بعد انفراجة شهدتها الأزمة النفطية الناجمة عن حرب الأسعار بين عملاقي النفط، السعودية وروسيا، عقب اتفاقٍ مشروط لـ"أوبك +"، أنهى وزراء الطاقة لدول مجموعة العشرين اجتماعاً مغلقاً عبر دائرة تلفزيونية لمناقشة تحقيق استقرار أسعار النفط.
وتعهد وزراء الطاقة في مجموعة العشرين العمل معاً لضمان استقرار سوق النفط، وذلك في بيان صدر اليوم السبت بعد قمة افتراضية استضافتها السعودية. وقال الوزراء في البيان المشترك "نلتزم اتخاذ كل الإجراءات الضرورية والفورية لضمان استقرار سوق الطاقة".
وتضمّن البيان الختامي التزاماتٍ بالتعاون المستقبليّ في مكافحة فيروس كورونا المستجدّ.
وقال الوزراء في البيان المشترك "نلتزم بضمان أن يَستمرّ قطاع الطاقة في تقديم مساهمةٍ كاملة وفعّالة للتغلّب على كوفيد-10 وتعزيز الانتعاش العالميّ اللاحق". وأضافوا "نحن ملتزمون العمل معاً بروح من التضامن، بشأن إجراءات فوريّة وملموسة لمعالجة هذه المسائل خلال حالة الطوارئ الدوليّة غير المسبوقة".
وتابع الوزراء "نحن ملتزمون اتّخاذ كلّ الإجراءات الضرورية والفورية لضمان استقرار سوق الطاقة".
وأشار البيان إلى إنشاء مجموعة تنسيق على المدى القصير مفتوحة لكل أطراف "العشرين" على أساس اختياري لمراقبة إجراءات الاستجابة في ما يتعلق بالنفط.
وبحسب البيان الصادر عن الاجتماع، سيواصل الزعماء التعاون عن كثب مراجعة كل من الاستجابة لوباء كورونا والأجندة الأوسع لمجموعة العشرين للتحول إلى أنظمة طاقة أنظف ومستدامة خلال اجتماع مقرر في سبتمبر (أيلول) مع الاستعداد للاجتماع في وقت أقرب إذا دعت الحاجة لذلك.
اتفاق أوبك +
وفي وقت سابق، ذكرت وكالة "رويترز" أن مجموعة "أوبك +" رفضت خطة مكسيكية لإجراء تخفيضات أقل من المستهدف بموجب خطط لخفض المعروض العالمي من النفط، وأن هذا الخلاف كان السبب وراء تأخير وزراء طاقة مجموعة العشرين إصدار بيان بعد انتهاء المحادثات.
واستحوذ الاتفاق على مباحثات القمة، إذ استعرض وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في كلمته الافتتاحية ما توصلت إليه الدول المنتجة في اجتماع "أوبك +"، آملاً في أن ترى المكسيك منافع هذا الاتفاق ليس لها فحسب بل للعالم أجمع.
وقال "في اجتماع الأمس أكدت الدول المشاركة في إعلان التعاون مجدداً التزامها المستمر بتحقيق الاستقرار في أسواق البترول والحفاظ عليه"، مضيفاً "تم التصديق على الاتفاق من جانب جميع الأعضاء باستثناء المكسيك، وبناءً عليه فتنفيذ الاتفاق مرهون بموافقتها"، وأضاف "أتمنى أن تكون حكومة المكسيك على مستوى التحدي، وأن تدرك مدى خطورة الأزمة وضرورة التحرك الفوري الآن".
وكانت المكسيك قد عارضت أن تشارك في الخفض بالحصة المخصصة لها (350 ألف برميل)، قبل أن يعلن الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور توصله إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تقتضي بأن تشارك أميركا في الخفض بنسبة 250 ألف برميل، مقابل أن تخفض المكسيك 100 ألف برميل، وهو ما لا يتوافق مع الحصة المطلوبة، الأمر الذي رفضته دول "أوبك +".
إعادة التوازن للسوق
ويعلق المحلل الاقتصادي خالد الدوسري لـ"اندبندنت عربية" حول المشاركة الأميركية قائلاً: "المشاركة الأميركية في الخفض لم تكن مفاجئة فقد سبق ولمح وزير الطاقة الأميركي دان برويليت بمشاركة أميركية بخفض معتبر، إلا أن الأهم الآن أن تلتزم الدول بعد تحديد جداول بإجراء تعديلات على الإنتاج وخفضه، بالأخص المكسيك بهدف إعادة التوازن إلى السوق، وفق المستهدف المقدر بـ10 ملايين برميل مبدئياً لشهرين"، على أن تتبعها تعديلات حتى 2022.
أما المهندس النفطي عائض آل سويدان فيرى أن حاجة واشنطن للمشاركة في الخفض ملحة "الإنتاج الأميركي من النفط انخفض من 13 مليون برميل إلى 12.4 مليون برميل".
ويضيف آل سويدان "سبق أن أعلن وزير الطاقة الأميركي خفضاً تلقائياً بـ2 مليون برميل عن طريق الاستهلاك من المخزون الاستراتيجي الوطني"، وهو ما يجعل العالم أكثر جدية في الخفض جراء الأزمة الاقتصادية الراهنة.
ضرورة الاتفاق
ونوّه وزير الطاقة السعودي في افتتاح الاجتماع بضرورة إتمام الاتفاق، قائلاً "إن حالة عدم اليقين السائدة في أسواق الطاقة اليوم امتدت لتشمل قطاعات كثيرة أخرى، بما في ذلك التصنيع والنقل، كما أنها تسببت في تباطؤ وتيرة الاستثمار في إمدادات الطاقة المستقبلية من كل من المواد الهيدروكربونية ومصادر الطاقة المتجددة"، مؤكداً أن الوضع الحالي بات يؤثر في عملية تطوير البنى التحتية للطاقة، ما ينعكس بالضرورة على عملية توليد الوظائف.
وشدد على أنه "في وقت الأزمة هذه تعد إمدادات الطاقة الموثوقة والميسورة التكلفة والتي يسهل الوصول إليها ضرورة لتمكين الخدمات الأساسية، بما فيها خدمات الرعاية الصحية، لضمان القدرة على دفع جهود التعافي الاقتصادي على كلٍّ من النطاقين الوطني والعالمي". ولفت إلى أن الوضع الحالي يُظهر أن المنتجين والمستهلكين "في منطقة مجهولة ما يفرض وفقاً لمسؤوليتنا إيجاد طريق للمضي قدماً".
وهو ما يدعمه الدوسري في تعليقه حول ضرورة الاتفاق "العالم بحاجة إلى التعامل بمسؤولية في الفترة الحالية، فكل خطط رفع الإنتاج أو زيادة الحصص السوقية يجب أن تتغير مع تغير المعطيات، فالمستهدفات من وراء ذلك بعد انهيار أوبك + لم تعد قابلة للتحقق مع تغير الوضع الاقتصادي العالمي بسبب إجراءات الإغلاق التي تقود الاقتصاد إلى كارثة لا تتحمل أسعاراً غير مستقرة"، وهو المتغير الذي لم يوضع في حسبان الخطط القديمة الرامية إلى رفع الإنتاج من الدول المعارضة للالتزام، بحسب الدوسري.