زيارات مكوكية للوفد الأمني المصري، بين قطاع غزّة وإسرائيل، تحمل في طياتها الكثير من الملفات والردود التي تتعلق بتثبيت التهدئة في غزّة، وفق اتفاقية وقف إطلاق النار، المبرمة في العام 2014 بين الفلسطينيين وإسرائيل برعاية مصرية، ووفق التفاهمات الأخيرة، التي بدأت بعد انطلاق مسيرات العودة وكسر الحصار، في يوليو (تموز) العام 2018، التي توصل إليها الوفد بين الطرفين.
غادر الوفد الأمني المصري قطاع غزّة، بعد ساعات من وصوله، متوجهاً إلى تل أبيب، التي زارها قبل لقائه بحركة "حماس"، لنقل رسالة من الأخيرة إلى الجانب الإسرائيلي. التقى الوفد رئيس المكتب السياسي لـ "حماس" إسماعيل هنية، الذي وصل إلى القطاع من القاهرة، في زيارة تُعد الأطول منذ تعيينه رئيساً للحركة.
ويعد الوفد المصري الأعلى على المستوى الرسمي، الذي يصل إلى غزّة ويجري زيارات متكرّرة بين "حماس" وإسرائيل، وهو يضمّ اللواء عمرو حنفي، وكيل أول في المخابرات المصرية، والوكيل أيمن بديع ومسؤول الملف الفلسطيني اللواء أحمد عبد الخالق والعميد أحمد فاروق.
يقول سهيل الهندي، عضو المكتب السياسي في "حماس"، إن الحركة ناقشت مع المصريين في زياراتهم المتكررة إلى قطاع غزّة ثلاثة ملفات أساسية، وهي العلاقات الفلسطينية المصرية، وتقريب وجهات النظر في ملف المصالحة الفلسطينية، ومحاولة تثبيت التفاهمات مع إسرائيل بعد تأكيدات "حماس" بأنها لم تعد قائمة، بسبب ما سمته التلكؤ الإسرائيلي في تنفيذها.
التفاهمات مع إسرائيل
أوضح الهندي أنّ مصر تسعى إلى تثبيت تفاهمات كسر الحصار عن القطاع، وتثبيت التهدئة وعدم الذهاب إلى حرب جديدة مع إسرائيل، وفق اتفاقيات وحوارات سابقة، خصوصاً أن المخابرات المصرية تعتبر هذا الملف هو الأهم.
وتستند التفاهمات التي كانت الفصائل الفلسطينية قد توصلت إليها مع الجانب المصري إلى مرحلتين. الأولى السماح بدخول الأموال إلى قطاع غزّة، وزيادة مساحة الصيد إلى 12 ميلاً بحرياً بدلاً من ستة أميال، وتحسين ساعات وصل التيار الكهربائي للقطاع، مقابل ضبط مشاركة المتظاهرين في مسيرة العودة ووقف الاقتحامات الجماعية للحدود، ووقف إطلاق البالونات الحارقة وفعاليات الإرباك الليلي، ووقف فعالية الحراك البحري في الجهة الشمالية الغربية من الحدود.
وتتمثل المرحلة الثانية بتزويد غزّة بخط كهرباء 161، الذي سيحلّ جزءاً كبيراً من أزمة الكهرباء، وتسهيل السفر عبر ميناء غزّة من خلال ممر مائي يربط القطاع بقبرص، فضلاً عن بدء العمل في إعادة ترميم مطار غزّة، تمهيداً لإعادة تشغيله.
وبيّن الهندي أنّ "حماس" أوضحت للجانب المصري أنّ إسرائيل لم تلتزم ما أتفق عليه، ما دفع هيئة مسيرة العودة إلى إعادة تفعيل أدواتها.
وأشار إلى أنّ "حماس" أكدت للمصريين التزام الفصائل الهدوء إذا التزمت إسرائيل كسر الحصار، وفق التفاهمات. وفي حال عدم التزامها، فإنّ "الفصائل لديها تصوّر أعدّته لمواجهة الاحتلال في المرحلة المقبلة".
وحول مسيرات العودة، كشف الهندي أنّها غير مرتبطة بالتفاهمات مع إسرائيل، وهي قرار وطني ولن تنتهي إلا بقرار فلسطيني، "لكن وتيرة هذه المسيرات ستتغيّر وفق مدى تطبيق الاحتلال تفاهمات كسر الحصار".
وكشف أنّ الوفد حمل رسالة من إسرائيل مفادها أنّها تريد التهدئة على الحدود مع القطاع، لإجراء الانتخابات في شكل سلس ومريح، وأبدت موافقتها على تنفيذ التفاهمات السابقة.
وأكّد أنّ مجيء وفد رفيع من المخابرات المصرية يشير إلى وصول التفاهمات إلى مرحلة متقدمة، مؤكداً أنّه لن يكون هناك أي التزام فلسطيني إلا بعد تقديم الجانب الإسرائيلي التزاماً ملموساً للقطاع.
العلاقات الفلسطينية المصرية
أضاف الهندي "وفق تفاهمات الحركة مع الوفد الأمني، ستعمل مصر على تقديم تسهيلات إضافية لقطاع غزّة، منها تسهيل الحركة التجارية عبر معبر رفح، وتمكين العلاقات بين الطرفين، وضبط الحدود بين قطاع غزّة ومصر".
وبيّن أنّ التقارب الحمساوي المصري يقوم على تعاون مشترك بين الطرفين لحماية الحدود، خصوصاً بعد نجاح "حماس" في ضبط الأمن وتأمين الاستقرار في غزّة وسيناء، لمنع الإرهاب من التفشي في المنطقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي شأن طبيعة التعاون الأمني، أوضح أنّ ذلك يتمثل بمنع الإساءة إلى الأمن المصري وعدم تهريب الأسلحة من وإلى القطاع وضبط حركة الإرهابيين في شكل كامل وحماية الحدود وتقديم معلومات مستمرة إلى المخابرات المصرية حول أيّ عملية مشبوهة.
وأشار إلى أنّ التبادل الأمني في سيناء مفيد للطرفين، إذ يحمي قطاع غزّة من دخول الإرهاب إليه، ويحمي مصر كذلك، مؤكّداً أنّ "حماس" نجحت في ضبط الحدود، ما أدى إلى تسهيل حركة الأشخاص والبضائع على معبر رفح.
الانتخابات الفلسطينية
أشار الهندي إلى أن "حماس" وافقت "على إجراء انتخابات شاملة، تشريعية ورئاسية ومجلس وطني فلسطيني، على أن يسبق ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية فصائلية ذات بعد سياسي تشرف على الانتخابات".
وأكد أنّ "حماس" ستشارك في الانتخابات وستقبل بنتائج صناديق الاقتراع مهما كانت، سواء الفوز أو الخسارة، لافتاً إلى أنّ الحركة أوصلت رسائل في شأن ذلك إلى المخابرات المصرية ولجنة الانتخابات الفلسطينية.