شفي مريض كليّاً من الإصابة بفيروس "آتش آي في" HIV المسبّب لمرض الإيدز. ويمثّل شفاؤه علامة بارزة "قد تفتح الباب" أمام علاجات جديدة لذلك الفيروس، وفق ما قاله أحد العلماء.
ولم يُكشَفْ عن اسم ذلك المريض الذي صار الشخص الثاني في التاريخ الذي يشفى من فيروس "آتش آي في"، بعد زرع خلايا جذعيّة في جسمه، وفق ما أعلنه بحّاثة الثلاثاء.
وأُعطِيَ خلايا من متبرع لديه طفرة جينيّة نادرة تُسمّى "سي سي آر 5- دلتا 32" وهي تمنح مناعة طبيعيّة ضد فيروس "آتش آي في".
وكان الرجل الذي يُشار إليه بإسم "مريض لندن" قد توقّفَ عن تناول أدوية مضادة لـ"آتش آي في" منذ 18 شهراً، وعلى رغم ذلك لم يعاود الفيروس الظهور في جسمه.
وصَرّح البروفسور رافيندرغوبتا، من "جامعة لندن كولدج"، أنّ الفريق الذي اشتغل على هذا المريض بدا "متحمّساً جداً" بشأن شفائه. وأضاف: "بصورة عامة، هناك حال من عدم التوهّم بصدد قدرتنا على التوصّل إلى علاجات لأعداد كبيرة من الناس". وأخبر "راديو-4 بي بي سي" أن حال المريض "تفتح الباب فعليّاً لمعرفة مدى قدرتنا على استعمال العلاج الجيني لتعديل التركيب الوراثي "سي سي آر5"، وهو الذي يساعد في "استقبال" فيروس الإيدز عند دخوله الجسم. وأوضح أيضاً أنّ عملية زرع الخلايا الجذعيّة يصعب استعمالها لشفاء أعداد كبيرة من الناس. وأورد أنّ "من الواضح أنها مقاربة يصعب تكرارها في الجمهور العريض للمرضى المصابين بفيروس "آتش آي في"، نظراً لارتفاع معدل الوفيّات المرتبطة بعملية نقل الخلايا الجذعيّة".
وعلى الرغم من ذلك، يبقى العلماء متفائلين بشأن صنع علاج قابل للاستخدام العملي الواسع في المستقبل.
"إذا توصلت إلى تخليص الجسم من الفيروس، يصبح ممكناً تجنّب إعطاء ملايين المرضى أدوية مضادة للـ"آتش آي في". لذا، أعتقد أنّه يتوجّب إنجاز العمل العلمي أولاً، وتأتي الأبعاد الاقتصاديّة بعد ذلك"، وفق إجابة غوبتا عن سؤال بشأن إمكان وصول المرضى إلى ذلك العلاج، من الناحية المالية.
وكان تيموثي راي براون أول رجل يُشفى من فيروس "آتش آي في"، وقد عولِج في ألمانيا بطريقة مشابهة لـ"مريض لندن".
ووصف الدكتور جيرو هوتر الذي عالج براون، حال الشفاء الجديدة بـ"الأخبار الطيبة... إنها قطعة اخرى في "بازل" الشفاء من ذلك الفيروس".
وامتدح علماء عملية شفاء "مريض لندن"، فيما حذّر كثيرون بينهم بضرورة توخي الحذر بشأنها، مشيرين إلى عدم إمكان أن تكون عملية زرع الخلايا الجذعيّة قابلة للاستعمال في معظم حالات الإصابة بـ"آتش آي في".
وصرّحت سارة فيدلر، الأستاذة في "كليّة لندن الإمبراطوريّة"، أن "بدلاً من نشر التوهّم بأن عملية زرع الخلايا الجذعية هي أسلوب للشفاء من فيروس الإيدز، يجب تذكّر أنها مسار نادر للشفاء، لكنه ليس عمليّاً. لم يكن العلاج الذي تلقاه "مريض لندن" آمناً، ولا حتى قابلاً للتعميم. وبالتأكيد، لا يمثّل ذلك العلاج خياراً يمكن التوصية به للناس المصابين بفيروس "آتش آي في" وتظهر لديهم استجابة جيّدة للعلاج بالأدوية المضادة لذلك الفيروس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"إذا توصّلنا إلى فهم سبب استفادة مرضى لعلاج ما وعدم استجابة آخرين له، نكون قد سرنا خطوة إلى الأمام في طريق الوصول إلى علاج للشفاء من فيروس الإيدز"، وفق كلمات المتخصص غراهام كوك، من "كليّة لندن الإمبراطوريّة".
وتعتبر عملية نقل الخلايا الجذعيّة أسلوباً قاسياً، ويقتضي أن يكون مسبوقاً بعلاج كيمياوي أو إشعاعي، بهدف تدمير جهاز المناعة الموجود (باعتبار أنه متأثر بالفيروس ولا يستطيع مقاومته)، ثم إعطاء المريض خلايا جذعيّة كي تعمل بالنتيجة على صنع جهاز مناعة جديد يقدر على التخلص من فيروس "آتش آي في".
من الممكن حدوث مضاعفات، ما يذكّر بأن معالجة الفيروس "آتش آي في" بنقل الخلايا الجذعيّة جُرِّب في مجموعة من المرضى، لكنه أُخفِق في شفائهم.
"من الواضح أن عملية نقل خلايا جذعيّة ليست أسلوباً عمليّاً لعلاج المرضى المُصابين بفيروس "آتش آي في" على نطاق واسع، إلا أنها تساعد في التوصّل إلى تطوير علاجٍ شافٍ من ذلك الفيروس. الأرجح أن التوصّل إلى علاجٍ شافٍ يستلزم سنيناً، ولحين الوصول إلى تلك النقطة، يجب إبقاء التركيز على التشخيص المبكر للإصابة بفيروس "آتش آي في" والبدء في العلاج الطويل الأمد بالأدوية المضادة له"، وفق كلمات آندرو فريدمان، الأستاذ في "جامعة كارديف" بمقاطعة ويلز.
© The Independent