تشير البيانات والأرقام الرسمية التي جمعتها "اندبندنت عربية"، إلى أن أزمة كبيرة تطارد دول الأسواق الناشئة، حيث تسببت مخاطر فيروس كورونا المستجد في أن تهوي احتياطيات النقد الأجنبي خلال الشهر الماضي إلى نحو 9 دول، بنسب تراوحت ما بين 1.48 و27.13 في المئة.
وفي إطار مواجهة التداعيات والمخاطر الاقتصادية التي خلفها انتشار كورونا، أعلنت غالبية دول العالم خلال الفترة الماضية عن حزم تحفير ضخمة، وهو ما تسبب في تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى غالبية دول الأسواق الناشئة.
البيانات والأرقام الرسمية تشير إلى أن احتياطي النقد الأجنبي لنحو 9 دول من الأسواق الناشئة انخفضت بنسبة مجمعة بلغت نحو 2.25 في المئة، بعدما فقدت هذه الدول نحو 98.6 مليار دولار من احتياطياتها النقدية بالدولار، التي هوت خلال مارس (آذار) الماضي من مستوى 4381.2 مليار دولار إلى نحو 4282.6 مليار دولار بنهاية الشهر.
احتياطي تركيا يهوي بأكثر من 27 في المئة
تأتي تركيا في مقدمة هذه الدول التي انهارت احتياطياتها من النقد الأجنبي، حيث تشير بيانات البنك المركزي إلى أن مخاطر كورونا تسببت في أن يفقد الاحتياطي الأجنبي لدى أنقرة نحو 9.2 مليار دولار، متراجعاً من مستوى 33.9 مليار دولار في نهاية فبراير (شباط) الماضي، إلى مستوى 24.7 مليار دولار في الأسبوع الثالث من مارس الماضي، بنسبة تراجع بلغت نحو 27.13 في المئة.
وفي المركز الثاني جاءت مصر التي تراجع احتياطي النقد الأجنبي لديها من مستوى 45.5 مليار دولار بنهاية فبراير الماضي، إلى نحو 40.1 مليار دولار بنهاية مارس الماضي، لتفقد في شهر واحد فقط نحو 5.4 مليار دولار، ليتراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي لديها بنسبة 11.86 في المئة.
ونهاية الشهر الماضي، أعلنت الحكومة المصرية حزمة تحفيز بقيمة 100 مليار جنيه (6.377 مليار دولار) وذلك في إطار محاولات السيطرة على المخاطر الاقتصادية التي خلفها فيروس كورونا المستجد على اقتصاد البلاد التي بدأت خطة إصلاح هيكلية شاملة في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016.
وفي المركز الثالث جاءت إندونيسيا والتي فقد احتياطي النقد الأجنبي لديها نحو 9.4 مليار دولار بنسبة انخفاض بلغت نحو 7.2 في المئة، وذلك بعدما انخفض الاحتياطي لديها من مستوى 130.4 مليار دولار إلى نحو 121 مليار دولار.
وجاءت أوكرانيا في المركز الرابع، وذلك بعدما انخفض الاحتياطي لديها 6.4 في المئة، فاقداً نحو 1.7 مليار دولار، وذلك بعدما تراجع من مستوى 26.6 مليار دولار في نهاية فبراير الماضي إلى مستوى 24.9 مليار دولار بنهاية مارس الماضي.
دول أخرى على قائمة التراجع
أما بولندا فقد احتلت المركز الخامس على قائمة دول الأسواق الناشئة التي تسببت مخاطر كورونا في أن يتراجع احتياطي النقد الأجنبي لديها، حيث انخفض الاحتياطي لديها بنسبة 5.7 في المئة، فاقداً نحو 7.3 مليار دولار، وذلك بعدما انخفض من مستوى 128.1 مليار دولار إلى نحو 120.8 مليار دولار.
وجاءت دولة جنوب أفريقيا في المركز السادس بنسبة انخفاض تبلغ نحو 4.2 في المئة، بخسارة بلغت نحو 2.3 مليار دولار، وذلك بعدما هوى احتياطي النقد الأجنبي لديها من مستوى 54.7 مليار دولار إلى نحو 52.4 مليار دولار.
وفي المركز السابع حلت كوريا الجنوبية والتي هوى احتياطي النقد الأجنبي لديها من مستوى 409.2 مليار دولار إلى نحو 400.2 مليار دولار، فاقداً نحو 9 مليارات دولار، ليسجل تراجعاً 2.2 في المئة.
واحتلت هونغ كونغ المركز الثامن بعدما هوى الاحتياطي لديها بنسبة 1.8 في المئة، فاقداً نحو 8.2 مليار دولار، وذلك بعدما انخفض من مستوى 445.7 مليار دولار في نهاية فبراير الماضي إلى مستوى 437.5 مليار دولار في نهاية مارس الماضي.
وأخيراً، جاءت الصين في المركز التاسع بعدما فقدت نحو 46.1 مليار دولار من احتياطي النقد الأجنبي لديها متراجعاً بنسبة 1.48 في المئة، بعدما انخفض من مستوى 3107.1 مليار دولار إلى 3061 مليار دولار.
احتياطي 3 دول يصعد بنسبٍ طفيفة
في المقابل، ارتفع الاحتياطي لدى ثلاث دول فقط بين دول الأسواق الناشئة بنسبة مجمعة بلغت نحو 1.17 في المئة، بعدما ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لديها من مستوى 1169.4 مليار دولار في نهاية فبراير الماضي إلى مستوى 1183.1 مليار دولار بنهاية مارس الماضي مرتفعاً بنحو 13.7 مليار دولار.
وفي مقدمة الدول الثلاث تأتي تايلاند التي ارتفع الاحتياطي لديها بنسبة 3.3 في المئة، مضيفاً نحو 7.3 مليار دولار، وذلك بعدما صعد من مستوى 219.9 مليار دولار إلى نحو 227.2 مليار دولار.
وفي المركز الثاني حلت الهند التي أضاف احتياطي النقد الأجنبي لديها نحو 5.7 مليار دولار، بنسبة ارتفاع بلغت نحو 1.2 في المئة، مرتفعاً من مستوى 469.9 مليار دولار في نهاية فبراير الماضي إلى نحو 475.6 مليار دولار في نهاية مارس الماضي.
وبنسبة طفيفة ارتفع الاحتياطي لدى تايوان مضيفاً نحو 0.7 مليار دولار ليصعد بنسبة 0.14 في المئة، مرتفعاً من مستوى 479.6 مليار دولار إلى نحو 480.3 مليار دولار.
كيف تحركت عملات الأسواق الناشئة مقابل الدولار؟
وعلى صعيد عملات الأسواق الناشئة، فقد تسببت مخاطر فيروس كورونا في صدمة كبيرة في هذه السوق التي تعد فريسة سهلة كونها تحمل جبالاً من الديون ولا تمتلك أنظمة صحية واقتصادية قوية للتعامل مع تداعيات الفيروس المستجد.
وأشار تقرير حديث لمعهد التمويل الدولي إلى أن عملات الأسواق الناشئة عانت من ضغوط هبوطية كبيرة مع هروب المستثمرون للبحث عن الملاذات الآمنة للاحتماء بها مع حقيقة تدفقات قياسية خارجة بأكثر من 100 مليار دولار في الشهرين الماضيين فقط، مؤكداً أنه يتم إجراء الكثير من المقارنات بشأن العملات التي انخفضت أكثر خلال مارس الماضي، وهو ما يمثل ذروة مخاوف السوق من كورونا. ومثل هذه المقارنات صعبة، حيث إن بعض الدول في الأسواق الناشئة تتعرض لضغط انخفاض العملة أكثر من غيرها، أي أنها تبدي المزيد من "التعويم السيئ".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستخدم معهد التمويل مؤشرات ضغوط سوق الصرف لإجراء مقارنة واضحة بين البلدان، باستخدام البيانات الشهرية حول مخزون احتياطيات النقد الأجنبي، معدلة لتأثيرات التقييم والتحكم في مقايضات العملات الأجنبية خارج الموازنة العمومية، للنظر في العملات التي تعرضت لأكبر ضغط لانخفاض العملة في العام قبل صدمة كورونا وفي مارس الماضي.
وذكر أن عملات تشيلي والبرازيل والمجر وتركيا واجهت أزمات عنيفة، وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من انخفاض الليرة التركية والجنيه المصري أقل من غيرهما في مارس الماضي، فإن هذا مرتبط بانخفاضٍ ملموس في الاحتياطيات، مما يشير إلى "التعويم السيئ".
البيزو المكسيكي المثال الأبرز للتعويم النظيف
فيما كان البيزو المكسيكي المثال الأبرز للتعويم النظيف في الشهر الماضي، حيث سمحت الحكومة بضغوط انخفاض العملة، ما أدى إلى المزيد من الهبوط، وهذا يسلط ضوءاً إيجابياً على السقوط الكبير للعملة المكسيكية. وتعتبر فترتا انخفاض قيمة عملات الأسواق الناشئة مقابل الدولار خلال ذروة عمليات بيع 2018، وعام 2020 حتى مارس الماضي، متشابهتين تقريباً.
وتشير البيانات إلى أن الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني انخفضا بشكل كبير في عام 2018 وكانا إلى حد كبير متميزين، أي أن تراجعهما لم ينتقل إلى كافة عملات الأسواق الناشئة، لكن صدمة "كوفيد-19" مختلفة، لأن طبيعتها العالمية تدفع جميع العملات للهبوط، مع ظهور مثال الليرة التركية بشكل ملحوظ مقارنة بالعملات الأخرى. وما يجعل هذا النوع من المقارنة بين الدول صعباً هو أن بعض البلدان تستخدم احتياطيات العملات الأجنبية أكثر من غيرها، أي أن لديها المزيد من "التعويم السيئ".
أما في الفترة من يناير (كانون الثاني) من عام 2019 وحتى فبراير 2020 أي قبل صدمة كورونا، كانت عملات تركيا وتشيلي والبرازيل والمجر تعاني من ضغوط انخفاض العملة، أي كانت لديها ظروف موجودة مسبقاً، بينما في مارس الماضي وقت صدمة كورونا فإن عُملتي الليرة التركية والجنيه المصري واجهتا نفس ضغوط هبوط العملة مثل البرازيل وجنوب أفريقيا، من بين أكثر العملات تضرراً في الأسواق الناشئة، مع الوضع في الاعتبار الانخفاض الحاد في البيزو المكسيكي.