يستخدم ممارسو الاحتيال محنة وباء فيروس "كورونا" بشكلٍ متزايد للاستفادة منها وجني فوائد مادّية، في وقتٍ لا توجد فيه للأسف إجراءاتٌ وقائية معتمدة بما يكفي لحماية الناس من الخداع إلا من خلال اعتمادهم على يقظتهم.
وفيما تبقى معظم أعمال الاحتيال بسيطةً نسبياً، إلا أنها تمّ تكييفها بعض الشيء لربطها بفيروس "كوفيد - 19" على أمل اللعب على ضعف الأشخاص في أوقات الأزمة.
فقد لاحظ "معهد تحديد المعايير التجارية المعتمدة" Chartered Trading Standards Institute، أن أشخاصاً يلجأون إلى بيع أقنعةٍ واقية مزيّفة على أبواب المنازل وعبر شبكة الإنترنت. وحذّرت المؤسّسة التي تُعنى بمعايير التجارة من مبيعات معروضة في السوق لاختبارات فيروس "كورونا" غير الناجحة، وهو الأمر الذي وقعت فيه حتى حكومة المملكة المتّحدة، وكانت إحدى أبرز ضحاياه، بحيث أنفقت قرابة ستة عشر مليون جنيه استرليني (20.5 مليون دولار أميركي) على وحدات اختبار الأجسام المضادّة غير الفعّالة التي كانت الصين مصدرها.
وقام في المقابل محتالون آخرون بإرسال رسائل بريد إلكتروني يتظاهرون فيها بأنهم تابعون لخدمات البث عبر الإنترنت مثل "نتفليكس"، أو رسائل نصّية تدّعي أن لها صفة حكومية، تطالب المتلقّين بدفع غراماتٍ بسبب خرقهم لشروط الإغلاق التي فرضها وباء "كورونا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير مكتب Action Fraud التابع للشرطة البريطانية والذي يعمل على جمع معلومات تتعلق بالاحتيال والجرائم السيبرانية ذات الدوافع المالية، إلى أن أكثر أعمال الخداع شيوعاً هي تلك التي تحصل عبر الإنترنت، وتعمل على توجيه أشخاص نحو النقر على أحد الروابط، وغالباً ما يتظاهر مرسلوها بأنهم من مصدرٍ رسمي كالشرطة أو أحد البنوك.
وعندما يختار المستخدم الدخول إلى الرابط، يقوم ممارسو الاحتيال إما بتصيّد بياناته الشخصية أو بتنزيل برامج إلكترونية ضارّة من شأنها أن تهدّد أمان الهاتف أو الكومبيوتر أو الجهاز اللوحي.
ويُنصح الأشخاص بالنظر بعناية فائقة في عنوان URL (محدّد الموارد الموحّد) للرابط، لمعرفة ما إذا كان فعلاً من المصدر الرسمي الذي يطالب به، وبعدم النقر على أي شيء قبل التأكّد منه.
ويؤكّد مكتب "آكشن فرود" أن مبالغ تفوق مليوني جنيه استرليني (2.56 مليون دولار) قد ضاعت بسبب أعمال احتيال مرتبطة بفيروس "كوفيد - 19". ومن المرجّح أن يكون الرقم الحقيقي أعلى بكثير لأنه لا يتمّ عادةً الإبلاغ عن جميع الحوادث والتحقيق فيها.
وينبغي ألا يكون مفاجئاً أن يلجأ ممارسو الخداع إلى استخدام فترة الطوارئ الدولية التي فرضها الوباء العالمي، من أجل تحقيق مكاسب شخصية.
وقد شهدت الأزمة المالية العالمية التي وقعت في العام 2008، ارتفاعاً في أعمال الاحتيال، وكانت السنوات التي تلتها أرضاً خصبة للمحتالين لصقل حرفتهم.
وفي المقابل، مهّدت أسعار الفائدة المنخفضة قياسيّاً الطريق لأن تكون أعمال احتيال في الاستثمار جذّابة بشكل خاص، في وقت يطارد المستثمرون الفرص للحصول على عوائد عالية. ولم تساعد قوانين المملكة المتّحدة السيئة والمليئة بالثغرات، إضافة إلى الضعف في إنفاذ القوانين، في منع المحتالين بالعمل بشكل متكرّر لاصطياد الناس، والنجاح في الإفلات من العقاب في معظم الأحيان.
وقد تمّ تخفيض موازنات معايير التداول بأكثر من النصف. أما الشرطة فكانت تعاني من نقص في التمويل ولم تكن لديها الموارد اللازمة لملاحقة أعمال الخداع واعتراضها، باستثناء أكبر القضايا أو تلك الصارخة التي تسهل مقاضاتها.
يُضاف إلى ذلك أن البنوك كانت بطيئةً بشكل مخجل في المبادرة والتصرّف، لكنها في النهاية كانت تتّخذ بعض الإجراءات لإعادة حقوق الضحايا الذين تعرّضوا للخداع وقاموا بتحويل أموالٍ إلى المجرمين.
كلّ ما تقدّم يعني أن المسؤولية تقع عملياً على عاتق الأفراد في أن يبقوا يقظين، وأن يعملوا على التحقّق من هوّية أيّ متّصل، والتدقيق في مصدر أي بريدٍ إلكتروني أو رسالة نصّية، وتوعية الأصدقاء أو الأقارب أو الجيران الذين قد يكونون عرضةً لخطر الاستغلال.
© The Independent