّدت على أن هناك عناصر يجب أن تتوّفر أمامها قبل الموافقة على أي دور، وأهمها الإنتاج الفني السخي الذي يضمن أن يخرج العمل بشكل جيد.
وتوضح "السيناريو أو النصّ والموضوع هو معياري الأساسي والفيصل الحقيقي في الموافقة أو الرفض على العمل. يهمني أيضاً أن يكون المخرج قادراً على تقديمي بشكل جيد، وأن يكون ضمن العمل نجوم قادرون على تقديم أفضل ما لديهم، وبذلك يكون هناك خطوط عريضة وعلامات أمان بالنسبة إلي في العمل".
توليفة "عايدة" المتناقضة
وعن دورها في مسلسل "لعبة النسيان"، الذي يجرى تحضيره لماراثون رمضان، وهل ستؤثر أزمة كورونا في العمل والعرض الرمضاني قالت إنجي، "أجسد في (لعبة النسيان) دور طبيبة نفسية، وسعيدة جداً بالمشاركة مع دينا الشربيني وباقي الأبطال"، مضيفة "أن انتشار الفيروس في العالم بهذا الكم الهائل وغير المتوقع أكيد حالة تستحق الفزع، خصوصاً أننا نحارب شيئاً غامضاً ووباء لا نراه ولا يرحم، لكن بالحذر والإجراءات الوقائية سيجتاز العالم هذه المحنة القاسية، ولا يجب الاستهانة والمجازفة لأن الخسائر قد تكون أكثر فداحة مما نعتقد".
وتابعت، "حتى الآن يجرى تصوير الكثير من الأعمال، وإن كان البعض فضّل الاحتياط بتوقيف التصوير، لكن الأمور تسير بشكل طبيعي لحين إشعار آخر، أنا متفائلة جداً، لكن التزام التعليمات الطبية والإجراءات الاحترازية ضروري".
شاركت إنجي أخيراً بدور "عايدة" في مسلسل "حواديت الشانزليزيه" والذي تسبب في جدل كبير بسبب جرأته، وعن هذه التجربة تقول "من أول لحظة وأنا أقرأ المسلسل أحببته جداً وتخيّلت شكله بعد التنفيذ، وسعدت بدور (عايدة)، الذي لم أجسّد مثله من قبل شكلاً ولا مضموناً، ورغم جرأة الدور لم أفكّر لحظة أو أتردد في القبول، لأسباب كثيرة أهمها أن فريق العمل كان رائعاً كما أن الفكرة العامة للمسلسل جذابة، بخاصة أنه يتناول فترة الخمسينيات بتفاصيلها وأزيائها، وكان يدور من عام 1949 إلى 1952، والأجمل أن العمل لا يقتصر على أبطال بعينهم ولا خطّ دراميّ ثابت، بل يضمّ أكثر من حكاية ويدور حول قصص منفصلة تسير بالتوازي بجانب بعضها البعض".
وتتابع "وبالنسبة إلى دور (عايدة) تحديداً وجدت أن هذه الفتاة الجميلة التي تعاني في حياتها وتعرّضت لنقلات انفعالية تمتلك توليفة خاصة وحياتها مليئة بالتناقضات والدراما والحب والانتقام والخير والشر، لذلك لم تخيفني، وبالعكس صمّمت أن أقدّم الدور لأنها نموذج بشري حقيقي جدا".
وكشفت إنجي أن الفنان إياد نصار بطل المسلسل كان من الأسباب التي حمّستها للموافقة على الانضمام لـ"حواديت الشانزليزيه"، وقالت "إياد نصار يأتي على رأس قائمة أسباب موافقتي على العمل، فأنا أحبّ تمثيله وأعشق موهبته وكنت من فترة أتمنى العمل معه، وأعتقد أنه قدّم شخصية (رياض) بطريقة من الصعب أن تتكرر أو يقدّمها ممثل آخر، فهو ممثل عظيم".
"صوفيا" حالة أخرى مختلفة
"ليالي أوجيني" من الأعمال المهمة التي صنّفت إنجي المقدم في خانة الممثلات صاحبات الموهبة، وتقول عن هذه التجربة "لم أكن أتخيّل أن أُرشّح أصلاً لهذا الدور، وهو (صوفيا) الإيطالية المصرية الأم المليئة بالحب والحنان والشهامة والمحرومة من الحقوق الطبيعية للمرأة، سواء في الحب أو الأمومة لظروف كثيرة، وهذا المسلسل أعتبره حالة خاصة، وأعتقد أنه نجح لدرجة أذهلتنا جميعاً، ونجحت كل الشخصيات المشاركة بالعمل في تحقيق أقصى نجاح ممكن. وربما أحبّ الناس شخصية (صوفيا) لأنها مزيج من الحب والألم. وبالنسبة إليّ كممثلة أعتبرها فعلاً من أهم أدواري، لأنها كانت تحتوي على مساحة تمثيل عظيمة وتحولات درامية أخرجت طاقات من داخلي. وطبعا السيناريو والحوار كان رائعاً والإنتاج كان مميزاً والفضل الأول يعود للإخراج ولمسات المخرج المبدع هاني خليفة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الصعيدية تتحدّى الإيطالية
ومن أدوارها المهمة شخصية الصعيدية في مسلسل "ولد الغلابة" مع أحمد السقا والمخرج محمد سامي، تقول عن ذلك "عندما عُرض عليّ دور (صفية) في (ولد الغلابة) مع النجم الكبير أحمد السقا، كنت قد قدمت قبله دور (صوفيا) في (ليالي أوجينيي)، وكان الدور ناجحاً بشكل هستيري وغير متوقع، ولكن لامرأة إيطالية كما ذكرت، لذلك كان هدفي في العمل الذي يليه أن أخرج تماماً من شخصية الإيطالية الرومانسية وأغيّر جلدي بالمرة شكلاً ومضموناً، وعندما عُرض عليّ دور الصعيدية كنتُ سعيدة جدا لرغبتي في الاختلاف، إلا أنني كنت قلقة ومرعوبة منها، وكنت خائفة من الاختلاف التام والحدة واللكنة، بالإضافة إلى أن (صفية) هي أخت أحمد السقا، أو (عيسى) في المسلسل، وتتحوّل إلى عدوّته اللدودة، وهذا في حدّ ذاته رعب كبير، وكان همي الأول هو كيف سيقبلني الناس وأنا صعيدية بعد الإيطالية، وساعدني المخرج محمد سامي بشكل لا يمكن أن أنساه، وجسّدت الشخصية بتناقضها وتحولاتها بين الخير والشر، وهي شخصية مرتبكة ومربكة، لذلك أحدثت جدلاً كبيراً في الشارع المصري والعربي، وأحبّها الناس ثم كرهوها ثم برروا تصرفاتها ثم عاقبوها، وهكذا استمر الجدل حولها رغم أنها كانت شخصية بها الخير والشر، وكنت أسمع وأقرأ تعليقات الناس مع وضد (صفية)، لدرجة أن هناك من فرح في موتها لأنها كانت ضد أحمد السقا، وتوقعت أن يكرهني جمهوره، لكن ليس للدرجة التي يتمنوا موتي بالعمل أو موت (صفية) بشكل أكثر دقة، وهذا لم يضايقني، بالعكس أسعدني تفاعل الناس مع الشخصية لأن هذا دليل على نجاح الشخصية".
تجربة سينمائية مختلفة
وأخيراً تحدثت عن أحدث أعمالها، وهو فيلم "رأس السنة" مع إياد نصار وشيرين رضا، وقالت "من الأفلام المهمة والمميزة جدا رغم أن موضوعه ليس متداولاً، فهو تجربة مختلفة شكلاً ومضموناً وتمثيلاً وإخراجاً، وأعتبر نفسي محظوظة لأني شاركت فيه، وتدور أحداث الفيلم خلال يوم واحد وهو ليلة رأس السنة، ويتعرض خلاله الأبطال للعديد من المواقف والأزمات التي تحوّل مجرى الأحداث تماماً، وأجسّد بالفيلم دورا ينتمي لنوعية الأدوار ذات المساحة التمثيلية العالية، حيث أجسّد خلاله شخصية (ريم) التي تتميز بالثراء الفاحش وتتصرف بلا مسؤولية. وسعدت جداً بالنجاح الجماهيري والنقدي الذي حققه".